بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة علوم القرآن
أسباب نزول القرآن
النساء من (فَما لَكُم في المُنافِقينَ فِئَتَينِ)
وحتى نهاية السورة
قوله تعالى (فَما لَكُم في المُنافِقينَ فِئَتَينِ) الآية. أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال: حدثنا عمرو بن مرزوق قال: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت، أن قوماً خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد فرجعوا، فاختلف فيهم المسلمون، فقالت فرقة نقتلهم، وقالت فرقة لا نقتلهم، فنزلت هذه الآية. رواه البخاري، عن بندار، عن غندر. ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ عن أبيه، كلاهما عن شعبة.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه أن قوماً من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وأصابوا وباء المدينة وحماها فأركسوها، فخرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما لكم رجعتم، فقالوا: أصابنا وباء المدينة فاجتويناها، فقالوا: ما لكم في رسول الله أسوة، فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا هم مسلمون، فأنزل الله تعالى (فَما لَكُم في المُنافِقينَ فِئَتينِ وَاللهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبوا) الآية.
وقال مجاهد في هذه الآية: هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها، فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول: هم منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون، فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية، وأمر بقتالهم في قوله (فَإِن تَوَلوَّا فَخُذوهُم وَاِقتُلُوهُم حَيثُ وَجَد تُّموهُم) فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف، وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى (إِلّا الَّذينَ يَصِلونَ إِلى قَومٍ) الآية.
● قوله تعالى (ما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤمِناً إِلّا خَطأً) أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن حجاج قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أن الحارث بن زيد كان شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وهو يريد الإسلام، فلقيه عياش بن أبي ربيعة والحرث يريد الإسلام وعياش لا يشعر فقتله، فأنزل الله تعالى (وَما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤمِناً إِلّا خَطأً)لآية.
وشرح الكلبي هذه القصة فقال: إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه، فخرج هارباً إلى المدينة فقدمها، ثم أتى أطماً من آطامها، فتحصن فيه فجزعت أمه جزعاً شديداً، وقالت لابنيها أبي جهل والحرث بن هشام وهما لأمه لا يظلني سقف بيت ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى تأتوني به. فخرجا في طلبه، وخرج معهم الحرث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة، فأتوا عياشاً وهو في الأطم، فقالا له: انزل فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك، وقد حلفت لا تأكل طعاماً ولا شراباً حتى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ولا نحول بينك وبين دينك، فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له، نزل إليهم فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بنسع وجلده كل واحد منهم مائة جلدة، ثم قدموا به على أمهم فقالت: والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به، ثم تركوه موثقاً في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا، فأتاه الحرث بن زيد. وقال عياش: والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت الهدى، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها، فغضب عياش من مقاله وقال: والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك، ثم إن عياشاً أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم إن الحرث بن زيد أسلم وهاجر إلى المدينة وليس عياش يومئذ حاضراً ولم يشعر بإسلامه، فبينا هو يسير بظهر قبا إذ لقي الحرث بن زيد، فلما رآه حمل عليه فقتله، فقال الناس: أي شيء صنعت، إنه قد أسلم، فرجع عياش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كان من أمري وأمر الحرث ما قد علمت: وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته، فنزل عليه جبريل عليه السلام بقوله (وَما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤمِناً إِلّا خَطأً).
● قوله تعالى (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِّداً) الآية. وقال الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس: إن مقيس بن ضبابة وجد أخاه هشام بن ضبابة قتيلاً في بني النجار وكان مسلماً، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فأرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام معه رسولاً من بني فهد، فقال له: ائت بني النجار فأقرئهم السلام وقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن ضبابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتص منه، وإن لم تعلموا له قتيلاً أن تدفعوا إليه ديته، فأبلغهم الفهدي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتلاً، ولكن نؤدي إليه ديته، فأعطوه مائة من الإبل، ثم انصرفا راجعين نحو المدينة وبينهما وبين المدينة قريب، فأتى الشيطان مقيساً فوسوس إليه فقال: أي شيء صنعت، تقبل دية أخيك فيكون عليك سبة، اقتل الذي معك فيكون نفس مكان نفس وفضل الدية، ففعل مقيس ذلك، فرمى الفهدي بصخرة فشدخ رأسه، ثم ركب بعيراً منها وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً، وجعل يقول في شعره:
قَتَـلـتُ بِـهِ فِـهـراً وَحَـمَـلـتُ عِـقلـَهُ سُراةَ بَني النجارَ أَربابَ فارِعِ
وَأَدرَكتُ ثَأري وَاِضطَجَعتُ مُوسَداً وَكُنتُ إِلى الأَوثـانِ أَولَ راجِعِ
فنزلت هذه الآية (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِداً) الآية. ثم أهدر النبي عليه الصلاة والسلام دمه يوم فتح مكة، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.
● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا) أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قال: حدثنا محمد بن عباد قال: حدثنا سفيان عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته، فنزلت هذه الآية (وَلا تَقولوا لِمَن أَلقى إِليكُم السَلامَ لَستَ مُؤمِناً تَبتَغونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُنيا) تلك الغنيمة، رواه البخاري عن علي بن عبد الله. ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن سفيان.
