بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي . المجلد الثانى
● [ كتاب القراض ] ●
[ باب ما يجوز فيه القراض وما لا يجوز ]
القراض عند أهل المدينة هو المضاربة عند أهل العراق وهو باب منفرد بحكمه عند الجميع خارج عن الاجارات كما خرجت العرايا عن المزابنة والحوالة عن الدين بالدين والمساقاة عن بيع ما لم يخلق وصار كل باب منها نوعا منفردا بحكمه اصلا في نفسه والقراض يشبه المساقاة ومعنى القراض ان يدفع رجل الى رجل دراهم او دنانير ليتجر فيها ويبتغي رزق الله فيها يضرب في الأرض ان شاء أو يتجر في الحضر فما افاء الله في ذلك المال من ربح فهو بينهما على شرطهما نصفا كان أو ثلثا أو ربعا أو جزءا معلوما ولا يجوز القراض الا بالدنانير والدراهم المسكوكة دون التبر ودون السبائك والنقر وقد روي عن مالك جواز القراض بالنقر والحلي ايضا والأول تحصيل مذهبه ولا يجوز القراض بكل ما ينصرف عند فسخه إلى القيمة مثل الطعام والادام والعروض كلها من الحيوان وغيره فإن تقارضا بعرض فسخ عقدهما قبل فوته فإن فات العمل فيه فللعامل اجرة مثله في بيع العروض وقبض ثمنه ثم له قراض مثله فيما ربح بعد ذلك ولا يجوز القراض بدين على العامل حتى يقبض بيد ربه وكذلك لو أمر غيره بقبضه وجعله قراضا بينهما لم يجز ويكره أن يقول له رب المال اقبض مالي على ذلك الرجل واعمل به لإنه قد استزاد معه منفعة استخراج المال ولا يجوز لرب المال أن يستخلص لنفسه شيئا من الربح أو المنافع غير جزئه من الربح ولا يجوز له ان يبضع مع العامل بضاعة يقوم له بها إذا كان ذلك في شروط القراض
والمقارض أمين مقبول قوله فيما يدعيه من ضياع المال وذهابه والخسارة فيه إلا أن يتبين كذبه وأما رد المال إلى ربه فإنه عند مالك لا يقبل قوله في ذلك ان كان قبضه ببينة وان لم يقبضه ببينة فالقول قوله في ذلك كله مع يمينه ولو شرط رب المال على العامل الضمان كان العقد فاسدا ورد بعد الفوت الى قراض مثله دون ما شرط له فإن أقام العامل بالمال في مصره وعمل فيه فلا نفقة له في المال ولا كسوة ولا شيء إلا أن يكون غريبا اقام في المصر من أجل المال فإن شخص إلى سفر بمال القراض فله فيه النفقة والكسوة ان كان كثيرا يحتملها وإنما ينفق منه على نفسه بالمعروف دون عياله فإذا انصرف إلى مصره لم ينفق منه على نفسه شيئا فإن انفق منه شيئا عد عليه في حصته من الربح أن كان فيه ربح وإلا ضمنه وإن فضل معه عند انصرافه ثوب أو شيء من كسوته أو شيء له بال من زاده رده كله في المال إلا أن يكون لا خطب له مثل بقية الزاد والقربة البالية ونحو ذلك والسلامة منه أفضل إلا أن يحلله رب المال والنفقة تلغى من الفضل ثم يقتسمان ما بقي بعد ذلك على شرطهما فإن لم يكن في المال ربح وقد أنفق منه في سفره لم يلزم غرم ما انفق لرب المال ولا يجوز للعامل أن يحابي في المال ولا يصنع منه معروفا ولا يكافئ منه احدا على هدية او غيرها ولو اشترط النفقة في المصر فسد القراض وفسخ فإن عمل على ذلك رد إلى قراض مثله ولا يجوز للعامل أن يبيع بدين الا بإذن رب المال فإن باع بدين بغير اذنه ضمن ما تلف منه وله أن يشتري ما شاء من السلع والمتاع كله ما لم يمنعه رب المال من ذلك ولرب المال أن يأذن له في المداينة وأن ينهاه عنها وله أن ينهاه عن تجارة بعينها وعن بلدة بعينها وعن ركوب البحر في حين سكونه