بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
أالأذكياء لابن الجوزي
الباب السادس والعشرون
في ذكر طرف من فطن المتطببين
قال محمد بن علي الأمين حدثنا بعض الأطباء الثقات أن غلاماً من بغداد قدم الري فلحقه في طريقه أنه كان ينفث الدم فاستدعى أبا بكر الرازي الطبيب المشهور بالحذق فأراه ما ينفث ووصف له ما يجد فنظر إلى نبضه وقارورته واستوصف حاله فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة ولم يعرف العلة فاستنظر العليل لينظر في حاله فاشتد الأمر على المريض وقال هذا بأي لي من الحياة لحذق المتطبب وجهله بالعلة فزاد ألمه ففكر الرازي ثم عاد إليه فسأله عن المياه التي شرب فقال من صهاريج ومسقفات فثبت في نفس الرازي بحدة خاطره وجودة ذكائه أن علقة كانت في الماء وقد حصلت في معدته وذلك الدم من فعلها فقال إذا كان في غد عالجتك ولكن بشرط أن تأمر غلمانك أن يطيعوني فيك بما آمرهم قال نعم فانصرف الرازي فجمع مركنين كبيرين من طحلب فأحضرهما في غد معه فأراه إياهما قال ابلع جميع ما في هذين المركنين فبلع شيئاً يسيراً ثم وقف قال ابلع قال لا أستطيع فقال للغلمان خذوه فأقيموه ففعلوا به ذلك وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه فأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبساً شديداً يطالبه ببلعه ويتهدده بأن يضرب إلى أن بلعه كارهاً أحد المركنين بأسرع والرجل يستغيث ويقول الساعة قذف فزاد الرازي فيما يكسبه في حلقه فذرعه القيء فتأمل الرازي ما قذف فإذا كانت فيه علقة وإذا هي لما وصل إليها الطحلب قربت إليه بالطبع وتركت موضعها فالتفت على الطحلب ونهض العليل معافى.
● حدثنا علي بن الحسن الصيدلاني قال كان عندنا غلام حدث من أولاد النبا فلحقه وجع في معدته شديد بلا سبب يعرفه فكانت تضرب عليه أكثر الأوقات ضرباً عظيماً حتى يكاد يتلف وقل أكله ونحل جسمه فحمل إلى الأهواز فعولج بكل شيء فلم ينجع فيه ورد إلى بيته وقد يئس منه فجاز بعض الأطباء فعرف حاله فقال للعليل اشرح لي حالك من زمن الصحة فشرح إلى أن قال دخلت بستاناً فكان في بيت البقر رمان كثير للبيع فأكلت منه كثيراً قال كيف كنت تأكله قال كنت أعض رأس الرمانة بفمي وأرمي به وأكسرها قطعاً وآكل فقال الطبيب غداً أعالجك بإذن الله تعالى فلما كان الغد جاء بقدر اسفيداج قد طبخها من لحم جرو سمين فقال للعليل كل هذا قال العليل ما هو قال إذا أكلت عرفتك فأكل العليل فقال له امتلئ منه فامتلأ ثم قال له أتدري أي شيء أكلت قال لا قال لحم كلب فاندفع يقذف فتأمل القذف إلى أن طرح العلي شيئاً أسود كالنواة فأخذه الطبيب وقال ارفع رأسك فقد برأت فرفع رأسه فسقاه شيئاً يقطع الغثيان وصب على وجهه ماء ورد ثم أراه الذي وقع فإذا هو قرداً فقال أن الموضع الذي كان فيه الرمان كان فيه قردان من البقر وأنه حصلت منهم واحدة في رأس إحدى الرمانات التي اقتلعت رؤوسها بفيك فنزل القرد إلى حلقك وعلق بمعدتك يمتصها وعلمت أن القراد تهش إلى لحم الكلب فإن لم يصح الظن لم يضرك ما أكلت فصح فلا تدخل فمك شيئاً لا تدري ما فيه والله الموفق.
