من طرف كراكيب الجمعة 1 مايو 2020 - 19:10
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
متن بداية المبتدي
فقه الإمام أبي حنيفة
● [ كتاب الديات ] ●
وفي شبه العمد دية مغلظة على العاقلة وكفارة على القاتل وكفارته عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا يجزىء فيه الإطعام ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم ولا يحزىء ما في البطن وهو الكفارة في الخطأ وديته عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله مائة من الإبل أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ولا يثبت التغليظ إلا في الإبل خاصة وقتل الخطأ تجب به الدية على العاقلة والكفارة على القاتل والدية في الخطأ مائة من الإبل أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن مخاض وعشرون حقة وعشرون جذعة ومن العين ألف دينار ومن الورق عشرة آلاف درهم ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا منها ومن البقر مائتا بقرة ومن الغنم الفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان ودية المرأة على النصف من دية الرجل ودية المسلم والذمي سواء
● [ فصل فيما دون النفس ] ●
وفي النفس الدية وفي المارن الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وفي العقل إذا ذهب بالضرب الدية وكذا إذا ذهب سمعه أو بصره أو شمه أو ذوقه وفي اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية وفي شعر الرأس الدية وفي الشارب حكومة عدل وهو الأصح ولحية الكوسج إن كان على ذقنه شعرات معدودة فلا شيء في حلقه وإن كان أكثر من ذلك وكان على الخد والذقن جميعا لكنه غير متصل ففيهحكومة عدل وإن كان متصلا ففيه كمال الدية وفي الحاجبين الدية وفي أحدهما نصف الدية وفي العينين الدية وفي اليدين الدية وفي الرجلين الدية وفي الشفتين الدية وفي الأذنين الدية وفي الأنثيين الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف دية وفي ثدي المرأة الدية وفي إحداهما نصف دية المرأة وفي حلمتي المرأة الدية كاملة وفي أحداهما نصفها وفي أشفار العينين الدية وفي احداهما ربع الدية ولو قطع الجفون بأهدابها ففيه دية واحدة وفي كل أصبع من أصابع اليدين والرجلين عشر الدية والأصابع كلها سواء وفي كل أصبع فيها ثلاثة مفاصل ففي أحدها ثلث دية الأصبع وما فيها مفصلان ففي أحدهما نصف دية الأصبع وفي كل سن خمس من الإبل ومن ضرب عضوا فأذهب منفعته ففيه دية كاملة كاليد إذاشلت والعين إذا ذهب ضوؤها ومن ضرب صلب غيره فانقطع ماؤه تجب الدية وكذا لو أحدبه فلو زالت الحدوية لا شيء عليه
● [ فصل في الشجاج ] ●
الشجاج عشرة الحارصة والدامعة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والآمة ففي الموضحة القصاص إن كانت عمدا ولا قصاص في بقية الشجاج وفيما دون الموضحة حكومة عدل وفي الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية وفي الهاشمة عشر الدية وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشر الدية وفي الآمة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية فإن نفذت فهما جائفتان ففيهما ثلثا الدية
● [ فصل ] ●
