بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة التاريخ
حوادث الدهور
{ احداث سنة ثمان وأربعين وثمانمائة }
سنة ثمان وأربعين وثمانمائة استهلت والولاة على حالهم والأسعار متوسطة وسعر الدينار الذهب مائتا درهم وخمسة وثمانون درهما في الصرف وتسعون في المعاملة والأفرنتي بأنقص من الأشرفي خمسة دراهم في الجالبين والمثقال الذهب بثلاثمائة وخمسة وثلاثين والدرهم من الفضة بأربعة وعشرين من الفلوس والدرهم من الفلوس بثمانية أعداد مخلوطة بالنحاس وغيره وكان سعر القمح في وسط السنة الماضية بثلاثمائة الإردب وهو الآن بمائتين فما دونها وبقية الأسعار رخيصة غير أن الطاعون كان ابتدأ في أوائل ذي الحجة من السنة الخالية وفشا الآن في أوائل هذه فنسأل الله حسن الخاتمة.
المحرم أوله الاثنين فيه فشا الطاعون وصار يزيد في يوم وينقص في أخر إلى أن أخذ في التزايد وبلغ من يموت في كل يوم اكثر من ثلاثمائة.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرة ركب المحتسب الشيخ على الخراساني فكبس المعاصر بساحل بولاق فتكاثرت العبيد عليه ورجموه وكادوا يقتلونه عدما ولولا إنه التجأ إلى بيت الكمال ابن البارزي كاتب السر هلك صفر أوله الأربعاء وفي يوم الخميس ثانيه استقر ابن ظهير ناظر الأوقاف عوضا عن علاء الدين علي بن اقبرس بحكم عزله.
ربيع الأول أوله الجمعة فيه نفى السلطان يونس الأمير أخوه وفي يوم الأحد ثالثه ضرب السلطان المحب أبا البركات الهيتمي أحد النواب وحبسه بالمقشرة لا لأمر اقتضى ذلك ولما بلغ ذلك شيخ الإسلام ابن حجر عزل نفسه ثم أعاده السلطان بعد ذلك وأطلق أبا البركات المذكور وفي يوم الست تاسعه نفى السلطان سودون مملوك طوغان أمير آخور كان إلى حلب، ولو أبعد به كان أحسن.
وفي هذه الأيام أمر السلطان بنفي الشيخ شمس الدين محمد ابن العطار الحنفي أحد الصوفية بخانقاه شيخو إلى ملطية وخرج إلى أن وصل إلى خالقاه سرياقوس ثم تكلم فيه فعاد إلى القاهرة على حاله وكان السبب في ذلك شمس الدين الكاتب فأنه كان واسطة سوء عند السلطان وأما الشمس ابن العطار فأنه من خيار الناس من أعيان فقهاء الحنفية.
وفيه أيضا أمر السلطان الأمير شادبك الجكمي وطوخ من تمراز المدعو بيني بازق ومعناه غليظ الرقبة وكلاهما أمير مائة ومقدم ألف بمصر بالسفر إلى بلاد الصعيد دفع فساد العربان وكان قبل تاريخه أرسل ايتمش من ازوباي المؤيدي استادار الصحبة ومعه خمسون سنة مملوكا من المماليك السلطانية إلى الصعيد أيضا فضعف ايتمش بمن معه عن قتالهم وهم عرب الكنوز.
وفي يوم السبت خامس عشرة استقر سودون البردبكي أمير جاندار واحد الحجاب في نيابه ثغر دمياط وخلع عليه ف يوم الاثنين عوضا عن السيفي طوغان السيفي أقبردي المنقار بحكم عزله وتوجهه إلى البلاد الشامية على إمرة.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرة استقر دولات باي الدوادار الثاني ناظر ما الجامع الأزهر ووفي النيل فنزل المقام الفخري عثمان ابن السلطان من القلعة وبين يديه أعيان الدولة من الأمراء وغيرهم حتى عدي النيل وخلق المقياس وعاد ففتح الخليج وركب وطلع إلى القلعة وخلع عليه والده فوفانيا بطرز ذهب على العادة ولبعض الشعراء (الكامل)
وَاهَا لهذا النّيلِ أي عَجيبَة ● نُكْرْ بِمثْلِ حَديِثهَا لا يُسْمَعُ
يُلْقى الثَّري في الْعَام وَهْوَ مُسَلَّمْ ● حَتَّى إذا مَا عَادَ وَهْوَ مُوَزَّعُ
مُسْتَقْبلْ مِثْلَ الْهِلاَلِ فَدَهْرُهُ ● أبَدَا يَزِيُد كَمَا يَزِيدُ وَيَرْجَعُ
يُلْقى الثَّري في الْعَام وَهْوَ مُسَلَّمْ ● حَتَّى إذا مَا عَادَ وَهْوَ مُوَزَّعُ
مُسْتَقْبلْ مِثْلَ الْهِلاَلِ فَدَهْرُهُ ● أبَدَا يَزِيُد كَمَا يَزِيدُ وَيَرْجَعُ