من طرف كراكيب الجمعة 4 سبتمبر 2015 - 11:45
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من احكام المقابر والجنائز وتكفين الموتى ونقلهم
رقم الفتوى: ( 3300 )
الموضوع:
تقبل العزاء فى المبنى الملحق المسجد.
المفتى:
فضيلة الشيخ محمد مجاهد.14 ذو القعدة 1406 هجرية
المبادئ :
1 - التعزية لصاحب المصيبة مندوبة ووقتها من حين الموت إلى ثلاثة أيام.
2 - لا بأس بالجلوس للتعزية فى غير المسجد ويكره فيه.
3 - المبنى الملحق بالمسجد يكون مسجدا بمجرد القول وأن لم يصل فيه ويأخذ حكم المسجد.
سُئل :
من الشيخ / أحمد بطلبه المقيد برقم 224 لسنة 1985 المتضمن أن أهالى قريته قد ساهموا وأقاموا مبنى ملحقا بمسجد القرية. قاصدين بذلك توسعة هذا المسجد. وقد جعلوا لهذا المبنى الملحق بابين يصلانه بالمسجد. يمكن فتحهما وغلقهما حسبما شاؤا. كما جعلوا له بابا ثالثا للخارج وأضاف السائل قائلا ان مبنى المسجد الأساسى يسع المصلين فى جميع الأوقاف. ما عدا صلاة الجمعة والعيدين فانه لا يسعهم. ولذا يستعينون بالمبنى الملحق عند أدائهم لتلك الصلوات وانه قد توفى أحد أهالى تلك القرية. وترك صغارا. ولم يترك لهم ميراثا. وليس لديهم من المال ما يمكنهم من اقامة سرادق لتقبل العزاء لهذا المتوفى ويريدون تقبل العزاء بالمكان الملحق بالمسجد. رأفة بأبناء المتوفى الصغار. وأن هناك حالات كثيرة تمر بنفس الظروف. وطلب السائل. معرفة الحكم الشرعى فى أنهم لو سلكوا هذا المسلك. وأقاموا ليالى العزاء - نظرا لظروفهم المادية - فى المبنى الملحق بالمسجد - والذى تتلى فيه آيات القرآن الكريم فى تلك الليالى. هل يكون فى ذلك مساس لحرمة المسجد. أو مساس لدينهم أم لا.
أجاب :
اقامة المآتم ليلة فأكثر على الوجه المعروف من نصب السرادقات والانفاق عليها بما يظهر بهجتها هى قطعا اسراف محرم بنص القرآن الكريم. لأن فيها إضاعة الأموال فى غير وجهها الشرعى فى حين أن الميت كثيرا ما يكون عليه ديون أو حقوق لله تعالى لا تتسع موارده للوفاء بها مع تكاليف هذا المأتم. وقد يكون الورثة فى أشد الحاجة إلى هذه الأموال. وكثيرا ما يكون فى الورثة قصر يلحقهم الضرر بتبديد أموالهم فى اقامة هذا المأتم. ولم تكن التعزية عند مسلمى العصور الأولى إلا عند التشييع أو عند المقابلة الأولى لمن لم يحضر التشييع. ففى زاد المعاد ما نصه وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعزية أهل الميت. ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء. لا عند قبره ولا غيره. وكل هذا بدعة حادثة مكروهة. وكان من هديه السكون والرضا لقضاء الله والحمد لله والاسترجاع. وكان من هديه أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس. بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاما يرسلونه اليهم. وهذا من أعظم مكارم الأخلاق. وفى فقه المذاهب الأربعة. الطبعة السادسة ما نصه التعزية لصاحب المصيبة مندوبة. ووقتها من حين الموت إلى ثلاثة ايام. وتكره بعد ذلك إلا إذا كان المعزى غائبا فانها لا تكره حينئذ بعد ثلاثة أيام إلى أن قال ويكره لأهل المصيبة أن يجلسوا لقبول العزاء سواء أكان فى المنزل أم فى غيره. أما الجلوس على قارعة الطريق وفرش البسط ونحوها مما اعتاد الناس فعله فهو بدعة منهى عنها. ويقول الحنفية ان الجلوس للتعزية خلاف الأولى. والأولى أن يتفرق الناس بعد الدفن. ويكره الجلوس فى المسجد ) انتهى - وفى الدر المختار وحاشيته ج 1 ص 842 وهو من كتب فقه الأحناف - ولا بأس بالجلوس لها - أى للتعزية - فى غير المسجد. أما فى المسجد فيكره. كما فى البحر عن المجتبى وجزم به شرح المنية - انتهى - وعلق ابن عابدين فى حاشيته على قول صاحب الدر هذا ان استعمال لا بأس هنا على حقيقته. لأنه أى الجلوس للتعزية خلاف الأولى كما صرح به فى شرح المنية - انتهى - ويقول ابن عابدين فى نفس الصحيفة من هذا المرجع نقلا عن غيره ما نصه ( وفى الامداد. وقال كثير من متأخيرى أئمتنا. يكره الاجتماع عند صاحب البيت ويكره له الجلوس فى بيته حتى يأتى اليه من يعزى بل اذا فرع ورجع الناس من الدفن فليتفرقوا. ويشتغل الناس بأمورهم وصاحب البيت بأمره قلت - أى قال ابن عابدين - وهل تنتفى الكراهة بالجلوس فى المسجد وقراءة القرآن حتى اذا فرغوا قام ولى الميت وعزاه الناس كما يفعل فى زماننا. الظاهر. لا لكون الجلوس مقصودا للتعزية ولا للقراءة ولا سيما اذا كان هذا الاجتماع والجلوس فى المقبرة فوق القبور المدثورة. ولا حول ولا قوة إلا بالله - انتهى قول ابن عابدين. هذا وتتمة للموضع نقول ان تمام المسجدية على ما قاله ابن عابدين فى رد المحتار. يكون بالقول على المفتى به. أو بالصلاة فيه على قولهما. ويريد بالمفتى به مذهب الامام أبى يوسف الذى لا يشترط فى تمام المسجدية للصلاة فى المسجد بعد الاذن من بانيه. بل يكون مسجدا بمجرد القول بأن يقول - جعلته مسجدا - وان لم يصل فيه. والمفهوم من كلامهم أنه لا يلزم هذا القول بل بناؤه على صورة المساجد كاف عند أبى يوسف فى تمام مسجديته. لأن هذا البناء فعل منبئ عرفا بجعله مسجدا. الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الافتاء، المجلد الحادى عشر ص 3965 وبناء على ما تقدم يكون المبنى الملحق بالمسجد قد تمت مسجديته قولا وفعلا حيث كان القصد من بنائه هو توسعة المسجد الأساسى حسبما جاء بالسؤال وقد صلى الناس فيه فعلا. وبذا يكون الجلوس فيه للتعزية مكروها شرعا. وفق الله المسلمين لما يحب ويرضى. والله أعلم.