بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة السيرة والتاريخ
تاريخ الخلفاء للسيوطيي
بقية الخلفاء بعد انقطاع الخلافة وخاتمة الكتاب
● [ المتوكل على الله ] ●
763هـ ـ 805هـ
المتوكل على الله : أبو عبد الله بن محمد بن المعتضد والد خلفاء العصر
ولي الخلافة بعهد من أبيه بعد موته في جمادى الأولى سنة ثلاث و ستين و سبعمائة و امتدت أيامه خمسا و أربعين سنة بما تخللها من خلع و حبس كما سنذكره و أعقب أولادا كثيرة يقال : إنه جاء له مائة ولد ما بين مولود و سقط و مات عن عدة ذكور و إناث و ولي الخلافة منهم خمسة و لا نظير لذلك : المستعين العباس و المعتضد داود و المستكفي سليمان و القائم حمزة و المستنجد يوسف و بقي من أولاده الآن واحد يسمى موسى ما أشبهه بإبراهيم بن المستكفي و الموجود الآن من العباسيين كلهم من ذرية المتوكل هذا أكثر الله عددهم و زاد مددهم و من الحوادث في أيامه : في سنة أربع و ستين خلع المنصور محمد و ولي شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون و لقب الأشرف
و في سنة ثلاث و سبعين أحدثت العلامة الخضراء على عمائم الشرفاء ليتميزوا بها بأمر السلطان و هذا أول ما أحدث
و قال في ذلك أبو عبد الله بن جابر الأعمى النحوي صاحب شرح الألفية المشهور بالأعمى و البصير :
( جعلوا لأبناء الرسول علامة ... إن العلامة شأن من لم يشهر )
( نور النبوة في كريم وجوههم ... يغني الشريف عن الطراز الأخضر )
و في هذه السنة كان ابتداء خروج الطاغية تمرلنك الذي أخرب البلاد و أباد العباد و استمر يعثو في الأرض بالفساد إلى أن هلك إلى لعنة الله في سنة ثلاث و سبعين و ثمانمائة ؟ و فيه قيل شعر :
( لقد فعلوا فعل التتار و لو رأوا ... فعال تمرلنك إذ كان أعظما )
( و طائره في جلق كان أشأما )
و كان أصله من أبناء الفلاحين و نشأ يسرق و يقطع الطريق ثم انضم إلى خدمة صاحب السلطان ثم قرر مكانه بعد موته و ما زال يترقى إلى أن وصل إلى ما وصل قيل لبعضهم : في أي سنة كان ابتداء خروج تمرلنك ؟ فال : في سنة عذاب ـ يعني بحساب الجمل ثلاثا و سبعين و سبعمائة
و في سنة خمس و سبعين ابتدئت قراءة البخاري في رمضان بالقلعة بحضرة السلطان و رتب الخافظ زين الدين العراقي قارئا ثم أشرك معه الشهاب العرياني يوما بيوم و في سنة سبع و سبعين غلا البيض بدمشق فبيعت الواحدة بثلاثة دراهم من حساب ستين بدينار
و في سنة ثمان و سبعين قتل الأشرف شعبان و تسلطن ابنه علي و لقب المنصور و ذلك أن الأشرف سافر إلى الحج و معه الخليفة و القضاة و الأمراء فخامر عليه الأمراء و فر راجعا إلى القاهرة و رجع الخليفة و من رجع و أرادوا أن يسلطنوا الخليفة فامتنع فسلطنوا ابن الأشرف و اختفى الأشرف إلى أن ظفروا به فخنقوه في ذي العقدة
و فيها خسف الشمس و القمر جميعا و طلع القمر خاسفا في شعبان ليلة أربع عشرة وكسفت الشمس يوم الثامن و العشرين منه
و في سنة تسع و سبعين في رابع ربيع الأول طاب أيبك البدري أتابك العساكر زكرياء بن إبراهيم بن المستمسك الخليفة الحاكم فخلع عليه و استقر خليفة بغير مبايعة و لا اجماع و لقب [ المستعصم بالله ] و رسم بخروج المتوكل إلى قوص لأمور حقدها عليه وقعت منه قتل الأشرف فخرج و عاد من الغد إلى بيته ثم عاد إلى الخلافة في العشرين من الشهر و عزل المستعصم فكانت مدة خلافته خمسة عشر يوما
و المتوكل هو سادس الخلفاء الذين سكنوا مصر و أقيموا بعد انقطاع الخلافة مدة فحصل له هذا الخلع توفية بالقاعدة
و في سنة اثنتين و ثمانين ورد كتاب من حلب يتضمن أن إماما قام يصلي و أن شخصا عبث به في صلاته فلم يقطع الإمام الصلاة حتى فرغ و حين سلم انقلب وجه العابث وجه خنزير و هرب إلى غابة هناك فعجب الناس من هذا الأمر و كتب بذلك محضر
و في صفر سنة ثلاث و ثمانين مات المنصور و تسلطن أخوه حاجي بن الأشرف و لقب [ الصالح ]
و في رمضان سنة أربع و ثمانين خلع الصالح و تسلطن برقوق و لقب [ الظاهر ] و هو أول من تسلطن من الجراكسة
و في رجب سنة خمس و ثمانين قبض برقوق على الخليفة المتوكل و خلعه و حبسه بقلعة الجبل و بويع بالخلافة محمد بن إبراهيم بن المستمسك بن الحاكم و لقب [ الواثق بالله ] فاستمر في الخلافة إلى أن مات يوم الأربعاء سابع عشري شوال سنة ثمان و ثمانين فكلم الناس برقوقا في إعادة المتوكل إلى الخلافة فلم يقبل و أحضر أخا محمد زكرياء الذي كان ولي تلك الأيام اليسيرة فبايعه و لقب [ المستعصم بالله ] و استمر إلى سنة إحدى و تسعين فندم برقوق على ما فعل بالمتوكل و أخرج المتوكل من الحبس و أعاده إلى الخلافة و خلع زكرياء و استمر زكرياء بداره إلى أن مات مخلوعا و استمر المتوكل في الخلافة إلى أن مات
و في جمادى الآخرة من السنة أعيد الصالح حاجي إلى السلطنة و غير لقبه المنصور و حبس برقوق بالكرك
و في هذه السنة في شعبان أحدث المؤذنون عقب الأذان الصلاة و التسليم على النبي صلى الله عليه و سلم و هذا أول ما أحدث و كان الآمر به المحتسب نجم الدين الطنبذي
و في صفر سنة اثنتين و تسعين أخرج برقوق من الحبس و عاد إلى مكة فاستمر إلى أن مات في شوال سنة إحدى و ثمانمائة فأقيم مكانه في السلطنة ابنه فرج و لقب [ الناصر ] فاستمر إلى سادس ربيع الأول سنة ثمان و ثمانمائة فخلع من الملك و أقيم أخوه عبد العزيز و لقب [ المنصور ] ثم خلع في رابع جمادى الآخرة من السنة و أعيد الناصر فرج