وفي أصابع اليد نصف الدية فإن قطعها مع الكف ففيه أيضا نصف الدية وإن قطعها مع نصف الساعد ففي الأصابع والكف نصف الدية وفي الزيادة حكومة عدل وإن قطع الكف من المفصل وفيها أصبع واحدة ففيه عشر الدية وإن كان أصبعان فالخمس ولا شيء في الكف عند أبي حنيفة ولو كانفي الكف ثلاثة أصابع يجب أرش الأصابع ولا شيء في الكف بالإجماع وفي الأصبع الزائدة حكومة عدل وكذلك السن الشاغية وفي عين الصبي وذكره ولسانه إذا لم تعلم صحته حكومة عدل وكذلك لو استهل الصبي ومن شج رجلا فذهب عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة في الدية وإن ذهب سمعه أو بصره أو كلامه فعليه أرش الموضحة مع الدية وفي الجامع الصغير ومن شج رجلا موضحة فذهبت عيناه فلا قصاص في ذلك عند أبي حنيفة وقالا في الموضحة القصاص وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها لا قصاص عليه في شيء من ذلك وكذلك لو كسر بعض سن رجل فاسود ما بقي ولو قال اقطع المفصل واترك ما يبس أو اكسر القدر المكسور واترك الباقي لم يكن له ذلك وإن قطع أصبعا فشلت إلى جنبها أخرى فلا قصاص في شيء من ذلك عند أبي حنيفة ولو كسر بعض السن فسقطت فلا قصاص ولو قلع سن رجل فنبتت مكانها أخرى سقط الأرش في قول أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه الأرش كاملا وعن أبي يوسف رحمه الله أنه تجب حكومة عدل ولو قلع سن غيره فردها صاحبها في مكانها ونبت عليه اللحم فعلى القالع الأرش بكماله وكذا إذا قطع أذنه فألصقها فالتحمت ومن نزع سن رجل فانتزع المنزوعة سنه سن النازع فنبتت سن الأول فعلى الأول لصاحبه خمسمائة درهم ولو ضرب إنسان سن إنسان فتحركت يستأني حولا فلو أجله القاضي سنة ثم جاء المضروب وقد سقطت سنه فاختلفا قبل السنة فيما سقط بضربه فالقول للمضروب وإن اختلفا في ذلك بعد السنة فالقول للضارب ولو لم تسقط لا شيء على الضارب ولو لم تسقط ولكنها اسودت يجب الأرش في الخطأ على العاقلة وفي العمد في ماله ولا يجب القصاص وكذا إذا كسر بعضه واسود الباقي وكذا لواحمر أو اخضر ومن شج رجلا فالتحمت ولم يبق لها أثر ونبت الشعر سقط الأرش عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف يجب عليه أرش الألم وهو حكومة عدل وقال محمد أجرة الطبيب ومن ضرب رجلا مائة سوطفجرحه فبرأ منها فعليه أرش الضرب ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله خطأ قبل البرء فعليه الدية وسقط أرش اليد ومن جرح رجلا جراحة لم يقتص منه حتى يبرأ وكل عمد سقط القصاص فيه بشبهة فالدية في مال القاتل وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل وإذا قتل الأب ابنه عمدا فالدية في ماله في ثلاث سنين وكل جناية اعترف بها الجاني فهي في ماله ولا يصدق على عاقلته وعمد الصبي والمجنون خطأ وفيه الدية على العاقلة وكذلك كل جناية موجبها خمسمائة فصاعدا والمعتوه كالمجنون
● [ فصل في الجنين ] ●
وإذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة وهي نصف عشر الدية وهي على العاقلة وتجب في سنة ويستوي فيه الذكر والأنثى فإن ألقته حيا ثم مات ففيه دية كاملة وإن ألقته ميتا ثم ماتت الأم فعليه دية بقتل الآم وغرة بإلقائها وإن ماتت الأم من الضربة ثم خرج الجنين بعد ذلك حيا ثم مات فعليه دية في الأم ودية في الجنين وإن مات ثم ألقته ميتا فعليه دية في الأم ولا شيء في الجنين وما يجب في الجنين موروث عنه ولا يرثه الضارب حتى لو ضرب بطن امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب غرة ولا يرث منها وفي جنين الآمة إذا كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته لو كان أنثى فإن ضربت فأعتق المولى ما في بطنها ثم ألقته حيا ثم مات ففيه قيمته حيا ولا تجب الدية وإن مات بعد العتق ولا كفارة في الجنين والجنين الذي قد استبان بعض خلقه بمنزلة الجنين التام في جميع هذه الأحكام
