بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة التاريخ عجائب الآثار الجزء الأول
{ تابع ذكر من مات من العلماء والاعاظم } في هذه السنين وتراجمهم
ومات الامام العلامة الشيخ محمد الحماقي الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وألف وتوفي بنخل وهو متوجه الى الحج في شهر القعدة سنة اربع وثلاثين ومائة وألف ومات الإمام المحدث العلامة والبحر الفهامة الشيخ ابراهيم بن موسى الفيومي المالكي شيخ الجامع الازهر تفقه على الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي قرأ عليه الرسالة وشرحها وكان معيدا له فهيما وتلبس بالمشيخة بعد موت الشيخ محمد شنن ومولده سنة اثنتين وستين وألف أخذ عن الشبراملسي والزرقاني والشهاب احمد البشبيشي وغيرهم كالشيخ الغرقاوي وعلي الجزايرلي الحنفي واخذ الحديث عن يحيى الشاوي وعبد القادر الواطي وعبد الرحمن الاجهوري والشيخ ابراهيم البرماوي والشيخ محمد الشرنبابلي وآخرين وله شرح على العزية في مجلدين توفي سنة سبع وثلاثين ومائة وألف عن خمس وسبعين سنة ومات الجناب المكرم والملاذ المفخم محمد الدادة الشرايبي وكان انسانا كريم الاخلاق طيب الاعراق جميل السمات حسن الصفات يسعى في قضاء حوايج الناس ويؤاسي الفقراء ولما ثقل في المرض قسم ماله بين اولاده وبين الخواجا عبد الله بن الخواجا محمد الكبير وبين ابن احمد اخي عبد الله كما فعل الخواجا الكبير فانه قسم المال بين الدادة وبين عبد الله واخيه احمد وكان المال ستمائة كيس والمال الذي قسمه الدادة بين أولاده وبين عبد الله وابن أخيه وهم قاسم واحمد ومحمد جربجي وعبد الرحمن والطيب وهؤلاء اولاده لصلبه وعبد الله بن الخواجا الكبير وابن اخيه الذي يقال له ابن المرحوم الف واربعمائة وثمانون كيسا خلاف خان الحمزاوي وغيره من الاملاك وخلاف الرهن الذي تحت يده من البلاد وفائظها ستون كيسا والبلاد المختصة به اربعون كيسا وذلك خلاف الجامكية والوكائل والحمامات وثلاث مراكب في بحر القلزم وكل ذلك احداث الدادة واصل المال الذي استلمه الدادة في الاصل من الخواجا محمد الكبير سنة احدى عشرة ومائة والف تسعون كيسا لما عجز عن البيع والشراء ولما فعل ذلك وقسم المال بين الدادة وبين عبد الله وأخيه بالثلث غضب عبدالله وقال هو أخ لنا ثالث فقال أبو عبدالله لا يقسم المال الا مناصفة له النصف ولك ولاخيك النصف وهذا الموجود كله لسعد الدادة ومكسبه فاني لما سلمته المال كان تسعين كيسا وها هو الآن ستمائة كيس خلاف ما حدث من البلاد والحصص والرهن والاملاك فكان كما قال وكان جاعلا لعبد الله مرتبا في كل يوم الف نصف فضة برسم الشبرقة خلاف المصروف والكساوي له ولاولاده ولعياله الى ان مات يوم السبت سادس عشر رجب سنة سبع وثلاثين ومائة والف وحضر جنازته جميع الامراء والعلماء وارباب السجاجيد والوجاقات السبعة والتجار واولاد البلد وكان مشهده عظيما حافلا بحيث ان اول المشهد داخل الى الجامع ونعشه عند العتبة الزرقاء وكان ذكيا فهيما دراكا سعيد الحركات وعلى قدر سعة حاله وكثرة ايراده ومصرفه لم يتخذ كاتبا ويكتب ويحسب لنفسه ومات الشيخ الامام العالم العلامة مفرد الزمان ووحيد الاوان محمد ابن محمد بن محمد الولي شهاب الدين احمد بن العلامة حسن بن العارف بالله تعالى علي بن الولي الصالح سلامة بن اولي الصالح العارف بدير بن محمد بن يوسف شمس الدين ابو حامد البديري الحسيني الشافعي الدمياطي مات جده بدير بن محمد سنة ستمائة وخمسين في وادي النسور وحفيده حسن ممن اخذ عن شيخ الاسلام زكريا الانصاري اخذ ابو حامد المترجم عن الشيخ الفقيه العلامة زين الدين السلسلي امام جامع البدري بالثغر وهو اول شيوخه قبل المجاورة ثم رحل الى الازهر فاخذ عن النور ابي الضياء علي بن محمد الشبراملسي الشافعي والشمس محمد بن داود العناني الشافعي قراءة على الثاني بالجنبلاطية خارج مصر القاهرة وامام شرف الدين بن زين العابدين بن محي الدين بن ولي الدين بن يوسف جمال الدين بن شيخ الاسلام زكريا الانصاري والمحدث المقري شمس الدين محمد بن قاسم البقري شيخ القراء والحديث بصحن الجامع الازهر والشيخ عبد المعطي الضرير المالكي وشمس الدين