من طرف كراكيب الأربعاء 1 مايو 2019 - 3:29
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
أحوال البلاد وأخبار العباد
أحداث سنة إحدى وأربعين
وسنة اثنتين وأربعين
● [ ثم دخلت سنة إحدى وأربعين ] ●
ذكر تسليم الحسن بن علي الخلافة إلى معاوية
كان أمير المؤمنين علي قد بايعه أربعون ألفاً من عسكره على الموت لما ظهر ما كان يخبرهم به عن أهل الشام، فبينما هو يتجهز للمسير قتل، كرم الله وجهه، وإذا أراد الله أمراً فلا مرد له. فلما قتل وبايع الناس ولده الحسن بلغه مسير معاوية في أهل الشام إليه، فتجهز هو والجيش الذين كانوا بايعوا علياً وسار عن الكوفة إلى لقاء معاوية، وكان قد نزل مسكن، فوصل الحسن إلى المدائن وجعل قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على مقدمته في اثني عشر ألفاً، وقيل بل كان الحسن قد جعل على مقدمته عبد الله بن عباس، فجعل عبد الله على مقدمته في الطلائع قيس بن سعد بن عبادة. فلما نزل الحسن المدائن نادى مناد في العسكر: ألا إن قيس بن سعد قتل فانفروا. فنفروا بسرادق الحسن، فنهبوا متاعه حتى نازعوه بساطاً كان تحته، فازداد لهم بغضاً ومنهم ذعراً ودخل المقصورة البيضاء بالمدائن، وكان الأمير على المدائن سعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد، فقال له المختار، وهو شاب: هل لك في الغنى والشرف. قال: وما ذاك؟ قال: تستوثق من الحسن وتستأمن به إلى معاوية. فقال له عمه: عليك لعنة الله! أثب على ابن بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأوثقه؟ بئس الرجل أنت! فلما رأى الحسن تفرق الأمر عنه كتب إلى معاوية وذكر شروطاً وقال له: إن أنت أعطيتني هذا فأنا سامعٌ مطيعٌ وعليك أن تفي لي به. وقال لأخيه الحسين وعبد الله بن جعفر: إنني قد راسلت معاوية في الصلح. فقال له الحسين: أنشدك الله أن تصدق، أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك! فقال له الحسن: اسكت، أنا أعلم بالأمر منك.
فلما انتهى كتاب الحسن إلى معاوية أمسكه، وكان قد أرسل عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس إلى الحسن قبل وصول الكتاب ومعهما صحيفة بيضاء مختوم على أسفلها، وكتب إليه: أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك.
فلما أتت الصحيفة إلى الحسن اشترط أضعاف الشروط التي سأل معاوية قبل ذلك وأمسكها عنده، فلما سلم الحسن الأمر إلى معاوية طلب أن يعطيه الشروط التي في الصحيفة التي ختم عليها معاوية، فأبى ذلك معاوية وقال له: قد أعطيتك ما كنت تطلب. فلما اصطلحا قام الحسن في أهل العراق فقال: يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاثٌ: قتلكم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي.
وكان الذي طلب الحسن من معاوية أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة، ومبلغه خمسة آلاف ألف، وخراج دار ابجرد من فارسن وأن لا يشتم علياً، فلم يجبه إلى الكف عن شتم علي، فطلب أن لا يشتم وهو يسمع، فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضاً، وأما خراج دار ابجرد فإن أهل البصرة منعوه منه وقالوا: هو فيئنا لا نعطيه أحداً، وكان منعهم بأمر معاوية أيضاً.
وتسلم معاوية الأمر لخمس بقين من ربيع الأول من هذه السنة، وقيل: في ربيع الآخر، وقيل: في جمادى الأولى، وقيل: إنما سلم الحسن الأمر إلى معاوية لأنه لما راسله معاوية في تسليم الخلافة إليه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنا والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فشيبت السلام بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في مسيركم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، وأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفةٌ، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله، عز وجل، بظبى السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى.
فناداه الناس من كل جانب: البقية البقية! وأمضى الصلح.
ولما عزم على تسليم الأمر إلى معاوية خطب الناس فقال: أيها الناس إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وكرر ذلك حتى ما بقي في المجلس إلا من بكى حتى سمع نشيجه. فلما ساروا إلى معاوية في الصلح اصطلحا على ما ذكرناه وسلم إليه الحسن الأمر.
