منتدى دنيا الكراكيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع

    avatar
    كراكيب
    Admin


    عدد المساهمات : 2419
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع Empty الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع

    مُساهمة من طرف كراكيب الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 16:06

    الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع Mawlod10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة العلوم الشرعية
    تحفة المودود بأحكام المولود
    الباب التاسع : في ختان المولود وأحكامه
    الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع 1410
    ● [ تمهيد ] ●

    الباب التاسع : في ختان المولود وأحكامه وفيه أربعة عشر فصلا
    1 - الفصل الأول في معنى الختان واشتقاقه ومسماه
    2 - الفصل الثاني في ختان ابراهيم الخليل والأنبياء من بعده
    3 - الفصل الثالث في مشروعيته وأنه من أصل الفطرة
    4 - الفصل الرابع في اختلاف أهل العلم في وجوبه
    5 - الفصل الخامس في وقت الوجوب
    6 - الفصل السادس في اختلافهم في الختان في السابع من الولادة هل هو مكروه أم لا وحجة الفريقين
    7 - الفصل السابع في أحكام الختان وفوائده
    8 - الفصل الثامن في بيان القدر الذي يؤخذ في الختان
    9 - الفصل التاسع في أن حكمه يعم الذكر والأنثى
    10 - الفصل العاشر في حكم جناية الخاتن وسراية الجناية
    11 - الفصل الحادي عشر في أحكام الأقلف في طهارته وصلاته وإمامته وذبيمته وشهادته
    12 - الفصل الثاني عشر في المسقطات لوجوبه
    13 - الفصل الثالث عشر في ختان نبينا محمد والاختلاف فيه هل ولد مختونا أو ختن بعد الولادة ومتى ختن
    14 - الفصل الرابع عشر في حكمه التي لأجلها يبعث الناس يوم القيامة غرلا غير مختونين
    ● [ الفصل الأول ] ●
    في بيان معناه واشتقاقه

    الختان اسم لفعل الخاتن وهو مصدر كالنزال والقتال ويسمى به موضع الختن أيضا ومنه الحديث إذا التقى الختانان وجب الغسل ويسمى في حق الأنثى خفضا يقال ختنت الغلام ختنا وخفضت الجارية خفضا ويسمى في الذكر إعذارا أيضا وغير المعذور يسمى أغلف وأقلف وقد يقال الإعذار لهما أيضا قال في الصحاح قال أبو عبيدة عذرت الجارية والغلام أعذرهما عذرا ختنتهما وكذلك أعذرتهما قال والأكثر حفضت الجارية والقلفة والغرلة هي الجلدة التي تقطع قال وتزعم العرب أن الغلام إذا ولد في القمر فسنمت قلفته فصار كالمختون فختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وهو الذي ترتبت الأحكام على تغييبه في الفرج فيترتب عليه أكثر من ثلاثمائة حكم وقد جمعها بعضهم فبلغت أربعمائة إلا ثمانية أحكام وأما ختان المرأة فهي جلدة كعرف الديك فوق الفرج فإذا غابت الحشفة في الفرج حاذى ختانه ختانها فإذا تحاذيا فقد التقيا كما يقال التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتضاما والمقصود أن الختان اسم للمحل وهي الجلدة التي تبقى بعد القطع واسم للفعل وهو فعل الخاتن ونظير هذا السواك فإنه اسم للآلة التي يستاك بها وقد يطلق الختان على الدعوة إلى وليمته كما تطلق العقيقة على ذلك أيضا
    ● [ الفصل الثاني ] ●
    في ذكر ختان إبراهيم الخليل والأنبياء بعده
    صلى الله عليهم أجميعن

    في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم قال البخاري القدوم مخففة وهو اسم موضع وقال المروزي سئل أبو عبد الله هل ختن إبراهيم عليه السلام نفسه بقدوم قال بطرف القدوم وقال أبو داود وعبد الله بن أحمد وحرب إنهم سألوا أحمد عن قوله اختتن بالقدوم قال هو موضع وقال غيره هو اسم للآلة واحتج بقول الشاعر فقلت أعيروني القدوم لعلني . أخط به قبرا لأبيض ماجد