● [ باب ما يحدث الرجل في الطريق ] ●
ومن أخرج إلى الطريق الأعظم كنيفا أو ميزابا أو جرصنا أو بنى دكانا فلرجل من عرض الناس أن ينزعه ويسع للذي عمله أن ينتفع به ما لم يضربالمسلمين وليس لأحد من أهل الدرب الذي ليس بنافذ أن يشرع كنيفا ولا ميزابا إلا بإذنهم وإذا أشرع في الطريق روشنا أو ميزابا أو نحوه فسقط على إنسان فعطب فالدية على عاقلته وكذلك إذا تعثر بنقضه إنسان أو عطبت به دابة وإذا عطب بذلك رجل فوقع على آخرفماتا فالضمان على الذي أحدثه فيهما وإن سقط الميزاب نظر فإن أصاب ما كان منه في الحائط رجلا فقتله فلا ضمان عليه وإن أصابه ما كان خارجا من الحائط فالضمان على الذي وضعه فيه ولو أصابه الطرفان جميعا وعلم ذلك وجب نصف الدية وهدر النصف ولو لم يعلم أي طرف أصابه يضمن النصف ولو أشرع جناحا إلى الطريق ثم باع الدار فأصاب الجناح رجلا فقتله أو وضع خشبة في الطريق ثم باع الخشبة وبرىء إليه منها فتركها المشتري حتى عطب بها إنسان فالضمان على البائع ولو وضع في الطريق جمرا فأحرق شيئا يضمنه ولو حركته الريح إلى موضع آخر ثم أحرق شيئا لم يضمنه ولو استأجر رب الدار العملة لإخراج الجناح أو الظلة فوقع فقتل إنسانا قبل أن يفرغوا من العمل فالضمان عليهم وإن سقط بعد فراغهم فالضمان على رب الدار استحسانا وكذا إذا صب الماء في الطريق فعطب به إنسان أو دابة وكذا إذا رش الماء أو توضأ بخلاف ما إذا فعل ذلك في سكة غير نافذة وهو من أهلها أو قعد أو وضع متاعه ولو تعمد المرور في موضع صب الماء فسقط لا يضمن الراش ولو رش فناء حانوت بإذن صاحبه فضمان ما عطب على الآمر استحسانا وإذا استأجر أجيرا ليبني له في فناء حانوته فتعقل به إنسان بعد فراغه من العمل فمات يجب الضمان على الآمر استحسانا ولو كان أمره بالبناء في وسط الطريق فالضمان على الأجير ومن حفر بئرا في طريق المسلمين أو وضع حجرا فتلف بذلك إنسان فديته على عاقلته وإن تلفت به بهيمة فضمانها في ماله ولو وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فالضمان على الذي نحاه وفي الجامع الصغير في البالوعة يحفرها الرجل في الطريق فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه لميضمن وإن كان بغير أمره فهو متعد وكذا إن حفره في ملكه لم يضمن وكذا إذا حفره في فناء داره ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما لاضمان على الحافر عند أبي حنيفة وإن استأجر إجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه وإن علموا ذلك فالضمان على الأجراء وإن قال لهم هذا فنائي وليس له فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان فالضمان على الأجراء قياسا وفي الاستحسان الضمان على المستأجر ومن جعل قنطرة بغير إذن الإمام فتعمد رجل المرور عليها فعطب فلا ضمان على الذي جعل القنطرة وكذلك أن وضع خشبة في الطريق فتعمد رجل المرور عليها ومن حمل شيئا في الطريق فسقط على إنسان فعطب به فهو ضامن وكذا إذا سقط فتعثر به إنسان وإن كان رداء قد لبسه فسقط عنه فعطب به إنسان لم يضمن وإذا كان المسجد للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصاة فعطب به رجل لم يضمن وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن في الوجهين وإن جلس فيه رجل منهم فعطب به رجل لم يضمن إن كان في الصلاة وإن كان في غير الصلاة ضمن وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن على كل حال ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو نام في غير الصلاة أو مر فيه مار أو قعد فيه لحديث فهو هذا الاختلاف وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف وقيل لا يضمن بالاتفاق وإن جلس رجل من غير العشيرة فيه في الصلاة فتعقل به إنسان ينبغي أن لا يضمن