وكانت خلافة الحسن، على قول من يقول: إنه سلم الأمر في ربيع الأول، خمسة أشهر ونحو نصف شهر، وعلى قول من يقول: في ربيع الآخر، يكون ستة أشهر وشيئاً، وعلى قول من يقول: في جمادى الأولى، يكون سبعة أشهر وشيئاً، والله تعالى أعلم.
ولما اصطلحا وبايع الحسن معاوية دخل معاوية الكوفة وبايعه الناس، وكتب الحسن إلى قيس بن سعد، وهو على مقدمته في اثني عشر ألفاً يأمره بالدخول في طاعة معاوية، فقام قيس في الناس فقال: أيها الناس اختاروا الدخول في طاعة إمام ضلالة أو القتال مع غير إمام. فقال بعضهم: بل نختار الدخول في طاعة إمام ضلالة. فبايعوا معاوية أيضاً. فانصرف قيس فيمن تبعه، على ما نذكره.
ولما دخل معاوية الكوفة قال له عمرو بن العاص ليأمر الحسن أن يقوم فيخطب الناس ليظهر لهم عيه. فخطب معاوية الناس ثم أمر الحسن أن يخطبهم. فقام فحمد الله بديهةً ثم قال: أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دولٌ، وإن الله، عز وجل، قال لنبيه (وإن أدري لعله فتنةٌ لكم ومتاعٌ إلى حينٍ) الأنبياء: 111. فلما قاله قال له معاوية: اجلس، وحقدها على عمرو وقال: هذا من رأيك.
ولحق الحسن بالمدينة وأهل بيته وحشمهم، وجعل الناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة.
قيل للحسن: ما حملك على ما فعلت؟ فقال: كرهت الدنيا ورأيت أهل الكوفة قوماً لا يثق بهم أحدٌ أبداً إلا غلب، ليس أحد منهم يوافق آخر في رأي ولا هوى، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر، لقد لقي أبي منهم أموراً عظاماً، فليت شعري لمن يصلحون بعدي، وهي أسرع البلاد خراباً! ولما سار الحسن من الكوفة عرض له رجل فقال له: يا مسود وجوه المسلمين! فقال: لا تعذلي فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رأى في المنام بني أمية ينزون على منبره رجلاً فرجلاً فساءه ذلك فأنزل الله، عز وجل: (إنا أعطيناك الكوثر: 1، وهو نهر في الجنة، و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) إلى قوله تعالى: (خيرٌ من ألف شهرٍ) القدر: 1 - 3، يملكها بعدك بنو أمية.
● [ ذكر صلح معاوية وقيس بن سعد ] ●
وفيها جرى الصلح بين معاوية وقيس بن سعد، وكان قيس امتنع من ذلك، وسبب امتناعه أن عبيد الله بن عباس لما علم بما يريده الحسن من تسليم الأمر إلى معاوية كتب إلى معاوية يسأله الأمان لنفسه على ما أصاب من مال وغيره، فأجابه إلى ذلك، وأرسل عبد الله بن عامر في جيش كثيف، فخرج إليهم عبيد الله ليلاً وترك جنده الذين هو عليهم بغير أمير وفيهم قيس بن سعد، فأمر ذلك الجند عليهم قيس بن سعد وتعاقدوا هو وهم على قتال معاوية حتى يشرط لشيعة علي ولمن كان معه على دمائهم وأموالهم. وقيل: إن قيساً كان هو الأمير على ذلك الجيش في المقدمة، على ما ذكرناه، وكان شديد الكراهة لإمارة معاوية ابن أبي سفيان، فلما بلغه أن الحسن بن علي صالح معاوية اجتمع معه جمع كثير وبايعوه على قتال معاوية حتى يشترط لشيعة علي على دمائهم وأموالهم وما كانوا أصابوا في الفتنة، فراسله معاوية يدعوه إلى طاعته، وأرسل إليه بسجل، وختم على أسفله وقال له: اكتب في هذا ما شئت فهو لك. فقال عمرو لمعاوية: لا تعطه هذا وقاتله. فقال معاوية: على رسلك فإنا لا نخلص إلى قتلهم حتى يقتلوا أعدادهم من أهل الشام، فما خير العيش بعد ذلك؟ فإني والله لا أقاتله أبداً حتى لا أجد من قتاله بداً.
فلما بعث إليه معاوية ذلك السجل اشترط قيس له ولشيعة علي الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال، ولم يسأل في سجله ذلك مالاً، وأعطاه معاوية ما سأل، ودخل قيس ومن معه في طاعته.