وأخبرنا إسماعيل قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه غنم فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا إليه فقتلوه، وأخذوا غنمه وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا).
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا وكيع عن سفيان بن جبير بن أبي عمرو، عن سعيد بن جبير قال: خرج المقداد بن الأسود في سرية، فمروا برجل في غنيمة له، فأرادوا قتله، فقال: لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقيل له أقتلته وقد قال لا إله إلا الله وهو آمن في أهله وماله? فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فنزلت (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا).
وقال الحسن: إن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام خرجوا يطوفون، فلقوا المشركين فهزموهم، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه، فلما غشيه بالسنان قال: إني مسلم إني مسلم، فكذبه ثم أوجره السنان فقتله، وأخذ متاعه وكان قليلاً، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قتلته بعد ما زعم أنه مسلم، فقال: يا رسول الله إنما قالها متعوذاً، قال: فهلا شققت عن قلبه لتنظر صادق هو أم كاذب، قال: قلت أعلم ذلك يا رسول الله، قال: ويك إنك لم تكن تعلم ذلك إنما بين لسانه، قال: فما لبث القاتل أن مات، فدفن فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره قال: ثم عادوا فحفروا له، وأمكنوه ودفنوه، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً، فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب، قال: وأنزل الله تعالى هذه الآية. قال الحسن: إن الأرض تحبس من هو شر منه، ولكن وعظ القوم أن لا يعودوا.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المزكي قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بطة قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن إسحاق ويزيد بن عبد الله بن قسيط، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلى إضم قبل مخرجه إلى مكة، قال: فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي فحيانا تحية الإسلام، فنزعنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة لشر كان بينه وبينه في الجاهلية، فقتله واستلب بعيراً له ووطاء ومتيعاً كان له. قال: فأنهينا شأننا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بخبره، فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا) إلى آخر الآية.
وقال السدي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على سرية، فلقي مرداس بن نهيك الضمري فقتله، وكان من أهل فدك ولم يسلم من قومه غيره، وكان يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ويسلم عليهم، قال أسامة: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال: قتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله، فقلت: يا رسول الله إنما تعوذ من القتل، فقال: كيف أنت إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله، قال: فما زال يرددها علي أقتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ، فنزلت (إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا) الآية..
وعن هذا قال الكلبي وقتادة: يدل على صحته الحديث الذي أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرو قال: حدثنا إبراهيم بن سفيان قال: حدثنا مسلم قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين قال: حدثنا أبو ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حرقة بن جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله، قلت: يا رسول الله إنما كنا متعوذاً، قال: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله، قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
● قوله تعالى (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ) الآية. أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد المؤذن قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت عليه (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ وَالمُجاهِدونَ في سَبيلِ اللهِ) ولم يذكر أولي (أُولي الضَرَرِ) فقال ابن أم مكتوم: كيف وأنا الأعمى لا أبصر، قال زيد: فتغشى النبي صلى الله عليه وسلم في مجلسه الوحي، فاتكأ على فخذي، فوالذي نفسي بيده لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يرضها، ثم سرى عنه فقال: اكتب (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ غَيرُ أُولي الضَرَرِ) فكتبتها. رواه البخاري، عن إسماعيل بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح عن الزهري.ذ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: أنبأنا أبو إسحاق سمعت البراء يقول: لما نزلت هذه الآية (لا يَستَوي القاعِدونَ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، فجاء بكتف وكتبها، فشكا ابن أم مكتوم ضرارته، فنزلت (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ غَيرُ أُولي الضَرَرِ) رواه البخاري عن أبي الوليد، ورواه مسلم عن بندار، عن غندر، عن شعبة: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النصراباذي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن عبدوس قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ادع لي زيداً وقل له يجيء بالكتف والدواة أو اللوح، وقال: اكتب لي (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ) أحسبه قال: والمجاهدون في سبيل الله، فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله بعيني ضرر، قال: فنزلت قبل أن يبرح (غَيرُ أُولي الضَرَرِ) رواه البخاري عن محمد بن يوسف، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق.
● قوله تعالى (إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) الآية. نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا وأظهروا الإيمان وأسروا النفاق، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين فقتلوا فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه.
أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث بن سواد، عن عكرمة، عن ابن عباس (إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) وتلاها إلى آخرها قال: كانوا قوماً من المسلمين بمكة، فخرجوا في قوم من المشركين في قتال، فقتلوا معهم، فنزلت هذه الآية.
● قوله تعالى (وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِراً إِلى اللهِ وَرَسولِهِ) قال ابن عباس في رواية عطاء: كان عبد الرحمن بن عوف يخبر أهل مكة بما ينزل فيهم من القرآن، فكتب الآية التي نزلت (إِن الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) فلما قرأها المسلمون قال حبيب بن ضمرة الليثي لبنيه وكان شيخاً كبيراً: احملوني فإني لست من المستضعفين وإني لا أهتدي إلى الطريق، فحمله بنوه على سرير متوجهاً إلى المدينة، فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت، فصفق يمينه على شماله وقال: اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعتك يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات حميداً، فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لو وافى المدينة لكان أتم أجراً، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية.
