بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة الثقافة الأدبية أخبار الحمقى والمغفلين
● [ الباب السابع عشر ] ● في ذكر المغفلين من الاعراب
عن أبي عثمان المازني انه قال قدم إعرابي على بعض أقاربه بالبصرة فدفعوا له ثوبا ليقطع منه قميصا فدفع الثوب الى الخياط فقدر عليه ثم خرق منه قال لم خرقت ثوبي قال لا يجوز خياطته إلا بتخريفه وكان مع الاعرابي هراوة من أرزن فشج بها الخياط فرمى بالثوب وهرب فتبعه الاعرابي وأنشد يقول ما إن رأيت ولا سمعت بمثله فيما مضى من سالف الأحقاب من فعل علج جئته ليخيط لي ثوبا فخرقه كفعل مصاب فعلوته بهراوة كانت معي فسعى وأدبر هاربا للباب أيشق ثوبي ثم يقعد آمنا كلا ومنزل سورة الاحزاب وعن الاصمعي أنه قال مررت بأعرابي يصلي بالناس فصليت معه فقرأ والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها كلمة بلغت منتهاها لن يدخل النار ولن يراها رجل نهى النفس عن هواها فقلت له ليس هذا من كتاب الله قال فعلمني فعلمته الفاتحة والاخلاص ثم مررت بعد أيام فاذا هو يقرأ الفاتحة وحدها فقلت له ما للسورة الاخرى قال وهبتها لابن عم لي والكريم لا يرجع في هبته وعنه أنه قال كنت في البادية فاذا باعرابي تقدم فقال الله أكبر سبح اسم ربك الاعلى الذي أخرج المرعى أخرج منها تيسا أحوى ينزو على المعزى ثم قام في الثانية فقال وثب الذئب على الشاة الوسطى وسوف ياخذها تارة اخرى أليس ذلك بقادر على ان يحيي الموتي ألا بلى ألا بلى فلما فرغ قال اللهم لك عفرت جبيني واليك مددت يميني فانظر ماذا تعطيني وعنه قال رأيت إعرابيا يضرب أمه فقلت يا هذا أتضرب أمك فقال أسكت فاني أريد أن تنشأ على أدبي وعنه انه قال حج إعرابي فدخل مكة قبل الناس وتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم اغفر لي قبل أن يدهمك الناس وعن آبي الزناد قال جاء إعرابي إلى المدينة فجالس أهل الفقه ثم تركهم ثم جالس أصحاب النحو فسمعهم يقولون نكرة ومعرفة فقال يا أعداء الله يا زنادقة وعن علاء بن سعيد قال قعد طائي وطائية في الشمس فقالت له امرأته والله لئن ترحل الحي غدالاتبعن قماشهم وأصوافهم ثم لأنفشنه ولأغسلنه ولأغزلنه ثم لأبعثنه إلى بعض الأمصار فيباع وأشتري بثمنه بكرا فأرتحل عليه مع الحي إذا ترحلوا قال الزوج أفتراك الآن تارتكني وابني بالعراء قالت اي والله قال كلا والله وما زال الكلام بينها حتى قام يضربها فأقبلت أمها فقالت ما شأنكم وصرخت يا آل فلانة أفتضرب ابنتي على كد يديها ورزق رزقها الله فاجتمع الحي فقالوا ما شأنكم فأخبروهم بالخبر فقالوا ويلكم القوم لم يرحلوا وقد تعجلنم الخصومة وعن ا لاصمعي قال خرج قوم من قريش إلى أرضهم وخرج معهم رجل من بني غفار فأصابهم ريح عاصف يئسوا معها من الحياة ثم سلموا فأعتق كل رجل منهم مملوكا فقال ذلك الاعرابي اللهم لا مملوك لي أعتقه ولكن امرأتي طالق لوجهك ثلاثا وكان رجل من الاعراب يعمل في معمل للذهب فلم يصب شيئا فأنشأ يقول يا رب قدر لي في حماسي وفي طلاب الرزق بالتماس صفراء تجلو كسل النعاس فضربته عقرب صفراء سهرته طول الليلة وجعل يقول يا رب الذنب لي اذ لم أبين لك ما أريده اللهم لك الحمد والشكر فقيل له ما تصنع أما سمعت قول الله تعالى ولئن شكرتم لازيدنكم فوثب جزعا وقال لا شكرا لا شكرا وسئل إعرابي هل تقرأ من القرآن شيئا فقرأ أم الكتاب والاخلاص