بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم سفر نامة تأليف : ناصر خسرو ● [ وصف المسجد الحرام والكعبة ] ●
قلنا إن الكعبة تقوم وسط المسجد الحرام وإن المسجد الحرام يقوم وسط مكة والمسجد ممتد طولاً من الشرق إلى الغرب وعرضاً من الشمال إلى الجنوب وسوره ليس قائم الزوايا بل أركانه مقوسة تميل إلى الاستدارة وذلك حتى تكون وجوه جميع المصلين شطر الكعبة في أي جهة كانوا يصلون بالمسجد وأقصى طول للمسجد من باب إبراهيم إلى باب بني هاشم أربع وعشرون وأربعمائة ذراع وعرضه من باب الندوة وهو جهة الشمال حتى باب الصفا وهو جهة الجنوب وأقصى اتساعه أربع وثلاثمائة ذراع وبسبب استدارته تبدو ساحة المسجد أضيق في جهة وأوسع في جهة أخرى وحوله ثلاثة أروقة رفعت أسقفها على أعمدة من الرخام ووسط هذه الأروقة مربع وعلى طول السقف من ناحية ساحة المسجد خمسة وأربعون طاقاً وعلى عرضه ثلاثة وعشرون وعدد الأعمدة الرخامية التي فيه أربعة وثمانون وأربعمائة عمود قيل إنها كلها أرسلت من الشام عن طريق البحر بأمر خلفاء بغداد وقيل أنه حين بلغت هذه العمد مكة بلغ ثمن الحبال التي شدت بها إلى السفن والعجلات والتي قطعت قطعاً ستين ألف دينار مغربي ومن هذه العمد عمود من الرخام الأحمر وضع عند باب الندوة قيل إنه اشترى بوزنه ذهبا ويقدر وزنه بثلاثة آلاف من وللمسجد الحرام ثمانية عشر بابا عليها طيقان مقامة على عمد من الرخام وضعت بحيث لا تعوق فتح الأبواب وعلى الجانب الشرقي أربعة أبواب هي من الركن الشمالي باب النبي وبه ثلاثة طيقان مقفلة وعلى هذا الجانب نفسه عند الطرف الجنوبي للباب الأول باب آخر يسمى باب النبي أيضاً وبين هذين البابين أكثر من مائة ذراع ولهذا الباب طاقان وفي خارجه سوق العطارين وقد كان منزل النبي عليه السلام في هذه السوق كان يدخل من هذا الباب للصلاة في المسجد فإذا جاوز السائر هذا الباب وجد على السور الشرقي أيضاً باب علي عليه السلام وهو الباب الذي كان يدخل منه أمير المؤمنين علي عليه السلام للصلاة بالمسجد وله ثلاثة طيقان فإذا جاوزه يجد عن ركن المسجد منارة أخرى يبدأ منها السعي وهي غير المنارة التي بباب بني هاشم ومن عندها ينبغي الإسراع في السعي وهي إحدى المنارات الأربع المذكورة المنارات الأربع في طرق السعي. وعلى الحائط الجنوبي الذي هو طول المسجد سبعة أبواب أولها على الركن المقوس واسمه باب الدقاقين وله طاقان وغربيه بقليل باب آخر ذو طاقين يقال له باب الفسانين وبعده بقليل باب الصفا وله خمسة طيقان أكبرها الطاق الأوسط وعلى كل من جانبيه طاقان صغيران كان رسول الله عليه السلام يخرج من هذا الباب ويذهب إلى الصفا ويدعو وعتبة الطاق الأوسط مكونة من حجر أبيض كبير كان بها حجر أسود وطئه الرسول عليه السلام بقدمه فارتسم نقش القدم المبارك عليه وقد نزع هذا الجزء من الحجر الأسود وركب في الحجر الأبيض بحيث تكون أطراف أصابع القدم داخل المسجد ويضع بعض الحجاج وجوههم على هذا الحجر وبعضهم يضعون أقدامهم تبركاً وأعرف إن الأفضل إن أضع وجهي وبعد