● [ فصل في الحائط المائل ] ●
وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين فطولب صاحبه بنقضه وأشهد عليه فلم ينقضهفي مدة يقدر على نقضه حتى سقط ضمن ما تلف به من نفس أو مال ولو بنى الحائط مائلا فى الابتداء قالوا يضمن ما تلف بسقوطه من غير إشهاد وتقبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين على التقدم وإن مال إلى دار رجل فالمطالبة إلى مالك الدار خاصة ولو سقط الحائط المائل على إنسان بعد الإشهاد فقتله فتعثر بالقتيل غيره فعطب لا يضمنه وإن عطب بالنقض ضمنه ولو عطب بجرة كانت على الحائط فسقطت بسقوطه وهي ملكه ضمنه وإن كان ملك غيره لا يضمنه وإذا كان الحائط بين خمسة رجال أشهد على أثرهم فقتل إنسانا ضمن خمس الدية ويكون ذلك على عاقلته وإن كانت دار بين ثلاثة نفر فحفر أحدهم فيها بئرا والحفر كان بغير رضا الشريكين الآخرين أو بنى حائطا فعطب به إنسان فعليه ثلثا الدية على عاقلته وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه نصف الدية على عاقلته في الفصلين
● [ باب جناية البهيمة والجناية عليها ] ●
الراكب ضامن لما أوطأت الدابة ما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت أو خبطت وكذا إذا صدمت ولا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها فإن أوقفها في الطريق ضمن النفحة أيضا وإن إصابت بيدها أو برجلها حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه لم يضمن وإن كان حجرا كبيرا ضمن فإن راثت أو بالت في الطريق وهي تسير فعطب به إنسان لم يضمن وكذا إذا أوقفها لذلك والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها وفي الجامع الصغير وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائدإلا أن على الراكب الكفارة فيما أوطأته الدابة بيدها أو برجلها ولا كفارة عليهما ولا على الراكب فيما وراء الإيطاء ولو كان راكب وسائق قيل يضمن السائق ما أوطأت الدابة وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل منهما دية الآخر ومن ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتلهضمن وكذا على هذا سائر أدواته كاللجام ونحوه وكذا ما يحمل عليها ومن قاد قطارا فهو ضامن لما أوطأ فإن وطىء بعير إنسانا ضمن به القائد والدية على العاقلة وإن كان معه سائق فالضمان عليهما وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم فوطىء المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية ثم يرجعون بها عل عاقلة الرابط ومن أرسل بهيمة وكان لها سائقا فأصابت في فورها يضمنه ولو أرسل طيرا أو ساقه فأصاب في فوره لم يضمن ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره ضمن المرسل وإن مالت يمينا أو شمالا وله طريق آخر لا يضمن ولو انفلتت الدابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا لا ضمان على صاحبها شاة لقصاب فقئت عينها ففيها ما نقصها وفي عين بقرة الجزار وجزوره ربع القيمة وكذا في عين الحمار والبغل والفرس ومن سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها فنفحت رجلا أو ضربته بيدها أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا وإن ألقت الراكب فقتلته كان ديته على عاقلة الناخس ولو وثبت بنخسه على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب ولو وطئت رجلا في سيرها وقد نخسها الناخس بإذن الراكب فالدية عليهما نصفين جميعا إذا كانت في فورها الذي نخسها ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت في فورها فهو على الناخس وكذا إذا كان لها سائق فنخسها غيره ولو نخسها شيء منصوب في الطريق فنحت إنسانا فقتلته فالضمان على من نصب ذلك الشيء