محمد الخرشي والشيخ عطية القهوقي المالكي والشيخ المحدث منصور بن عبد الرزاق الطوخي الشافعي امام الجامع الازهر والشيخ المحدث العلامة شهاب الدين ابي العباس احمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي النقشبندي والمحقق شهاب الدين احمد بن عبد اللطيف البشبيشي الشافعي وحيسوب زمانه محمود بن عبد الجواد بن العلامة الشيخ عبد القادر المحلي والعلامة الشيخ سلامة الشربيني والعلامة المهندس الحيسوب الفلكي رضوان افندي ابن عبد الله نزيل بولاق ثم رحل الى الحرمين فاخذ بهما عن الامام ابي العرفان ابراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني في سنة احدى وتسعين والف والسيدة قريش واختها بنت الامام عبد القادر الطبري في سنة اثنتين وتسعين والف روى وحدث وافاد واجاد اخذ عنه الشيخ محمد الحنفي وبه تخرج واخوه الجمال يوسف والشيخ العارف بالله تعالى السيد مصطفى بن كمال الدين البكري وهو من اقرانه والفقيه النحوي الاصولي محمد بن يوسف الدنجيهي الشافعي والعلامة عبد الله بن ابراهيم بن محمد بن البشبيشي الشافعي الدمياطي ومصطفى بن عبد السلام المنزلي توفي المترجم ابو حامد بالثغر سنة اربعين ومائة والف ومات العلامة الهمام محمد بن احمد بن عمر الاسقاطي الازهري نزيل ادلب كان جل تحصيله بمصر على والده وبه تخرج وتفنن وصار له قدم راسخ وله مشايخ آخرون ازهريون وحصل بينه وبين والده نزاع في امر اوجب خروجه الى بر الشام فلما نزل ادلب تلقاه شيخ العلماء بها احمد ابن حسين الكاملي فانزله عنده واكرمه غاية الاكرام وارشد الطلبة اليه فانتفعوا به جدا ولم يزل مفيدا على اكمل الحالات حتى مات سنة تسع وثلاثين ومائة والف ومات الشيخ العلامة الزاهد الياس بن ابراهيم الكوراني الشافعي ولد بكوران سنة احدى وثلاثين والف واخذ العلم بها عن عدة مشايخ وحج ودخل مصر والشام والقى بها عصا التسيار عاكفا على اقراء العلوم العقلية والنقلية وكان على غاية من الزهد وروى عنه شيوخ العصر كالشيخ احمد الملوي والشهاب احمد بن علي المنيني وله المؤلفات والحواشي توفي بدمشق بمدرسة جامع العراس بعد العصر من يوم الاربعاء لاربع عشرة ليلة بقين من شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائة والف ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من قبر الشيخ نصر المقدسي رحمه الله ومات الامام العالم العلامة المحدث ابو عبد الله محمد بن علي المعمر الكاملي الدمشقي الشافعي ولد سنة اربع واربعين والف واخذ العلم عن جماعة كثيرين وروى وحدث وانتهى اليه الوعظ بدمشق وكان فصيحا واذا عقد مجلس الوعظ تحت قبة النسر غصت اركانها الاربعة بالناس وكان يحضره في دروس الجامع الصغير كثير من الافاضل وتزدحم عليه الناس العوام لعذوبة تقريره روى عنه ولده عبد السلام ومحمد بن احمد الطرطوسي والشيخ ابو العباس احمد المنيني توفي في منتصف القعدة سنة احدى وثلاثين ومائة والف ومات الاستاذ بقية السلف الشيخ مصلح الدين بن ابي الصلاح عبد الحليم بن يحيى بن عبد الرحمن بن القطب سيدي عبد الوهاب الشعراني قدس سره جلس على سجادة ابيه وجده وكان رجلا صالحا مهيبا مجذوبا توفي يوم الثلاثاء تاسع ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة والف ولم يعقب الا ابنته وابن عمة له وهو سيدي عبد الرحمن استخلف بعده وابن اخت له من ابراهيم جربجي باشجاويش الجاويشية جعلوا لكل منهم الثلث في الوقف وحرر الفائظ اثني عشر كيسا ومات الاستاذ المجذوب الصاحي الشيخ احمد بن عبد الرزاق الروحي الضماطي الشناوي الجمال كان والده جمالا من اتباع المشايخ الشناوية وحفظ القرآن بالذكر والعبادة الى ان حصل له جذبة وربما اعتراه استغراق وكان من اكابر الأولياء اصحاب الكرامات توفي في رمضان سنة اربع وعشرين ومائة والف ومات الاستاذ العلامة احمد بن محمد بن احمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي الشهير بالبناء خاتمة من قام باعباء الطريقة النقشبندية بالديار المصرية ورئيس من قصد لرواية الاحاديث النبوية ولد بدمياط ونشأ بها وحفظ القرآن واشتغل بالعلوم على علماء عصره ثم ارتحل الى القاهرة فلازم الشيخ سلطان