هذا الباب بقليل ناحية المغرب باب السطوى وله طاقان ثم من بعده بقليل باب التمارين وله طاقان ثم باب المعامل وله طاقان ويقابله بيت أبي جهل وهو الآن مرحاض. وعلى الحائط الغربي وهي عرض المسجد ثلاثة أبواب الأول عند الركن الجنوبي واسمه باب عروة وله طاقان وفي الوسط باب إبراهيم وله ثلاثة طيقان. وعلى الحائط الشمالي وهي طول المسجد أربعة أبواب ففي الركن الغربي باب الوسيط وله طاق واحد ومن بعده ناحية المشرق باب العجلة وله طاق واحد ومن بعده في الوسط باب الندوة وله طاقان ثم باب المشاورة وله طاق واحد وعند زاوية المسجد في الشمال الشرقي باب يسمى باب بني شيبة. والكعبة في وسط ساحة المسجد وهي مستطيل طوله من الشمال إلى الجنوب ثلاثون ذراعاً وعرضه من الشرق إلى الغرب ست عشرة ذراعاً وبابها شرقي بحيث يكون الركن العراقي على يمين الداخل وركن الحجر الأسود على يساره ويسمى ركنها الجنوبي الغربي بالركن اليماني وركنها الشمالي الغربي بالركن الشامي والحجر الأسود مركب على زاوية الحائط في حجر كبير بحيث إذا وقف رجل طويل القامة يكون مقابلاً لصدره وطول هذا الحجر شبر أربعة أصابع وعرضه ثمانية أصابع وهو مستدير الشكل وبينه وبين باب الكعبة أربع أذرع ويسمى ما بينهما الملتزم. ويرتفع باب الكعبة عن الأرض أربع أذرع بحيث إذا وقف رجل مديد القامة على الأرض يصل إلى عتبته وقد صنع سلم من الخشب يضعونه وقت الحاجة أمام الباب فيصعد عليه الناس ويدخلون الكعبة ويسع عرض هذا السلم عشرة رجال يصعدون وينزلون بعضهم بجانب بعض وأرض الكعبة عالية بهذا المقدار. وصف باب الكعبة وهو باب من خشب الساج له مصراعان ارتفاعه ست أذرع ونصف ذراع وعرض كل من مصراعيه ذراع وثلاثة أرباع الذراع فعرضهما معا ثلاث أذرع ونصف وعلى صدر الباب وأعلاه كتابة كما إن عليه دوائر زخرفية من فضة وكتابات منقوشة بالذهب والفضة وقد كتبت عليه هذه الآية حتى آخرها" إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة " مباركا وهدى للعالمين" وله حلقتان كبيرتان من الفضة أرسلتا من غزنين وقد ركبتا في مصراعيه بحيث لا تصل إليهما يد إنسان ومن تحتها حلقتنن أخريان من الفضة أصغر حجماً وموضوعتان بحيث تصل اليد إليهما وفيهما قفل كبير من الفضة أيضاً يقفل به الباب ولا يفتح ما لم ينزع القفل. وصف الكعبة من الداخل يبلغ سمك حائطها ستة أشبار وأرضها مغطاة بالرخام الأبيض وبالكعبة ثلاث خلوات صغيرة كأنها دكاكين إحداها تقابل الباب والأخريان على الجانب الشمالي والأعمدة التي بالكعبة والتي أقيم عليها السقف كلها من خشب الساج المربع إلا عموداً واحداً مدوراً وفي الجانب الشمالي قطعة مستطيلة من الرخام الأحمر يقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصلي عليها ويجتهد كل من يعرف ذلك إن يصلي هناك وقد غطيت حوائط الكعبة بألواح الرخام الملون وعلى الجانب الغربي منها ستة محاريب من الفضة ألصقت بالحائط بمسامير ويبلغ ارتفاع كل منها قامة الرجل وهي مزينة بنقوش كثيرة من الذهب والفضة وهي مرتفعة عن الأرض وحوائط