وكانوا يعدون دهاة الناس حين ثارت الفتنة خمسةً يقال إنهم ذوو رأي العرب ومكيدتهم: معاوية، وعمرو، والمغيرة بن شعبة، وقيس بن سعد، وعبد الله بن بديل الخزاعي، وكان قيس وابن بديل مع علي، وكان المغيرة معتزلاً بالطائف، ولما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه سعد بن أبي وقاص فقال: السلام عليك أيها الملك! فضحك معاوية وقال: ما كان عليك يا أبا إسحاق لو قلت: يا أمير المؤمنين؟ فقال: أتقولها جذلان ضاحكاً؟ والله ما أحب أني وليتها بما وليتها به.
● [ ذكر خروج الخوارج على معاوية ] ●
قد ذكرنا فيما تقدم اعتزال فروة بن نوفل الأشجعي في خمسمائة من الخوارج ومسيرهم إلى شهرزور، وتركوا قتال علي والحسن؛ فلما سلم الحسن الأمر إلى معاوية قالوا: قد جاء الآن ما لا شك فيه، فسيروا إلى معاوية فجاهدوه. فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى حلوا بالنخيلة عند الكوفة، وكان الحسن ابن علي قد سار يريد المدينة، فكتب إليه معاوية يدعوه إلى قتال فروة، فلحقه رسوله بالقادسية أو قريباً منها، فلم يرجع وكتب إلى معاوية: لو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فإني تركتك لصلاح الأمة وحقن دمائها.
فأرسل إليهم معاوية جمعاً من أهل الشام، فقاتلوهم، فانهزم أهل الشام، فقال معاوية لأهل الكوفة: والله لا أمان لكم عندي حتى تكفوهم. فخرج أهل الكوفة فقاتلوهم. فقالت لهم الخوارج: أليس معاوية عدونا وعدوكم؟ دعونا حتى نقاتله، فإن أصبنا كنا قد كفيناكم عدوكم، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا. فقالوا: لابد لنا من قتالكم. فأخذت أشجع صاحبهم فروة فحادثوه ووعظوه فلم يرجع، فأخذوه قهراً وأدخلوه الكوفة، فاستعمل الخوارج عليهم عبد الله بن أبي الحوساء، رجلاً من طيء، فقاتلهم أهل الكوفة فقتلوهم في ربيع الأول، وقيل: في ربيع الآخر، وقتل ابن أبي الحوساء، وكان ابن أبي الحوساء حين ولي أمر الخوارج قد خوف من السلطان أن يصلبه، فقال:
ما إن أبالي إذا أرواحنا قبضت ... ماذا فعلتم بأوصالٍ وأبشار
تجري المجرة والنسران عن قدرٍ ... والشمس والقمر الساري بمقدار
وقد علمت، وخير القول أنفعه، ... أن السعيد الذي ينجو من النار
● [ ذكر خروج حوثرة بن وداع ] ●
ولما قتل ابن أبي الحوساء اجتمع الخوارج فولوا أمرهم حوثرة بن وداع ابن مسعود الأسدي، فقام فيهم وعاب فروة بن نوفل لشكه في تقال علي ودعا الخوارج وسار من براز الروز، وكان بها، حتى قدم النخيلة في مائة وخمسين، وانضم إليه فل ابن أبي الحوساء، وهم قليل، فدعا معاوية أبا حوشرة فقال له: اخرج إلى ابنك فلعله يرق إذا رآك. فخرج إليه وكلمه وناشده وقال: ألا أجيئك بابنك فلعلك إذا رأيته كرهت فراقه؟ فقال: أنا إلى طعنة من يد كافر برمح أتقلب فيه ساعة أشوق مني إلى ابني. فرجع أبوه فأخبر معاوية بقوله، فسير معاوية إليهم عبد الله بن عوف الأحمر في ألفين، وخرج أبو حوثرة فيمن خرج فدعا ابنه إلى البراز، فقال: يا أبه لك في غيري سعة. وقاتلهم ابن عوف وصبروا، وبارز حوثرة عبد الله بن عوف فطعنه ابن عوف فقتله وقتل أصحابه إلا خمسين رجلاً دخلوا الكوفة، وذلك في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين. ورأى ابن عوف بوجه حوثرة أثر السجود، وكان صاحب عبادة، فندم على قتله، وقال:
قتلت أخا بني أسدٍِ سفاهاً ... لعمر أبي فما لقيت رشدي
قتلت مصلياً محياء ليلٍ ... طويل الحزن ذا برٍ وقصد
قتلت أخا تقىً لأنال دنيا ... وذاك لشقوتي وعثار جدي
فهب لي توبةً يا رب واغفر ... لما قارفت من طإٍ وعمد
● [ ذكر خروج فروة بن نوفل ومقتله ] ●
ثم إن فروة بن نوفل الأشجعي خرج على المغيرة بن شعبة بعد مسير معاوية، فوجه إليه المغيرة خيلاً عليها شبث بن ربعي، ويقال: معقل بن قيس، فلقيه بشهرزور فقتله، وقيل قتل ببعض السواد.