    وقالت طائفة من رواه مخففا فهو اسم الموضع ومن رواه مثقلا فهو اسم الآلة وقد رويت قصة ختان الخليل بألفاظ يوهم بعضها التعارض ولا تعارض فيها بحمد الله ونحن نذكرها ففي صحيح البخاري من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم وفي لفظ اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة بالقدوم مخففة وفي حديث يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مثله وقال يحيى والقدوم الفأس وقال النضر بن شميل قطعه بالقدوم فقيل له يقولون قدوم قرية بالشام فلم يعرفه وثبت على قوله قال الجوهري القدوم الذي ينحت به مخفف قال ابن السكيت ولا تقل قدوم بالتشديد قال والقدوم أيضا اسم موضع مخفف والصحيح أن القدوم في الحديث الآلة لما رواه البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا أبو عبد الرحمن المقري حدثنا موسى بن علي قال سمعت أبي يقول إن إبراهيم الخليل أمر أن يختن وهو ابن ثمانين سنة فعجل فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فدعا ربه فأوحى الله إليه إنك عجلت قبل أن نأمرك بالآلة قال يا رب كرهت أن أؤخر أمرك قال وختن إسماعيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة وختن إسحاق وهو ابن سبعة أيام وقال حنبل حدثنا عاصم حدثنا أبو أويس قال حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي قال إبراهيم أول من اختتن وهو ابن مائة وعشرين سنة اختتن بالقدوم ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة ولكن هذا حديث معلول رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قوله ومع هذا فهو من رواية أبي أويس عبد الله ابن عبد الله المدني وقد روى له مسلم في صحيحه محتجا به وروى له أهل السنن الأربعة وقال أبو داود وهو صالح الحديث واختلفت الرواية فيه عن ابن معين فروى عنه الدوري في حديثه ضعف وروى عنه توثيقه ولكن المغيرة بن عبد الرحمن وشعيب بن أبي حمزة وغيرهما رووا عن أبي الزناد خلاف ما رواه أبو أويس وهو ما رواه أصحاب الصحيح أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة وهذا أولى بالصواب وهو يدل على ضعف المرفوع والموقوف وقد أجاب بعضهم بأن قال الروايتان صحيحتان ووجه الجمع بين الحديثين يعرف من مدة حياة الخليل فإنه عاش مائتي سنة منها ثمانون غير مختون ومنها عشرون ومائة سنة مختونا فقوله اختتن لثمانين سنة مضت من عمره والحديث الثاني اختتن لمائة وعشرين سنة بقيت من عمره في هذا الجمع نظر لا يخفى فإنه قال أول من اختتن إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة ولم يقل اختتن لمائة وعشرين سنة وقد ذكرنا رواية يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موقوفا عليه أنه اختتن وهو ابن مائة وعشرين سنة والرواية الصحيحة المرفوعة عن أبي هريرة تخالف هذا على أن الوليد بن مسلم قد قال أخبرني الأوزاعي عن يحيى ابن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يرفعه قال اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة وهذا حديث معلول فقد رواه جعفر بن عون وعكرمة بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي هريرة قوله والمرفوع الصحيح أولى منه والوليد بن مسلم معروف بالتدليس قال هيثم بن خارجة قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي قال كيف قلت تروي عن الأوزاعي عن نافع وعن الأوزاعي عن الزهري وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري إبراهيم بن ميسرة وقرة وغيرهما فما يحملك على هذا قال أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء قلت فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء ضعاف أصحاب أحاديث مناكير فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات ضعفت الأوزاعي فلم يلتفت إلى قولي وقال أبو مسهر كان الوليد بن مسلم يحدث بأحاديث الأوزاعي عن الكذابين ثم يدلسها عنهم وقال الدارقطني الوليد بن مسلم يروي عن الأوزاعي أحاديث هي عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي مثل نافع وعطاء والزهري فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي عن عطاء وقال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله كان الوليد رفاعا وفي رواية المروزي هو كثير الخطأ وقد روى هذا الحديث من غير هذا الطريق من نسخة نبيط بن شريط عن النبي أول من أضاف الضيف إبراهيم وأول من لبس السراويل إبراهيم وأول من اختتن إبراهيم بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة وهذه النسخة ضعفها أئمة الحديث وبالجملة فهذا الحديث ضعيف معلول لا يعارض ما ثبت في الصحيح ولا يصح تأويله بما ذكره هذا القائل لوجوه أحدها أن لفظه لا يصلح له فإنه قال اختتن وهو ابن عشرين ومائه سنة الثاني أنه قال ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة الثالث أن الذي يحتمله على تفسير واستكراه قوله اختتن لمائة وعشرين سنة ويكون المراد بقيت من عمره لا مضت والمعروف في مثل هذا الاستعمال إنما هو إذا كان الباقي أقل من الماضي فإن المشهور من استعمال العرب في خلت وبقيت أنه من أول الشهر إلى نصفه يقال خلت وخلون ومن نصفه إلى آخره بقيت وبقين فقوله لمائة وعشرين بقيت من عمره مثل أن يقال لاثنتين وعشرين ليلة بقيت من الشهر وهذا لا يسوغ وبالله التوفيق والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماما للناس وقد روى أنه أول من اختتن كما تقدم والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فأنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرم لحم الخنزير وحرم كسب السبت وصلى إلى الصخرة ولم يصم خمسين يوما وهو الصيام الذي يسمونه الصوم الكبير وفي جامع الترمذي ومسند الإمام أحمد من حديث أبي أيوب قال قال رسول الله أربع من سنن المرسلين الحياء والتعطر والسواك والنكاح قال الترمذي هذا حديث حسن غريب واختلف في ضبطه فقال بعضهم الحياء بالياء والمد وقال بعضهم الحناء بالنون وسمعت شيخنا أبا الحجاج الحافظ المزي يقول وكلاهما غلط وإنما هو الختان فوقعت النون في الهامش فذهبت فاختلف في اللفظة قال وكذلك رواه المحاملي عن الشيخ الذي روى عنه الترمذي بعينه فقال الختان قال وهذا أولى من الحياء والحناء فإن الحياء خلق والحناء ليس من السنن ولا ذكره النبي في خصال الفطرة ولا ندب أليه بخلاف الختان
    فصل في ختان الرجل نفسه بيده
    قال المروزي سئل أبو عبد الله عن الرجل يختن نفسه فقال إن قوي وقال الخلال أخبرني عبد الكريم بن الهيثم قال سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يختن نفسه قال إن قوي على ذلك قال وأخبرني محمد بن هارون أن إسحاق حدثهم أن أبا عبد الله سئل عن المرأة يدخل عليها زوجها لم تختتن يجب عليها الختان فقال الختان سنة حسنة وذكر نحو مسألة المروزي في ختان نفسها قيل له فإن قويت على ذلك قال ما أحسنه وسئل عن الرجل يختن نفسه قال إذا قوي عليه فهو حسن وهي سنة حسنة
    ● [ الفصل الثالث ] ●
    في مشروعيته وأنه من خصال الفطرة

    وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط فجعل الختان رأس خصال الفطرة وإنما كانت هذه الخصال من الفطرة لأن الفطرة هي الحنيفية ملة إبراهيم وهذه الخصال أمر بها إبراهيم وهي من الكلمات التي ابتلاه ربه بهن كما ذكر عبد الرزاق عن معمر عن طاوس عن أبيه عن ابن عباس في هذه الآية قال ابتلاه بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد خمس في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفي الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء والفطرة فطرتان فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه وفطرة عملية وهي هذه الخصال فالأولى تزكي الروح وتطهر القلب والثانية تطهر البدن وكل منهما تمد الأخرى وتقويها وكان رأس فطرة البدن الختان لما سنذكره في الفصل السابع إن شاء الله وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال قال رسول الله من الفطرة أو الفطرة المضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك وتقليم الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط والاستحداد والاختتان والانتضاح وقد اشتركت خصال الفطرة في الطهارة والنظافة وأخذ الفضلات المستقذرة التي يألفها الشيطان ويجاورها من بني آدم وله بالغرلة اتصال واختصاص ستقف عليه في الفصل السابع إن شاء الله وقال غير واحد من السلف من صلى وحج واختتن فهو حنيف فالحج والختان شعار الحنيفة وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها قال الراعي يخاطب أبا بكر رضي الله عنه