و في السنة مات الخليفة المتوكل ليلة الثلاثاء ثامن عشري رجب سنة ثمان و ثمانمائة
و ممن مات في أيام المتوكل من الأعلام : الشمس ابن مفلح عالم الحنابلة و الصلاح الصفدي و الشهاب ابن النقيب و المحب ناظر الجيش و الشريف الحسيني الحافظ و القطب التختاني و قاضي القضاة عز الدين بن جماعة و التاج ابن السبكي و أخوه الشيخ بهاء الدين و الجمال الأسنوي و ابن الصائغ الحنفي و الجمال ابن نباتة و العفيف اليافعي و الجمال الشريشي و الشرف ابن قاضي الجبل و السراج الهندي و ابن أبي حجلة و الحافظ تقي الدين بن رافع و الحافظ عماد الدين بن كثير و العتابي النحوي و البهاء أبو البقاء السبكي و الشمس بن خطيب يبرود و العماد الحسباني و البدر بن حبيب و الضياء القرمي و الشهاب الأذرعي و الشيخ أكمل الدين و الشيخ سعد الدين التفتازاني و البدر الزركشي و السراج ابن الماقن و السراج البلقيني و الحافظ زين الدين العراقي
● [ الواثق بالله ] ●
805هـ ـ 808هـ
الواثق بالله : عمر بن إبراهيم ابن ولي العهد المستمسك بن الحاكم
بويع بالخلافة بعد خلع المتوكل في شهر رجب سنة خمس و ثمانين و استمر إلى أن مات يوم الأربعاء تاسع عشر شوال سنة ثمان و ثمانين
● [ المستعصم بالله ] ●
808هـ ـ 891هـالمستعصم بالله : زكريا بن إبراهيم بن المستمسك
بويع بالخلافة بعد موت أخيه الواثق ثم خلع منها في سنة إحدى و تسعين و ثمانمائة و استمر بداره فخلوعا إلى أن مات و أعيد المتوكل كما تقدم
● [ المستعين بالله ] ●
808هـ ـ 815هـالمستعين بالله : أبو الفضل العباس بن المتوكل أمه أم ولد تركية اسمها باي خاتون
بويع بالخلافة بعهد من أبيه في رجب سنة ثمان و ثمانمائة و السلطان يومئذ الملك الناصر فرج فلما خرج الناصر لقتال شيخ المحمودي فلما انكسر و هزم و قتل بويع الخليفة بالسلطنة مضافة للخلافة و ذلك في المحرم سنة خمس عشرة و لم يفعل ذلك إلا بعد شدة و تصميم و توثق من الأمراء بالأيمان و عاد إلى مصر و الأمراء في خدمته و تصرف بالولاية و العزل و ضربت السكة باسمه و لم يغير لقبه
و عمل شيخ الإسلام ابن حجر في قصيدته المشهورة و هي هذه :
( الملك فينا ثابت الأساس ... بالمستعين العادل العباسي )
( رجعت مكانه آل عم المصطفى ... لمحلها من بعد طول تناس )
( ثاني ربيع الآخر الميمون في ... يوم الثلاثا حف بالأعراس )
( بقدوم مهدي الأنام أمينهم ... مأمون غيب طاهر الأنفاس )
( ذو البيت طاف به الرجال فهل يرى ... من قاصد متردد في الياس )
( فرع نما من هاشم في روضه ... زاكي المنابت طيب الأغراس )
( بالمرتضى و المجتبى و المشتري ... للحمد و الحالي به و الكاسي )
( من أسرة أسروا الخطوب و طهروا ... مما يغيرهم من الأدناس )
( أسد إذا حضروا الوغى و إذا خلوا ... كانوا بمجلسهم كظبي كناس )
( مثل الكواكب نوره ما بينهم ... كالبدر أشرق في دجى الأغلاس )
( و بكفه عند العلامة آية ... قلم يضيء إضاءة المقباس )
( فلبشره للوافدين مباسم ... تدعى و للإجلال بالعباس )
( فالحمد لله المعز لدينه ... من بعد ما قد كان في إبلاس )
( بالسادة الأمراء أركان العلى ... من بين مدرك ثأره و مواس )
( نهضوا بأعباء المناقب و ارتقوا ... في منصب العليا الأشم الراسي )
( تركوا العدى صرعى بمعترك الردى ... فالله يحرسهم من الوسواس )
( و إمامهم بجلاله متقدم ... تقديم [ بسم الله ] في القرطاس )
( لولا نظام الملك في تدبيره ... لم يستقم في الملك حال الناس )
( كم من أمير قبله خطب العلى ... و بجهده رجعته بالإفلاس )
( حتى إذا جاء المعالي كفؤها ... خضعت له من بعد فرط شماس )
( طاعت له أيدي الملوك و أذعنت ... من نيل مصر أصابع المقياس )
( فهو الذي قد رد عنا البؤس في ... دهر به لولاه كل الباس )
( و أزال ظلما عم كل معمم ... من سائر الأنواع و الأجناس )
( بالخاذل المدعو ضد فعاله ... بالناصر المتناقض الآساس )
( كم نعمة لله كانت عنده ... فكأنها في غربة و تناس )
( ما زال سر الشر بين ضلوعه ... كالنار أو صحبته للأرماس )
( كم سن سيئة عليه أثامها ... حتى القيامة ما له من آس )
( مكرا بنى أركانه لكنها ... للغدر قد بنيت بغير أساس )
( كل امرىء ينسى و يذكره تارة ... لكنه للشر ليس بناس )
( أملى له رب الورى حتى إذا ... أخذوه لم يفلته مر الكاس )
( و أدالنا منه المليك بمالك ... أيامه صدرت بغير قياس )
( فاستبشرت أم القرى و الأرض من ... شرق و غرب كالعذيب و فاس )
( آيات مجد لا يحاول جحدها ... في الناس غير الجاهل الخناس )
( و مناقب العباس لم تجمع سوى ... لحفيده ملك الورى العباس )
( لا تنكروا للمستعين رئاسة ... في الملك من بعد الجحود الناسي )
( فبنوا أمية قد أتى من بعدهم ... في سالف الدنيا بنو العباس )
( و أتى أشج بني أمية ناشرا ... للعدل من بعد المبير الخاسي )
( مولاي عبدك قد أتى لك راجيا ... منك القبول فلا يرى من باس )
( لو لا المهابة طولت أمداحه ... لكنها جاءته بالقسطاس )
( فأدام رب الناس عزك دائما ... بالحق محروسا برب الناس )
( و بقيت تستمع المديح لخادم ... لولاك كان من الهموم يقاسي )
( عبد صفا ودا و زمزم حاديا ... و سعى على العينين قبل الراس )
( أمداحه في آل بيت محمد ... بين الورى مسكية الأنفاس )