أخبرنا أبو حسان المزني قال: أخبرنا هرون بن محمد بن هرون قال: أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال: حدثنا أبو الوليد الأزرقي قال: حدثنا جدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة قال: كان بمكة ناس قد دخلهم الإسلام ولم يستطيعوا الهجرة، فلما كان يوم بدر وخرج بهم كرهاً فقتلوا، أنزل الله تعالى (إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) إلى قوله تعالى (عَسى اللهُ أَن يَعفُوَ عَنهُم) إلى آخر الآية.
قال: وكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من بمكة ممن أسلم، فقال رجل من بني بكر وكان مريضاً أخرجوني إلى الروحاء فخرجوا به، فخرج يريد المدينة، فلما بلغ الحصحاص مات، فأنزل الله تعالى (وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِراً إِلى اللهِ وَرَسولِهِ).
● قوله تعالى (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ) أخبرنا الأستاذ أبو عثمان الزعفراني المقري سنة خمس وعشرين قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد السدي سنة ثلاث وستين قال: أخبرنا أبو سعيد الفضل بن محمد الجزري بمكة في المسجد الحرام سنة أربع وثلثمائة قال: أخبرنا يحيى بن زياد اللخمي قال: حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال: ذكر سفيان عن منصور، عن مجاهد قال: حدثنا أبو عياش الورقي قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر، فقال المشركون: قد كانوا على حال لو كنا أصبنا منهم غرة قالوا: تأتي عليهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم قال: وهي العصر، قال: فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية بين الأولى والعصر (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ) وهم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة، وذكر صلاة الخوف.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الضبي قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا يونس بن بكير عن النضر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي المشركين بعسفان، فلما صلى رسول الله عليه الصلاة والسلام الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه، قال بعضهم لبعض: كان هذا فرصة لكم، لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم، فقال قائل منهم: فإن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم، فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ) إلى آخر الآية. وأعلم ما ائتمر به المشركون، وذكر صلاة الخوف.
● قوله تعالى (إِنا أَنزَلنا إِليكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ الناسِ بِما أَراكَ اللهُ) الآية. إلى قوله تعالى (وَمَن يُشرِك بِاللهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً) أنزلت كلها في قصة واحدة. وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق أحد بني ظفر بن الحارث سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق، ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد عنده وحلف لهم: والله ما أخذها وما له به من علم، فقال أصحاب الدرع: بلى والله قد أدلج علينا فأخذها وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق، فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه، فقال: دفعها إلي طعمة بن أبيرق، وشهد له أناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكلموه في ذلك، فسألوه أن يجادل عن صاحبهم، وقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبريء اليهودي، فهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل وكان هواه معهم وأن يعاقب اليهودي حتى أنزل الله تعالى (إِنا أَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ) الآية كلها، وهذا قول جماعة من المفسرين.
● قوله تعالى (لَّيسَ بِأَمانِّيكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ) أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل قال: حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح قال: جلس أهل الكتاب أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الأديان كل صنف يقول لصاحبه: نحن خير منكم، فنزلت هذه الآية. وقال مسروق وقتادة: احتج المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نحن أهدى منكم، نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: نحن أهدى منكم وأولى بالله نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب التي قبله، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان بقوله تعالى (وَمَن يَعمَل مِن الصَالِحاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ) وبقوله تعالى (وَمَن أَحسَنُ ديناً مِّمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ) الآيتين.
● قوله تعالى (وَاِتَّبَعَ مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفاً واِتَّخَذَ اللهُ إِبراهيمَ خَليلاً) اختلفوا في سبب اتخاذ الله إبراهيم خليلاً، فأخبرنا أبو سعيد النضروي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي قال: حدثنا ابن ربيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله، عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً، قال: لإطعامه الطعام يا محمد.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن البزي: دخل إبراهيم فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه، قال له إبراهيم: بإذن من دخلت، فقال: بإذن رب المنزل، فعرفه إبراهيم عليه السلام، فقال له ملك الموت: إن ربك اتخذ من عباده خليلاً، قال إبراهيم: ومن ذلك، قال: وما تصنع به، قال: أكون خادماً له حتى أموت، قال: فإنه أنت.
وقال الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس: أصاب الناس سنة جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيم عليه الصلاة والسلام يطلبون الطعام وكانت الميرة له كل سنة من صديق له بمصر، فبعث غلمانه بالإبل إلى مصر يسأله الميرة، فقال خليله: لو كان إبراهيم إنما يريد لنفسه احتملنا ذلك له، وقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة، فرجع رسل إبراهيم، فمروا ببطحاء، فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بالميرة، إنا نستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة، فملئوا تلك الغرائر رملاً، ثم إنهم أتوا إبراهيم عليه السلام وسارة نائمة فأعلموه ذلك، فاهتم إبراهيم عليه السلام بمكان الناس، فغلبته عيناه فنام، واستيقظت سارة، فقامت إلى تلك الغرائر ففتقتها، فإذا هو أجود حوار يكون، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس، واستيقظ إبراهيم عليه السلام فوجد ريح الطعام، فقال: يا سارة من أين هذا الطعام، قالت: من عند خليلك المصري، فقال: بل من عند خليلي الله لا من عند خليلي المصري، فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلاً.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الحوري قال: حدثنا إبراهيم بن شريك قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي المهلب الكنائي، عن عبد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وإنه لم يكن نبي إلا وله خليل ألا وإن خليلي أبو بكر ".