● [ ذكر شبيب بن بجرة ] ●
كان شبيب مع ابن ملجم حين قتل علياً، فلما دخل معاوية الكوفة أتاه شبيب كالمتقرب إليه فقال: أنا وابن ملجم قتلنا علياً، فوثب معاوية من مجلسه مذعوراً حتى دخل منزله وبعث إلى أشجع وقال: لئن رأيت شبيباً أو بلغني أنه ببابي لأهلكنكم، أخرجوه عن بلدكم، وكان شبيب إذا جن عليه الليل خرج فلم يلق أحداً إلا قتله، فلما ولي المغيرة الكوفة خرج عليه بالقف قريب الكوفة، فبعث إليه المغيرة خيلاً عليها خالد بن عرفطة، وقيل: معقل ابن قيس، فاقتتلوا فقتل شبيب وأصحابه.
● [ ذكر معين الخارجي ] ●
وبلغ المغيرة أن معين بن عبد الله يريد الخروج، وهو رجل من محارب، وكان اسمه معناً فصغر، فأرسل إليه، وعنده جماعة، فأخذ وحبس، وبعث المغيرة إلى معاوية يخبره أمره، فكتب إليه: إن شهد أني خليفة فخل سبيله. فأحضره المغيرة وقال له: أتشهد أن معاوية خليفة وأنه أمير المؤمنين؟ فقال: أشهد أن الله، عز وجل، حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فأمر به فقتل، قتله قبيصة الهلالي، فلما كان أيام بشر بن مروان جلس رجل من الخوارج على باب قبيصة حتى خرج فقتله، ولم يعرف قاتله حتى خرج قاتله مع شبيب بن يزيد، فلما قدم الكوفة قال: يا أعداء الله أنا قاتل قبيصة.
● [ ذكر خروج أبي مريم ] ●
ثم خرج أبو مريم مولى بني الحارث بن كعب ومعه امرأتان: قطام وكحيلة، وكان أول من أخرج معه النساء، فعاب ذلك عليه أبو بلال بن أدية، فقال: قد قاتل النساء مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومع المسلمين بالشام، وسأردهما، فردهما، فوجه إليه المغيرة جابراً البجلي، فقاتله فقتل أبو مريم وأصحابه ببادوريا.
● [ ذكر خروج أبي ليلى ] ●
وكان أبو ليلى رجلاً أسود طويلاً، فأخذ بعضادتي باب المسجد بالكوفة وفيه عدة من الأشراف وحكم بصوت عال، فلم يعرض له أحد، فخرج وتبعه ثلاثون رجلاً من الموالي، فبعث فيه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله بسواد الكوفة سنة اثنتين وأربعين.
● [ ذكر استعمال المغيرة بن شعبة على الكوفة ] ●
وفيها استعمل معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص على الكوفة، فأتاه المغيرة ابن شعبة فقال له: استعملت عبد الله على الكوفة وأباه على مصر فتكون أميراً بين نابي الأسد. فعزله عنها واستعمل المغيرة على الكوفة. وبلغ عمراً ما قال المغيرة، فدخل على معاوية فقال: استعملت المغيرة على الخراج فيغتال المال ولا تستطيع أن تأخذه منه، استعمل على الخراج رجلاً يخافك ويتقيك. فعزله عن الخراج واستعمله على الصلاة.
ولما ولي المغيرة الكوفة استعمل كثير بن شهاب على الري، وكان يكثر سب علي منبر الري، وبقي عليها إلى أن ولي زياد الكوفة، فأقره عليها، وغزا الديلم ومعه عبد الله بن الحجاج التغلبي، وقتل ديلمياً وأخذ سلبه، فأخذه منه كثير، فناشده الله في رده عليه فلم يفعل، فاختفى له وضربه على وجهه بالسيف أو بعصاً هشم وجهه، فقال:
من مبلغٌ أفناء خندف أنني ... أدركت طائلتي من ابن شهاب
أدركته ليلاً بعقوة داره ... فضربته قدماً على الأنياب
هلا خشيت وأنت عادٍ ظالمٌ ... بقصور أبهر أسرتي وعقابي
ذكر ولاية بسر على البصرةفي هذه السنة ولي بسر بن أبي أرطأة البصرة.