وأما ركوبه في ارتجاجه أو في زمن لا يركب البحر فيه وما اشبه ذلك من وجوه الغرر كله فلا يحتاج إلى نهيه عن ذلك لإن في الأصول أن المال انما دفع إليه للحفظ وطلب النماء لا أن يعرضه للتوي وإذا تعدى ما أمره به رب المال ضمن ما أدركه في المال من درك وخرج عن أمانته بتعديه وإن ربح فيما تعدى فيه فالربح بينهما على ما تعاملا عليه ويكره أن يقصره عن تجارة بعينها إلا أن تكون موجودة لا تتخلف في صيف ولا شتاء فإذا اشترط عليه أن لا يشتري الا سلعة بعينها غير مأمونة لم يجز القراض ولو اشترط عليه أن لا يشتري سلعة بعينها لم يجز له شراؤها فإن فعل فرب المال بالخيار بين إجازة شرائه وبين تضمينه الثمن وقد قيل أنه اذا شرط رب المال على العامل ان لا يشتري الا سلعة بعينها وأن لا يشتري إلا من فلان فخالفه وفعل رد المال إلى مثله ان عمل
وللعامل أن يسافر إلا أن ينهاه رب المال ويشترط ذلك عليه ولا يجوز القراض إلى أجل فإن وقع فسخ وإن عمل رد إلى قراض مثله ولا يجوز للعامل ان يدفع المال قراضا إلا بإذن ربه سواء كان على مثل شرطه أو مخالفا له وله أن يوجه به خادمه ورسوله إلى من يشتري له من اخوانه ومن دفع مالا قراضا فأراد أخذه من العامل قبل أن يعمل فيه ويشخص فذلك له وليس القراض من العقود الي يجب الوفاء بها وإنما هو معروف وأرى أن لصاحبه ان ينزع عنه لما يراه فإن شرع فيه بالعمل لم يكن لواحد منهما فسخه إلا برضى صاحبه وإن توفي رب المال قبل أن يعمل المقارض فيه ويشخص فأحب الورثة او الوصي أخذ المال فذلك لهم وأن أحبوا أقروه على قراضه وليس لهم أن ينتزعوا المال إذا كان قد شرع فيه بالعمل والتجارة ولو تجهز منه طعاما أو كسوة لسفره ثم مات رب المال وأراد الورثة رد القراض اخذوا ما تجهز به بعينه ولم يضمنوه ما نقص ذلك وإن توفي العامل قبل أن يشخص فالمال لصاحبه وإن شخص فيه وعمل وكان فيه ربح ثم مات فإن ورثة العامل يقومون مقامه في المال وتقاضيه حتى ينضى عينا على مثل قراض موروثهم هذا إذا كانوا رشداء وإن كانوا سفهاء أو صغارا وجاؤا بأمين يقوم مقام صاحبهم فذلك لهم وإلا سلموا المال لربه فكان له نماؤه ونقصانه ولا شيء لهم من ربحه
● [ باب جامع القراض ] ●
ولا يجوز أن ينضم إلى عقد القراض عقد غيره من بيع ولا إجارة ولا شيء سوى ذلك من العقود كلها ولا يجوز أن يشترط احد المتقارضين على الآخر سلفا يسلفه إياه فإن فعل فالقراض فاسد وربح السلف لمن اخذه منهما وما لحق المال من جائحة كالسرقة او لصوص قطعوا به او غريم أفلس أو خسارة أو غير ذلك من الوجوه الوضيعة ثم عمل العامل فيه وربح فلا شيء له من ذلك الربح حتى يقضي رأس المال أو يتجر أو يرجع إلى مبلغه يوم قبضه ثم يقتسما بعد ذلك ما كان بعد ذلك من ربح أن كان وعلى العامل ان يجبر الوضيعة من الربح وليس له أن يجعل رأس المال ما بقي بعد الوضيعة إلا أن يكون رب المال قد علم بأصله وحاسبه ثم استأنف العقد معه فيكون رأس المال حينئذ ما بقي بعد الوضيعة الأولى وما قبضه العامل من الربح قبل ان يتفاصلا فهو له ضامن ولا يجوز لهما أن يتفاصلا حتى ينض المال ويجتمع فيفوز برأس المال ويقتسمان ما بقي بينهما على شرطهما فإن تفاصلا بغير حضور المال ثم حصل فيه وضيعة ردا ما أخذاه وجبرا به ما نقصهما ولا يجوز للعامل أن يشارك في المال احدا فإن فعل وتلف المال في يد الشريك