المزاحي والنور الشبراملسي فاخذ عنهما القراءات وتفقه بهما وسمع عليهما الحديث وعلى النور الاجهوري والشمس الشوبري والشهاب القليوبي والشمس البابلي والبرهان الميموني وجماعة آخرين واشتغل بالفنون من الدقة والتحقيق غاية قل ان يدركها احد من امثاله ثم ارتحل الى الحجاز فاخذ الحديث عن البرهان الكوراني ورجع الى دمياط وصنف كتابا في القراءات سماه اتحاف البشر بالقراءات الاربعة عشر ابان فيه عن سعة اطلاعه وزيادة اقتداره حتى ان الشيخ ابو النصر المنزلي يشهد بانه ادق من ابن قاسم العبادي واختصر السيرة الحلبية في مجلد والف كتابا في اشراط الساعة سماه الذخائر المهمات فيما يجب الايمان به من المسموعات وارتحل ايضا الى الحجاز وحج وذهب الى اليمن فاجتمع بسيدي احمد بن عجيل ببيت الفقيه فأخذ عنه حديث المصافحة من طريق المعمرين وتلقن منه الذكر على طريق النقشبندية وحل عليه اكسير نظره ولم يزل ملازما لخدمته الى ان بلغ مبلغ الكمال من الرجال فاجازه وامره بالرجوع الى بلده والتصدي للتسليك وتلقين الذكر فرجع واقام مرابطا بقرية قريبة من البحر المالح تسمى بعزبة البرج واشتغل بالله وتصدى للارشاد والتسليك وقصد للزيارة والتبرك والاخذ والرواية وعم النفع به لا سيما في الطريقة النقشبندية وكثرت تلامذته وظهرت بركته عليهم الى ان صاروا ائمة يقتدى بهم ويتبرك برؤيتهم ولم يزل في اقبال على الله تعالى وازدياد من الخير الى ان ارتحل الى الديار الحجازية فحج ورجع الى المدينة المنورة فادركته المنية بعد شيل الحج بثلاثة ايام في المحرم سنة سبع عشرة ومائة والف ودفن بالبقيع مساء رحمه الله واما من مات في هذه الاعوام من الامراء المشاهير فلنقتصر على ذكر بعض المشهورين مما يحسن ايراده في التبيين اذ الامر اعظم مما يحيط به المجيد فلنقتصر من الحلى على ما حسن بالجيد ما وصل علمه الي وثبت خبره لدي إذ ! في احوالهم متعذر والدواء من غير حمية غير متيسر ولم اخترع شيئا من تلقاء نفسي والله مطلع على امري وحدسي مات الامير ذو الفقار بك تابع الامير حسن بك الفقاري تولى الصنجقية وامارة الحج في يوم واحد وطلع بالحج احدى عشرة مرة وتوفي سنة اثنتين ومائة والف ومات ابنه الامير ابراهيم بك تولى الامارة بعد ابيه وطلع اميرا على الحج سنة ثلاث ومائة والف وتحارب مع العرب تلك السنة في مضيق الشرفة فكانت معركة عظيمة وامتنع العرب من حمل غلال الحرمين فركب عليهم هو ودرويش بك وكبس عليهم آخر الليل عند الجبل الاحمر وساقوا منهم نحو الف بعير ونهب بيوتهم واحضر الجمال الى قراميدان واحضر ايضا بدنة اخرى شالوا معهم الغلال والقافلة وولى من طرفه ابراهيم اغا الصعيدي زعيم مصر اخاف الناس وصار له سمعة وهيبة وطلع بالحج بعد ذلك ثلاث مرار في امن وامان وتاقت نفسه للرئاسة ولا يتم له ذلك الا بملك باب مستحفظان وكان بيد القاسمية فاعمل حيلة بمعاضدة حسن اغا بلغيه واغراء علي باشا والي مصر حين ذاك فقلد رجب كتخدا مستحفظان وسليم افندي صناجق ثم عملوا دعوة على سليم بك المذكور انحط فيها الامر على حبسه وقتله فلما راى رجب بك ذلك ذهب الى ابراهيم بك واستعفى من الامارة فقلدوه سردار جداوي وسافر من القلزم وتوفي بمكة وخلف ولدا اسمه باكير حضر الى مصر بعد ذلك ولما قتل سليم بك المذكور لا عن وارث ضبط مخلفاته الباشا لبيت المال واخذوا جميع ما في بيته الذي بالازبكية المجاور لبيت الدادة ابي القاسم الشرايبي وهو الذي اشتراه القاضي مواهب ابو مدين جربجي عزبان في سنة اربع ومائة والف وقتلوا ايضا خليل كتخدا المعروف بالجلب وقلدوا كجك محمد باش اوده باشا وصار له كلمة وسمعة ونفى مصطفى كتخدا القازدغلي الى ارض الحجاز وصفا الوقت لابراهيم بك وكجك محمد من طرفه في باب مستحفظان فعزم على قطع بيت القاسمية فاخرج ايواظ بك الى اقليم البحيرة وقاسم بك الى جهة بني سويف واحمد بك الى المنوفية وخلا له الجو وانفرد بالكلمة في مصر وصار منزله بدرب الجماميز مفتوحا ليلا ونهارا لقضاء الحوايج مع مشاركة الامير حسن اغا بلغيه ثم انه عزم على قتل ابراهيم بك ابي شنب واتفق مع الباشا على ذلك بحجة المال والغلال التي عليه فلم يتم ذلك ولم يزل المترجم اميرا على الحج الى