وكان السبب في ذلك أن الحسن لما صالح معاوية أول سنة إحدى وأربعين وثب حمران بن أبان على البصرة فأخذها وغلب عليها، فبعث إليه معاوية بسر ابن أبي أرطأة وأمره بقتل بني زياد بن أبيه، وكان زياد على فارس قد أرسله إليها علي بن أبي طالب، فلما قدم بسر البصرة خطب على منبرها وشتم علياً ثم قال: نشدت الله رجلاً يعلم أني صادق إلا صدقني أو كاذب إلا كذبني. فقال أبو بكرة: اللهم إنا لا نعلمك إلا كاذباً. قال: فأمر به فخنق. فقام أبو لؤلؤة الضبي فرمى بنفسه عليه فمنعه. وأقطعه أبو بكرة مائة جريب، وقيل لأبي بكرة: ما حملك على ذلك؟ فقال: يناشدنا بالله ثم لا نصدقه؟ وأرسل معاوية إلى زياد: إن في يدك مالاً من مال الله فأد ما عندك منه. فكتب إليه زياد: إنه لم يبق عندي شيء، ولقد صرفت ما كان عندي في وجهه، واستودعت بعضه لنازلة إن نزلت، وحملت ما فضل إلى أمير المؤمنين رحمة الله عليه. فكتب إليه معاوية: أن أقبل ننظر فيما وليت فإن استقام بيننا أمر وإلا رجعت إلى مأمنك. فامتنع، فأخذ بسر أولاد زياد الأكابر، منهم: عبد الرحمن وعبيد الله وعباد، وكتب إلى زياد: لتقدمن على أمير المؤمنين أو لأقتلن بنيك. فكتب إليه زياد: لست بارحاً من مكاني حتى يحكم الله بيني وبين صاحبك، وإن قتلت ولدي فالمصير إلى الله ومن ورائنا الحساب، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون) الشعراء: 227. فأراد بسر قتلهم فأتاه أبو بكرة فقال: قد أخذت ولد أخي بلا ذنب، وقد صالح الحسن معاوية على ما أصاب أصحاب علي حيث كانوا، فليس لك عليهم ولا على أبيهم سبيل. وأجله أياماً حتى يأتيه بكتاب معاوية، فركب أبو بكرة إلى معاوية، وهو بالكوفة، فلما أتاه قال له: يا معاوية إن الناس لم يعطوك بيعتهم على قتل الأطفال! قال: وما ذاك يا أبا بكرة؟ قال: بسر يريد قتل بني أخي زياد. فكتب له بتخليتهم. فأخذ كتابه إلى بسر بالكف عن أولاد زياد، وعاد فوصل البصرة يوم الميعاد، وقد أخرج بسر أولاد زياد مع طلوع الشمس ينتظر بهم الغروب ليقتلهم، واجتمع الناس لذلك وهم ينتظرو أبا بكرة إذ رفع لهم على نجيب أو برذون يكده، فوقف عليه ونزل عنه وألاح بثوبه وكبر وكبر الناس معه، فأقبل يسعى على رجليه فأدرك بسراً قبل أن يقتلهم، فدفع إليه كتاب معاوية، فأطلقهم.
وقد كان معاوية كتب إلى زياد حين قتل علي يتهدده، فقام خطيباً فقال: العجب من ابن آكلة الأكباد، وكهف النفاق، ورئيس الأحزاب يتهددني، وبيني وبينه ابنا عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعني ابن عباس والحسن بن علي، في سبعين ألفاً واضعي سيوفهم على عواتقهم! أما والله لئن خلص إلي ليجدني أحمز ضراباً بالسيف. فلما صالح الحسن معاوية وقدم معاوية الكوفة تحصن زياد في القلعة التي يقال لها قلعة زياد.
قول من قال في هذا: إن زياداً عنى ابن عباس، وهمٌ لأن ابن عباس فارق علياً في حياته.
وقيل: إن معاوية أرسل هذا إلى زياد في حياة علي، فقال زياد هذه المقالة وعنى بها علياً. وكتب زياد إلى علي يخبره بما كتب إليه معاوية، فأجابه بما هو مشهور، وقد ذكرناه في استلحاق معاوية زياداً.
كل ما في هذا الخبر بسر فهو بضم الباء الموحدة والسين المهملة الساكنة.