● [ باب جناية المملوك والجناية عليه ] ●
وإذا جنى العبد جناية خطأ قيل لمولاه إما أن تدفعه بها أو تفديه فإن دفعه ملكه ولي الجناية وإن فداه فداه بأرشها وكل ذلك يلزمه حالا وأيهما اختاره وفعله لا شيء لولي الجناية غيره فإن عاد فجنى كان حكم الجناية الثانية كحكم الجناية الأولى وإنجنى جنايتين قيل للمولى إما أن تدفعه إلى ولي الجنايتين يقتسمانه على قدر حقيهما وإما أن تفديه بأرش كل واحد منهما وإن كانوا جماعة يقتسمون العبد المدفوع على قدر حصصهم وإن فداه فداه بجميع أروشهم ولو قتل واحدا وفقأ عين آخر يقتسمانه أثلاثا وللمولى أن يفدى من بعضهم ويدفع إلى بعضهم مقدار ما تعلق به حقه من العبد فإن أعتقه المولى وهو لا يعلم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن أرشها وإن أعتقه بعد العلم بالجناية وجب عليه الأرش ومن قال لعبده إن قتلت فلانا أو رميته أو شججته فأنت حر فهو مختارللفداء إن فعل ذلك وإذا قطع العبد يد رجل عمدا فدفع إليه بقضاء أو بغير قضاء فأعتقه ثم مات من قطع اليد فالعبد صلح بالجناية وإن لم يعتقه رد على المولى وقيل للأولياء اقتلوه أو اعفوا عنه وإذا جنى العبد المأذون له جناية وعليه ألف درهم فأعتقه المولى ولم يعلم بالجناية فعليه قيمتان قيمة لصاحب الدين وقيمة لأولياء الجناية وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها ثم ولدت فإنه يباع الولد معها في الدين وإن جنت جناية لم يدفع الولد معها وإذا كان العبد لرجل زعم رجل آخر أنه مولاه أعتقه فقتل العبد وليا لذلك الرجل الزاعم خطأ فلا شيء له وإذا أعتق العبد فقال لرجل قتلت أخاك خطأوأنا عبد وقال الآخر قتلته وأنت حر فالقول قول العبد ومن أعتق جارية ثم قال لها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت قطعتها وأنا حرة فالقول قولهاوكذلك كل ما أخذ منها إلا الجماع والغلة استحسانا وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يضمن إلا شيئا قائما بعينه يؤمر برده عليها وإذا أمر العبد المحجور عليه صبيا حرا بقتل رجل فقتله فعلى عاقلة الصبي الدية ولا شيء على الآمر وكذلك إن أمر عبدا يخاطب مولى القاتل بالدفع أو الفداء وإذا قتل العبد رجلين عمدا ولكل منهما وليان فعفا أحد ولي كل واحد منهما فإن المولى يدفع نصفه الآخرين أو يفديه بعشرة آلاف درهم فإن كان قتل أحدهما عمدا والآخر خطأ فعفا أحد ولي العمد فإن فداه المولى فداه بخمسة عشر ألفا خمسة آلاف للذي لم يعفمن ولي العمد وعشرة آلاف لولي الخطأ وإن دفعه إليهم أثلاثا ثلثاه لولي الخطأ وثلثه لغير العافي من ولي العمد عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يدفعه أرباعا ثلاثة أرباعه لولي الخطأ وربعه لولي العمد وإذا كان عبد بين رجلين فقتل مولى لهما فعفا أحدهما بطل الجميع عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يدفع الذي عفا نصف نصيبه إلى الآخر أو يفديه بربع الدية
● [ فصل ] ●