و لما وصل المستعين إلى مصر سكن القلعة و سكن شيخ الاصطبل و فوض إليه المستعين تدبير المملكة بالديار المصرية و لقب [ نظام الملك ] فكانت الأمراء إذا فرغوا من الخدمة بالقصر نزلوا في خدمة الشيخ إلى الاصطبل فأعيدت الخدمة عنده و يقع عنده الإبرام و النقض ثم يتوجه داوداره إلى المستعين فيعلم على المناشير و التواقيع ثم أنه تقدم إليه بأن لا يمكن الخليفة من كتابة العلامة إلا بعد عرضها عليه فاستوحش الخليفة و ضاق صدره و كثر قلقه
فلما كان في شعبان سأل شيخ الخليفة أن يفوض إليه السلطنة على العادة فأجاب بشط أن ينزل من القلعة إلى بيته فلم يوافقه شيخ على ذلك و تغلب على السلطنة و تلقب ب [ المؤيد ] و صرح بخلع المستعين
و بايع بالخلافة أخاه داود و نقل المستعين من القصر إلى دار من دور القلعة و معه أهله و وكل به من يمنعه الاجتماع بالناس فبلغ ذلك نوروز نائب الشام فجمع القضاة و العلماء و استفتاهم عما صنعه المؤيد من خلع الخليفة و حصره فأفتوا بأن ذلك لا يجوز فأجمع على قتال المؤيد فخرج إليه المؤيد في سنة سبع عشرة و ثمانمائة و سير المستعين إلى الاسكندرية فاعتقل بها إلى أن تولى ططر فأطلقه و أذن له في المجيء إلى القاهرة فاختار سكنى الإسكندرية لأنه استطابها و حصل له مال كثير من التجارة فاستمر إلى أن مات بها شهيدا بالطاعون في جمادى الآخرة سنة ثلاث و ثلاثين
و من الحوادث الغريبة في أيامه : في سنة اثنتي عشرة كثر النيل في أول يوم من مسرى و بلغت الزيادة اثنتين و عشرين ذراعا
و في سنة أربع عشرة أرسل غياث الدين أعظم شاه بن إسكندر شاه ملك الهند يطلب التقليد من الخليفة و أرسل إليه مالا و للسلطان هدية
و ممن مات في خلافته من الأعلام : الموفق الناشري شاعر اليمن و نصر الله البغدادي عالم الحنابلة و الشمس المعيد نحوي مكة و الشهاب الحسباني و الشهاب الناشري فقيه اليمن و ابن الهائم صاحب الفرائض و الحساب و ابن العفيف شاعر اليمن و المحب ابن الشحنة عالم الحنفية والد قاضي العسكر
● [ المعتضد بالله ] ●
815 هـ ـ 824 هـالمعتضد بالله : أبو الفتح داود بن المتوكل أمه أم ولد تركية اسمها كزل
بويع بالخلافة بعد خلع أبيه سنة خمس عشرة و السلطان حينئذ المؤيد فاستمر إلى أن مات في محرم سنة أربع و عشرين فقلد السلطنة ابنه أحمد و لقب [ المظفر ] و جعل نظامه ططر ثم قبض عليه ططر في شعبان فقلد الخليفة السلطنة و لقب [ الظاهر ] ثم مات ططر من عامه في ذي الحجة فقلد ابنه محمدا و لقب [ الصالح ] و جعل نظامه برسباي
ثم وثب برسباي على الصالح فخلعه و قلده الخليفة السلطنة في ربيع الآخر سنة خمس و عشرين فاستمر إلى أن مات في ذي الحجة سنة إحدى و أربعين فقلد ابنه يوسف و لقب [ العزيز ] و جعل جقمق نظامه فوثب جقمق على العزيز و قبض عليه في ربيع الأول سنة اثنتين و أربعين فقلد الخليفة و لقب [ الظاهر ] فمات الخليفة في أيامه
و كان المعتضد من سروات الخلفاء نبيلا ذكيا فطنا يجالس العلماء و الفضلاء و يستفيد منهم و يشاركهم فيما هم فيه جوادا سمحا إلى الغاية
مات في يوم الأحد رابع ربيع الأول سنة خمس و أربعين و قد قارب السبعين قاله ابن حجر و أخبرتني ابنة أخيه أنه عاش ثلاثا و ستين
و من الحوادث الغريبة في أيامه : سنة ست عشرة تولى الحسبة صدر الدين ابن الآدمي مضافة للقضاء و هو أول من جمع بين القضاء و الحسبة
و فيها سنة تسع عشرة وليها منكلى بغا و هو أول من ولي الحسبة من الأتراك في الدنيا و فيها ظهر بمصر شخص يدعي أنه يصعد إلى السماء و يشاهد الباري تعالى و يكلمه و اعتقده جمع من العوام فعقد له مجلس و استتيب فلم يتب فعلق المالكي الحاكم بقتله على شهادة اثنين بأنه حاضر العقل فشهد جماعة من أهل الطب أنه مختل العقل فقيد في البيمارستان
و في سنة إحدى و عشرين ولدت ببلبيس جاموسة مولودا برأسين و عنقين و أربعة أيد و سلسلتي ظهر و دبر واحد و رجلين اثنتين لا غير و فرج واحد أثنى و الذنب المفروق باثنتين فكانت من بديع صنع الله
و في سنة اثنتين و عشرين وقع زلزلة عظيمة بارزنكان و هلك بسببها عالم كثير و فيها تمت المدرسة المؤيدية و جعل شيخها الشمس ابن المديري و حضر السلطان درسه و باشر ولد السلطان إبراهيم فرش سجادة الشيخ بيده
و في سنة ثلاث و عشرين ذبح جمل بغزة فأضاء لحمه كما يضيء الشمع و رمي منه قطعة لكلب فلم يأكلها
و في سنة أربع و عشرين استمرت زيادة النيل إلى آخر هاتور و غرق بذلك زرع كثير
و في سنة خمس و عشرين ولدت فاطمة بنت القاضي جلال الدين البلقيني ولدا خنثى له ذكر و فرج و له يدان زائدتان في كفه و في رأسه قرنان كقرني الثور مات بعد ساعة
و فيها زلزلت القاهرة زلزلة لطيفة
و فيها كثر النيل في ثامن عشري أبيب