● [ ذكر ولاية ابن عامر البصرة لمعاوية ] ●
ثم أراد معاوية أن يولي عتبة بن أبي سفيان البصرة، فكلمه ابن عامر وقال له: إن لي بالبصرة ودائع وأموالاً، فإن لم تولني عليها ذهبت. فولاه البصرة. فقدمها في آخر سنة إحدى وأربعين، وجعل إليه خراسان وسجستان، فجعل على شرطته حبيب بن شهاب، وعلى القضاء عميرة بن يثربي أخا عمرو، وقد تقدم في وقعة الجمل أن عميرة قتل فيها، وقيل عمرو هو المقتول، والله سبحانه أعلم بالصواب.
● [ ذكر ولاية قيس بن الهيثم خراسان ] ●
وفي السنة استعمل ابن عامر قيس بن الهيثم السلمي عل خراسان، وكان أهل بادغيس وهراة وبوشنج قد نكثوا، فسار إلى بلخ فأخرب نوبهارها، كان الذي تولى ذلك عطاء بن السائب مولى بني ليث، وهو الخشك، وإنما سمي عطاء الخشك لأنه أول من دخل مدينة هراة من المسلمين من باب خشك، واتخذ قناطر على ثلاثة أنهار من بلخ على فرسخ فقيل قناطر عطاء.
ثم إن أهل بلخ سألوا الصلح ومراجعة الطاعة فصالحهم قيس. وقيل: إنما صالحهم الربيع بن زياد سنة إحدى وخمسين، وسيرد ذكره. ثم قدم قيس على ابن عامر فضربه وحبسه واستعمل عبد الله بن خازم، فأرسل إليه أهل هراة وباذغيس وبوشنج يطلبون الأمان والصلح، فصالحهم وحمل إلى ابن عامر مالاً. عبد الله بن خازم بالخاء المعجمة.
● [ ذكر خروج سهم بن غالب ] ●
وفي هذه السنة خرج سهم بن غالب الهجيمي على ابن عامر في سبعين رجلاً، منهم الخطيم الباهلي، وهو يزيد بن مالك، وإنما قيل له الخطيم لضربة ضربها على وجهه، فنزلوا بين الجسرين والبصرة، فمر بهم عبادة بن فرص الليثي من الغزو ومعه ابنه وابن أخيه، فقال لهم الخوارج: من أنتم؟ قالوا: قوم مسلمون. قالوا: كذبتم. قال عبادة: سبحان الله! اقبلوا منا ما قبل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مني، فإني كذبته وقاتلته ثم أتيته فأسلمت فقبل ذلك مني. قالوا: أنت كافر، وقتلوه وقتلوا ابنه وابن أخيه. فخرج إليهم ابن عامر بنفسه وقاتلهم فقتل منهم عدة وانحاز بقيتهم إلى أجمة وفيهم سهم والخطيم، فعرض عليهم ابن عامر الأمان فقبلوه، فآمنهم، فرجعوا، فكتب إليه معاوية يأمر بقتلهم، فكتب إليه ابن عامر: إني قد جعلت لهم ذمتك.
فلما أتى زياد البصرة سنة خمس وأربعين هرب سهم والخطيم فخرجا إلى الأهواز، فاجتمع إلى سهم جماعة فأقبل بهم إلى البصرة، فأخذ قوماً، فقالوا: نحن يهود، فخلاهم، وقتل سعداً مولى قدامة بن مظعون، فلما وصل إلى البصرة تفرق عنه أصحابه، فاختفى سهم، وقيل: إنهم تفرقوا عند استخفائه، فطلب الأمان وظن أنه يسوغ له عند زياد ما ساغ له عند ابن عامر، فلم يؤمنه زياد، وبحث عنه، فدل عليه، فأخذه وقتله وصلبه في داره.
وقيل: لم يزل مستخفياً إلى أن مات زياد فأخذه عبيد الله بن زياد فصلبه سنة أربع وخمسين، وقيل: قبل ذلك؛ فقال رجل من الخوارج:
فإن تكن الأحزاب باؤوا بصلبه ... فلا يبعدن الله سهم بن غالب
وأما الخطيم فإنه سأله زياد عن قتله عبادة فأنكره فسيره إلى البحرين ثم أعاده بعد ذلك.
● [ ذكر عدة حوادث ] ●
قيل: وفي هذه السنة ولد علي بن عبد الله بن عباس، وقيل: ولد سنة أربعين قبل أن يقتل علي، والأول أصح، وباسم علي سماه، وقال: سميته باسم أحب الناس إلي.
وحج بالناس هذه السنة عتبة بن أبي سفيان، وقيل: عنبسة بن أبي سفيان.