ان مات في فصل الشحاتين سنة سبع ومائة والف وطلع بالحج خمس مرات ومات الامير اسمعيل بك الكبير الفقاري تابع حسن بك الفقاري وصهر حسن اغا بلغيه تولى الدفتردارية ثلاث سنين وسبعة اشهر ثم عزل وسافر أميرا على عسكر السفر إلى الروم ورجع إلى مصر واعيد إلى الدفتردارية ثانيا ولم يزل حتى مات سنة تسع عشرة ومائة والف فجأة ليلة السبت تاسع عشري المحرم وكانت جنازته حافلة وخلف ولده محمد بك تولى بعده الامارة وطلع بالحج سنة سبع وثلاثين ومائة والف ومات الامير حسن اغا بلغيه الفقاري اغات ككللويان واصله رومي الجنس تابع محمد جاويش فياله تولى أغاوية العزب سنة خمس وثماني والف ثم عمل متفرقة باشا سنة تسع وثمانين والف ثم عزل عنها وتقلد أغات ككللويان سنة ثلاث وتسعين وألف وكان أميرا جليلا ذا دهاء ورأي وكلمة مسموعة نافذة بارض مصر صاحب سطوة وشهامة وحسن تدبير ولا يكاد يتم امر من الامور الكلية والجزئية الا بعد مراجعته ومشورته وكل من انفرد بالكلمة في مصر يكون مشاركا له وتزوج بابنه اسمعيل بك الكبير المذكور آنفا وولد له منها ابنه محمد بك الآتي ذكره الذي تولى امارة الحج في سنة وثلاثين ومائة والف ومصطفى كتخدا القازدغلي جد القازدغلية كان اصله سراجا عنده وهو الذي رقاه حتى صار الى ما صار اليه وتفرعت عنه شجرة القازدغلية وغالب امراء مصر وحكامها يرجعون في النسبة الى احد البيتين وهم بيت بلغيه وبيت رضوان بك صاحب العمارة المتوفى سنة خمس وستين والف ولم يترك اولادا بل ترك حسن بك امير الحاج المتقدم ذكره ولاجين بك حاكم الغربية وهو صاحب السويقة المنسوبة اليه واحمد بك اباظه وشعبان بك ابا سنة وقيطاس بك جركس وقانصوه بك وعلي بك الصغير وحمزة بك هؤلاء قتلوا بعده في فتنة القاسمية بالطرانة واما امراؤه الذين يقتلوا واستمروا امراء بمصر مدة طويلة فهم محمد بك حاكم جرجا وذو الفقار بك الماحي الكبير وكان رضوان بك هذا وافر الحرمة مسموع الكلمة تولى امارة الحج عدة سنين وكان رجلا صالحا ملازما للصوم والعبادة والذكر وهو الذي عمر القصبة المعروفة به خارج باب زويلة عند بيته ووقف وقفا على عتقائه وعلى جهات بر وخيرات وكان من الفقارية واما رضوان بك ابو الشوارب القاسمي وهو سيد ايواظ بك فظهر بعد موت رضوان بك المذكور وانفرد بالكلمة بمصر مع مشاركة قاسم بك جركس واحمد بك بشناق الذي كان بقناشر السباع وهو قاتل الفقارية بالطراثة وهو ايضا عم ابراهيم بك بشناق المعروف بابي شنب سيد محمد جركس الآتي ذكره ومات قاسم بك هذا سنة اثنتين وسبعين والف وهو دفتردار بعد عزله من امارة الحج وانفرد بعد رضوان بك ابي الشوارب احمد بك ثم مات رضوان بك عن ولده ازبك بك وانفرد احمد بك بشناق بامارة مصر نحو سبعة اشهر فطلع يوم عرفه يهني شيطان ابراهيم باشا بالعيد فغدره وقتلوه بالخناجر اواخر سنة اثنتين وسبعين والف ولم يزل حسن اغا بلغيه المترجم حتى توفي سنة خمس عشرة ومائة والف على فراشه وعمره نحو تسعين سنة ولما مات حسن اغا انفرد بالكلمة بعده صهره اسمعيل بك وخضعت له الرقاب مشاركة ابراهيم بك ابي شنب بضعف ومات الامير مصطفى كتخدا القازدغلي تابع لامير حسن اغا بلغيه اصله رومي الجنس حضر الى مصر وخدم عند حسن اغا المذكور ورقاه ولم يزل حتى تقلد كتخدا مستحفظان فلما حصل ما تقدم وتقلد كجك محمد باش اوده باشا بالباب خمل ذكر مصطفى كتخدا وخمدت شهرته ثم نفاه كجك محمد الى الحجاز فأقام بها سنتين إلى إن ترجى حسن أنما عند إبراهيم بك أمير الحاج وكجك محمد في رجوعه فردوه الى مصر فأقام مع كجك محمد خاملا فاغرى به رجلا سجماني كان عنده بناحية طلخا يضرب نشابا فضرب كجك محمد من شباك الجامع بالمحجر فاصابه وملك مصطفى كتخدا باب مستحفظان ذلك اليوم ونفى وقتل وفرق من يخشى طرفه وصفا له الوقت الى ان مات على فراشه سنة خمس عشرة ومائة والف ومات كجك محمد المذكور باش اوده باشا وكان له سمعة وشهرة وحسن سياسة ولما قصر مد النيل في سنة ست ومائة والف وشرقت البلاد وكان القمح بستين نصفا فضة الاردب فزاد سعره وبيع باثنتين وسبعين فضة نزل كجك محمد الى بولاق وجلس بالتكية واحضر الامناء ومنعهم من الزيادة عن الستين وخوفهم وحذرهم واجلس بالحملة