الكعبة الأربعة حتى أربعة أذرع من الأرض خالية من النقوش وأما بعد ذلك إلى السقف فمزينة بالرخام المنقوش والموشى أغلبه بالذهب. وفوق كل من الخلوات الثلاث التي ذكرتها والتي توجد إحداها في الركن العراقي والأخرى في الركن الشامي والثالثة في الركن اليماني فوق كل ركن منها لوحان من الخشب مثبتان على الحائط بمسامير من فضة وهي ألواح من خشب سفينة نوح عليه السلام طول كل منها خمس أذرع وعرضه ذراع واحد. وقد أسدل على الخلوة التي خلف الحجر الأسود ستار من الديباج الأحمر وحين يدخل السائر في الكعبة يجد على اليد اليمنى زاوية مربعة بمقدار ثلاث أذرع في مثلها وهناك سلم يؤدي إلى سطح الكعبة عليه باب من الفضة له مصراع واحد يسمى باب الرحمة وعليه قفل من الفضة فإذا صار فوق سطح الكعبة يجد باباً آخر مثل الباب السابق منقوش بالفضة على وجهيه وقد غطى سقف الكعبة بالخشب المغطى بالحرير الذي يحجبه عن الأنظار وعلى حائط الكعبة الأمامي فوق العمد الخشبية كتابة ذهبية فيها اسم العزيز بالله سلطان مصر الذي استولى على مكة من الخلفاء العباسين وعلى الحائط أربعة ألواح أخرى كبيرة من الفضة متقابلة ومثبتة بمسامير من فضة وعلى كل لوح منها اسم السلطان الذي أرسله من سلاطين مصر كان كل منهم يرسل لوحا في عهده. وبين الأعمدة ثلاثة قناديل فضية معلقة وبلاط سطح الكعبة من الرخام اليمني الذي يلمع كأنه البلور وفي أركانها أربع روازن على كل منها لوح من الزجاج لينفذ منه النور ولمنع تسرب المطر . والميزاب في وسط الحائط الشمالي وطوله ثلاث أذرع وكله مطلي بالذهب. والكسوة التي تغطى بها الكعبة بيضاء وقد طرزت في موضعين عرض كل منها ذراع وبينهما عشر أذرع تقريباً ومن فوقهما وتحتهما عشر أذرع أيضاً بحيث ينقسم ارتفاع الكعبة إلى ثلاثة أقسام كل منها عشر أذرع بواسطة طرازي الكسوة وعلى جوانب هذه الكسوة الأربعة نسجت محاريب ملونة مزينة بخيوط من ذهب وعلى كل ناحية ثلاثة محاريب محراب كبير في الوسط ومحرابان صغيران على جانبيه فعلى النواحي الأربعة إثنا عشر محراباً. وخارج الكعبة حائط علوه ذراع ونصف وتتصل نهايتهاه بركني الكعبة لأن هذا الحائط مقوس كنصف الدائرة وهو يبعد من منتصفه عن الكعبة مقدار خمس عشرة ذراعاً وأرض هذا الموضع مبلطة بالرخام الملون المنقوش ويسمى الحجر وبه يصب ماء الميزاب الذي فوق الكعبة وقد وضع تحته قطعة من الحجر الأخضر على شكل محراب يسقط عليها الماء وهي كبيرة بحيث يستطيع رجل أن يصلي عليها . ومقام إبراهيم عليه السلام شرقي الكعبة وهو الحجر الذي به آثار قدمي إبراهيم عليه السلام وهو مركب في حجر آخر وعليه غلاف مربع من الخشب بارتفاع قامة الرجل وهو في غاية الدقة ووضعت عليه ألواح من الفضة وقد أحكم ربط الغلاف بالحائط بسلاسل من الجانبين وعليه قفلان وذلك حتى لا يستطيع أحد إن يلمس الحجر وبين الكعبة ومقام إبراهيم ثلاثون ذراعاً. بئر زمزم بئر زمزم شرقي الكعبة حذاء ركن الحجر الأسود وبين زمزم والكعبة ست وأربعون ذراعاً وسعة البئر ثلاث أذرع ونصف في مثلها وماؤها ملح