وفي هذه السنة استعمل عمرو بن العاص عقبة بن نافع بن عبد قيس، وهو ابن خالة عمرو، على إفريقية، فانتهى إلى لواتة ومزاتة، فأطاعوا ثم كفروا، فغزاهم من سنته، فقتل وسبى، ثم افتتح في سنة اثنتين وأربعين غدامس، فقتل وسبى، وفتح في سنة ثلاث وأربعين كوراً من كور السودان، وافتتح ودان، وهي من برقة، وافتتح عامة بلاد بربر، وهو الذي اختط القيروان سنة خمسين، وسيذكر إن شاء الله تعالى.
وفيها مات لبيد بين ربيعة الشاعر: وقيل: مات يوم دخل معاوية الكوفة وعمره مائة سنة وسبع وخمسون سنة، وقيل: مات في خلافة عثمان، وله صحبة، وترك الشعر مذ أسلم.
● ● [ ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين ] ● ●
في هذه السنة غزا المسلمون اللان وغزوا الروم أيضاً فهزموهم هزيمةً منكرة وقتلوا جماعة من بطارقتهم.
وفيها ولد الحجاج بن يوسف في قول.
وفيها ولى معاوية مروان بن الحكم المدينة، وولى خالد بن العاص بن هشام مكة، فاستقضى مروان عبد الله بن الحارث بن نوفل.
وكان على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى قضائها شريح، وعلى البصرة عبد الله بن عامر وعلى قضائها عمرو بن يثربي وعلى خراسان قيس بن الهيثم استعمله ابن عامر، وقيل: استعمله معاوية لما استقامت له الأمور، فلما ولي ابن عامر البصرة أقره عليها.
● [ ذكر الخبر عن تحرك الخوارج ] ●
وفي هذه السنة تحركت الخوارج الذين كانوا انحازوا عمن قتل في النهر ومن كان ارتث من جراحته في النهر فبرأوا وعفا علي عنهم، وكان سبب خروجهم أن حيان بن ظبيان السلمي كان خارجياً وكان قد ارتث يوم النهر، فلما برأ لحق بالري في رجال معه، فأقاموا بها حتى بلغهم مقتل علي، فدعا أصحابه، وكانوا بضعة عشر، أحدهم سالم بن ربيعة العبسي، فأعلمهم بقتل علي، فقال سالم: لا شلت يمين علت قذاله بالسيف! وحمدوا الله على قتله، رضي الله عنه ولا رضي عنهم - ثم إن سالماً رجع عن رأي الخوارج بعد ذلك وصلح - ودعاهم حيان إلى الخروج ومقاتلة أهل القبلة، فأقبلوا إلى الكوفة فأقاموا بها حتى قدمها معاوية، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة، فأحب العافية وأحسن السيرة، وكان يؤتى فيقال له: إن فلاناً يرى رأي الشيعة وفلاناً يرى رأي الخوارج، فيقول: قضى الله أن لا يزالوا مختلفين وسيحكم الله بين عباده. فأمنه الناس.
وكانت الخوارج يلقى بعضهم بعضاً ويتذاكرون مكان إخوانهم بالنهر، فاجتمعوا على ثلاثة نفر: على المستورد بن علفة التيمي من تيم الرباب، وعلى معاذ بن جوين الطائي وهو ابن عم زيد بن حصين الذي قتل يوم النهر، وعلى حيان بن ظبيان السلمي، واجتمعوا في أربعمائة فتشاوروا فيمن يولون عليهم، فكلهم دفع الإمارة عن نفسه، ثم اتفقوا فولوا المستورد وبايعوه، وذلك في جمادى الآخرة، واتعدوا للخروج واستعدوا، وكان خروجهم غرة شعبان سنة ثلاث وأربعين.
علفة بضم العين المهملة، وتشديد اللام المكسورة، وفتح الفاء.
● [ ذكر قدوم زياد على معاوية ] ●
وفي هذه السنة قدم زياد على معاوية من فارس.