اثنين من القابجية ويرسل حماره كل يومين او ثلاثة مع الحمار يمشي به جهة الساحل ويرجع فيظنون ان كجك محمد ببولاق فلا يمنكهم زيادة في الغلة فلما قتل كما ذكر بيع القمح في ذلك اليوم بمائة نصف فضة ولم يزل يزيد حتى بلغ ستمائة نصف فضة ومما اتفق له ان بعض التجار بسوق الصاغة اراد الحج فجمع ما عنده من الذهبيات والفضيات واللؤلؤ والجواهر ومصاغ حريمة ووضعه في صندوق واودعه عند صاحب له بسوق مرجوش يسمى الخواجا علي الفيومي بموجب قائمة اخذها معه مع مفتاح الصندوق وسافر الى الحجاز وجاور هناك سنة ورجع مع الحجاج وحضر إليه احبابه واصحابه للسلام عليه وانتظر صاحبه الحاج علي الفيومي فلم يأته فسأل عنه فقيل له انه طيب بخير فأخذ شيئا من التمر واللبان والليف ووضعه في منديل وذهب اليه ودخل عليه ووضع بين يديه ذلك المنديل فقال له من انت فاني لا اعرفك قبل اليوم حتى تهاديني فقال له انا فلان صاحب الصندوق الامانة فجحد معرفته وانكر ذلك بالكلية ولم يكن بينه وبينه بينة تشهد بذلك فطار عقل الجوهري وتحير في امره وضاق صدره فأخبر بعض اصحابه فقال له اذهب الى كجك محمد اوده باشه فذهب اليه واخبره بالفضة فأمره ان يدخل الى المكان الداخل ولا يأتي اليه حتى يطلبه وارسل الى علي الفيومي فلما حضر اليه بش في وجهه ورحب به وآنسه بالكلام الحلو ورأى في يده سبحة مرجان فأخذها من يده يقلبها ويلعب بها ثم قام كأنه يزيل ضرورة واعطاها لخادمه وقال له خذ خادم الخواجا صحبتك واترك دابته هنا عند بعض الخدم واذهب صحبة الخادم الى بيته وقف عند باب الحريم واعطهم السبحة امارة وقل لهم انه اعترف بالصندوق والامانة كلما رأوا الامارة والخادم لم يشكوا في صحة ذلك وعندما رجع كجك محمد الى مجلسه قال للخواجا بلغني ان رجلا جواهرجي اودع عندك صندوقا امانة ثم طلبه فأنكرته فقال لا وحياة راسك ليس له اصل وكأني اشتبهت عليه او انه خرفان وذهلان ولا اعرفه قبل ذلك ولا يعرفني ثم سكتوا واذا بتابع الاوده والخادم داخلين بالصندوق على حمار فوضعوه بين ايديهما فامتنع وجه الفيومي واسفر لونه فطلب الاودة باشه صاحب الصندوق فحضر فقال له هذا صندوقك قال له نعم قال له عندك قائمة بما فيه قال معي واخرجها من جيبه مع المفتاح فتناولها الكاتب وفتحوا الصندوق وقابلوا ما فيه على موجب القائمة فوجده بالتمام فقال له خذ متاعك واذهب فأخذه وذهب الى داره وهو يدعو له ثم التفت الى الخواجا علي الفيومي وهو ميت في جلده ينتظر ما يفعل به فقال له صاحب الامانة اخذها وايش جلوسك فقام وهو ينفض غبار الموت وذهب واتفق ان احمد البغدادي اقم مدة يرصد المترجم يمر من عطفه النقيب ليضربه ويقتله الى ان صادفه فضربه بالبندقية من الشباك فلم تصبه وكسرت زاوية حجر واخبروه انها من يد البغدادلي فاعرض عن ذلك وقال الرصاص مرصود والحي ماله قاتل وتقلد باش اوده باشه سنة خمس وثمانين والف فتحركت عليه طائفته وارادوا قتله فخرج من وجاقه الى وجاق آخر وعمل شغله في قتل كبار المتعصبين عليه وهم ذو الفقار كتخدا وشريف احمد باشجاويش باتفاق مع عابدي باشا المتولي اذ ذاك خفية فقتل الباشا الشريف احمد جاويش في يوم الخميس خامس الحجة سنة تسع وثمانين والف وهرب ذو الفقار الى طندتا فأرسلوا خلفه فرمانا خطابا لاسمعيل كاشف الغربية بقتله فركب الى طندتا وقتله وارسل دماغه وذلك بعد موت احمد جاويش بعشرة ايام ورجع كجك محمد الى مكانه كما كان واستمر مسموع الكلمة ببابه الى ان ملك الباب جربجي سليمان كتخدا مستحفظان في سنة اربع وتسعين والف ونفى كجك محمد الى بلاد الروم ثم رجع في سنة خمس وتسعين والف بسعاية بعض اكابر البلكات بشرط ان يرجع الى لبس الضلمة ولا يقارش في شيء فاستمر خامل الذكر الى ان مات جربجي سليمان على فراشه فعند ذلك ظهر امر المترجم وعمل باش اوده باشا كما كان ولم يزل الى سنة سبع وتسعين والف فاستوحش من سليم افندي كاتب كبير مستحفظان ورجب كتخدا فانتقل الى وجاق جمليان وعمل جربجي وسافر هجان باشا ثم رجع الى بابه سنة تسع وتسعين والف كما كان بمعاضدة ابراهيم بك الفقاري واتفق معه على هلاك سليم افندي ورجب كتخدا فولوهما الصنجقية وقتلوهما كما ذكر وكان سليم افندي المذكور