و ممن مات في أيامه من الأعلام : الشهاب ابن حجة فقيه الشام و البرهان بن رفاعة الأديب و الزين أبو بكر المراغي فقيه المدينة و محدثها و الحسام الأبيودري و الجمال ابن ظهيرة حافظ مكة و المجد الشيرازي صاحب القاموس و خلف النحريري من كبار المالكية و الشمس ابن القباني من كبار الحنيفة و أبو هريرة بن النقاش و الوانوغي و الأستاذ عز الدين بن جماعة و ابن هشام العجمي و الصلاح الأفقهسي و الشهاب الغزي أحد أئمة الشافعية و الجلال البلقيني و البرهان البيجوري و الوالي العراقي و الشمس ابن المديري و الشرف القباني و العلاء بن المعلى و البدر بن الدماميني و التقي الحصني شارح أبي شجاع و الهروي و السراج قارىء الهداية و المنجم ابن حجي و البدر البشتكي و الشمس البرماوي و الشمس الشطنوفي و التقي الفاسي و الزين القمني و النظام يحيى السيرافي و قراء يعقوب الرومي و الشرف ابن مفلح الحنبلي و الشمس ابن القيشري و ابن الجزري شيخ القراءات و ابن خطيب الدهشة و الشهاب الإبشيطي و الزين التفهني و البدر القدسي و الشرف بن المقري عالم اليمن صاحب [ عنوان الشرف ] و التقي ابن حجة الشاعر و الجلال المرشدي نحوي مكة و الهمام الشيرازي تلميذ الشريف و الجمال ابن الخياط عالم اليمن و البوصيري المحدث والشهاب ابن الحمرة و العلاء البخاري و الشمس البساطي و الجمال الكازروني عالم طيبة و المحب البغدادي الحنبلي و الشمس ابن عمار و آخرون
● [ المستكفي بالله ] ●
825 هـ ـ 854 هـالمستكفي بالله : أبو الربيع سليمان بن المتوكل
ولي الخلافة بعهد من أخيه و هو شقيقه و كتب له والدي رحمه الله نسخة العهد
و هذه صورتها : هذا ما أشهد به على نفسه الشريفة حرسها الله تعالى و حماها و صانها من الأكدار و رعاها سيدنا و مولانا ذو المواقف الشريفة الطاهرة الزكية و الإمامية الأعظمية العباسية النبوية المعتضدية أمير المؤمنين و ابن عم سيد المرسلين و وارث الخلفاء الراشدين المعتضد بالله تعالى أبو الفتح داود أعز الله به الدين و أمتع ببقائه الإسلام و المسلمين أنه عهد إلى شقيقه المقر العالي المولوي الأصلي العريقي الحسيبي النسيبس الملكي : سيدي أبي الربيع سليمان المستكفي بالله عظم الله شأنه بالخلافة المعظمة و جعله خليفة بعده و نصبه إماما على المسلمين و عهدا شرعيا معتبرا مرضيا نصيحة المسلمين و وفاء بما يجب عليه من مراعاة مصالح الموحدين و اقتداء بسنة الخلفاء الراشدين و الأئمة الهديين و ذلك لما علم من دينه و خيره و عدالته و كفايته و أهليته و استحقاقه بحكم أنه اختبر حالة و علم طويته و أن الذي يدين الله به أنه أتقى ممن رآه و أنه لا يعلم صدر منه ما ينافي استحقاقه لذلك و أنه إن ترك الأمر هملا من غير تفويض للمشار إليه أدخل إذ ذاك المشقة على أهل الحل و العقد في اختيار من ينصبونه للإمامة و يرتضونه لهذا الشأن فبادر إلى هذا العهد شفقة عليهم و قصدا لبراءة ذمتهم و وصول الأمر إلى من و أهله لعمله أن العهد كان غير محوج إلى رضا سائر أهله و واجب على من سمعه و تحمل ذلك من أن يعمل به و يأمر بطاعته عند الحاجة إليه و يدعو الناس إلى الانقياد له فسجل ذلك عليه من حضره حسب إذنه الشريف و سطر عن أمره قبل ذلك سيدي المستكفي أبو الربيع سليمان المسمى فيه عظم الله شأنه قبولا شرعيا
و كان من صلحاء الخلفاء صالحا دينا عابدا كثير التعبد و الصلاة و التلاوة كثير الصمت منعزلا عن الناس حسن السيرة
و قال في حقه أخوه المعتضد : لم أر على أخي سليمان منذ نشأ كبيرة
و كان الملك الظاهر يعتقده و يعرف له حقه و كان والدي إماما له و كان عنده بمكان رفيع خصيصا به محترما عنده جدا و أما نحن فلم ننشأ إلا في بيته و فضله و آله خير آل دينا و عبادة و خيرا و ما أظن أنه وجد على ظهر الأرض خليفة بعد آل عمر بن عبد العزيز أعبد من آل بيت هذا الخليفة
مات في الجمعة سلخ ذي الحجة سنة أربع و خمسين و له ثلاث و ستون سنة و لم يعش والدي بعده إلا أربعين يوما و مشى السلطان في جنازته إلى تربته و حمل نعشه بنفسه
مات في أيامه من الأعلام : التقي المقريزي و الشيخ عبادة و ابن كميل الشاعر و الوفائي و القاياتي و شيخ الإسلام ابن حجر
● [ القائم بأمر الله ] ●
854 هـ ـ 859 هـالقائم بأمر الله : أبو البقاء حمزة بن المتوكل
بويع بالخلافة بعد أخيه و لم يكن عهد إليه و لا إلى غيره و كان شهما صارما أقام أبهة الخلافة قليلا و عنده جبروت بخلاف سائر إخوته و مات في أيامه الملك الظاهر جقمق في أول سنة سبع و خمسين فقلد ابنه عثمان و لقب [ المنصور ] فمكث شهرا و نصفا ثم وثب إينال على المنصور فقبض عليه فقلد الخليفة في ربيع الأول و لقب [ الأشرف ] ثم وقع بين الخليفة و الأشرف بسبب ركوب الجند عليه فخلعه من الخلافة في جمادى سنة تسع و خمسين و سيره إلى الإسكندرية و اعتقله بها إلى أن مات بها في سنة ثلاث و ستين و دفن عند شقيقه المستعين
و العجب أن هذين الأخوين الشقيقين خلعا من الخلافة و اعتقل كل منهما الإسكندرية و دفنا معا
مات في أيام القائم من الأعلام : و الدي و العلاء القلقشندي
● [ المستنجد بالله ] ●
859 هـ ـ 884 هـالمستنجد بالله خليفة العصر : أبو المحاسن يوسف بن المتوكل على الله ولي الخلافة بعد خلع أخيه و السلطان يومئذ الأشرف إينال فمات في سنة خمس و ستين فقلد ابنه أحمد و لقب [ المؤيد ] ثم وثب خشقدم على المؤيد فقبضه في رمضان من عامه فقلده و لقب [ الظاهر ] و استمر إلى أن مات في ربيع الأول سنة اثنتين و سبعين فقلد بلباي و لقب [ الظاهر ] فوثق عليه الجند بعد شهرين و قبضوه فقلد تمربغا و لقب [ الظاهر ] فوثبوا عليه أيضا بعد شهرين فقلد سلطان العصر قايتباي لقب [ الأشرف ] فاستقر له الملك و سار في المملكة بشهامة و صرامة ما سار بها قبله ملك من عهد الناصر محمد بن قلاوون بحيث إنه مسافر من مصر إلى الفرات في طائفة يسيرة جدا من الجند ليس فيهم أحد من المقدمين الألوف