فأجاد فسئل هل تقرأ شيئا غيرهما فقال اما شيئا أرضاه لك فلا قال الاصمعي ورأيت اعرابيا يصلي في الشتاء قاعدا ويقول اليك اعتذاري من صلاتي قاعدا على غير طهر موميا نحو قبلتي فما لي ببرد الماء يا رب طاقة ورجلاي لا تقوى على طي ركبتي ولكنني أقضيه يا رب جاهدا وأقضيكه إن عشت في وجه صيفتي وإن أنا لم أفعل فانت محكم الهي في صفعي وفي نتف لحيتي. وعض ثعلب اعرابيا فأتي راقيا فقال الراقي ما عضك فقال كلب واستحى ان يقول ثعلب فلما ابتدأ بالرقية قال وأخلط بها شيئا من رقية الثعالب وقال بعض الاعراب لنا تمر تضع التمرة في فيك فتبلغ حلاوتها الى كعبك وقرأ إمام في صلاته انا أرسلنا نوحا الى قومه فارتج عليه وكان خلفه إعرابي فقال لم يذهب نوح فأرسل غيره وأرحنا وكان اعرابي يقول اللهم اغفر لي وحدي فقيل له لو عممت بدعائك فان الله واسع المغفرة فقال اكره ان أثقل على ربي ودعا إعرابي بمكة لأمه فقيل له ما بال أبيك قال ذاك رجل يحتال لنفسه وقيل إن محمد بن علي عليه السلام رأى في الطواف إعرابيا عليه ثياب رثة وهو شاخص نحو الكعبة لا يصنع شيئا ثم دنا من الأستار فتعلق بها ورفع رأسه الى السماء وأنشأ يقول أما تستحي مني وقد قمت شاخصا أناجيك يا ربي وأنت عليم فان تكسني يا رب خفا وفروة أصلي صلاتي دائما وأصوم وان تكن الاخرى على حال ما أرى فمن ذا على ترك الصلاة يلوم أترزق أولاد العلوج وقد طغوا وتترك شيخا والداه تميم فدعا به وخلع عليه فروة وعمامة وأعطاه عشرة آلاف درهم وحمله على فرس فلما كان العام الثاني جاء الحج وعليه كسوة جميلة وحال مستقيم فقال له إعرابي رأيته في العام الماضي باسوأ حال وأراك الآن ذا بزة حسنة وجمال فقال إني عاتبت كريما فأغنيت وكان لبعض المغفلين حمار فمرض الحمار فنذر ان عوفي حماره صام عشرة أيام فعوفي الحمار فصام فلما تمت مات الحمار فقال يا رب تلهيت بي ولكن رمضان إلى هنا يجيء والله لآخذن من نقاوته عشرة ايام لا أصومها وصلى بعض الأعراب خلف بعض الأئمة في الصف الأول وكان اسم الأعرابي مجرما فقرأ الأمام والمرسلات الى قوله ألم نهلك الاولين فتأخر البدوي الى الصف الآخر فقال ثم نتبعهم الآخرين فرجع الى الصف الأوسط فقال كذلك نفعل بالمجرمين فولى هارا وهو يقول ما أرى المطلوب غيري وصلى أعرابي خلف أمام صلاة الغداة فقرأ الإمام سورة البقرة وكان الاعرابي مستعجلا ففاته مقصوده فلما كان من الغد بكر الى المسجد فابتدا الامام بسورة الفيل فقطع الاعرابي الصلاة وولى وهو يقول امس قرأت البقرة فلم تفرغ الى نصف النهار واليوم تقرأ الفيل ما أظنك تفرغ منها الى نصف الليل وكان إعرابي يصلي فأخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصلاح فقطع صلاته وقال مع هذا إني صائم وتذاكر قوم قيام الليل وعندهم إعرابي فقالوا له اتقوم بالليل قال أي والله قالوا فما تصنع قال أبول وأرجع أنام وقال اسحق الموصلي تذاكر قوم من نزار واليمن اصنام الجاهلية فقال رجل لهم من الازد عندي الحجر الذي كان قومنا يعبدونه قالوا وما ترجو به قال لا أدري ما يكون وروى أبو عمر الزاهد ان بعض الاعراب قال اللهم أمتني ميتة أبي قالوا وكيف مات أبوك قال أكل بذجا وشرب مشعلا ونام في الشمس فلقي الله وهو شبعان ريان دفئان البذج الحمل والمشعل الزق.
أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي منتدى بنات بنوتات ـ البوابة