قاسمي النسبة واستمر كجك محمد مسموع الكلمة نافذ الحرمة الى ان قتل غيلة كما ذكر في طريق المحجر في يوم الخميس سابع المحرم سنة ست ومائة والف ومات الامير عبد الله بك بشناق الدفتردار تولى الدفتردارية سنة ثلاث ومائة والف ثم عزل عنها بعد خمسة اشهر وعشرين يوما وسافر اميرا على العسكر الى الروم ورجع الى مصر وتولى قائمقام عندما عزل حسن باشا السلحدار في سنة اثنتين وذلك قبل سفره وحضر احمد باشا ثم عزل بعد ذلك المترجم من الدفتردارية واستمر اميرا الى ان مات سنة خمس عشرة ومائة والف على فراشه ومات الامير سليمان بك الارمني المعروف ببارم ذيله تولى الصنجقية سنة اثنتين ومائة والف وكان وجيها ذا مال وخدم ومماليك وتولى كشوفيات المنوفية والغربية مرارا عديدة ولم يزل في امارته الى ان توفي على فراشه سنة احدى وعشرين ومائة والف وخلف ولدا يسمى عثمان جلبي تقلد امارة والده بعده وكان جميلا وجيها حاذقا يحب مطالعة الكتب ونشد الاشعار وتقلد كشوفية المنوفية والغربية والبحيرة وكان فارسا شجاعا ولم يزل حتى هرب مع من هرب في واقعة محمد بك قطامش سنة سبع وعشرين ومائة والف فاختفى بمصر ونهب بيته واستمر مخفيا الى ان مات بالطاعون سنة ثلاثين ومائة والف وخرجوا بمشهده جهارا ومات وعمره سبع وثلاثون سنة ومات الامير حمزة بك تابع يوسف بك جلب القرد تأمر بعد سيده سنة عشرة ومائة والف فمكث خمس سنوات اميرا ثم سافر بالخزينة ومات بالطريق سنة ست عشرة ومائة والف ومات قبله سيده الامير يوسف بك القرد تولى الصنجقية سنة ثلاث وسبعين والف وتولى امارة الحج ولم يزل حتى توفي سنة عشر والف ومات الامير رمضان بك تولى الامارة سنة سبع وسبعين والف وعمل قائمقام عندما عزل احمد باشا الدفتردار وسبب ذلك انه لما ورد احمد باشا المذكور واليا على مصر في سنة ست وثمانين والف واشيع عنه بان قصده احداث مظالم على البيوت والدكاكين والطواحين مثل الشام ويفتش على الجوامك وغيرها فاجتمع العسكر في خامس الحجة بالرميلة وقاموا قومة واحدة وقطعوا عبد الفتاح افندي الشعراوي كاتب مقاطعة الغلال وهو نازل من الديوان وكان قبل تاريخه ذهب الى الديار الرومية وحضر صحبته احمد باشا فاتهموه بانه هو الذي اغرى الباشا على ذلك ولما نزل الامراء وارباب الديوان قام عليهم العسكر والعامة وقالوا لهم لا بد من نزول الباشا والا طلعنا اليه وقطعناه قطعا فطلعوا الى الباشا فعرضوا عليه ذلك فامتنع وتكرر مراجعته والعسكر والناس يزيد اجتماعهم الى قريب العصر فلم يسعه الا النزول بالقهر عنه الى بيت حاجي باشا بالصليبة وولوا رمضان بك هذا قائمقام فلم يزل حتى ورد عبد الرحمن باشا في سادس جمادي الآخرة من سنة سبع وثمانين والف ولم يزل المترجم اميرا حتى مرض ومات سنة ثلاث عشرة ومائة والف ومات الامير درويش بك الفلاح تولى الامارة سنة خمس وتسعين والف ومات سنة ثمان ومائة والف ومات الامير درويش بك جركس الفقاري وهو سيد ايوب بك تولى الامارة سنة ثمان وتسعين والف ومات سنة خمس ومائة والف ومات الامير كتخدا عزبان البيرقدار وكان صاحب صولة وعز في بابه وكلمة وشهرة مع مشاركة محمد كتخدا البيقلي وكان المترجم شهير الذكر وبيته مفتوح وتسعى اليه الامراء والاعيان ويقضي حوائج الناس ويسعى في اشغالهم وظهر في ايامه احمد اوده باشه القيومجي وظالم علي جاويش عزبان مات المترجم ثالث عشري رمضان سنة سبع ومائة والف على فراشه بمنزله ناحية المظفر ومات ايضا محمد كتخدا البيقلي في ثالث عشري رمضان سنة خمس ومائة والف بمنزله بسوق السلاح وعمره ولده بعد موته وهو يوسف كتخدا عزبان وكالة سنة ست عشرة ومائة والف ومات الامير احمد جربجي عزبان المعروف بالقيومجي وسبب تسميته بالقيومجي ان سيده حسن جربجي كان اصله صائغا ويقال له باللغة التركية قيومجي فاشتهر بذلك وكان سيده في باب مستحفظان واحمد هذا عزبان وكان المشارك لاحمد جربجي في الكلمة على جاويش المعروف بظالم علي والى الى ان لبس ظالم علي كتخدا الباب سنة ثمان ومائة والف ومضى عليه نحو سبعة اشهر فانتبذ احمد جربجي وملك الباب على حين غفلة وانزل علي كتخدا الى الكشيدة فخاف على نفسه ظالم علي فالتجأ الى وجاق تفكجيان فسعى اليه