وأخبرني الساهر أبو إسماعيل بن الحسين النقيب قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن حماد قال: أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال: أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا سلمة قال: حدثني زيد بن واقد، عن القاسم بن نجيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتخذ الله إبراهيم خليلاً وموسى نجياً واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي ".
● قوله تعالى (وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ) الآية. أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ قُلِ اللهُ يُفتيكُم فيهِنَّ وَما يُتلى عَلَيكُم في الكِتابِ) الآية. قالت: والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها (وَإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا في اليَتامى) قالت عائشة رضي الله عنها: وقال الله تعالى في الآية الأخرى (وَتَرغَبونَ أَن تَنكِحوهُنَّ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن. رواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب.
● قوله تعالى (وإِن اِمرأَةٌ خافَت) الآية. أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحرث قال: أخبرنا عبد الله بن حماد بن جعفر قال: حدثنا أبو عمر قال: حدثنا سهل قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمان، عن هشام، عن عروة، عن عائشة في قول الله تعالى (وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً) إلى آخر الآية. نزلت في المرأة تكون عند الرجل فلا يستكثر منها ويريد فراقها، ولعلها أن تكون لها صحبة ويكون لها ولد فيكره فراقها، وتقول له: لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من شأني، فأنزلت هذه الآية. رواه البخاري عن محمد بن مقاتل، عن ابن المبارك. ورواه مسلم عن أبي كريب وأبي أسامة، كلاهما عن هشام.
أخبرنا أبو بكر الحيري قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن المسيب، أن بنت محمد بن سلمة كانت عند رافع بن صبيح، فكره منها أمراً، إما كبراً وإما غيره، فأراد طلاقها، فقالت: لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك، فأنزل الله تعالى (وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً أَو إِعراضاً).
● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا كونوا قَوّامِينَ بِالقِسطِ) الآية. روى أسباط عن السدي قال: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم اختصم إليه غني وفقير، وكان ضلعه مع الفقير رأى أن الفقير لا يظلم الغني فأبى الله تعالى إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير، فقال (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ بِالقِسطِ) حتى بلغ (إِن يَكُن غَنيّاً أَو فَقيراً فاللهُ أَولى بِهِما).
● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا آَمِنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ) الآية. قال الكلبي: نزلت في عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وجماعة من مؤمني أهل الكتاب قالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● قوله تعالى (لا يُحِبُّ اللهُ الجَهرَ بِالسُوءِ مِنَ القَولِ) الآية. قال مجاهد: إن ضيفاً تضيف قوماً فأساءوا قراه فاشتكاهم، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو.
● قوله تعالى (يَسأَلُكَ أَهلُ الكِتابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيهِم كِتاباً) الآية. نزلت في اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبياً فأتنا بكتاب جملة من السماء كما أتى به موسى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● قوله تعالى (لَكِنَ اللهُ يَشهَدُ بِما أَنزَلَ إِلَيكَ) الآية. قال الكلبي: إن رؤساء أهل مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سألنا عنك اليهود فزعموا أنهم لا يعرفونك، فأتنا بمن يشهد لك أن الله بعثك إلينا رسولاً، فنزلت هذه الآية (لَكِنَ اللهَ يَشهَدُ).
● قوله تعالى (لا تَغُلوا في دينِكُم) الآية. نزلت في طوائف من النصارى حين قالوا عيسى ابن الله، فأنزل الله تعالى (لا تَغُلوا في دينِكُم وَلا تَقولوا عَلى اللهِ إِلا الحَقَّ) الآية.
● قوله تعالى (لَّن يَستَنكِفَ المَسيحُ) الآية. قال الكلبي: إن وفد نجران قالوا: يا محمد تعيب صاحبنا، قال: ومن صاحبكم، قالوا: عيسى، قال: وأي شيء أقول فيه، قالوا: تقول إنه عبد الله ورسوله، فقال لهم: إنه ليس بعار لعيسى أن يكون عبداً لله، قالوا: بلى، فنزلت (لَّن يَستَنكِفَ المَسيحُ أَن يَكونَ عَبدًا لِّلَّهِ) الآية.
● قوله تعالى (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ) الآية. أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد قال: حدثنا زاهر بن أحمد قال: حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام بن عبد الله، عن ابن الزبير، عن جابر قال: اشتكيت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي سبع أخوات، فنفخ في وجهي فأفقت، فقلت: يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلثين، قال: اجلس، فقلت الشطر، قال: اجلس، ثم خرج فتركني، قال: ثم دخل علي وقال: يا جابر إني لا أراك تموت في وجعك هذا، إن الله قد أنزل، فبين الذي لأخواتك الثلثين، وكان جابر يقول: نزلت هذه الآية في (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ).