    أخليفة الرحمن إنا معشر . حنفاء نسجد بكرة وأصيلا
    عرب نرى لله في أموالنا . حق الزكاة منزلا تنزيلا
    ● [ الفصل الرابع ] ●
    في الاختلاف في وجوبه واستحبابه

    اختلف الفقهاء فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد هو واجب وشدد فيه مالك حتى قال من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة ولكن السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض الفرض وبين الندب وإلا فقد صرح مالك بأنه لا تقبل شهادة الأقلف ولا تجوز إمامته وقال الحسن البصري وأبو حنيفة لا يجب بل هو سنة وكذلك قال ابن أبي موسى من أصحاب أحمد هو سنة مؤكدة ونص أحمد في رواية أنه لا يحب على النساء واحتج الموجبون له بوجوه أحدها قوله تعالى ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) النحل 123 والختان من ملته لما تقدم
    الوجه الثاني ما رواه الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه جاء إلى النبي فقال قد أسلمت قال ألق عنك شعر الكفر يقول احلق وأخبرني آخر معه أن النبي قال لآخر الق عنه شعر الكفر واختتن ورواه أبو داود عن مخلد بن خالد عن عبد الرزاق وحمله على الندب في إلقاء الشعر لا يلزم منه حمله عليه في الآخر
    الوجه الثالث قال حرب في مسائلة عن الزهري قال قال رسول الله من أسلم فليختتن وإن كان كبيرا وهذا وإن كان مرسلا فهو يصلح للاعتضاد
    الوجه الرابع ما رواه البيهقي عن موسى بن إسماعيل بن جعفر بن محمد ابن علي بن حسين بن علي عن آبائه واحدا بعد واحد عن علي رضي الله عنه قال وجدنا في قائم سيف رسول الله في الصحيفة أن الأقلف لا يترك في الاسلام حتى يختتن ولو بلغ ثمانين سنة قال البيهقي هذا حديث ينفرد به أهل البيت بهذا الاسناد
    الوجه الخامس ما رواه ابن المنذر من حديث أبي برزة عن النبي في الأغلف لا يحج بيت الله حتى يختتن وفي لفظ سألنا رسول الله عن رجل أقلف يحج بيت الله قال لا حتى يختتن ثم قال لا يثبت لأن إسناده مجهول
    الوجه السادس ما رواه وكيع عن سالم أبي العلاء المرادي عن عمرو ابن هرم عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال الأقلف لا تقبل له صلاة ولا تؤكل ذبيحته وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن عبيد عن سالم المرادي عن عمرو ابن هرم عن جابر بن زيد عن ابن عباس لا تؤكل ذبيحة الأقلف وقال حنبل في مسائلة حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة قال لا تؤكل ذبيحة الأقلف قال وكان الحسن لا يرى ما قال عكرمة قال وقيل لعكرمة أله حج قال لا قال حنبل قال أبو عبد الله لا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له ولا حج حتى يطهر وهو من تمام الإسلام قال حنبل وقال أبو عبد الله الأقلف لا يذبح ولا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له وقال عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال الأقلف لا تحل له صلاة ولا تؤكل له ذبيحة و لا يجوز له الشهادة قال قتادة وكان الحسن لا يرى ذلك
    الوجه السابع أن الختان من أظهر الشعائر التي يفرق بها بين المسلم والنصراني فوجوبه أظهر من وجوب الوتر وزكاة الخيل ووجوب الوضوء على من قهقه في صلاته ووجوب الوضوء على من احتجم أو تقيأ أو رعف ووجوب التيمم إلى المرفقين ووجوب الضربتين على الأرض وغير ذلك مما وجوب الختان أظهر من وجوبه وأقوى حتى إن المسلمين لا يكادون يعدون الأقلف منهم ولهذا ذهب طائفة من الفقهاء إلى أن تكبير يجب عليه أن يختتن ولو أدى الى تلفة كما سنذكره في الفصل الثاني عشر إن شاء الله تعالى