● حدثنا أبو إدريس الخولاني قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن وقيل له قال لا تغدو العاقل إحدى خصلتين إما أن يهتم لآخرته ومعاده أو الدنيا ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فانعقد الشحم ثم قال كان ملك في الزمان الأول وكان مثقلاً كثيراً الشحم لا ينتفع بنفسه فجمع المتطببين وقال احتالوا إليّ بحيلة يخفّ عني لحمي هذا قليلاً قال فما قدروا له على شيء قال فبعث له رجل عاقل أديب متطبب فأراه فبعث إليه وأشخصه فقال له عالجني ولك الغنى قال أصلح الله الملك أنا متطبب منجم دعني حتى أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق طالعك فأسقيك قال فغدا عليه فقال أيها الملك الأمان قال لك الأمان قال رأيت طالعك يدل على أن الباقي من عمرك شهر فإن أحببت عالجتك وإن أدرت بيان ذلك فاحسبني عندك فإن كان لقولي حقيقة فخل عني وإلا فاستقص مني قال فحبسه قال ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مهتماً كلما انسلخ يوم ازداد غماً حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمان وعشرون يوماً فبعث إليه وأخرجه فقال ما ترى قال أعز الله الملك أنا أهون على عزّ وجلّ من أن أعلم الغيب والله ما أعرف عمري فكيف أعرف عمرك إنه لم يكن عندي دواء إلا الغم فلم أقدر أن أجلب إليك الغم إلا بهذه العلة فأذاب شحم الكلي فأجازه وأحسن إليه. حدثنا أبو الحسن بن الحسن بن محمد الصالحي الكاتب قال رأيت بمصر طبيباً كان بها مشهوراً يعرف بالقطيعي وقال أنه يكسب في كل شهر ألف دينار من جرايات يجريها عليه قوم من رؤساء العسكر ومن السلطان ومما يأخذه من العامة قال وكان له دار قد جعله شبه المرستان من جملة داره يأوي إليها الضعفاء والمرضى فيداويهم ويقوم بأغذيتهم وأدويتهم وخدمتهم وينفق أكثر كسبه في ذلك فاتفق أن بعض فتيان الرؤساء بمصر أسكت قال فجعل إليه أهل الطب وفيهم القطيعي فاجمعوا على موته إلا القطيعي وعمل أهله على غسله ودفنه فقال القطيعي أعالجه وليس يلحقه أكثر من الموت الذي قد أجمع هؤلاء عليه فخلاه أهله معه فقال هات غلاماً جلداً ومقارع فأتى بذلك فأمر به فمد وضربه عشر مقارع أشد الضرب قم مس جسده ثم ضربه عشراً أخر ثم جسّ كجسه ثم ضربه عشر آخر ثم جس كجسه وقال أيكون للميت نبض قالوا لا قال فجسوا نبض هذا فجسوه فأجمعوا أنه نبض متحرك فضربه عشر مقارع أخر ثم جسوه فجسوه فقالوا قد زاد نبضه فضربه عشراً أخر فتقلب فضربه عشراً فتأوه فضربه عشراً فصاح فقطع عنه الضرب فجلس العليل يتأوه فقال له ما تجد قال أنا جائع فقال أطعموه فجاؤوا بما أكله فرجعت قوته وقمنا وقد برأ فقال له الأطباء من أين لك هذا كنت مسافراً في قافلة فيها أعراب يخفرونا فسقط منهم فارس عن فرسه فأسكت فقالوا قد مات فعمد شيخ منهم فضربه ضرباً شديداً عظيماً وما رفع الضرب عنه حتى أفاق فعلمت أن الضرب جلب إليه الحرارة أزالت سكتته فقست عليه أمر هذا العليل.