أسباب نزول القرآن . تأليف : الواحدي
منتديات الرسالة الحاتمة
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه أن قوماً من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وأصابوا وباء المدينة وحماها فأركسوها، فخرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما لكم رجعتم، فقالوا: أصابنا وباء المدينة فاجتويناها، فقالوا: ما لكم في رسول الله أسوة، فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا هم مسلمون، فأنزل الله تعالى (فَما لَكُم في المُنافِقينَ فِئَتينِ وَاللهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبوا) الآية.
وقال مجاهد في هذه الآية: هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها، فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول: هم منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون، فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية، وأمر بقتالهم في قوله (فَإِن تَوَلوَّا فَخُذوهُم وَاِقتُلُوهُم حَيثُ وَجَد تُّموهُم) فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف، وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى (إِلّا الَّذينَ يَصِلونَ إِلى قَومٍ) الآية.
● قوله تعالى (ما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤمِناً إِلّا خَطأً) أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن حجاج قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أن الحارث بن زيد كان شديداً على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وهو يريد الإسلام، فلقيه عياش بن أبي ربيعة والحرث يريد الإسلام وعياش لا يشعر فقتله، فأنزل الله تعالى (وَما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤمِناً إِلّا خَطأً)لآية.
وشرح الكلبي هذه القصة فقال: إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه، فخرج هارباً إلى المدينة فقدمها، ثم أتى أطماً من آطامها، فتحصن فيه فجزعت أمه جزعاً شديداً، وقالت لابنيها أبي جهل والحرث بن هشام وهما لأمه لا يظلني سقف بيت ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى تأتوني به. فخرجا في طلبه، وخرج معهم الحرث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة، فأتوا عياشاً وهو في الأطم، فقالا له: انزل فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك، وقد حلفت لا تأكل طعاماً ولا شراباً حتى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ولا نحول بينك وبين دينك، فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له، نزل إليهم فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بنسع وجلده كل واحد منهم مائة جلدة، ثم قدموا به على أمهم فقالت: والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به، ثم تركوه موثقاً في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا، فأتاه الحرث بن زيد. وقال عياش: والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت الهدى، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها، فغضب عياش من مقاله وقال: والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك، ثم إن عياشاً أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم إن الحرث بن زيد أسلم وهاجر إلى المدينة وليس عياش يومئذ حاضراً ولم يشعر بإسلامه، فبينا هو يسير بظهر قبا إذ لقي الحرث بن زيد، فلما رآه حمل عليه فقتله، فقال الناس: أي شيء صنعت، إنه قد أسلم، فرجع عياش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كان من أمري وأمر الحرث ما قد علمت: وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته، فنزل عليه جبريل عليه السلام بقوله (وَما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤمِناً إِلّا خَطأً).
● قوله تعالى (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِّداً) الآية. وقال الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس: إن مقيس بن ضبابة وجد أخاه هشام بن ضبابة قتيلاً في بني النجار وكان مسلماً، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فأرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام معه رسولاً من بني فهد، فقال له: ائت بني النجار فأقرئهم السلام وقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن ضبابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتص منه، وإن لم تعلموا له قتيلاً أن تدفعوا إليه ديته، فأبلغهم الفهدي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتلاً، ولكن نؤدي إليه ديته، فأعطوه مائة من الإبل، ثم انصرفا راجعين نحو المدينة وبينهما وبين المدينة قريب، فأتى الشيطان مقيساً فوسوس إليه فقال: أي شيء صنعت، تقبل دية أخيك فيكون عليك سبة، اقتل الذي معك فيكون نفس مكان نفس وفضل الدية، ففعل مقيس ذلك، فرمى الفهدي بصخرة فشدخ رأسه، ثم ركب بعيراً منها وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً، وجعل يقول في شعره:
قَتَـلـتُ بِـهِ فِـهـراً وَحَـمَـلـتُ عِـقلـَهُ سُراةَ بَني النجارَ أَربابَ فارِعِ
وَأَدرَكتُ ثَأري وَاِضطَجَعتُ مُوسَداً وَكُنتُ إِلى الأَوثـانِ أَولَ راجِعِ
فنزلت هذه الآية (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِداً) الآية. ثم أهدر النبي عليه الصلاة والسلام دمه يوم فتح مكة، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.
● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا) أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قال: حدثنا محمد بن عباد قال: حدثنا سفيان عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته، فنزلت هذه الآية (وَلا تَقولوا لِمَن أَلقى إِليكُم السَلامَ لَستَ مُؤمِناً تَبتَغونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُنيا) تلك الغنيمة، رواه البخاري عن علي بن عبد الله. ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن سفيان.
وأخبرنا إسماعيل قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه غنم فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا إليه فقتلوه، وأخذوا غنمه وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا).
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا وكيع عن سفيان بن جبير بن أبي عمرو، عن سعيد بن جبير قال: خرج المقداد بن الأسود في سرية، فمروا برجل في غنيمة له، فأرادوا قتله، فقال: لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقيل له أقتلته وقد قال لا إله إلا الله وهو آمن في أهله وماله? فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فنزلت (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا).