    الوجه الثامن أنه قطع شرع الله لا تؤمن من سرايته فكان واجبا كقطع يد السارق
    الوجه التاسع أنه لا يجوز كشف العورة له لغير ضرورة ولا مداواة فلو لم يجب لما جاز لأن الحرام لا يلتزم للمحافظة على المسنون
    الوجه العاشر أنه لا يستغنى فيه عن ترك واجبين وارتكاب محظورين أحدهما كشف العورة في جانب المختون والنظر الى عورة الأجنبي في جانب الخاتن فلو لم يكن واجبا لما كان قد ترك له واجبان وارتكب محظوران
    الوجه الحادي عشر ما احتج به الخطابي قال أما الختان فإنه وإن كان مذكورا في جملة السنن فإنه عند كثير من العلماء على الوجوب وذلك أنه شعار الدين وبه يعرف المسلم من الكافر وإذا وجد المختون بين جماعة قتلى غير مختونين صلى عليه ودفن في مقابر المسلمين
    الوجه الثاني عشر أن الولي يؤلم فيه الصبي ويعرضه للتلف بالسراية ويخرج من ماله أجرة الخاتن وثمن الدواء ولا يضمن سرايته بالتلف ولو لم يكن واجبا لما جاز ذلك فإنه لا يجوز إضاعة ماله وإيلامه الألم البالغ وتعريضه للتلف بفعل ما لا يجب فعله بل غايته أن يكون مستحبا وهذا ظاهر بحمد الله
    الوجه الثالث عشر أنه لو لم يكن واجبا لما جاز للخاتن الإقدام عليه وإن أذن فيه المختون أو وليه فإنه لا يجوز له الإقدام على قطع عضو لم يأمر الله ورسوله بقطعه ولا أوجب قطعه كما لو أذن له في قطع أذنه أو إصبعه فإنه لا يجوز له ذلك ولا يسقط الإثم عنه بالإذن وفي سقوط الضمان عنه نزاع
    الوجه الرابع عشر أن الأقلف معرض لفساد طهارته وصلاته فإن القلفة تستر الذكر كله فيصيبها البول ولا يمكن الاستجمار لها فصحة الطهارة والصلاة موقوفة على الختان ولهذا منع كثير من السلف والخلف إمامته وإن كان معذورا في نفسه فإنه بمنزلة من به سلس البول ونحوه فالمقصود بالختان التحرز من احتباس البول في القلفة فتفسد الطهارة والصلاة ولهذا قال ابن عباس فيما رواه الإمام أحمد وغيره لا تقبل له صلاة ولهذا يسقط بالموت لزوال التكليف بالطهارة والصلاة
    الوجه الخامس عشر أنه شعار عباد الصليب وعباد النار الذين تميزوا به عن الحنفاء والختان شعار الحنفاء في الأصل ولهذا أول من اختتن إمام الحنفاء وصار للختان شعار الحنيفية وهو مما توارثه بنو إسماعيل وبنو إسرائيل عن إبراهيم الخليل فلا يجوز موافقة عباد الصليب القلف في شعار كفرهم وتثليثهم
    فصل
    قال المسقطون لوجوبه قد صرحت السنة بأنه سنة كما في حديث شداد ابن أوس عن النبي أنه قال الختان سنة للرجال مكرمة للنساء رواه الإمام أحمد قالوا وقد قرنه بالمسنونات دون الواجبات وهي الاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط قالوا وقال الحسن البصري قد أسلم مع رسول الله الناس الأسود والأبيض والرومي والفارسي والحبشي فما فتش أحدا منهم أو ما بلغني أنه فتش أحدا منهم وقال الإمام أحمد حدثنا المعتمر عن سلم ابن أبي الذيال قال سمعت الحسن يقول يا عجبا لهذا الرجل يعني أمير البصرة لقي أشياخا من أهل كيكر فقال ما دينكم قالوا مسلمين فأمر بهم ففتشوا فوجدوا غير مختونين فختنوا في هذا الشتاء وقد بلغني أن بعضهم مات وقد أسلم مع النبي الرومي والفارسي والحبشي فما فتش أحدا منهم قالوا وأما استدلالكم بقوله تعالى ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) النحل 123 فالملة هي الحنيفية وهي التوحيد ولهذا بينها بقوله حنيفا وما كان من المشركين وقال يوسف الصديق ( أني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ) يوسف 37 و 38 وقال تعالى ( قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) آل عمران 95 فالملة في هذا كله هي أصل الايمان من التوحيد والإنابة إلى الله وإخلاص الدين له وكان رسول الله يعلم أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد وملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين قالوا ولو دخلت الأفعال في الملة فمتابعته فيها أن تفعل على الوجه الذي فعله فإن كان فعلها على سبيل الوجوب فاتباعه أن يفعلها كذلك وان كان فعلها على وجه الندب فاتباعه أن يفعلها على وجه الندب فليس معكم حينئذ إلا مجرد فعل إبراهيم والفعل هل هو على الوجوب أو الندب فيه النزاع المعروف والأقوى أنه إنما يدل على الندب إذا لم يكن بيانا لواجب فمتى فعلناه على وجه الندب كنا قد اتبعناه قالوا وأما حديث عثيم ابن كليب عن أبيه عن جده ألق عنك شعر الكفر واختتن فابن جريج قال فيه أخبرت عن عثيم بن كليب قال أبو أحمد بن عدي هذا الذي قال ابن جريج في هذا الإسناد أخبرت عن عثيم بن كليب أنما حدثه ابراهيم بن أبي يحيى فكنى عن اسمه وإبراهيم هذا متفق على ضعفه بين أهل الحديث ما خلا الشافعي وحده قالوا وأما مرسل الزهري عن النبي من أسلم فليختتن وأن كان كبيرا فمرسيل الزهري عندهم من أضعف المراسيل لا تصلح للاحتجاج قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان قال مكان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح وقرىء على عباس الدوري عن يحيى بن معين قال مراسيل الزهري ليست بشيء قالوا وأما حديث موسى بن إسماعيل بن جعفر عن آبائه فحديث لا يعرف ولم يروه أهل الحديث ومخرجه من هذا الوجه وحده تفرد به موسى بن إسماعيل عن آبائه بهذا السند فهو نظير أمثاله من الأحاديث التي تفرد بها غير الحفاظ المعروفين بحمل الحديث قالوا وأما حديث أبي برزة فقال ابن المنذر حدثنا يحيى بن محمد حدثنا أحمد بن يونس حدثتنا أم الأسود عن منية عن جدها أبي برزة فذكره قال ابن المنذر هذا إسناد مجهول لا يثبت قالوا وأما استدلالكم بقول ابن عباس الأقلف لا تؤكل ذبيحته و لا تقبل له صلاة فقول صحابي تفرد به قال أحمد وكان يشدد فيه وقد خالفه الحسن البصري وغيره وأما قولكم إنه من الشعائر صحيح لا نزاع فيه ولكن ليس كل ما كان من الشعائر يكون واجبا فالشعائر منقسمة إلى واجب كالصلوات الخمس والحج والصيام والوضوء وإلى مستحب كالتلبية وسوق الهدي وتقليده وإلى مختلف فيه كالأذان والعيدين والأضحية و الختان فمن أين لكم أن هذا من قسم الشعائر الواجبة وأما قولكم أنه قطع شرع الله لا تؤمن سرايته فكان واجبا كقطع يد السارق من أبرد الأقيسة فأين الختان من قطع يد اللص فيا بعد ما بينهما ولقد أبعد النجعة من قاس أحدهما على الآخر فالختان إكرام المختون وقطع يد السارق عقوبة له وأين باب العقوبات من أبواب الطهارات والتنظيف وأما قولكم يجوز كشف العورة له لغير ضرورة ولا مداواة فكان واجبا لا يلزم من جواز كشف العورة وجوبه فإنه يجوز كشفها لغير الواجب إجماعا كما يكشف لنظر الطبيب ومعالجته وإن جاز ترك المعالجة وأيضا فوجه المرأة عورة في النظر ويجوز لها كشفه في المعاملة التي لا يجب ولتحمل الشهادة عليها حيث لا تجب وأيضا فإنهم جوزوا لغاسل الميت حلق عانته وذلك يستلزم كشف العورة أو لمسها لغير واجب وأما قولكم إن به يعرف المسلم من الكافر حتى إذا وجد المختون بين جماعة قتلى غير مختونين صلي عليه دونهم ليس كذلك فإن بعض الكفار يختتنون وهم اليهود فالختان لا يميز بين المسلم والكافر إلا إذا كان في محل لا يختتن فيه إلا المسلمون وحينئذ فيكون فرقا بين المسلم والكافر ولا يلزم من ذلك وجوبه كما لا يلزم وجوب سائر ما يفرق بين المسلم والكافر وأما قولكم إن الولي يؤلم فيه الصبي ويعرضه للتلف بالسراية ويخرج من ماله أجرة الخاتن وثمن الدواء فهذا لا يدل على وجوبه كما يؤلمه بضرب التأديب لمصلحته ويخرج من ماله أجرة المؤدب والمعلم وكما يضحى عنه قال الخلال باب الأضحية عن اليتيم أخبرني حرب بن اسماعيل قال قلت لأحمد يضحى عن اليتيم قال نعم إذا كان له مال وكذلك قال سفيان الثوري قال جعفر بن محمد النيسابوري سمعت أبا عبد الله يسئل عن وصي يتيمة يشتري لها أضحية