ومن قتل عبدا خطأ فعليه قيمته لا تزاد على عشرة آلاف درهم فإن كانت قيمته عشرة آلاف درهم أو أكثر قضي له بعشرة آلاف إلا عشرة وفي الأمة إذا زادت قيمتها على الدية خمسة آلاف إلا عشرة وفي يد العبد نصف قيمته لا يزاد على خمسة آلاف إلا خمسة ومن قطع يد عبد فأعتقه المولى ثم مات من ذلك فإن كان له ورثة غيرالمولى فلا قصاص فيه وإلا اقتص منه وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا قصاص في ذلك وعلى القاطع أرش اليد وما نقصه ذلك إلى أن يعتقه ويبطل الفضل ومن قال لعبديه أحدكما حر ثم شجا فأوقع العتق على أحدهما فأرشهما للمولى ولو قتلهما رجل تجب دية حر وقيمة عبد ومن فقأ عيني عبد فإن شاء المولى دفع عبده وأخذ قيمته وإن شاء أمسكه ولا شيء له من النقصان عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن شاء أمسك وأخذ ما نقصه وإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته
● [ فصل في جناية المدبر وأم الولد ] ●
وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية ضمن المولى الأقل من قيمته ومن أرشها وجنايات المدبر وإن توالت لا توجب إلا قيمة واحدة فإن جنى جناية أخرى وقد دفع المولى القيمة إلى ولي الأولى بقضاء فلا شيء عليه وإن كان المولى دفع القيمة بغير قضاء فالولي بالخيار إن شاء اتبع المولى وإن شاء اتبع ولي الجناية وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا شيء على المولى وإذا أعتق المولى المدبروقد جنى جنايات لم تلزمه إلا قيمة واحدة وأم الولد بمنزلة المدبر في جميع ما وصفنا وإذا أقر المدبر بجناية الخطأ لم يجز إقراره ولا يلزمه به شيء عتق أو لم يعتق
● [ باب غصب العبد والمدبر والصبي والجناية في ذلك ] ●
ومن قطع يد عبده ثم غصبه رجل ومات في يده من القطع فعليه قيمته أقطع وإن كان المولى قطع يده في يد الغاصب فمات من ذلك في يد الغاصب لا شيء عليه وإذاغصب العبد المحجور عليه عبدا محجورا عليه فمات في يده فهو ضامن ومن غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع المولى بنصف قيمته على الغاصب ويدفعه إلى ولي الجناية الأولى ثم يرجع بذلك على الغاصب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يرجع بنصف قيمته فيسلم له وإن كان جنى عندالمولى فغصبه رجل فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع بنصف القيمة على الغاصب ومن غصب عبدا فجنى في يده ثم رده فجنى جناية أخرى فإن المولى يدفعه إلى ولي الجنايتين ثم يرجع على الغاصب بنصف القيمة فيدفعه إلى الأول ويرجع به على الغاصب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يرجع بنصف القيمة فيسلم له وإن جنى عند المولى ثم غصبه فجنى في يده دفعه المولى نصفين ويرجع بنصف قيمته فيدفعه إلى الأول ولا يرجع به ومن غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى ثم غصبه ثم جنى عنده جناية فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ثم يرجع بقيمته على الغاصب فيدفع نصفها إلى الأول ويرجع به على الغاصب ومن غصب صبيا حرا فمات في يده فجأة أو بحمى فليس عليه شيء وإن مات من صاعقة أو نهشة حية فعلى عاقلة الغاصب الدية استحسانا وإذا أودع صبي عبدا فقتله فعلى عاقلته الدية وإن اودع طعاما فأكله لم يضمن وإن استهلك مالا ضمن
● [ باب القسامة ] ●