جماعة منهم ومن اعيان مستحفظان وردوه الى بابه بان يكون اختياريا وضمنوه فيما يحدث منه فاستمر مع احمد كتخدا معززا الى ان مات ظالم علي على فراشه بمنزله بالجبانية الملاصق للحمام سنة خمس عشرة ومائة والف وانفرد بالكلمة احمد كتخدا ولم يزل الى ان مات على فراشه بمنزله ببولاق سنة عشرين ومائة والف وكان سخيا يضرب بكرمه المثل وكان به بعض عرج بفخذه الايسر بسبب سقطة سقطها من على الحمار وهو اوده باشا ومات الامير الكبير المقدام ايواظ بك والد الامير اسمعيل بك واصل اسمه عوض فحرفت باعوجاج التركية الى ايواظ فان اللغة التركية ليس فيها الضاد فابدلت وحرفت بما سهل على لسانهم حتى صارت ايواظ وهو جركس الجنس قاسمي تابع مراد بك الدفتردار القاسمي الشهيد بالغزاة ومراد بك تابع ازبك بك امير الحاج سابقا ابن رضوان بك ابي الشوارب المشهور المتقدم ذكره تولى الامارة عوضا عن سيده مراد بك الشهيد بالغزاة في سنة سبع ومائة والف وفي سنة عشر ومائة والف ورد مرسوم من الدولة خطابا لحسين باشا والي مصر اذ ذاك بالامر بالركوب على المتغلب عبد الله وافي المغربي بجهة قبلي ومن معه من العربان واجلائهم عن البلاد وحضرت جماعة من الملتزمين والفلاحين يشكون ويتظلمون من المذكورين فجمع حسين باشا الامراء والاغوات وامرهم بالتهيؤ للسفر صحبته فقالوا نحن نتوجه جميعا واما انت فتقيم بالقلعة لاجل تحصيل الاموال السلطانية ثم وقع الاتفاق على اخراج تجريدة واميرها ايواظ بك وصحبته الف نفر من الوجاقات ويقرروا له على كل بلد كبيرة ثلاثة آلاف نصف فضة والصغيرة الف وخمسمائة فأجابهم الى ذلك وجعلوا لكل نفر ثلاثة آلاف فضة وللامير عشرة اكياس وخلع عليه الباشا قفطانا وخرج في يوم السبت سابع عشر جمادي الأخرة بموكب عظيم ونزل بدير الطين فبات به واصبح متوجها الى قبلي ثم ورد منه في حادي عشر رجب يذكر كثرة الجموع ويطلب الامداد فعمل الباشا ديوانا وجمع الامراء واتفقوا على ارسال خمسة من الامراء الصناجق وهم ايوب بك امير الحاج حالا واسمعيل بك الدفتردار وابراهيم بك ابو شنب وسليمان بك قيطاس واحمد بك ياقوت زاده واغوات الاسباهية الثلاثة واتباعهم وانفارهم فتهيأوا وسافروا ونزلوا بالجيزة واقاموا بها اياما فورد الخبر ان ايواظ بك تحارب مع العربان وهزمهم وفروا الى الوجه البحري من طريق الجبل ورجع الامراء الى مصر وفي شوال نزلت جماعة من العربان بكرداسة فكسبهم ذو الفقار كاشف الجيزة وقتل منهم اربعة وسبعين رجلا وطلع برؤوسهم الى الديوان ثم ورد الخبر بان جمع ابي زيد بن وافي نزل بوادي الطرانة فاحتاط به قائمقام البحيرة وقتل من معه من الرجال واحتاط بالاموال والمواشي ولما بلغ بقية العربان ما حصل لابي زيد ضاقت بهم الارض ففروا الى الواحات واقاموا بها مدة حتى اخربوها واغلوها وانقطعت السيارة فالجأتهم الضرورة الى ان هبطوا في صعيد مصر بمحاجر الجعافرة بالقرب من اسنا وصحبتهم علي ابو شاهين شيخ النجمة وحصل منهم الضرر فلما بلغ ذلك عبد الرحمن بك اغرى بهم عربان هوارة فاحتاطوا بهم ونهبوهم واخذوا منهم جملة كبيرة من الجمال وغيرها ففروا فتبعهم خيل هوارة الى حاجز منفلوط فتبعهم عبد الرحمن بك ومن معه من الكشاف فاثخنوهم قتلا ونهبا واخذوا منهم الفا وسبعمائة جمل باحمالها وهرب من بقي وما زالوا كلما هبطوا ارضا قاتلهم اهلها الى ان نزلوا الفيوم بالغرق وافترق منهم ابو شاهين بطائفة الى ولاية الجيزة فعين لهم الباشا تجريدة ذهبوا خلفهم الى الجسر الاسود فوجدوهم عدوا الى المنوفية واما ايواظ بك فانه من حين نزوله الى الصعيد وهو يجاهد ويحارب في العربان حتى شتت شملهم وفرق جمعهم فتلقاهم عبد الرحمن بك فأذاقهم اضعاف ذلك وحضر ايواظ بك الى مصر ودخل في موكب عظيم والرؤوس محمولة معه وطلعوا الى القلعة وخلع عليه الباشا وعلى السدادرة الخلع السنية ونزلوا الى منازلهم في ابهة عظيمة وتولى كشوفية الاقاليم الثلاثة على ثلاث سنوات ورجع الى مصر وحضر مرسوم بسفر عسكر الى البلاد الحجازية وعزل الشريف سعد وتولية الشريف عبد الله واميرها ايواظ بك فخلع عليه الباشا وشهل له جميع احتياجاته وبرز الى العادلية وصحبته السدادرة وسار برا في غير اوان الحج ولما