وقال الحسن: إن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام خرجوا يطوفون، فلقوا المشركين فهزموهم، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه، فلما غشيه بالسنان قال: إني مسلم إني مسلم، فكذبه ثم أوجره السنان فقتله، وأخذ متاعه وكان قليلاً، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قتلته بعد ما زعم أنه مسلم، فقال: يا رسول الله إنما قالها متعوذاً، قال: فهلا شققت عن قلبه لتنظر صادق هو أم كاذب، قال: قلت أعلم ذلك يا رسول الله، قال: ويك إنك لم تكن تعلم ذلك إنما بين لسانه، قال: فما لبث القاتل أن مات، فدفن فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره قال: ثم عادوا فحفروا له، وأمكنوه ودفنوه، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً، فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب، قال: وأنزل الله تعالى هذه الآية. قال الحسن: إن الأرض تحبس من هو شر منه، ولكن وعظ القوم أن لا يعودوا.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المزكي قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بطة قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن إسحاق ويزيد بن عبد الله بن قسيط، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد، عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلى إضم قبل مخرجه إلى مكة، قال: فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي فحيانا تحية الإسلام، فنزعنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة لشر كان بينه وبينه في الجاهلية، فقتله واستلب بعيراً له ووطاء ومتيعاً كان له. قال: فأنهينا شأننا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بخبره، فأنزل الله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا) إلى آخر الآية.
وقال السدي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على سرية، فلقي مرداس بن نهيك الضمري فقتله، وكان من أهل فدك ولم يسلم من قومه غيره، وكان يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ويسلم عليهم، قال أسامة: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال: قتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله، فقلت: يا رسول الله إنما تعوذ من القتل، فقال: كيف أنت إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله، قال: فما زال يرددها علي أقتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ، فنزلت (إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا) الآية..
وعن هذا قال الكلبي وقتادة: يدل على صحته الحديث الذي أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرو قال: حدثنا إبراهيم بن سفيان قال: حدثنا مسلم قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين قال: حدثنا أبو ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حرقة بن جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله، قلت: يا رسول الله إنما كنا متعوذاً، قال: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله، قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
● قوله تعالى (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ) الآية. أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد المؤذن قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت عليه (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ وَالمُجاهِدونَ في سَبيلِ اللهِ) ولم يذكر أولي (أُولي الضَرَرِ) فقال ابن أم مكتوم: كيف وأنا الأعمى لا أبصر، قال زيد: فتغشى النبي صلى الله عليه وسلم في مجلسه الوحي، فاتكأ على فخذي، فوالذي نفسي بيده لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يرضها، ثم سرى عنه فقال: اكتب (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ غَيرُ أُولي الضَرَرِ) فكتبتها. رواه البخاري، عن إسماعيل بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح عن الزهري.ذ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: أنبأنا أبو إسحاق سمعت البراء يقول: لما نزلت هذه الآية (لا يَستَوي القاعِدونَ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، فجاء بكتف وكتبها، فشكا ابن أم مكتوم ضرارته، فنزلت (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ غَيرُ أُولي الضَرَرِ) رواه البخاري عن أبي الوليد، ورواه مسلم عن بندار، عن غندر، عن شعبة: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النصراباذي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن عبدوس قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن البراء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ادع لي زيداً وقل له يجيء بالكتف والدواة أو اللوح، وقال: اكتب لي (لا يَستَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ) أحسبه قال: والمجاهدون في سبيل الله، فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله بعيني ضرر، قال: فنزلت قبل أن يبرح (غَيرُ أُولي الضَرَرِ) رواه البخاري عن محمد بن يوسف، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق.
● قوله تعالى (إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) الآية. نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا وأظهروا الإيمان وأسروا النفاق، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين فقتلوا فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه.
أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: أخبرنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث بن سواد، عن عكرمة، عن ابن عباس (إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) وتلاها إلى آخرها قال: كانوا قوماً من المسلمين بمكة، فخرجوا في قوم من المشركين في قتال، فقتلوا معهم، فنزلت هذه الآية.
● قوله تعالى (وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِراً إِلى اللهِ وَرَسولِهِ) قال ابن عباس في رواية عطاء: كان عبد الرحمن بن عوف يخبر أهل مكة بما ينزل فيهم من القرآن، فكتب الآية التي نزلت (إِن الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) فلما قرأها المسلمون قال حبيب بن ضمرة الليثي لبنيه وكان شيخاً كبيراً: احملوني فإني لست من المستضعفين وإني لا أهتدي إلى الطريق، فحمله بنوه على سرير متوجهاً إلى المدينة، فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت، فصفق يمينه على شماله وقال: اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعتك يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات حميداً، فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لو وافى المدينة لكان أتم أجراً، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية.