ولكنه يستساغ وقد بنوا عند فوهتها خرزة من الرخام الأبيض ارتفاعه ذراعان وفي جوانب حجرة زمزم الأربعة أحواض يصب فيها الماء ويتوضأ الناس به وأرضها من الخشب المشبك ليسيل الماء الذي يراق بها وبابها ناحية المشرق. وأمام البئر ناحية المشرق بناء آخر مربع عليه قبة يسمى سقاية الحاج وضع به أزيار يشرب منها الحجاج وبعد هذا البناء ناحية الشرق بناء آخر مستطيل عليه ثلاث قباب يسمى خزانة الزيت به الشمع والزيت والقناديل وحول الكعبة أعمدة يتصل بعضها بالبعض بواسطة عروق من الخشب عليها زخارف ونقوش من الفضة ومعلق بها الحلق والكلابات حتى يوضع الشمع في هذه وتدلى المصابيح من تلك بالليل ويسمى هذا الموضع المشاعل ويفصله عن الكعبة خمسون ومائة ذراع وهي مسافة الطواف. فجملة المباني التي بساحة المسجد الحرام عدا الكعبة المعظمة شرفها الله تعالى ثلاثة هي بيت زمزم وسقاية الحاج وخزانة الزيت وتحت السقف المحيط بالمسجد بجانب الحائط صناديق من جميع مدن المغرب ومصر والشام والروم والعراقين وخراسان وما وراء النهر وغيرها. وعلى مسافة أربعة فراسخ شمالي مكة ناحية تسمى برقة بها أمير مكة مع جيش خاص به وهناك ماء جار وأشجار ومساحتها فرسخان طولا في مثلهما عرضاً. في هذه السنة كنت بمكة مجاوراً منذ أول رجب وعادتهم إن يفتحوا باب الكعبة كل يوم في هذا الشهر منذ شروق الشمس. وصف فتح باب الكعبة امتازت قبيلة من العرب تسمى بني شيبة بحفظ مفتاح باب الكعبة وهم خدمها كان لهم خلع ومشاهرات من سلطان مصر ولهم رئيس بيده المفتاح وحين يجيء يصاحبه خمسة أو ستة أفراد وحين يصلون ينضم إليهم عشرة من الحجاج فيرفعون السلم الذي قدمنا وصفه ويضعونه أمام الباب فيصعد هذا الشيخ ويقف على العتبة ويصعد بعده رجلان ويرفعان الستار والديباج الأصفر يمسك كل منهما طرفا منه بحيث يحجب الشيخ وهو يفتح الباب يفتح الشيخ القفل وينزعه من الحلق بينما الحجاج وقوف أمام الكعبة فحين يفتح الباب يرفعون أيديهم بالدعاء فيعرف كل من يسمع صوتهم بمكة إن باب الكعبة قد فتح فيرفع الناس جميعاً أصواتهم عالية ويدعون ربهم وتحدث جلجلة عظيمة بالبلد ثم يدخل الشيخ بينما الرجلان يمسكان الستار ويصلي ركعتين ثم يعود فيفتح الباب على مصراعيه ويقف على العتبة ويقرأ الخطبة عليهم بصوت مرتفع ويصلي على رسول الله عليه الصلوات والسلام وعلى أهل بيته ثم يقف الشيخ وأصحابه على جانبي باب الكعبة بينما يأخذ الحجاج في الصعود ودخول الكعبة فيصلي كل منهم ركعتين ثم يخرج ويدوم ذلك إلى قرب منتصف النهار ويولون وجوههم أثناء صلاتهم بالكعبة نحو الباب مع جواز التوجه نحو الجوانب الأخرى. وقد أحصيت الناس في وقت كانت الكعبة ممتلئة فيه حتى لم يكن بها مكان لداخل فكانوا عشرين وسبعمائة رجل وعامة حجاج اليمن يشبهون الهنود فكل منهم يتشح بفوطه وشعورهم متدلية ولحاهم مضفرة وفي وسط كل منهم حربة قطيفية كالتي يتمنطق بها الهنود ويقال إن أصل الهنود من اليمن وإن قتالة أصلها كتارة الحربة ثم عربت وبفتح باب الكعبة أيام الاثنين والخميس والجمعة من