● قال أبو منصور بن مارية وكان من رؤساء البصرة قال أخبرني شيوخنا قال كان بعض أهلنا قد استقى وأيسوا من حياته فحمل إلى بغداد وشاورا الأطباء فيه فوصفوا له أدوية كبار فعفوا أنه قد تناولها فلم تنفع فأيسوا من حياته وقالوا لا حيلة لنا في برئه فسمع العليل فقال دعوني الآن أتزود من الدنيا وآكل ما أشتهي ولا تقتلوني بالحمية فقالوا كل ما تريد فكان يجلس بباب الدار فمهما اجتاز به اشتراه وأكله فمر به رجل يبيع جراداً مطبوخاً فاشترى منه عشرة أرطال فأكلها بأسرها فانحل طبعه فقام في ثلاثة أيام أكثر من ثلاثمائة مجلس وكاد يتلف ثن انقطع القيام وقد زال كل ما كان في جوفه وثابت قوته فبرأ خرج يتصرف في حوائجه فرآه بعض الأطباء فعجب من أمره وسأله عن الخبر فعرفه فقال ليس من شأن الجراد أن يفعل هذا الفعل ولا بد أن يكون في الجراد الذي فعل هذا خاصية فأحب أن تدلني على صاحب هذا الجراد الذي باعه لك فما زالا في طلبه حتى علما به، فرآه الطبيب فقال له ممن اشتريت هذا الجراد فقال ما اشتريته أنا أصيده وأجمع منه شيئاً كثيراً وأطبخه وأبيعه قال فمن أين تصطاده فذكر له مكاناً على فراسخ يسيرة من بغداد فقال له الطبيب أعطيك ديناراً أو تجيء معي إلى الموضع الذي اصطدت منه الجراد قال نعم فخرجا وعاد الطبيب من الغد ومعه من الجراد سيئ ومعه حشيشه فقالوا له ما هذا قال صادفت الجراد الذي يصيده هذا الرجل يرعى في صحراء جميع نباتها حشيشة يقال لها مازريون وهي من دواء الاستسقاء فإذا دفع إلى العليل منها وزن درهم أسهله إسهالاً عظيماً لا يؤمن أن ينضبط والعلاج بها خطر ولذلك ما يكاد يصفها الأطباء فلما وقع الجراد على هذه الحشيشة ونضجت في معدته ثم طبخ الجراد ضعف فعلها بطبختين فاعتدلت بمقدار ما أبرأت هذا.
● قال أبو بكر الجفاني دخلت يوماً على القاضي حسين بن أبي عمر وهو مهموم حزين فقلت لا يغم الله قاضي القضاة أبداً ومن يزيد المائي حتى إذا مات يغتم عليه قاضي القضاة هذا الغم كله فقال ويحك مثلك يقول هذا في رجل أوحد في صناعته قد مات ولا خلف له يقاربه في حدقه وهل فخر البلد إلا أن يكون رؤساء الصاع وحذاق أهل العلوم فيه فإذا مضى رجل لا مثل له في صناعة لا بد للناس منها فهلا يدل هذا الأمر على نقصان العلم وانحطاط البلدان ثم أخذ يعدد فضائله والأشياء الظريفة التي عالج بها والعلل الصعبة التي زالت بتدبيره فذكر من ذلك أشياء كثيرة ومنها أنه قال لقد أخبرني من مدة طويلة رجل من جلة هذا البلد أنه كان حدث بابنة له علة ظريفة فكتمتها عنه، أطلع عليها فكتماه هو مدة ثم انتهى أمرها إلى الموت قال فقلت لا يسعني كتم هذا أكثر من هذا قال وكانت العلة أن فرج الصبية كان يضرب عليها ضرباناً عظيماً لا تكاد تنام منه الليل ولا تهدأ بالنهار وتصرخ من ذلك أعظم صراخ ويجري في خلال ذلك منه دم يسير كماء اللحم وليس هناك جرح يظهر ولا ورم كثير فلما خفت المأتم ثم أحضرت يزيد فشاورته فقال تأذن لي في الكلام وتبسط عذري فيه فقلت نعم فقال أنه لا يمكنني أن أصف شيئاً دون أن أشاهد الموضع وأفشه بيدي واسأل المرأة عن أسباب لعلها كانت الجالبة للعلة قال فلعظم الصورة وبلوغها حد التلف أمكنه من ذلك فأطال مساءلتها وحديثها بما ليس من جنس العلة بعد أن حبس الموضع حتى عرف بقمة الألم حتى كدت أن أثب به ثم تصبرت ورجعت إلى ما أعرفه من ستراه فصبرت على مضض إلى أن قال تأمر من يمسكها ففعلت ثن أدخل يده في الموضع دخولاً شديداً فصاحت الصبية وأغمي عليها وانبعث الدم فأخرج في يده حيواناً أقل من الخنفساء فرمى به فجلست الابنة في الحال واستترت وقالت يا أبت استرني فقد عوفيت قال فأخذ الحيوان في يده وخرج من الموضع فلحقته وأجلسته وقلت أخبرني ما هذا قال أن تلك المسألة التي لم أشك أنك أنكرتها إنما كانت لأطلب شيئاً أستدل به على العلة إلى أن قالت لي أن يوماً من الأيام جلست في بيت دولاب البقر من بستان لكم ثم حدثت العلة بها من غير سبب تعرفه من بعد ذلك اليوم فتخايلت أنه قد دب إلى فرجها من القردان وكلما امتص من موضعه ولد الضربان وأنه إذا شبع نقط من الفرج الذي يمتص منه إلى خارج الفرج هذه النقطة اليسيرة من الدم فقلت أدخل يدي وأفتش فأدخلت يدي فوجدت القراد فأخرجته وهو هذا الحيوان وقد كبر وتغيرت صورته لكثرة ما يمص من الدم على طول الأيام قال فتأملت الحيوان فإذا هو قراد قال برئت الصبية قال فقال لي أبو الحسن القاضي هل ببغداد اليوم من له صناعة مثل هذا لا أغتم بمن هذا بعض حذقه.