أخبرنا أبو حسان المزني قال: أخبرنا هرون بن محمد بن هرون قال: أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال: حدثنا أبو الوليد الأزرقي قال: حدثنا جدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة قال: كان بمكة ناس قد دخلهم الإسلام ولم يستطيعوا الهجرة، فلما كان يوم بدر وخرج بهم كرهاً فقتلوا، أنزل الله تعالى (إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم) إلى قوله تعالى (عَسى اللهُ أَن يَعفُوَ عَنهُم) إلى آخر الآية.
قال: وكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من بمكة ممن أسلم، فقال رجل من بني بكر وكان مريضاً أخرجوني إلى الروحاء فخرجوا به، فخرج يريد المدينة، فلما بلغ الحصحاص مات، فأنزل الله تعالى (وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهِ مُهاجِراً إِلى اللهِ وَرَسولِهِ).
● قوله تعالى (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ) أخبرنا الأستاذ أبو عثمان الزعفراني المقري سنة خمس وعشرين قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد السدي سنة ثلاث وستين قال: أخبرنا أبو سعيد الفضل بن محمد الجزري بمكة في المسجد الحرام سنة أربع وثلثمائة قال: أخبرنا يحيى بن زياد اللخمي قال: حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال: ذكر سفيان عن منصور، عن مجاهد قال: حدثنا أبو عياش الورقي قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر، فقال المشركون: قد كانوا على حال لو كنا أصبنا منهم غرة قالوا: تأتي عليهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم قال: وهي العصر، قال: فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية بين الأولى والعصر (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ) وهم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة، وذكر صلاة الخوف.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الضبي قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا يونس بن بكير عن النضر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي المشركين بعسفان، فلما صلى رسول الله عليه الصلاة والسلام الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه، قال بعضهم لبعض: كان هذا فرصة لكم، لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تواقعوهم، فقال قائل منهم: فإن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم، فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَلاةَ) إلى آخر الآية. وأعلم ما ائتمر به المشركون، وذكر صلاة الخوف.
● قوله تعالى (إِنا أَنزَلنا إِليكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ الناسِ بِما أَراكَ اللهُ) الآية. إلى قوله تعالى (وَمَن يُشرِك بِاللهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً) أنزلت كلها في قصة واحدة. وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق أحد بني ظفر بن الحارث سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق، ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد عنده وحلف لهم: والله ما أخذها وما له به من علم، فقال أصحاب الدرع: بلى والله قد أدلج علينا فأخذها وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق، فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه، فقال: دفعها إلي طعمة بن أبيرق، وشهد له أناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكلموه في ذلك، فسألوه أن يجادل عن صاحبهم، وقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبريء اليهودي، فهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل وكان هواه معهم وأن يعاقب اليهودي حتى أنزل الله تعالى (إِنا أَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ) الآية كلها، وهذا قول جماعة من المفسرين.
● قوله تعالى (لَّيسَ بِأَمانِّيكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ) أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل قال: حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح قال: جلس أهل الكتاب أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الأديان كل صنف يقول لصاحبه: نحن خير منكم، فنزلت هذه الآية. وقال مسروق وقتادة: احتج المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نحن أهدى منكم، نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: نحن أهدى منكم وأولى بالله نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب التي قبله، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم أفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان بقوله تعالى (وَمَن يَعمَل مِن الصَالِحاتِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ) وبقوله تعالى (وَمَن أَحسَنُ ديناً مِّمَّن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ) الآيتين.
● قوله تعالى (وَاِتَّبَعَ مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفاً واِتَّخَذَ اللهُ إِبراهيمَ خَليلاً) اختلفوا في سبب اتخاذ الله إبراهيم خليلاً، فأخبرنا أبو سعيد النضروي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي قال: حدثنا ابن ربيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله، عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً، قال: لإطعامه الطعام يا محمد.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن البزي: دخل إبراهيم فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه، قال له إبراهيم: بإذن من دخلت، فقال: بإذن رب المنزل، فعرفه إبراهيم عليه السلام، فقال له ملك الموت: إن ربك اتخذ من عباده خليلاً، قال إبراهيم: ومن ذلك، قال: وما تصنع به، قال: أكون خادماً له حتى أموت، قال: فإنه أنت.
وقال الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس: أصاب الناس سنة جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيم عليه الصلاة والسلام يطلبون الطعام وكانت الميرة له كل سنة من صديق له بمصر، فبعث غلمانه بالإبل إلى مصر يسأله الميرة، فقال خليله: لو كان إبراهيم إنما يريد لنفسه احتملنا ذلك له، وقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة، فرجع رسل إبراهيم، فمروا ببطحاء، فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بالميرة، إنا نستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة، فملئوا تلك الغرائر رملاً، ثم إنهم أتوا إبراهيم عليه السلام وسارة نائمة فأعلموه ذلك، فاهتم إبراهيم عليه السلام بمكان الناس، فغلبته عيناه فنام، واستيقظت سارة، فقامت إلى تلك الغرائر ففتقتها، فإذا هو أجود حوار يكون، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس، واستيقظ إبراهيم عليه السلام فوجد ريح الطعام، فقال: يا سارة من أين هذا الطعام، قالت: من عند خليلك المصري، فقال: بل من عند خليلي الله لا من عند خليلي المصري، فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلاً.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الحوري قال: حدثنا إبراهيم بن شريك قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي المهلب الكنائي، عن عبد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وإنه لم يكن نبي إلا وله خليل ألا وإن خليلي أبو بكر ".