و من سيرته الجميلة : أنه لم يول بمصر صاحب وظيفة دينية ـ كالقضاة و المشايخ و المدرسين ـ و إلا أصلح الموجودين لها بعد طول تروية و تمهلة بحيث تستمر الوظيفة شاغرة الأشهر العديدة و لم يول قاضيا و لا شيخا بمال قط و كان الظاهر خشقد أول ما قلد قدم نائب الشام حاتم لموافقة كانت بينه و بين العسكر في سلطنته فأمر الظاهر ـ حين بلغه قدومه ـ بطلوع الخليفة و القضاة الأربعة و العسكر إلى القلعة و أرسل إلى نائب الشام يأمره بالانصرف بعد شروط شرطها و عاد القضاة و العسكر إلى منازلهم و استمر الخليفة ساكنا بالقلعة و لم يمكنه الظاهر من عوده إلى سكنه المعتاد فاستمر بها إلى أن مات يوم السبت رابع عشري المحرم سنة أربع و ثمانين و ثمانمائة بعد تمرضه نحو عامين بالفالج و صلي عليه بالقلعة ثم أنزل إلى مدفن الخلفاء بجوار المشهد النفيسي و قد بلغ التسعين أو جاوزها
● [ المتوكل على الله ] ●
884هـ ـ 903هـالمتوكل على الله : أبو العز عبد العزيز بن يعقوب بن المتوكل على الله
ولد سنة تسع عشرة و ثمانمائة و أمه بنت جندي اسمها حاج الملك و لم يل والده الخلافة و نشأ معظما مشارا إليه محبوبا للخاصة و العامة بخصالة الجميلة و مناقبه الحميدة و تواضعه و حسن سمته و بشاشته لكل أحد و كثرة أدبه و له اشتغال بالعلم قرأ على والدي و غيره و زوجه عمه المستكفي بابنته فأولدها ولدا صالحا فهو ابن هاشمي بين هاشميين و لما طال مرض عمه المستنجد عهد إليه بالخلافة فلما مات بويع بها يوم الأثنين سادس عشر المحرم بحضرة السلطان و القضاة و الأعيان و كان أراد أولا التقليب بـ [ المستعين بالله ] ثم وقع التردد بين المستعين و المتوكل و استقر الأمر على المتوكل ثم ركب من القلعة إلى منزله المعتاد و القضاة و المباشرون و الأعيان بين يديه و كان يوما مشهودا ثم عاد من آخر يومه إلى القلعة حيث كان المستنجد ساكنا بها
ففي هذه السنة سافر السلطان الملك الأشرف قايتباي إلى الحجاز برسم الحج و ذلك أمر لم يعهد لملك أكثر من مائة سنة فبدأ بزيارة المدينة الشريفة و فرق بها ستة آلاف دينار ثم قدم مكة و فرق بها خمسة آلاف دينار و قرر بمدرسته التي أنشأها بمكة شيخا و صوفية و حج و عاد و زينت البلد لقدومه أياما
و في سنة خمس و ثمانين خرج عسكر من مصر عليهم الدوادار يشبك إلى جهة العراق فالتقوا مع عسكر يعقوب شاه بن حسن بقرب الرها فكسر المصريون و قتل منهم من قتل و أسر الباقون و أسر الداوادار و ضرب عنقه و ذلك في النصف الثاني من رمضان و العجيب أن الداوادار هذا كان بينه و بين قاضي الحنفية شمس الدين الأمشاطي بمصر وقعة كبيرة و كل منها يود زوال الآخر فكان قتل الدوادار بشاطىء الفرات و موت الأمشاطي بمص في يوم واحد
و في سنة ست و ثمانين زلزلت الأرض يوم الأحد بعد العصر سابع عشر المحرم زلزلة صعبة ماجت منها الأرض و الجبال و الأبنية موجا و دامت لحظة لطيفة ثم سكنت فالحمد لله على سكونها بسببها شرافة من المدرسة الصالحية على قاضي القضاة الحنفي شرف الدين بن عيد فمات فأنا لله و إنا إليه راجعون
و في هذه السنة في ربيع الأول قدم إلى مصر من الهند رجل يسمى خاكي و زعم أن عمره مائتان و خمسون سنة فاجتمعت به فإذا هو رجل قوي لحيته كلها سوداء لا يجوز العقل أن عمره سبعون سنة فضلا عن أ كثر من ذلك و لم يأت بحجة على ما يدعيه و الذي أقطع به أنه كذاب و مما سمعته منه أنه قال : أنه حج و عمره ثمان عشرة سنة ثم رجع إلى الهند فسمع بذهاب التتار إلى بغداد ليخذوها و إنه قدم إلى مصر زمن السلطان حسن قبل أن يبني مدرسته و لم يذكر شيئا يستوضح به على قوله
و فيها ورد الخبير بموت السلطان محمد بن عثمان ملك الروم و أن والديه اقتتلا على الملك فغلب أحدهما و استقر في المملكة و قدم الآخر إلى مصر فأكرمه السلطان غاية الإكرام و أنزله ثم توجه من الشام إلى الحجاز برسم الحج
و في شوال قدمت كتب من المدينة الشريفة تتضمن أن في ليلة ثالث عشر رمضان نزلت صاعقة من السماء على المئذنة فأحرقتها و أحرقت سقوف المسجد الشريف و ما فيه من خزائن و كتب و لم يبق سوى الجدران و كان أمرا مهولا
مات يوم الأربعاء سلخ الهحرم سنة ثلاث و تسعمائة و عهد بالخلافة لابنه يعقوب و لقبه [ المستمسك بالله ]
و هذا آخر ما تيسر جمعه في هذا التاريخ و قد اعتمدت في الحوادث على تاريخ الذهبي و انتهى إلى سنة سبعمائة ثم على تاريخ ابن كثير و انتهى إلى سنة ثمان و ثلاثين و سبعمائة ثم على المسالك و ذيله إلى سنة ثلاث و سبعين ثم على [ أنباء الغمر ] لابن حجر إل سنة خمسين ثمانمائة
و أما غير الحوادث فطالعت عليه تاريخ بغداد للخطيب عشر مجلدات و تاريخ دمشق لابن عساكر سبعة و خمسين مجلدا و الأوراق للصولي سبع مجلدات و الطيوريات ثلاث مجلدات و الحلية لأبي نعيم تسع مجلدات و المجالسة للدينوري و الكامل للمبرد مجلدين و أمالي ثعلب مجلد و غير ذلك و قد عمل بعض الأقدمين أرجوزة في أسماء الخلفاء و وفياتهم انتهى إلى أيام المعتمد
● قصيدة للمؤلف فيها أسماء الخلفاء ووفياتهم ●وعملت قصيدة أحسن منها ورأيت أن أختم بها هذا الكتاب وهي هذه:
الحمد لله حمدا لا نفاد له . و إنما الحمد حقا رأس من شكرا
ثم الصلاة على الهادي النبي ومن . سادت بنسبته الأشراف والكبرا
إن الأمين رسول الله مبعثه . لأربعين مضت فيما رووا عمرا
وكان هجرته فيها لطيبته . بعد الثلاثة أعواما تلي عشرا
ومات في عام إحدى بعد عشرتها . فيا مصيبة أهل الأرض حين سرى