قال جبريل بن يختيشوع كنت مع الرشيد بالرقة ومعه محمد والمأمون وكان رجلاً كثير الأكل والشرب فأكل يوماً أشياء خلط فيها ودخل المستراح فغشي عليه فأخرج وقوى الأمر حتى لم يشكوا في موته فأحضرت وجسيت عرقه فوجدت نبضاً خفياً وقد كان قبل ذلك بأيام يشكو امتلاء وحركة الدم فقلت الصواب أن يحتجم الساعة فقال كوثر الخادم لما لم تقدر من أمر الخليفة يا ابن الفاعلة تقول أحجموا رجلاً ميتاً لا نقبل قولك ولا كرامة فقال المأمون الأمر قد وقع وليس يضر أن تحجمه فأحضر الحجام وتقدمت إلى جماعة من الغلمان بإمساكه ومص الحجام المحاجم فاحمر المكان ففرحت ثم قلت اشرطه فشرطه فخرج الدم فسجدت شكراً فكلما خرج الدم أسفر لونه إلى أن تكلم وقال أين أنا أنا جائع فغديناه وعوفي فسأل صاحب الحرس عن علته فعرفه أنها ألف درهم في كل سنة وسأل صاحبه فعرفه أنها خمسمائة ألف فقال يا جبريل كم عليك قلت خمسون ألفاً قال ما أنصفناك إذ غلات هؤلاء وهم يحرسوني كذلك وعلتك كما ذكرت فأمر بإقطاعه ألف ألف درهم.
● حدثنا أبو الحسن المهدي القزويني قال كان عندنا طبيب يقال له ابن نوح فلحقتني سكتة فلم يشك أهلي في موتي وغسلوني وكفنوني وحملوني على الجنازة عليه ونساء خلفي يصرخن فقال لهم إن صاحبكم حي فدعوني أعالجه فصاحوا عليه فقال لهم الناس دعوه يعالجه فإن عاش وإلا فلا ضرر عليكم فقالوا نخاف أن تصير فضيحة فقال علي أن لا تصير فضيحة فإن صرنا قال حكم السلطان في أمري وإن برأ فأي شيء لي قالوا ما شئت قال ديته قالوا لا نملك ذلك فرضي منهم بمال أجابه الورثة إليه وحملني فأدخلني الحمام وعالجني وافقت في الساعة الرابعة والعشرين من ذلك الوقت ووقعت البشائر ودفع إليه المال فقلت للطبيب بعد ذلك من أين عرفت هذا فقال رأيت رجليك في الكفن منتصبة وأرجل الموتى منبسطة ولا يجوز انتصابها فعلمت انك حي وخمنت أنك أسكت وجربت عليك فصحت تجربتي.
● قال أبو أحمد الحارثي كان طبيب نصراني يقال له موسى بن سنان قد أتى برجل منتفخ الذكر لا يقدر أن يبول وهو يستغيث ويصيح فسأله عن علته فذكر أنه لم يبل منذ أيام ورأى ذكره منتفخاً فنظر في حاله فلم يجد شيئاً يوجب عسر البول ولا حصاة فتركه عنده يوماً يسأله فقال له حدثني أدخلت ذكرك في شيء لم تجر عادة الناس به فلحقك هذا فسكت الرجل واستحى فلم يزل الطبيب يبسطه ويشرط له الكتمان إلى أن قال نكحت حماراً ذكراً فقال الطبيب هاتوا مطرقة وغلماناً فجاؤوه فأمسكوا الرجل وجعل ذكره على سندان حداد وطرقه بالمطرقة مرة واحدة وجيعة فبرزت شعيرة وذاك أنه خمن أن شعيرة من جاعرة الحمار قد دخلت في ثقب الذكر فلما طرقها خرجت.
