بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
أخبار الحمقى والمغفلين
● [ الباب الثانى ] ●
فى أن الحمق غريزة
عن أبى اسحاق قال إ ذا بلغك أن غنيا افتقر فصدق واذا بلغك أن فقيرا استغنى فصدق واذا بلغك أن حيا مات فصدق واذا بلغك أن أحمق استفاد عقلا فلا تصدق عن أبى يوسف القاضى قال ثلاث صدق باثنتين ولا تصدق بواحدة إن قيل لك إن رجلا كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق وإن قيل لك إن رجلا فقيرا خرج إلى بلد فاستفاد مالا فصدق وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلا فلا تصدق عن الاوزاعى انه يقول بلغنى انه قيل لعيسى بن مريم عليه السلام يا روح الله انك تحيي الموتى قال نعم باذن الله قيل وتبرىء الاكمه قال نعم باذن الله قيل فما دواء الحمق قال هذا الذى أعياني قال جعفر بن محمد الادب عند الاحمق كالماء فى اصول الحنظل كلما ازداد ريا زاد مرارة قال المأمون تدرون ما جرى بينى وبين أمير المؤمنين هرون الرشيد كان لي اليه ذنب فدخلت مسلما عليه فقال أعزب يا أحمق فانصرفت مغضبا ولم أدخل اليه أياما فكتب الي رقعة يقول ليت شعرى وقد تمادى بك الهجر أمنك التفريط أم كان منى إن تكن خنتنا فعنك عفا الله وان كنت خنتكم فاعف عنى فسرت اليه فقال إن كان الذنب لنا فقد استغفرناك وان كان لك فقد غفرناه فقلت له قلت لي يا أحمق ولو قلت لي يا أرعن كان أسهل علي فقال ما الفرق بينهما قلت له الرعونة تتولد عن النساء فتلحق الرجل من طول صحبتهن فاذا فارقهن وصاحب فحول الرجال زالت عنه وأما الحمق فانه غريزة وأنشد بعض الحكماء وعلاج الابدان أيسر خطبا حين تعتل من علاج العقول.
● [ الباب الثالث ] ●
فى ذكر اختلاف الناس فى الحمق
فى ذكر اختلاف الناس فى الحمق
وقد ذكرنا أن الحمق فساد فى العقل أو فى الذهن وما كان موضوعا في أصل الجوهر فهو غريزة لا ينفعها التأديب وإنما ينتفع بالرياضة والتأديب من أصل جوهره سليم فتدفع الرياضة العوارض المفسدة وبعد فان الناس يتفاوتون فى العقل وجوهره ومقدار ما أعطوا منه فلهذا يتفاوت الحمق قيل لابراهيم النظام ما حد الحمق فقال سألتنى عما ليس له حد وتلا عمر هذه الآية ما غرك بربك الكريم قال الاحمق يا رب وقال على رضى الله عنه ليس من أحد إلا وفيه حمقة فيها يعيش وقال أبو الدرداء كلنا أحمق فى ذات الله وقال وهب بن منبه خلق الله آدم أحمق ولولا ذلك ما هناه العيش وعن مطرف قال لو حلفت لرجوت أن أبر انه ليس أحد من الناس الا وهو أحمق فيما بينه وبين الله عز و جل وكان يقول ما أحد من الناس الا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه عز و جل غير أن بعض الحمق أهون من بعض وعنه قال عقول الناس على قدر زمانهم وكان يقول هم الناس والنسناس وأرى أناسا غمسوا فى ماء الناس وقال سفيان الثورى خلق الانسان أحمق لكي ينتفع بالعيش وأنشد بعضهم لعمرك ما شىء يفوتك نيله بغبن ولكن فى العقول التغابن.
● [ الباب الرابع ] ●
فى ذكر أسماء الأحمق
فى ذكر أسماء الأحمق