وقام من بعده الصديق مجتهدا . و في ثلاثة عشر بعده قبرا
وهو الذي جمع القرآن في صحف . وأول الناس سمى المصحف الزبرا
وقام من بعده الفاروق ثمت في . عشرين بعد ثلاث غيبوا عمرا
وهو الذي اتخذ الديوان وافترض الـ . عطاء قيل وبيت المال والدررا
سن التراويح والتاريخ وافتتح الـ . فتوح جما وزاد الحد من سكرا
وهو المسمى أمير المؤمنين ولم . يدع به قبله شخص من الأمرا
وقام عثمان حتى جاء مقتله . بعد الثلاثين في ست و قد حصرا
وهو الذي زاد في التأذين أوله . في جمعة و به رزق الأذان جرى
وأول الناس ولي صحب شرطته . حمى الحمى أقطع الإقطاع إذ كثرا
وبعد قام علي ثم مقتله . لأربعين فمن أرداه قد خسرا
ثم ابنه السبط نصف العام ثم أتى . بنو أمية يبغون الوغى زمرا
فسلم الأمر في إحدى لرغبته . عن دار دنيا بلا ضير ولا ضررا
وكان أول ذي ملك معاوية . في النصف من عام ستين الحمام عرا
وهو الذي اتخذ الخصيان من خدم . كذا البريد ولم يسبقه من أمرا
واستحلف الناس لما أن يبايعهم . والعهد قبل وفاة لابنه ابتكرا
ثم اليزيد ابنه أخبث به ولدا . في أربع بعدها ستون قد قبرا
وابن الزبير وفي سبعين مقتله . بعد ثلاث وكم بالبيت قد حصرا
وفي ثمانين مع ست تليه قضى . عبد المليك له الأمر الذي اشتهرا
ضرب الدنانير في الإسلام معلمة . وكسوة الكعبة الدبياج مؤتجرا
وهو الذي منع الناس التراجع في . وجه الخليفة مهما قال أو أمرا
وأول الناس هذا الاسم سميه . وأول الناس في الإسلام قد غدرا
ثم الوليد ابنه في قبل ما رجب . في الست من بعد تسعين انقضى عمرا
وهو الذي منع الناس النداء له . باسم وكانت تنادي باسمها الأمرا
وقام بعد سليمان الخيار وفي . تسع وتسعين جاء الموت في صفرا
وبعده عمر ذاك النجيب و في . إحدى تلي مائة قد ألحدوا عمرا
وهو الذي أمر الزهري خوف ذها . ب العلم أن يجمع الأخبار والأثرا
ثم اليزيد وفي خمس قضى وتلا . هشام في الخمس والعشرين قد سطرا
ثم الوليد و بعد العام مقتله . من بعد ما جاء بالفسق الذي شهرا
ثم اليزيد و في ذا العام مات و قد . أقام ست شهور مثل ما أثرا
وبعده قام إبراهيم ثم مضى . بالخلع سبعين يوما قد أقام ترى
وبعده قام مروان الحمار و في . ثنتين بعد ثلاثين الدماء جرى
وقام من بعده السفاح ثم قضى . بعد الثلاثين في ست و قد جدرا
وقام من بعده المنصور ثمت في . خمسين بعد ثمان محربا قبرا
وهو الذي خص أعمالا مواليه . وأهمل العرب حتى أمرهم دثرا
ثم ابنه وهو المهدي مات لدى . تسع وستين مسموما كما ذكرا
ثم ابنه وهو الهادي وموتته . في عام سبعين لما هم أن غدرا
ثم الرشيد و في تسعين تالية . ثلاثة مات في الغزو الرفيع ذرا
ثم الأمين و في تسعين تالية . ثمانيا جاءه قتل كما قدرا
وقام من بعده المأمون وثمت في . ثمان عشرة كان الموت فاعتبرا
وقام معتصم من بعده و قضى . في عام سبع وعشرين الذي أثرا
وهو الذي أدخل الأتراك منفردا . ديوانه واقتناهم جالبا و شرا
ثم ابنه الواثق المالي الورى رعبا . وفي ثلاثين مع ثنتين قد غبرا
وذو التوكل ما أزكاه من خلف . ومظهر السنة الغراء إذ نصرا
في عام سبع يليها أربعون قضى . قتلا حباه ابنه المدعو منتصرا
فلم يقم بعده إلا اليسير كما . قد سنه الله فيمن بعضه غدرا
ولمستعين و في عام اثنتين تلى . خمسين خلع و قتل جاءه زمرا
وهو الذي أحدث الأكمام واسعة . وفي القلانس عن طول أتى قصرا
وقام من بعده المعتز ثمت في . خمس و خمسين حقا قتله أثرا
والمهتدي الصالح الميمون مقتله . من بعد عام وقفى قبله عمرا
وقام من بعده بالأمر معتمد . في عام تسع و سبعين الحمام عرا
وذلك أول ذي أمر له حجروا . و أول الناس موكولا به قهرا
وقام من بعده بلأمر معتضد . وفي ثمانين مع تسع مضيت قبرا
ثم ابنه المكتفي بالله أحمد في . خمس وتسعين سبحان الذي قدرا
في عام عشرين في شوال بعد مئي . ثلاثة مقتل المدعو مقتدرا
وبعده القاهر الجبار مخلعه . في اثنتين و عشرين و قد سمرا
وقام من بعده الراضي ومات لدى . تسع وعشرين وانسب عنده أجرا
والمتقي و مضى بالخلع منسملا . من بعد أربعة الأعوام في صفرا
وقام بالأمر مستكفيهم وقفا . من بعد عام لأمر المتقي أثرا
ثم المطيع و في ستين يتبعها . ثلاثة في أخير العام قد عبرا
ثم ابنه الطائع المقهور مخلعه . عام الثمانين مع إحدى كما أثرا
ثم الإمام أبو العباس قادرهم . في اثنين من بعد عشرين مضيت قبرا
ثم ابنه قائم بالله مات لدى . سبع و ستين من شعبان قد سطرا
والمقتدي مات في سبع بأولها . بعد الثمانين جد الملك و اقتدرا
وقام من بعده مستظهر و قضى . في سادس القرن ثنتين تلي عشرا
وقام من بعده مسترشد و لدى . تسع و عشرين فيه القتل حل عرا
ثم ابنه الراشد المقهور مخلعه . من بعد عام فلا عين و لا أثرا
والمقتفي مات من بعد التمكن في . خمس وخمسين وانقادت له النصرا
وقام من بعده مستنجد و قضى . من بعد ستين في ست و قد شعرا
والمستضيء بأمر الله مات لدى . خمس و سبعين بالإحسان قد بهرا
وقام من بعده بالأمر ناصرهم . و مات ثنتين مع عشرين إذ كبرا
وقام من بعده بلأمر ظاهرهم . تسعا شهورا فأقلل مدة قصرا
وقام من بعده مستنصر و قضى . لأربعين و كم يرثيه من شعرا
وقام من بعده مستعصم و لدى . ست و خمسين كان الفتنة الكبرا
جاء التتار فأردوه و بلدته . فيلعن الله و المخلوقة التترا
مرت ثلاث سنين بعده و يلي . نصف و دهر الورى من قائم شغرا