ضمنه العامل وإن سلم فهما على شرطهما ولا بأس بأخذ مالين من رجلين على جزء واحد وعلى جزءين مختلفين وله أن يجمعهما وأن يفرقهما ولا بأس أن يأخذ مالا من غيره ويخلطه بماله ويعمل في المالين ويكون له ربح ماله بحسابه وهو في المال الآخر على شرطه ولا يجوز أن يأخذ من رجل واحد مالين على جزءين مختلفين في عقد واحد ولا في عقدين ولا بحضرة العقد إلا أن يكون قد عمل في المال الأول فيجوز له أن يأخذ مالا آخر على جزء آخر وعلى مثل ذلك الجزء وإذا مات أحد المتقارضين قام ورثته مقامه وإذا أخذ مالين قراضا فربح في أحدهما وخسر في الآخر لم تجز الوضيعة في أحدهما بالربح في الآخر
● [ باب حكم القراض الفاسد ] ●
وكل قراض فاسد فهو مردود بعد الفوت إلى قراض المثل دون اجرة المثل هذه رواية عبد الملك عن مالك وذكر ابن القاسم عنه أن القراض الفاسد على وجهين فبعضه مردود إلى اجرة المثل وهو ما شرطه فيه رب المال على العامل أمدا قصره له على نظره وما سوى ذلك فهو مردود إلى قراض المثل وأجرة المثل والفصل بين قراض المثل وأجرة المثل إن قراض المثل متعلق بالربح فإن لم يكن في المال ربح فلا شيء للعامل وأجرة المثل متعلقة بذمة رب المال كان في المال ربح أو لم يكن
● [ باب زكاة القراض ] ●
إذا عمل المقارض في المال عاما كاملا وجبت الزكاة في المال كله سواء كان في حصة العامل نصاب أم لم يكن مثال ذلك أن يكون المال عشرين مثقالا وقد تعاملا على النصف فزكاة جميع ذلك المال ثلاثة ارباعه على رب المال وعلى العامل ربعه فإن تقاسما قبل حلول الحول بنى رب المال على حوله واستقبل العامل بحصته حولا وإن كان المال كله نصابا الا ان حصة رب المال دون النصاب فلا زكاة فيه عند ابن القاسم وقال سحنون وغيره فيه الزكاة إذا كان جميعه نصابا ولا يجوز أن يشترط رب المال زكاة المال كله على العامل في حصته ولا بأس أن يشترط كل واحد منهما زكاة الربح على الآخر في حصته منه لأنه جزء معلوم فإن لم يكن المال نصابا والمسألة بحالها فجزء الزكاة لمن اشترطه وإذا كان رب المال عبدا أو مديانا فلا زكاة في المال وسواء كان العامل حرا غير مدين أم لم يكن فإن كان العامل في المال عبدا أو مديانا فلا زكاة عليه في حصته من الربح وإذا اشترى العامل بالقراض غنما فزكاها ففيها روايتان إحداهما أن الزكاة على رب المال من رأس ماله والأخرى أنها ملغاة من الربح ثم يقتسمان الفضل بعد ذلك
● [ باب تعدي العامل في مال القراض ] ●
وإذا اشترى العامل من مال القراض جارية فوطئها فلم تحمل فهي على القراض بينهما ولا حد عليه في وطئها وإن حملت ففيها روايتان احدهما أنها تكون أم ولد ويغرم ثمنها والأخرى أن ولدها حر وهي رقيق تباع في القراض ولا تكون أم ولد لواطئها وإذا اشترى العامل في القراض بالمال عبدا ممن يعتق على رب المال جاهلا بذلك فهو حر على رب المال وللعامل حصته من الربح ان كان في المال ربح وإن كان عالما بذلك فهو حر على العامل وهو ضامن لرب المال ثمنه وولاءه لرب المال لإنه إذا علم صار في حكم من اعتق من غيره وغير مالك يخالف في ذلك ولو اشترى العامل عبدا ممن يعتق عليه وفيه فضل وهو موسر عتق عليه وغرم لرب المال نصيبه وإن لم يكن فيه فضل وهو موسر ففيها قولان أحدهما أنه لا يعتق والآخر أنه يعتق عليه ويغرم لرب المال ثمنه وإن كان العامل معسرا أو لم يكن فيه فضل لم يعتق شيء منه وإن كان فيه فضل عتق عليه نصيبه من الفضل ولم يعتق عليه باقيه وبالله التوفيق