قال لها مال قال نعم قال يشتري لها قوله لو لم يكن واجبا لما جاز للخاتن الإقدام عليه إلى آخره ينتقض بإقدامه على قطع السلعة والعضو التالف وقلع السن وقطع العروق وشق الجلد للحجامة والتشريط فيجوز الإقدام على ما يباح للرجل قطعه فضلا عما يستحب له ويسن وفيه مصلحة ظاهرة وقولكم إن الأقلف معرض لفساد طهارته وصلاته فهذا إنما يلام عليه إذا كان باختياره وما خرج عن اختياره وقدرته ولم يلم عليه ولم تفسد طهارته كسلس البول والرعاف وسلس المذي فإذا فعل ما يقدر عليه من الاستجمار والاستنجاء لم يؤاخذ بما عجز عنه قولكم إنه من شعار عباد الصلبان وعباد النيران فموافقتهم فيه موافقة في شعار دينهم جوابه أنهم لم يتميزوا عن الحنفاء بمجرد ترك الختان وإنما امتازوا بمجموع ما هم عليه من الدين الباطل وموافقة المسلم في ترك الختان لا يستلزم موافقتهم في شعار دينهم الذي امتازوا به عن الحنفاء قال الموجبون الختان علم الحنيفية وشعار الإسلام ورأس الفطرة وعنوان الملة وإذا كان النبي قد قال من لم يأخذ شار به فليس منا فكيف من عطل الختان ورضي بشعار القلف عباد الصلبان ومن أظهر ما يفرق بين عباد الصلبان وعباد الرحمن الختان وعليه استمر عمل الحنفاء من عهد إمامهم إبراهيم إلى عهد خاتم الأنبياء فبعث بتكميل الحنيفية وتقريرها لا بتحويلها وتغيرها ولما أمر الله به خليله وعلم أن أمره المطاع وإنه لا يجوز أن يعطل ويضاع بادر إلى امتثال ما أمر به الحي القيوم وختن نفسه بالقدوم مبادرة إلى الامتثال وطاعة لذي العزة والجلال وجعله فطرة باقية في عقبة إلى أن يرث الأرض ومن عليها ولذلك دعا جميع الأنبياء من ذريته أممهم إليها حتى عبد الله ورسوله وكلمته ابن العذراء البتول فإنه اختتن متابعة لإبراهيم الخليل والنصارى تقر بذلك وتعترف أنه من أحكام الإنجيل ولكن اتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل حتى لقد أذن عالم أهل بيت رسول الله عبد الله بن عباس أذانا سمعه الخاص والعام أن من لم يختتن فلا صلاة له ولا تؤكل ذبيحته فأخرجه من جملة أهل الإسلام ومثل هذا لا يقال لتارك أمر هو بين تركه وفعله بالخيار وإنما يقال لما علم وجوبه علما يقرب من الاضطرار ويكفي في وجوبه أنه رأس خصال الحنيفية التي فطر الله عباده عليها ودعت جميع الرسل إليها فتاركه خارج عن الفطرة التي بعث الله رسله بتكميلها وموضع في تعطيلها مؤخر لما استحق التقديم راغب في ملة أبيه إبراهيم ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ) البقرة 131 - 132 فكما أن الإسلام رأس الملة الحنيفية وقوامها فالاستسلام لأمره كمالها وتمامها فصل وأما قوله في الحديث الختان سنة للرجال مكرمة للنساء فهذا حديث يروى عن ابن عباس بإسناد ضعيف والمحفوظ أنه موقوف عليه ويروى أيضا عن الحجاج بن أرطاة وهو ممن لا يحتج به عن أبي المليح ابن أسامة عن أبيه عنه وعن مكحول عن أبي أيوب عن النبي فذكره ذكر ذلك كله البيهقي ثم ساق عن ابن عباس أنه لا تؤكل ذبيحة الأقلف ولا تقبل صلاته ولا تجوز شهادته ثم قال وهذا يدل على أنه كان يوجبه وأن قوله الختان سنة أراد به سنة النبي وأن رسول الله سنة وأمر به فيكون واجبا انتهى والسنة هي الطريقة يقال سننت له كذا أي شرعت فقوله الختان سنة للرجال أي مشروع لهم لا أنه ندب غير واجب فالسنة هي الطريقة المتبعة وجوبا واستحبابا لقوله من رغب عن سنتي فليس مني وقوله عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وقال ابن عباس من خالف السنة كفر وتخصيص السنة بما يجوز تركه اصطلاح حادث و إلا فالسنة ما سنه رسول الله لأمته من واجب ومستحب فالسنة هي الطريقة وهي الشريعة والمنهاج والسبيل وأما قولكم إن رسول الله قرنه بالمسنونات فدلالة الاقتران لا تقوى على معارضة أدلة الوجوب ثم إن الخصال المذكورة في الحديث منها ما هو واجب كالمضمضة والاستنشاق والاستنجاء ومنها ما هو مستحب كالسواك وأما تقليم الأظفار فإن الظفر إذا طال جدا بحيث يجتمع تحته