وكان سبب ذلك أن زياداً كان قد استودع ماله عبد الرحمن بن أبي بكرة، وكان عبد الرحمن يلي ماله بالبصرة، وبلغ معاوية ذلك فبعث المغيرة بن شعبة لينظر في أموال زياد، فأخذ عبد الرحمن فقال له: إن كان أبوك قد أساء إلي لقد أحسن عمك، يعني زياداً. وكتب إلى معاوية: إني لم أجد في يد عبد الرحمن مالاً يحل لي أخذه. فكتب إليه معاوية: أن عذب عبد الرحمن، فأراد أن يعذر، وبلغ ذلك معاوية فقال لعبد الرحمن: احفظ بما في يديك. وألقى على وجهه حريرة ونضحها بالماء، فغشي عليه، ففعل ذلك ثلاث مرات ثم خلاه وكتب إلى معاوية: إني عذبته فلم أصب عنده شيئاً. وحفظ لزياد يده عنده. ثم دخل المغيرة على معاوية، فقال معاوية حين رآه:
إنما موضع سر المرء إن ... باح بالسر أخوه المنتصح
فإذا بحت بسرٍّ فإلى ... ناصحٍ يستره أو لا تبح
فقال المغيرة: يا أمير المؤمنين إن تستودعني تستودع ناصحاً مشفقاً، وما ذلك؟ قال له معاوية: ذكرت زياداً واعتصامه بفارس فلم أنم ليلتي. فقال المغيرة: ما زياد هناك؟ فقال معاوية: داهية العرب معه أموال فارس يدبر الحيل، ما يؤمنني أن يبايع لرجل من أهل هذا البيت، فإذا هو قد أعاد علي الحرب جذعة، فقال المغيرة: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في إتيانه؟ قال: نعم، فأته وتلطف له.
فأتاه المغيرة وقال له: إن معاوية استخفه الوجل حتى بعثني إليك ولم يكن أحد يمد يده إلى هذا الأمر غير الحسن وقد بايع، فخذ لنفسك قبل التوطين فيستغني معاوية عنك. قال: أشر علي وارم الغرض الأقصى، فإن المستشار مؤتمن. فقال له المغيرة: أرى أن تصل حبلك بحبله وتشخص إليه ويقضي الله. وكتب إليه معاوية بأمانه بعد عود المغيرة عنه. فخرج زياد من فارس نحو معاوية ومعه المنجاب بن راشد الضبي وحارثة بن بدر الغداني.
وسرح عبد الله بن عامر عبد الله بن خازم في جماعة إلى فارس وقال: لعلك تلقى زياداً في طريقك فتأخذه. فسار بن خازم، فلقي زياداً بأرجان، فأخذ بعنانه وقال: انزل يا زياد. فقال: له المنجاب: تنح يا ابن السوداء وإلا علقت يدك بالعنان. وكانت بينهم منازعة. فقال له زياد: قد أتاني كتاب معاوية وأمانه. فتركه ابن خازم، وقدم زياد على معاوية، وسأله عن أموال فارس، فأخبره بما حمل منها إلى علي وبما أنفق منها في الوجوه التي تحتاج إلى النفقة وما بقي عنده وأنه مودع للمسلمين، فصدقه معاوية فيما أنفق وفيما بقي عنده وقبضه منه.
وقيل: إن زياداً لما قال لمعاوية قد بقيت بقية من المال وقد أودعتها، مكث معاوية يردده، فكتب زياد كتباً إلى قوم أودعهم المال وقال لهم: قد علمتم ما لي عندكم من الأمانة فتدبروا كتاب الله: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال) الأحزاب: 72 الآية؛ فاحتفظوا بما قبلكم. وسمى في الكتب المال الذي أقر به لمعاوية، وأمر رسوله أن يتعرض لبعض من يبلغ ذلك معاوية. ففعل رسوله، وانتشر ذلك، فقال معاوية لزياد حين وقف على الكتب: أخاف أن تكون مكرت بي فصالحني على ما شئت. فصالحه على شيء وحمله إليه، ومبلغه: ألف ألف درهم. واستأذنه في نزول الكوفة، فأذن له، فكان المغيرة يكرمه ويعظمه. فكتب معاوية إلى المغيرة ليلزم زياداً وحجر بن عدي وسليمان بن صرد وشبث بن ربعي وابن الكوا بن الحمق بالصلاة في الجماعة، فكانوا يحضرون معه الصلاة. وإنما ألزمهم بذلك لأنهم كانوا من شيعة علي.
● [ ذكر عدة حوادث ] ●
وحج هذه السنة بالناس عنبسة بن أبي سفيان.
وفيها مات حبيب بن مسلمة الفهري بأرمينية، وكان أميراً لمعاوية عليها، وكان قد شهد معه حروبه كلها. وفيها مات عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري، له صحبة. وفيها مات ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب، وهو الذي صارع النبي، صلى الله عليه وسلم، وصفوان بن أمية بن خلف الجمحي، وله صحبة. وفيها مات هانىء بن نيار بن عمرو الأنصاري، وهو خال البراء بن عازب، وقيل: سنة خمس وأربعين، وكان بدرياً عقبياً.
نيار بكسر النون، وفتح الياء تحتها نقطتاه، وآخره راء.
مختصر الكامل في التاريخ لابن الأثير
منتدى نافذة ثقافية - البوابة