● ● ● [ كتاب الشركة ] ● ● ●
باب الشركة وما يجوز فيها من الأموال
باب الشركة وما يجوز فيها من الأموال
اصل الشركة التساوي في رؤوس المال والأعمال والوضعية والربح فإن اختلفت مقادير رؤوس أموال الشريكين كان الربح والوضعية على قدر رأس مال كل واحد منهما ووجه الشركة أن يشتركا في جنس واحد من المال دراهم كان أو دنانير أو عروضا أو طعاما على اختلاف من قول مالك في الطعام وهذا هو المعمول به اذا اعتدلا في وزن ذلك او كيله وعينه وجنسه وصفته ويستويان في ذلك ويعملان على أن يبيع كل واحد منهما نصف ما أخرجه بنصف ما أخرج صاحبه قال ابن القاسم إذا كان الطعام نوعا واحدا متساويا في الجودة والمكيلة فلا باس بالشركة ويخلطان الذهب والورق ولا بأس أن يخلطاهما إذا ابرزاهما قال مالك ولو جعل كل واحد من الشريكين ماله في صرة على حدة ثم قبض أحد الشريكين الصريتن وذهبت عنده احدن الصرتين فالمصيبة منهما جميعا وإن لم يخلطا اذا ابرزا ذلك وصار عند أحدهما ولو جعل أحدهما خمسمائة درهم وخمسين دينارا عيونا وجعل الآخر خمسمائة درهم وخمسين دينارا مثلها جاز ولو جعل احدهما خمسمائة درهم والآخر خمسين دينارا لم يجز وسواء باعه نصف الدراهم بنصف الدنانير أو لم يبعه لإنه صرف وشركة ولا يجوز عند مالك وأكثر أصحابه أن يجتمعا لإن الصرف عندهم لا يجوز معه عقد غيره فهذا لا يجوز أن يخرج أحدهما ذهبا بقيمة ورق صاحبه ويجوز عند أشهب أن يخرج أحدهما ذهبا والآخر ورقا على أن يبيع كل واحد منهما بنصف مال صاحبه إذا اعتدلا في المال والربح بينهما نصفان والوضيعة مثل ذلك ويكون عملهما سواء أو قريبا من السواء وإن لم يعتدلا في المال فالربح والعمل بينهما على قدر رؤوس أموالهما ولا يجوز أن يكون المال من الشريكين متفاضلا والربح متماثلا ولا أن يكون المال متماثلا والربح متفاضلا ولو أخرج أحدهما الفا والآخر ألفين وعملا فيه معتدلين وشرطا أن الربح بينهما نصفان لم يجز وكان الربح والخسران بينهما على قدر المالين ورجع صاحب الألف على صاحب الألفين وأجرة المثل في حصة الألف ولا بأس بالشركة على أن يخرج أحدهما طعاما أو عروضا والآخر دنانير أو دراهم ويشتركان على القيم فإن اعتدلت قيمة الطعام أو العروض مع المال فجائز على أن الربح والوضيعة بينهما سواء والعمل أيضا بينهما بالسوية ولا يجوز أن يأتي أحدهما بدراهم مسكوكة والآخر بسبائك أو بتبر غير مسكوك ولو اشتركا بعيون ذهب أو ورق مختلفة العيون والسكك الا ان مخرجهما ووزنهما واحد جاز ذلك فإن كان لعيون احدهما فضل وقد استويا فيهما ثم افترقا وفي أيديهما ناض أو عروض اقتسما على وزن مال كل واحد منهما ولم يلتفت إلى فضل عيون احدهما ولا يجوز أن يعطي لفضل عيونه شيئا زائدا لان الزيادة في ذلك ربا ولا بأس بالشركة بالعرض مثله أو مخالفا له على أن الربح والوضيعة والعمل على كل واحد منهما على قد قيمة ماله ولا تجوز الشركة بالطعام إذا اختلف مثل القمح والشعير أو صنف من القمح بغيره أو عدس بفول أو تمر بزبيب أو زيت بسمن أو عسل أو سمن بقر بسمن غنم أو زيت أحمر بأسود أو شيء بشيء من صنفه ليس مثله في عينه وجودته وحاله ولا تجوز الشركة بهذا كله وما كان مثله لا على الكيل ولا على القيمة وإذا اشتركا