الوسخ وجب تقليمه لصحة الطهارة وأما قص الشارب فالدليل يقتضى وجوبه إذا طال وهذا الذي يتعين القول به لأمر رسول الله به ولقوله من لم يأخذ شاربه فليس منا وأما قول الحسن البصري قد أسلم مع رسول الله الناس فما فتش أحدا منهم فجوابه أنهم استغنوا عن التفتيش بما كانوا عليه من الختان فإن العرب قاطبة كلهم كانوا يختتنون واليهود قاطبة تختتن ولم يبق إلا النصارى وهم فرقتان فرقة تختتن وفرقة لا تختتن وقد علم كل من دخل في الإسلام منهم ومن غيرهم أن شعار الإسلام الختان فكانوا يبادرون اليه بعد الإسلام كما يبادرون إلى الغسل ومن كان منهم كبيرا يشق عليه ويخاف التلف سقط عنه وقد سئل الإمام أحمد عن ذبيحة الأقلف وذكر له حديث ابن عباس لا تؤكل فقال ذلك عندي إذا ولد بين أبوين مسلمين فكبر ولم يختتن وأما الكبير إذا أسلم وخاف على نفسه الختان فله عندي رخصة وأما قولكم إن الملة هي التوحيد فالملة هي الدين وهي مجموعة أقوال وأفعال واعتقاد ودخول الأعمال في الملة كدخول الإيمان فالملة هي الفطرة وهي الدين ومحال أن يأمر الله سبحانه باتباع إبراهيم في مجرد الكلمة دون الأعمال وخصال الفطرة وإنما أمر بمتابعه في توحيده وأقواله وأفعاله وهو اختتن امتثالا لأمر ربه الذي أمره به وابتلاه به فوفاه كما أمر فإن لم نفعل كما فعل لم نكن متبعين له وأما قولكم في حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جده بأنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى فالشافعي كان حسن الظن به وغيره يضعفه فحديثه يصلح للاعتضاد بحيث يتقوى به وإن لم يحتج به وحده وكذلك الكلام في مرسل الزهري فإذا لم يحتج به وحده فإن هذه المرفوعات والموقوفات والمراسيل يشد بعضها بعضا وكذلك الكلام في حديث موسى بن إسماعيل وشبهه وأما قولكم إن ابن عباس تفرد بقوله في الأقلف لا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له فهذا قول صحابي وقد احتج الأئمة الأربعة وغيرهم بأقوال الصحابة وصرحوا بأنها حجة وبالغ الشافعي في ذلك وجعل مخالفتها بدعة كيف ولم يحفظ عن صحابي خلاف ابن عباس ومثل هذا التشديد والتغليظ لا يقوله عالم مثل ابن عباس في ترك مندوب يخير الرجل بين فعله وتركه وأما قولكم إن الشعائر تنقسم إلى مستحب وواجب فالأمر كذلك ولكن مثل هذا الشعار العظيم الفارق بين عباد الصليب وعباد الرحمن الذي لا تتم الطهارة إلا به وتركه شعار عباد الصليب لا يكون إلا من أعظم الواجبات وأما قولكم أين باب العقوبات من باب الختان فنحن لم نجعل ذلك أصلا في وجوب الختان بل اعتبرنا وجوب أحدهما بوجوب الآخر فإن أعضاء المسلم وظهره ودمه حمى إلا من حد أو حق وكلاهما يتعين إقامته ولا يجوز تعطيله وأما كشف العورة له فلو لم تكن مصلحته أرجح من مفسدة كشفها والنظر إليها ولمسها لم يجز ارتكاب ثلاث مفاسد عظيمة لأمر مندوب يجوز فعله وتركه وأما المداواة فتلك من تمام الحياة وأسبابها التي لا بد للبنية منها فلو كان الختان من باب المندوبات لكان بمنزلة كشفها لما لا تدعو الحاجة إليه وهذا لا يجوز وأما قولكم إن الولي يخرج من مال الصبي أجرة المعلم والمؤدب فلا ريب أن تعليمه وتأديبه حق واجب على الولي فما أخرج ما له إلا فيما لا بد له من صلاحه في دنياه وآخرته منه فلو كان الختان مندوبا محصنا لكان إخراجه بمنزلة الصدقة التطوع عنده وبذله لمن يحج عنه حجة التطوع ونحو ذلك وأما الأضحية عنه فهي مختلف في وجوبها فمن أوجبها لم يخرج ماله إلا في واجب ومن رآها سنة قال ما يحصل بها من جبر قلبه والإحسان إليه وتفريحه أعظم من بقاء ثمنها في ملكه
    ● [ للباب التاسع بقية فتابعها ] ●

    الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع Fasel10

    تحفة المودود بأحكام المولود
    محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    الفصول الأربعة الأولى من الباب التاسع E110


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 2 نوفمبر 2024 - 3:32