حدثنا أبو القاسم الجهني أن خطية لبعض الخلفاء أظنه الرشيد قامت لتتمطى فلما تمطت جاءت لترد يدها فلم تقدر وبقيتا حافتين فصاحت وآلمها ذلك وبلغ الخليفة فدخل وشاهد من أمرها ما أقلته وشاور الأطباء فكل قال شيئاً واستعلمه فلم ينجح وبقيت الجارية على تلك الصورة أياماً والخليفة قلق بها فجاءه أحد الأطباء فقال يا أمير المؤمنين لا دواء لها إلا أن يدخل إلا أن يدخل إليها رجل غريب فيخلو بها ويمرخها مروخاً يعرفه فأجابه الخليفة إلى ذلك طلباً لعافيتها فأحضر الطبيب رجلاً وأخرج من كمه دهناً وقال أريد أن تأمر يا أمير المؤمنين يتعريتها حتى أمرح جميع أعضائها بهذا الدهن فشق ذلك عليه ثم أمر أن يفعل ذلك ووضع في نفسه قتل الرجل وقال للخادم خذه فأدخله عليها بعد أن تعريها فعريت الجارية وأقيمت فلما دخل الرجل وقرب منها سعى إليها وأومأ إلى فرجها ليمسه فغطت الجارية فرجها بيدها ولشدة ما داخلها من الحياء والجزع حمى بدنها بانتشار الحرارة الغريزية فعاونتها على ما أرادت من تغطية فرجها واستعمال بدنها في ذلك فلما غطت فرجها قال لها الرجل قد برأت فلا تحركي يديك فأخذه الخادم وجاء به إلى الرشيد وأخبره الخبر فقال له الرشيد كيف تعمل بمن شاهد فرج حرمتنا فجذب الطبيب بيده لحية الرجل فإذا هي ملصقة فانفعلت فإذا الشخص جارية وقال يا أمير المؤمنين ما كنت لأبدي حرمتك للرجال ولكن خشيت أني أكشف لك الخبر فيتصل بالجارية فتبطل الحيلة لأني أردت أن أدخل إلى قلبها فزعاً شديداً بحمى طبعها ويقودها إلى الحمل على يديها وتحريكها وإعانة الحرارة الغريزية على ذلك فلم يقع لي غير هذا فأخبرتك به فأجزل الخليفة جائزته وأصرفه. قال أبو القاسم ولهذا استعملت الأطباء في علاج اللقوة الضعيفة الصفعة الشديدة على غفلة من ضد الجانب الملقوا ليدخل قلب المصفوع ما حميه فيحول وجهه ضرورة بالطبع إلى حيث صفع فترجع لقوته.
● روى الصلت بن محمد الجحدري قال حدثنا بشر بن الفضل قال خرجنا حجاجاً فمررنا بمياه من مياه العرب فوصف لنا فيه ثلاثة أخوات بالجمال وقيل لنا إنهن يتطببن ويعالجن فأحببنا أن نراهن فعمدنا إلى صاحب لنا فحككنا ساقه بعود حتى أدميناه ثم رفعناه على أيدينا وقلنا هذا سليم فهل من راق فخرجت أصغرهن فإذا جارية كالشمس الطالعة فجاءت حتى وقفت عليه فقالت ليس سليم قلنا وكيف قالت لأنه خدشه عود بالت عليه حية ذكر والدليل أنه إذا طلعت عليه الشمس مات فلما طلعت الشمس مات فعجبنا من ذلك. شكا رجل إلى طبيب وجع بطنه فقال ما الذي أكلت قال أكلت رغيفاً محترقاً فدعا الطبيب ليكحله بذور فقال الرجل إنما اشتكى وجع بطني لا عيني قال قد عرفت ولكن أكحلك لتبصر المحترق فلا تأكله.
الباب السابع والعشرون
في ذكر طرف من فطن المتطفلين
في ذكر طرف من فطن المتطفلين