بعرضين مختلفين على القيم وباع كل واحد منهما عرضه بأكثر مما قومه به فإنما لكل واحد منهما قدر عرضه يوم قوم وليس له ما بيع به إذا تقاوما في أصل الشركة لأن كل واحد منهما باع نصف عرضه بنصف عرض صاحبه فصار لكل واحد منهما من كل عرض نصفه إلا ترى أنه لو نزل بأحد العرضين تلف لكان بينهما ولو اشتركا في عرضين شركة فاسدة ثم افترقا لم يلتفت في هذه الى ما قوما به ورجع كل واحد منهما إلى الثمن الذي بيع به عرضه فاقتسما عليه الربح ولو اخرج أحدهما أكثر من الذي أخرج صاحبه واشترطا ان يكون الربح بينهما سواء لم يجز ورد حتى يكون الربح والوضيعة بينهما على قدر رؤوس أموالهما ولصاحب القليل أجر مثله في نصف فضل مال صاحبه إن كانا استويا في العمل
● [ باب تصرف الشريك في مال الشركة ] ●
وما يلزمه في ذلك
وما يلزمه في ذلك
وإذا اشتركا شركة عنان في سلعة موصوفة أو بعينها لم يكن لأحدهما بيعها بغير اذن صاحبه وهذه شركة الاعيان في كل شيء معين معلوم يشتريانه وأما شركة المفاوضة فهي أن يفوض كل واحد منهما النظر الى صاحبه بما رآه فيميز بين ما شراه من أنواع تجرهما وما باع كل واحد منهما واشترى فهو جائز على صاحبه ونفقتهما جميعا من المال لأنهما يعملان جميعا فيه فإن كانت نفقة احدهما أكثر من نفقة صاحبه لعيال أو غير ذلك حسبت على كل واحد منهما نفقته في نفسه وعياله وما انفرد به واحد منهما من عمل في غير تجرهما مثل قراض يأخذه لا يشغله عن عمله أو حرث يقيمه منفردا به لم يشركه صاحبه في شيء منه فهو كالميراث يرثه وما اشتراه أحدهما من طعام لمنزله وكسوته فهو له خاصة وإن طلب صاحبه نصفه لم يحكم له به وحسبه أن يأخذ من المال مثل ما أخذ صاحبه وإذا افترقا اقتسما كل مالهما من العين والدين وسائر مالهما نصفين ولا يجوز أن يخرج أحدهما إلى رجل في دين والآخر إلى غيره في مثله ولا يجوز لأحدهما في المال أن يهب ولا أن يحابي ولا يصنع معروفا إلا بإذن صاحبه إلا أن يكون مما يعود على متجرهما فيه عائدة فيستغني في ذلك عن إذن صاحبه والشركاء أمناء بعضهم على بعض ما أدعى أحدهم من تلف مال او وضيعة فهو مصدق ما لم يبين خلاف قوله وإن اتهم حلف
● [ باب شركة الذمم وشركة الأبدان في الأعمال ] ●
لا تجوز الشركة على الذمم إلا بالأموال وصناعات الأيدي في الأعمال إذا اتفقت واجتمع الشركان في موضع واحد ويجوز عند مالك شركة الابدان كالمعلمين والمطببين والخياطين والصباغين والحدادين والغواصين في البحر والصيادين إذا كان كل واحد منهما يعمل في مثل عمل صاحبه وفي موضع واحد فإن لم يكونا في موضع واحد لم يجز وكذلك إن لم يعملا عملا واحدا لم يجز ولا بأس أن يشتركا في العمل الواحد على السواء وإن كان احدهما أفضل عملا من صاحبه إذا اشترطت المساواة في العمل واشتركا في ذلك على غير السوية مثل أن يكون لأحدهما الثلث وللآخر الثلثان ونحو ذلك من التفاضل لم يجز إلا أن يكون العمل بقدر ذلك الجزء فإن كان عمله بقدر ذلك الجزء جازت الشركة ولو اصطاد احد الصيادين الطير والآخر الحيتان لم يجز وكذلك إن كانت الصنعة واحدة في مكانين مفترقين لم يجز وفي كتاب الاقضية قسمة الشركاء للديون ودخول بعضهم على بعض فيما قبض أحدهم بإذن صاحبه وبغير إذنه
● ● ● [ كتاب الوكالات ] ● ● ●
باب ما تنعقد به الوكالة وتصرف الوكيل
باب ما تنعقد به الوكالة وتصرف الوكيل