وأخبرني الساهر أبو إسماعيل بن الحسين النقيب قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن حماد قال: أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال: أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا سلمة قال: حدثني زيد بن واقد، عن القاسم بن نجيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتخذ الله إبراهيم خليلاً وموسى نجياً واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي ".
● قوله تعالى (وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ) الآية. أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَيَستَفتونَكَ في النِساءِ قُلِ اللهُ يُفتيكُم فيهِنَّ وَما يُتلى عَلَيكُم في الكِتابِ) الآية. قالت: والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها (وَإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا في اليَتامى) قالت عائشة رضي الله عنها: وقال الله تعالى في الآية الأخرى (وَتَرغَبونَ أَن تَنكِحوهُنَّ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن. رواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب.
● قوله تعالى (وإِن اِمرأَةٌ خافَت) الآية. أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحرث قال: أخبرنا عبد الله بن حماد بن جعفر قال: حدثنا أبو عمر قال: حدثنا سهل قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمان، عن هشام، عن عروة، عن عائشة في قول الله تعالى (وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً) إلى آخر الآية. نزلت في المرأة تكون عند الرجل فلا يستكثر منها ويريد فراقها، ولعلها أن تكون لها صحبة ويكون لها ولد فيكره فراقها، وتقول له: لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من شأني، فأنزلت هذه الآية. رواه البخاري عن محمد بن مقاتل، عن ابن المبارك. ورواه مسلم عن أبي كريب وأبي أسامة، كلاهما عن هشام.
أخبرنا أبو بكر الحيري قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن المسيب، أن بنت محمد بن سلمة كانت عند رافع بن صبيح، فكره منها أمراً، إما كبراً وإما غيره، فأراد طلاقها، فقالت: لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك، فأنزل الله تعالى (وَإِن اِمرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزاً أَو إِعراضاً).
● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا كونوا قَوّامِينَ بِالقِسطِ) الآية. روى أسباط عن السدي قال: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم اختصم إليه غني وفقير، وكان ضلعه مع الفقير رأى أن الفقير لا يظلم الغني فأبى الله تعالى إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير، فقال (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ بِالقِسطِ) حتى بلغ (إِن يَكُن غَنيّاً أَو فَقيراً فاللهُ أَولى بِهِما).
● قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا آَمِنوا بِاللهِ وَرَسولِهِ) الآية. قال الكلبي: نزلت في عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وجماعة من مؤمني أهل الكتاب قالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● قوله تعالى (لا يُحِبُّ اللهُ الجَهرَ بِالسُوءِ مِنَ القَولِ) الآية. قال مجاهد: إن ضيفاً تضيف قوماً فأساءوا قراه فاشتكاهم، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو.
● قوله تعالى (يَسأَلُكَ أَهلُ الكِتابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيهِم كِتاباً) الآية. نزلت في اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبياً فأتنا بكتاب جملة من السماء كما أتى به موسى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
● قوله تعالى (لَكِنَ اللهُ يَشهَدُ بِما أَنزَلَ إِلَيكَ) الآية. قال الكلبي: إن رؤساء أهل مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سألنا عنك اليهود فزعموا أنهم لا يعرفونك، فأتنا بمن يشهد لك أن الله بعثك إلينا رسولاً، فنزلت هذه الآية (لَكِنَ اللهَ يَشهَدُ).
● قوله تعالى (لا تَغُلوا في دينِكُم) الآية. نزلت في طوائف من النصارى حين قالوا عيسى ابن الله، فأنزل الله تعالى (لا تَغُلوا في دينِكُم وَلا تَقولوا عَلى اللهِ إِلا الحَقَّ) الآية.
● قوله تعالى (لَّن يَستَنكِفَ المَسيحُ) الآية. قال الكلبي: إن وفد نجران قالوا: يا محمد تعيب صاحبنا، قال: ومن صاحبكم، قالوا: عيسى، قال: وأي شيء أقول فيه، قالوا: تقول إنه عبد الله ورسوله، فقال لهم: إنه ليس بعار لعيسى أن يكون عبداً لله، قالوا: بلى، فنزلت (لَّن يَستَنكِفَ المَسيحُ أَن يَكونَ عَبدًا لِّلَّهِ) الآية.
● قوله تعالى (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ) الآية. أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد قال: حدثنا زاهر بن أحمد قال: حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام بن عبد الله، عن ابن الزبير، عن جابر قال: اشتكيت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي سبع أخوات، فنفخ في وجهي فأفقت، فقلت: يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلثين، قال: اجلس، فقلت الشطر، قال: اجلس، ثم خرج فتركني، قال: ثم دخل علي وقال: يا جابر إني لا أراك تموت في وجعك هذا، إن الله قد أنزل، فبين الذي لأخواتك الثلثين، وكان جابر يقول: نزلت هذه الآية في (يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ).
أسباب نزول القرآن . تأليف : الواحدي
منتديات الرسالة الحاتمة