وقام من بعد ذا مستنصر و ثوى . في آخر العام قتلا منهم و سرى
أقام ست شهور ثم راح لدى . مهل ستين لم يبلغ بها و طرا
وقام من بعده في مصر حاكمهم . على وهى لا كمن من قبله غبرا
ومات في عام إحدى بعد سبع مئي . و قام من بعد مستكفيهم و جرى
في أربعين قضى إذ قام و اثقهم . ففي اثنتين مضى خلعا من الأمرا
وقام حاكمهم من بعده و قضى . عام الثلاث مع الخمسين معتبرا
وقام من بعده بالأمر معتضد . و في الثلاثة و الستين قد عبرا
وذو التوكل يتلوه أقام إلى . بعد الثمانين في خمسين و قد حصرا
وبايعوا واثقا بالله ثمت في . عام الثمان قضى و سمه عمرا
وبايعوا بعده بالله معتصما . لعام إحدى و تسعين أزيل ورا
وذو التوكل ردوه أقام إلى . ذا القرن عام ثمان منه قد قبرا
في عهده زيد من بعد الأذان على . خير النبيين تسليم كما أمرا
وأحدث السمة الخضراء للشرفا . يا حسنها من سمات بوركت خضرا
اولاده منهم خمس مبجلة . جاؤوا الخلافة إذ كانت لهم قدرا
فالمستعين وآل الأمر أن خلعوا . في شهر شعبان في خمس تلي عشرا
وقام من بعده بلأمر معتضد . لأربعين تليها الخمسة احتضرا
وقام بلأمر مستكفيهم و قضى . في عام الأربع و الخمسين مضطبرا
وقام قائمهم من بعد ثمت في . تسع و خمسين بعد الخلع قد حصرا
وقام من بعده مستنجد دهرا . خليفة العصر رقاه الإله ذرى
وليس يعرف في الأعصار قبلهم . خمس ولو إخوة بل أربع أمرا
ولا شقيقان إلا غير خامسهم . كذا الرشيد مع الهادي كما ذكرا
كذا سليمان من بعد الوليد كذا . نجلا الوليد يزيد و الذي أثرا
وماتكرر في بغداد من لقب . و لا تلا ابن أخ عم خلا نفرا
اثنان فالمقتفي عن راشد و كذا . مستنصر بعد مقتول التتار عرا
أولئك القوم أرباب الخلافة خذ . سبعين من غير نقص عدها حصرا
من الصحابة سبع كالنجوم و من . بني أمية اثنان تلي عشرا
ولم أعد أبا عبد المليك فذا . باغ كما قاله من أرخ السيرا
وعدة من بني العباس شامخة . إحدى و خمسون لا قلت لهم نصرا
تبقى الخلافة فيهم كي يسلمها الـ . مهدي منهم إلى عيسى كما أثرا
وبعد نظمي هذا النظم في مدد . قضى خليفتنا المذكور مصطبرا
في عام الأربع في شهر المحرم من . بعد الثمانين يوم السبت قد قبرا
وبويع ابن أخيه بعده و دعي . بذي التوكل كالجد الذي شهرا
ولم يسم إمام في الأولى سبقوا . عبد العزيز سواه فاسمه ابتكرا
فالله يبقيه ذا عز و يحفظه . و يجعل الملك في أعقابه زمرا
ومات عام ثلاث بعد تسع مئي . سلخ المحرم عن عهد لمن سطرا
لنجله البر يعقوب الشريف و قد . لقب مستمسكا بالله في صفرا
● [ نبذة عن الدول التي قامت بالأندلس ] ●أولهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بويع بالخلافة لما دخل الأندلس هاربا و ذلك في ثمان و ثلاثين و مائة و كان من أهل العلم و العدل مات سنة سبعين و مائة في ربيع الآخر
و قام بعده ابنه هشام أبو الوليد و مات في شهر صفر سنة ثمانين و مائة
و قام بعده ابنه الحكم أبو المظفر الملقب بالمرتضى و مات في ذي الحجة سنة ست و مائتين
و قام بعده ابنه عبد الرحمن و هو أول من فخم الملك بالأندلس من الأموية و كساه أبهة الخلافة و الجلالة و في أيامه أحدث بالأندلس لبس المطرز و ضرب الدراهم و لم يكن بها دار ضرب منذ فتحها العرب و إنما كانوا يتعاملون بما يحمل إليه من دراهم أهل المشرق و كان شبيها بالوليد بن عبد الملك في جبروتيته و بالمأمون العباسي في طلب الكتب الفلسفية و هو أول من أدخل الفلسفة الأندلس و مات سنة تسع و ثلاثين و مائتين
و قام بعده ابنه محمد مات في صفر سنة ثلاث و سبعين و مائتين و قام ابنه المنذر و مات في صفر سنة خمس و سبعين
و قام أخوه عبد الله ـ و هو أصلح خلفاء الأندلس علما و دينا ـ مات في ربيع الأول سنة ثلاثمائة
و قم حفيده عبد الرحمن بن محمد الملقب بالناصر و هو أول من تسمى بالأندلس بالخلافة و بأمير المؤمنين و ذلك لما وهت الدولة العباسية في أيام المقتدر و كان الذين قبله إنما يتسمون بالأمير فقط مات في رمضان سنة خمسين و ثلاثمائة
و قام ابنه الحكم المستنصر و مات في صفر سنة ست و ستين
و قام ابنه هشام المؤيد ثم خلع و حبس سنة تسع و تسعين و قام محمد بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر عبد الرحمن و لقب المهدي ستة عشر شهرا ثم خرج عليه ابن أخيه هشام بن سليمان بن الناصر عبد الرحمن و بويع و تلقب بالرشيد فحاربه عمه و قتله و اتفق الناس على خلع عمه فاختفى ثم قتل و بايعوا ابن أخي هشام المقتول سليمان بن الحكم المستنصر و لقب بالمستعين ثم قاتلوه و أسر سنة ست و أربعمائة
و قام عبد الرحمن بن عبد الملك بن الناصر و لقب المرتضى و قتل في آخر العام ثم وهت الدولة الأموية
و قامت الدولة العلوية الحسنية : فولى الناصر علي بن حمود في المحرم سنة سبع و أربعمائة ثم قتل في ذي القعدة سنة ثمان و أربعمائة
و قام أخوه المأمون القاسم و خلع سنة إحدى عشرة
و قام ابن أخيه يحيى بن الناصر علي بن حمود و لقب المستعلي و قتل بعد سنة و سبعة أشهر
ثم عادت الدولة الأموية فولي المستظهر عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار ثم قتل بعد خمسين يوما
و قام محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر عبد الرحمن و لقب المستكفي و خلع بعد سنة و أربعة أشهر
و قام هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر عبد الرحمن و لقب المعتمد فأقام مدة ثم خلع و سجن إلى أن مات في صفر سنة ثمان و عشرين و أربعمائة و ماتت بموته الدولة الأموية بالأندلس
● [ الدولة الخبيثة العبيدية ] ●
[ الفاطمية ]أول من قام منهم بالمغرب المهدي عبيد الله سنة ست و تسعين و مائتين و مات في سنة اثنتين و عشرين و ثلاثمائة
و قام ابنه القائم بأمر الله محمد و مات سنة ثلاث و ثلاثين
و قام ابنه المنصور إسماعيل و مات سنة إحدى و أربعين
و قام ابنه المعز لدين الله معد و دخل القاهرة سنة اثنتين و ستين و مات سنة خمس و ستين
و قام ابنه العزيز نزار و مات سنة ست و ثمانين
و قام ابنه الحاكم بأمر الله منصور و قتل في سنة إحدى عشرة و أربعمائة و قام ابنه الظاهر لإعزاز دين الله علي و مات سنة ثمان و عشرين
و قام ابنه المستنصر معد و مات سنة سبع و ثمانين فأقام في الخلافة ستين سنة و أربعة أشهر
قال الذهبي : و لا أعلم أحدا في الإسلام ـ لا خليفة و لا سلطانا ـ أقام هذه المدة و قام بعده ابنه المستعلي بالله أحمد و مات سنة خمس و تسعين
و أقيم بعده ابنه الآمر بأحكام الله منصور طفل له خمس سنين و قتل في سنة أربع و عشرين و خمسمائة عن غير عقب
و قام بعده ابن عمه الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر و مات سنة أربع و أربعين
و قام ابنه الظافر بالله إسماعيل و قتل سنة تسع و أربعين
و قام ابنه الفائز بنصر الله عيسى و مات سنة خمس و خمسين
و قام العاضد لدين الله عبد الله يوسف بن الحافظ لدين الله و خلع سنة سبع و ستين و مات بها و أقيمت الدعوة العباسية بمصر و انقرضت الدولة العبيدية قال الذهبي : فكانوا أربعة عشر متخلفا لا مستخلفا
● [ دولة بني طبابا ] ●قام منهم بالخلافة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم طباطبا في جمادى الأولى سنة تسع و تسعين و مائة و قام باليمن في هذا العصر الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا و دعي له بإمرة المؤمنين و مات في ذي الحجة سنة ثمان و تسعين و مائتين
و قام ابنه المرتضى محمد و مات سنة عشر و ثلاثمائة
و قام أخوه الناصر أحمد و مات في صفر سنة ثلاث و عشرين
و قام ابنه المنتخب الحسين و مات سنة تسع و عشرين
و قام أخوه المختار القاسم و قتل في شهر شوال سنة أربع و أربعين
و قام أخوه الهادي محمد ثم الرشيد العباس ثم انقرضت دولتهم
● [ الدولة الطبرستانية ] ●تداولها ستة رجال : ثلاثة من بني الحسن ثم ثلاثة من بني الحسين : هشام الداعي إلى الحق الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد الجواد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة خمسين و مائتين بالري و الديلم ثم قام أخوه القائم بالحق محمد و قتل سنة ثمان و ثمانين فقام حفيده المهدي الحسن بن زيد بن القائم بالحق و قام بعده الناصر الأطروش ـ و هو الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي زيد العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم و لم يزل قائما بالأمر إلى أن قبض سنة 304 ثم قام بعده بالأمر ابنه الإمام محمد الهادي ثم اعتزل الأمر فقام به أخوه الناصر أحمد و قام من بعده الثائر لدين الله جعفر بن محمد بن الحسن بن عمر الأشرف و هو الذي ملك طبرستان بأسرها و مات بها سنة 345 و انقرضت دولته
● [ الفتن التي كانت في كل قرن ] ●فائدة : قال ابن أبي حاتم في تفسيره : حدثن يحيى بن عبدك القزويني حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك بن فضالة عن علي بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن العرباض بن الهيثم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر
قلت : كان عند رأس المائة الأولى من هذه الملة فتنة الحجاج و ما أدراك ما الحجاج
و في المائة الثانية : فتنة المأمون و حروبه مع أخيه حتى درست محاسن بغداد و باد أهلها ثم قتله إياه شر قتله ثم امتحانه الناس بخلق القرآن و هي أعظم الفتن في هذه الأمة و أولها بالنسبة إلى الدعوة إلى البدعة و لم يدع خليفة قبله إلى شيء من البدع
و في المائة الثالثة : خروج القرمطي و ناهيك به ثم فتنة المقتدر لما خلع و بويع ابن المعتز و أعيد المقتدر ثاني يوم و ذبح القاضي و خلقا من العلماء و لم يقتل قاض قبله في ملة الإسلام ثم فتنة تفرق الكلمة و تغلب المتغلبين على البلاد و استمر ذلك إلى الآن و من جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية و ناهيك بهم إفسادا و كفرا و قتلا للعلماء و الصلحاء
و في المائة الرابعة : كانت فتنة الحاكم بأمر إبليس لا بأمر الله و ناهيك بما فعل
و في المائة الخامسة : أخذ الفرنج الشام و بيت المقدس
و في المائة السادسة : كان الغلاء الذي لم يسمع بمثله منذ زمن يوسف عليه السلام و كان ابتداء أمر التتار
و في المائة السابعة : كانت فتنة التتار العظمى التي لم يسمع بمثلها أسالت من دماء أهل الإسلام بحارا
و في المائة الثامنة : كانت فتنة تمرلنك التي استصغرت بالنسبة إليها فتنة التتار على عظمها
و أسأل الله تعالى أن يقبضنا إلى رحمته قبل وقوع فتنة المائة التاسعة ! ! بجاه محمد صلى الله عليه و سلم و صحبه أجمعين آمين
● [ تم الكتاب والحمد لله أولا وآخرا ] ●
805هـ ـ 808هـ
808هـ ـ 891هـ
808هـ ـ 815هـ
815 هـ ـ 824 هـ
825 هـ ـ 854 هـ
854 هـ ـ 859 هـ
859 هـ ـ 884 هـ
884هـ ـ 903هـ
[ الفاطمية ]