وإذا وجد القتيل في محلة ولا يعلم من قتله استحلف خمسون رجلا منهم يتخيرهم الولي بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا وإذا حلفوا قضي على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف وإن لم يكمل أهل المحلة كررت الأيمان عليهم حتى تتم خمسين ولا قسامة على صبي ولا مجنون ولا امرأة ولا عبد وإن وجد ميتا لا أثر به فلا قسامة ولا دية ولو وجد بدن القتيل أو أكثر من نصف البدن أوالنصف ومعه الرأس في محلة فعلى أهلها القسامة والدية وإن وجد نصفه مشقوقا بالطول أو وجد أقل من النصف ومعه الرأس أو وجد يده أو رجله أو رأسه فلا شيء عليه ولو وجد فيهم جنين أو سقط ليس به أثر الضرب فلا شيء على أهل المحلة وإن كان به أثر الضرب وهو تام الخلق وجبت القسامة والدية عليهم وإن كان ناقص الخلق فلا شيء عليهم وإذا وجد القتيل على دابة يسوقها رجل فالدية على عاقلته دون أهل المحلة فإن اجتمعوا فعليهم وإن مرت دابة بين القريتين وعليها قتيل فهو على أقربهما وإن وجد القتيل في دار إنسان فالقسامة عليه والدية على عاقلته ولا تدخل السكان في القسامة مع الملاك عند أبي حنيفة رحمها الله وقال ابو يوسف رحمه الله هو عليهم جميعا وهي على أهل الخطة دون المشترين عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف الكل مشتركون وإن بقي واحد منهم فكذلك وإن لم يبق واحد منهم بأن باعوا كلهم فهو على المشترين وإذا وجد قتيل في دار فالقسامة على رب الدار وعلى قومه وتدخل العاقلة في القسامة إن كانوا حضورا وإن كانوا غيبا فالقسامة على رب الدار ويكرر عليه الايمان وإن وجد القتيل في دار مشتركة نصفها لرجل وعشرها لرجل ولآخر ما بقي فهو على رؤوس الرجال ومن اشترى دارا ولم يقبضها حتى وجد فيها قتيل فهو على عاقلة البائع وإن كان في البيع خيار لأحدهما فهو على عاقلة الذيفي يده ومن كان في يده دار فوجد فيها قتيل لم تعقله العاقلة حتى تشهد الشهود أنها للذي في يده وإن وجد قتيل في سفينة فالقسامة على من فيها من الركاب والملاحين وإن وجد في مسجد محلة فالقسامة على أهلها وإن وجد في المسجد الجامع أو الشارع الأعظم فلا قسامة فيه والدية على بيت المال ولو وجد في السوق إن كان مملوكا فعند أبي يوسف رحمه الله تجب على السكان وعندهما على المالك وإن لم يكن مملوكا كالشوارع العامة التي بنيت فيها فعلى بيت المال ولو وجد في السجن فالدية على بيت المال وعلى قول أبي يوسف رحمه الله الدية والقسامة على أهل السجن وإن وجد في برية ليس بقربها عمارة فهو هدر وإن وجد بين قريتين كان على أقربهما وإن وجد في وسط الفرات يمر به الماء فهو هدر وإن كان محتبسا بالشاطىء فهو على أقرب القرى من ذلك المكان وإن ادعى الولى على واحد من أهل المحلة بعينه لم تسقط القسامة عنهم وإن ادعى على واحد من غيرهم سقطت عنهم وإذا التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة إلا أن يدعي الأولياء على أولئك أو على رجل منهم بعينه فلم يكن على أهل المحلة شيء ولا على أولئك حتى يقيموا البينة ولو وجد قتيل في معسكر قاموا بفلاة من الأرض لا ملك لأحد فيها فإن وجد في خباء أو فسطاط فعلى من يسكنها الدية والقسامة وإن كان خارجا من الفسطاط فعلى أقرب الأخبية وإن كان القوم لقوا قتالا ووجد قتيل بين أظهرهم فلا قسامة ولا دية وإن كان للأرض مالك فالعسكر كالسكان فيجب على المالك عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف وإذا قال المستحلف قتله فلان استحلف بالله ما قتلت ولا عرفت له قاتلا غير فلان وإذا شهد اثنان من أهل المحلة على رجل من غيرهم أنه قتل لم تقبل شهادتهما