وصل الى مكة جمع السدادرة القدم والجدد وحاربوا الشريف سعدا وهزموه وملك دار السعادة واجلس الشريف عبد الله عوضه وقتل في الحرابة رضوان اغا ولده وكان خازنداره واقام بمكة الى ايام الحج اتى اليه مرسوم بانه يكون حاكم جدة وكانت امارة جدة لامراء مصر اقام بجدة وحاز منها شيئا كثيرا وكان الوكيل عنه بمصر يوسف جربجي الجزار عزبان ويرسل له الذخيرة وما يحتاجه من مصر وتولى المترجم امارة الحج سنة اثنتين وعشرين وقتل في تلك السنة وذلك انه اشتدت الفتنة بين العرب والينكجرية وحضر محمد بك حاكم الصعيد معينا للينكجرية وصحبته السواد الأعظم من العسكر والعرب والمغاربة والهوارة فنزل بالبساتين ثم دخل الى مصر بجموعه نزل ببيت آقبراي وحارب المتترسين بجامع السلطان حسن وكان به محمد بك الصغير وهو تابع قيطاس بك مع من انضم اليه من اتباع ابراهيم بك وايواظ بك ومماليكه فكانت النصرة لمحمد بك الصغير بعد امور وحروب وانتقل محمد بك جرجا الى جهة الصليبة ووقعت امور يطول شرحها مشهورة من قتل ونهب وخراب اماكن وطال الامر ثم ان الامراء اجتمعوا بجامع بشتاك وحضر معهم طائفة من العلماء والاشراف واتفقوا على عزل خليل باشا واقامة قانصوه بك قائمقام وولوا مناصب واغوت ووالي ووصل الخبر الى الباشا ومن معه فحرض الينكجرية وفيهم افرنج احمد ومحمد بك جرجا ومن معه على الحرب ووقعت حروب عظيمة بين الفريقين عدة ايام وصار قانصوه بك يرسل بيولديات وتنابيه وارسل الى محمد بك جرجا يأمره بالتوجه الى ولايته ويجتهد في تحصيل المال والغلال السلطانية فعندما وصل اليه البيورلدي قام وقعد واحتد واشتد بينهم الجلاد والقتال واجتمع الامراء والصناجق والاغوات عند قائمقام ورتبوا امورهم وذهبت طائفة لمحاربة منزل ايوب بك الى ان ملكوه بعد وقائع ونهبوه وخرج ايوب بك هاربا وكذلك منزل احمد اغا التفكجية بعد قتله وخرج ايضا محمد اغا الشاطر وعلي جلبي الترجمان وعبد الله الوالي ولحقوا بأيوب بك وفروا الى جهة الشام وخرج محمد بك الكبير الى جهة قبلي وانتهبت جميع بيوت الخارجين وبيت محمد بك الكبير واحمد جربجي القنيلي واحرقوا بيت ايوب بك وما لاصقه من البيوت والحوانيت والرباع وفي اثناء ذلك خروج من ذكر ايام اشتداد الحرب خرج محمد بك بمن معه الى جهة قصر العيني فوصل الخبر الى ايواظ بك فركب مع من معه ورفع القواس المزراق امام الصنجق فانشبك في سكفة الباب وانكسر فقالوا للصنجق كسر المزراق قال وتطيروا من ذلك فقال لعل بموتي ينصلح الحال وطلب مزراقا آخر وسار الى جهة القبر الطويل فظهر محمد بك والهوارة فتحاربوا معهم فانهزم رجال محمد بك وفر هو ومن معه الى السواق فطمع فيهم ايواظ بك ورمح خلفهم وكان محمد بك اجلس جماعة سجمانية على السواقي لمنع من يطرد خلفهم عند الانهزام فرموا عليهم رصاصا فأصيب ايواظ بك وسقط من على جواده وحصل بعد ذلك ما حصل من الحروب ونصرة القاسمية والعزب وهروب المذكورين وعزل الباشا ودفن ايواظ بك بتربة ابي الشوارب وكان اميرا خيرا شهما حزن عليه كثير من الناس وخلف ولده السعيد البشهيد اسمعيل بك الشهير السابق ذكره والآتي ترجمته وما وقع له ولاخيه محمد بك المعروف بالمجنون ومصطفى بك وخلف عدة من المماليك والامراء ومنهم يوسف بك الجزار وغيره ومات الامير ايوب بك تابع درويش بك وهو كان ممن تسبب في اثارة الفتننة المذكورة وتولى كبرها مع افرنج احمد وارسل الى محمد بك جرجا فحضر اليه معينا ومعه من ذكر من اخلاط العالم وحصل ما حصل واصله جركس الجنس ومن الفقارية تولى امارة الحج بعد موت ابراهيم بك ذي الفقار سنة سبع ومائة والف وطلع بالحج عشر مرات وعزل سنة سبع عشرة ومائة والف وتولى الدفتردارية ثم عزل عنها وقعت الفتنة وقهر فيها وخرج من مصر هاربا مع من هرب الى جهة الشام وذهب الى اسلامبول ولم يزل بها حتى مات سنة اربع وعشرين ومائة والف طريدا غريبا وحيدا بعد الذي رآه من العز والجاه بمصر وخلف من الاولاد الذكور الاناث اثني عشر لم ينتج منهم احد عاشوا وماتوا فقراء لان ماله انتهب في الفتنة
● [ لهذا الجزء بقية فتابعها ] ●
عجائب الآثار في التراجم والأخبار المؤلف : عبد الرحمن بن حسن الجبرتي مجلة نافذة ثقافية ـ البوابة