أشهر شعبان ورمضان وشوال فإذا جاء ذو القعدة أغلق الباب. عمرة الجعرانة على أربعة فراسخ من شمال مكة مكان يسمى الجعرانة كان به النبي عليه السلام مع جيشه في السادس عشر من ذي القعدة فأحرم منه وجاء إلى مكة وأعتمر وهناك بئرإن بئر الرسول وبئر علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وماء البئرين عذب جداً وبينهما عشر أذرع وقد اتخذت هذه العمرة النبوية سنة تؤدي في هذا الموسم وقرب البئرين صخرة كبيرة فيها فجوات كأنها كؤوس يقال إن النبي عليه السلام عجن الدقيق فيها بيديه والذين يزورون هذا المكان يعجنون الدقيق بأيديهم بماء هذين البئرين ويتخذون من الأشجار الكثيرة هناك وقودا للخبز الذي يرسلونه إلى الأقطار تبركا وهناك أيضاً صخرة كبيرة مرتفعة يقال إن بلالاً الحبشي كان يقف عليها ويؤذن للصلاة ويصعد عليها الزائرون ويؤذنون وحين كنت بالجعرانة كان بها ناس كثيرون كان بها أكثر من ألف جمل بالعمارات مما يبين كثرة الزائرين الآخرين. ومن مصر إلى مكة عن الطريق الذي سرت فيه هذه المرة ثلاثمائة فرسخ ومن مكة إلى اليمن إثنا عشر فرسخاً. وتقع صحراء عرفات بين جبال صغيرة كالتلال ومساحتها فرسخان في مثلهما كان بها مسجد بناء إبراهيم عليه السلام لم يبق منه هذه الساعة غير منبر خرب من الطوب النيئ يصعد عليه الخطيب في صلاة الظهر ويخطب ثم يؤذنون للصلاة ثم يصلون جماعة ركعتين سنة المسافرين ثم يقيمون الصلاة ويصلون جماعة ركعتين أخريين ثم يجلس الخطيب على جمل ويتجه شرقاً والناس وراءه وعلى بعد فرسخ جبل حجري صغير يسمى جبل الرحمة هناك يقفون ويدعون حتى وقت الغروب. وقد أوصل ابن شاد دل الذي كان أميراً لعدن الماء إلى جبل الرحمة من مكان بعيد وأنفق في ذلك مالاً طائلاً ويحمل الماء من هذا الجبل إلى صحراء عرفات حيث عملت أحواض تملأ ماء أيام الحج حتى يتيسر الماء للحجيج وقد بنى هذا الأمير فوق جبل الرحمة طاقاً مربعاً كبيراً يضعون فوق قبته كثيرا من القناديل والشموع ليلة عرفة ويومه فيرى نورها من مسافة فرسخين وقيل إن أمير مكة أخذ ألف دينار من ابن شادن دل ليجيز له إقامة هذا الطاق. في التاسع من ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة إبريل قضيت الحجة الرابعة بعون الله سبحانه و تعالى ولما غابت الشمس عاد الحجاج والخطيب من عرفات وساروا فرسخاً إلى المشعر الحرام ويسمونه المزدلفة وهناك بناء جميل كالمقصورة يصلي فيه الناس ويأخذون منه حجارة الرجم التي يرمونها بمنى والعادة إن يقضي الحجاج هذه الليلة وهي ليلة العيد هناك حيث يصلون الفجر وعند طلوع الشمس يتوجهون إلى منى حيث يضحون وهناك مسجد كبير يسمى مسجد الخيف وليس من المفروض إلقاء خطبة وصلاة العيد بمنى في ذلك اليوم ولم يأمر بهما المصطفى عليه السلام ويكون الحجاج بمنى في العاشر من ذي الحجة وهناك يرمون الحجارة وشرح ذلك مذكور في مناسك الحج وفي الثاني عشر من ذي الحجة يغادر منى من عزم على العودة لبلاده ويذهب إلى مكة أهلها.
سفر نامه تأليف : ناصر خسرو منتدى توتة وحدوتة - البوابة