ولو ادعى على واحد من أهل المحلة يعينه فشهد شاهدان من أهلها عليه لم تقبل الشهادة ومن جرح في قبيلة فنقل إلى أهله فمات من تلك الجراحة فإن كان صاحب فراش حتى مات فالقسامة والدية على القبيلة وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا قسامة ولا دية ولو أن رجلا معه جريح به رمقحمله إنسان إلى أهله فمكث يوما أو يومين ثم مات لم يضمن الذي حمله إلى أهله في قول ابي يوسف رحمه الله وفي قياس قول أبي حنيفة رحمه الله يضمن ولو وجد رجل قتيلا في دار نفسه فديته على عاقلته لورثته عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد وزفر رحمهم الله لا شي فيه ولو أن رجلين كانا في بيت وليس معهما ثالث فوجد أحدهما مذبوحا قال أبو يوسف يضمن الآخر الدية وقال محمد لا يضمنه ولو وجد قتيل في قرية لامرأة فعند أبي حنيفة ومحمد عليها القسامة تكرر عليها الأيمان والدية على عاقلتها أقرب القبائل إليها في النسب وقال أبو يوسف على العاقلة أيضا ولو وجد رجل قتيلا في أرض رجل جانب قرية ليس صاحب الأرض من أهلها قال هو على صاحب الأرض
● ● ● [ كتاب المعاقل ] ● ● ●
والدية في شبه العمد والخطأ وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة والعاقلة الذين يعقلون والعاقلة أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذ منها ومن لم يكن من أهل الديوان فعاقلته قبيلته وتقسم عليهم في ثلاث سنين لا يزاد الواحد على أربعة دراهم في كل سنة وينقص منها وإن لم يكن تتسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل على ترتيب العصبات ولو كانت عاقلة الرجل أصحاب الرزق يقضى بالدية في أرزاقهم في ثلاث سنين في كل سنة الثلث وأدخل القاتل مع العاقلة فيكون فيما يؤدى كأحدهم وليس على النساء والذرية ممن كان له حظ في الديوان عقل ولا يعقل أهل مصر عن مصر آخر ويعقل أهل كل مصر عن أهل سوادهم ومن كان منزله بالبصرة وديوانه بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة ومن جنى جناية من أهل المصر وليس له في الديوان عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر ولو كان البدوي نازلا في المصر لا مسكن له فيهلا يعقله أهل المصر وإن كان لأهل الذمة عواقل معروفة يتعاقلون بها فقتل أحدهم قتيلا فديته على عاقلته بمنزلة المسلم وإن لم تكن لهم عاقلة معروفة فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى بها عليه ولا يعقل كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر وعاقلة المعتق قبيلة مولاه ومولى الموالاة يعقل عنه مولاه وقبيلته ولا تعقل العاقلة أقل من نصف عشر الدية وتتحمل نصف العشر فصاعدا وما نقص من ذلك يكون في مال الجاني ولا تعقل العاقلة جناية العمد ولا ما لزم بالصلح أو باعتراف الجاني إلا أن يصدقوه ومن أقر بقتل خطأ ولم يرفعواإلى القاضي إلا بعد سنين قضي عليه بالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى ولو تصادق القاتل وولى الجناية على أن قاضي بلد كذا قضى بالدية على عاقلته بالكوفة بالبينة وكذبهما العاقلة فلا شيء على العاقلة ولم يكن عليه شيء في ماله إلا أن يكون له عطاء معهم فحينئذ يلزمه بقدر حصته وإذا جنى الحر على العبد فقتله خطأ كان على عاقلته قيمته وابن الملاعنة تعقله عاقلة أمه فإن عقلوا عنه ثم ادعاه الأب رجعت عاقلة الأم بما أدت على عاقلة الأب في ثلاث سنين من يوم يقضى القاضي لعاقلة الأم على عاقلة الأب
متن بداية المبتدي
فقه الإمام أبي حنيفة
تأليف: برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة