بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
الأشباه والنظائر للسيوطي
الكتاب الثالث في القواعد المختلف فيها
ولا يطلق الترجيح لاختلافه في الفرع
القواعد من الحادية عشرة الى خاتمة الكتاب
● [ القاعدة الحادية عشرة ] ●
الطلاق الرجعي هل يقطع النكاح أو لا
قولان قال الرافعي والتحقيق أنه لا يطلق ترجيح واحد منهما لاختلاف الترجيح في فروعه فمنها لو وطئها في العدة وراجع فالأصح وجوب المهر بناء على أنه ينقطع.
ومنها لو مات عن رجعية فالأصح أنها لا تغسله والثاني تغسله كالزوجة.
ومنها لو خالعها فالأصح الصحة بناء على أنها زوجة.
ومنها لو قال نسائي أو زوجاتي طوالق فالأصح دخول الرجعية فيهن.
تنبيهات: الأول جزم بالأول في تحريم الوطء والاستمتاعات كلها والنظر والخلوة ووجوب استبرائها لو كانت رقيقة واشتراها وجزم بالثاني في الإرث ولحوق الطلاق وصحة الظهار والإيلاء واللعان ووجوب النفقة.
الثاني في أصل القاعدة قول ثالث وهو الوقف فإن لم يراجعها حتى انقضت العدة تبينا انقطاع النكاح بالطلاق وإن راجع تبينا أنه لم ينقطع ونظير ذلك الأقوال في الملك زمن الخيار.
الثالث يعبر عن القاعدة بعبارة أخرى فيقال الرجعة هل هي ابتداء النكاح أو استدامته فصحح الأول فيما إذا طلق المولى في المدة ثم راجع فإنها تستأنف ولا تبنى وصحح الثاني في أن العبد يراجع بغير إذن سيده وأنه لا يشترط فيها الإشهاد وأنها تصح في الإحرام.
● [ القاعدة الثانية عشرة ] ●
الظهار هل المغلب فيه مشابهة الطلاق أو مشابهة اليمين
فيه خلاف والترجيح مختلف فرجح الأول في فروع منها إذا ظاهر من أربع نساء بكلمة واحدة فقال أنتن علي كظهر أمي فإذا أمسكهن لزمه أربع كفارات على الجديد فإن الطلاق لا يفرق فيه بين أن يطلقهن بكلمة أو كلمات والقديم كفارة تشبيها باليمين كما لو حلف لا يكلم جماعة لا يلزمه إلا كفارة واحدة. ونظير هذا الخلاف فيمن قذف جماعة بكلمة واحدة فيحد لكل واحد حدا في الأظهر والثاني حدا واحداز
ومنها هل يصح بالخط الأصح نعم كالطلاق صرح به الماوردي وأفهمه كلام الأصحاب حيث قالوا كل ما استقل به الشخص فالخلاف فيه كوقوع الطلاق بالخط وجزم القاضي حسين بعدم الصحة في الظهار كاليمين فإنها لا تصح إلا باللفظ ومنها إذا كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة على الاتصال ونوى الاستئناف فالجديد يلزمه بكل كفارة كالطلاق والثاني كفارة واحدة كاليمين ولو تفاصلت وقال أردت التأكيد فهل يقبل منه الأصح لا تشبيها بالطلاق والثاني نعم كاليمين ورجح الثاني في فروع منها لو ظاهر مؤقتا فالأصح الصحة مؤقتا كاليمين والثاني لا كالطلاق ومنها التوكيل فيه والأصح المنع كاليمين والثاني الجواز كالطلاق.
ومنها لو ظاهر من إحدى زوجتيه ثم قال للأخرى أشركتك معها ونوى الظهار فقولان أحدهما يصير مظاهرا منها أيضا كما لو طلقها ثم قال للأخرى أشركتك معها ونوى الطلاق والثاني لا كاليمين.
● [ القاعدة الثالثة عشرة ] ●
فرض الكفاية هل يتعين بالشروع أو لا
فيه خلاف رجح في المطلب الأول والبارزي في التمييز الثاني قال في الخادم ولم يرجح الرافعي والنووي شيئا لأنها عندهما من القواعد التي لا يطلق فيها الترجيح لاختلاف الترجيح في فروعها فمنها صلاة الجنازة الأصح تعيينها بالشروع لما في الإعراض عنها من هتك حرمة الميت ومنها الجهاد ولا خلاف أنه يتعين بالشروع نعم جرى خلاف في صورة منه وهي ما إذا بلغه رجوع من يتوقف غزوه على إذنه والأصح أنه تجب المصابرة ولا يجوز الرجوع.
ومنها العلم فمن اشتغل به وحصل منه طرفا وأنس منه الأهلية هل يجوز له تركه أو يجب عليه الاستمرار وجهان الأصح الأول ووجه بأن كل مسئلة مستقلة برأسها منقطعة عن غيرها، قال العلائي مقتضى كلام الغزالي أن الأصح فيما سوى القتال وصلاة الجنازة من فروض الكفاية أنها لا تتعين بالشروع وينبغي أن يلحق بها غسل الميت وتجهيزه قلت صرح بما اقتضاه كلام الغزالي البارزي في التمييز ولك أن تبدل هذه القاعدة بقاعدة أعم منها فتقول فرض الكفاية هل يعطي حكم فرض العين أو حكم النفل فيه خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها الجمع بينه وبين فرض آخر بتيمم فيه وجهان والأصح الجواز.
ومنها صلاة الجنازة قاعدا مع القدرة وعلى الراحلة فيه خلاف والأصح المنع وفرق بأن القيام معظم أركانها فلم يجز تركه مع القدرة بخلاف الجمع بينها وبين غيرها بالتيمم.
ومنها هل يجبر عليه تاركه حيث لم يتعين فيه صور مختلفة فالأصح الإجبار في صورة الولي والشاهد إذا دعي للأداء مع وجود غيره وعدمه فيما إذا دعي للتحمل وفيما إذا امتنع من الخروج معها للتغريب وفيما إذا طلب للقضاء فامتنع.
● [ القاعدة الرابعة عشرة ] ●
الزائل العائد هل هو كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد
فيه خلاف والترجيح مختلف فرجح الأول في فروع منها إذا طلق قبل الدخول وقد زال ملكها عن الصداق وعاد تعلق بالعين في الأصح ومنها إذا طلقت رجعيا عاد حقها في الحضانة في الأصح.
ومنها إذا تخمر المرهون بعد القبض ثم عاد خلا يعود رهنا في الأصح.
ومنها إذا باع ما اشتراه ثم علم به عيبا ثم عاد إليه بغير رد فله رده في الأصح ومنها إذا خرج المعجل له الزكاة في أثناء الحول عن الاستحقاق ثم عاد تجزئ في الأصح.
ومنها إذا فاتته صلاة في السفر ثم أقام ثم سافر يقصرها في الأصح.
ومنها إذا زال ضوء إنسان أو كلامه أو سمعه أو ذوقه أو شمه أو أفضاها ثم عاد يسقط القصاص والضمان في الأصح ورجح الثاني في فروع منها لو زال الموهوب عن ملك الفرع ثم عاد فلا رجوع للأصل في الأصح.
ومنها لو زال ملك المشتري ثم عاد وهو مفلس فلا رجوع للبائع في الأصح.
ومنها لو أعرض عن جلد ميتة أو خمر فتحول بيد غيره فلا يعود الملك في الأصح.
ومنها لو رهن شاة فماتت فدبغ الجلد لم يعد رهنا في الأصح ومنها لو جن قاض أو خرج عن الأهية ثم عاد لم تعد ولايته في الأصح.
ومنها لو قلع سن مثغور أو قطع لسانه أو أليته فنبتت أو أوضحه أو أجافه فالتأمت لم يسقط القصاص والضمان في الأصح.
ومنها لو عادت الصفة المحلوف عليها لم تعد اليمين في الأصح.
ومنها لو هزلت المغصوبة عند الغاصب ثم سمنت لم يجبر ولم يسقط الضمان في الأح ومنها إذا قلنا للمقرض الرجوع في عين القرض ما دام باقيا بحاله فلو زال وعاد فهل يرجع في عينه وجهان في الحاوي قلت ينبغي أن يكون الأصح لا تنبيه جزم بالأول في صور منها إذا اشترى معيبا وباعه ثم علم العيب ورد عليه به فله رده قطعا.
ومنها إذا فسق الناظر ثم صار عدلا وولايته بشرط الواقف منصوصا عليه عادت ولايته وإلا فلا أفتى به النووي ووافقه ابن الرفعة وجزم بالثاني في صور منها إذا تغير الماء الكثير بنجاسة ثم زال التغير عاد طهورا فلو عاد التغير بعد زواله والنجاسة غير جامدة لم يعد التنجيس قطعا قاله في شرح المهذب ولو زال الملك عن العبد قبل هلال شوال ثم ملكه بعد الغروب لا تجب عليه فطرته قطعا ولو سمع بينته ثم عزل قبل الحكم ثم عادت ولايته فلا بد من إعادتها قطعا ولو قال إن دخلت دار فلان ما دام فيها فأنت طالق فتحول ثم عاد إليها لا يقع الطلاق قطعا لأن إدامة المقام التي انعقدت عليها اليمين قد انقطعت وهذا عود جديد وإدامته إقامة مستأنفة نقله الرافعي فرع وقع في الفتاوي أن رجلا وقف على امرأته ما دامت عزبا يعني بعد وفاته فتزوجت ثم عادت عزبا فهل يعود الاستحقاق أو لا وقد اختلف فيه مشايخنا فأفتى شيخنا قاضي القضاة شرف الدين المناوي وبعض الحنفية بالعود وأفتى شيخنا البلقيني وكثير بعدمه وهو المتجه ثم رأيت في تنزيه النواظر في رياض الناظر للأسنوي ما نصه الحكم المعلق على قوله ما دام كذا وكذا ينقطع بزوال ذلك وإن عاد مثاله إذا حلف لا يصطاد ما دام الأمير في البلد فخرج الأمير ثم عاد فاصطاد الحالف فإنه لا يحنث لأن الدوام قد انقطع بخروجه كذا نقله الرافعي قال الأسنوي وقياسه أنه إذا وقف على زيد ما دام فقيرا فاستغنى ثم افتقر لم يستحق شيئا.
● [ القاعدة الخامسة عشرة ] ●
هل العبرة بالحال أو بالمآل
فيه خلاف والترجيح مختلف ويعبر عن هذه القاعدة بعبارات منها ما قارب الشيء هل يعطى حكمه والمشرف على الزوال هل يعطى حكم الزائل والمتوقع هل يجعل كالواقع وفيها فروع منها إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فأتلفه قبل الغد فهل يحنث في الحال أو حتى يجيء الغد وجهان أصحهما الثاني.
ومنها لو كا القميص بحيث تظهر منه العورة عند الركوع ولا تظهر عند القيام فهل تنعقد صلاته ثم إذا ركع تبطل أو لا تنعقد أصلا وجهان أصحهما الأول ونظيرها لو لم يبق من مدة الخف ما يسع الصلاة فأحرم بها فهل تنعقد فيه وجهان الأصح نعم وفائدة الصحة في المسئلتين صحة الاقتداء به ثم مفارقته وفي المسئلة الأولى صحتها إذا ألقى على عاتقه ثوبا قبل الركوع قال صاحب المعين وينبغي القطع بالصحة فيما إذا صلى على جنازة إذ لا ركوع فيها.
ومنها من عليه عشرة أيام من رمضان فلم يقضها حتى بقي من شعبان خمسة أيام فهل يجب فدية مالا يسعه الوقت في الحال أو لا يجب حتى يدخل رمضان فيه وجهان شبههما الرافعي وغيره بما إذا حلف ليشربن ماء هذا الكوز غدا فانصب قبل الغد، قال السبكي وفي هذا التشبيه نظر لأن الصحيح فيما إذا انصب بنفسه عدم الحنث ونظيره هنا إذا لم يزل عذره إلا ذلك الوقت ولا شك أنه لا يجب عليه شيء فيجب فرض المسئلة فيما إذا كان التمكن سابقا وحينئذ فنظيره أن يصب هو الماء فإنه يحنث وفي وقت حنثه الوجهان قال الرافعي الذي أورده ابن كج أنه لا يحنث إلا عند مجيء الغد وعلى قياسه هنا لا يلزم إلا بعد مجيء رمضان.
ومنها لو أسلم فيما يعم وجوده عند المحل فانقطع قبل الحلول فهل يتنجز حكم الانقطاع وهو ثبوت الخيار في الحال أو يتأخر إلى المحل وجهان أصحهما الثاني.
ومنها لو نوى في الركعة الأولى الخروج من الصلاة في الثانية أو علق الخروج بشيء يحتمل حصوله في الصلاة فهل تبطل في الحال أو حتى توجد الصفة وجهان أصحهما الأول.
ومنها من عليه دين مؤجل يحل قبل رجوعه فهل له السفر إذ لا مطالبة في الحال أو لا إلا بإذن الدائن لأنه يجب في غيبته وجهان أصحهما الأول.
ومنها إذا استأجر امرأة أشرفت على الحيض لكنس المسجد جاز وإن ظن طروءه وللقاضي حسين احتمال بالمنع كالسن الوجيعة إذا احتمل زوال الألم والفرق على الأصح أن الكنس في الجملة جائز والأصل عدم طروء الحيض.
ومنها هل العبرة في مكافأة القصاص بحال الجرح أو الزهوق.
ومنها هل العبرة في الإقرار للوارث بكونه وارثا حال الإقرار أو الموت وجهان أصحهما الثاني كالوصية.
ومنها هل العبرة بالثلث الذي يتصرف فيه المريض بحال الوصية أو الموت وجهان أصحهما الثاني ومقابله قاسه على ما لو نذر التصدق بماله.
ومنها هل العبرة في الصلاة المقضية بحال الأداء أو القضاء وجهان يأتيان في مبحثه ومنها هل العبرة في تعجيل الزكاة بحال الحول أو التعجيل.
ومنها هل العبرة في الكفارة المرتبة بحال الوجوب أو الأداء قولان أصحهما الثاني.
ومنها هل العبرة في طلاق السنة أو البدعة بحال الوقوع أو التعليق.
ومنها تربية جرو الكلب لما يباح تربية الكبير له.
ومنها الجارية المبيعة هل يجوز وطؤها بعد الترافع إلى مجلس الحكم قبل التحالف وجهان أصحهما نعم وبعد التحالف وجهان مرتبان وأولى بالمنع.
ومنها لو حدث في المغصوب نقص يسري إلى التلف بأن جعل الحنطة هريسة فهل هو كالتالف أو لا بل يرده مع أرش النقص قولان أصحهما الأول تنبيه جزم باعتبار الحال في مسائل منها إذا وهب للطفل من يعتق عليه وهو معسر وجب على الولي قبوله لأنه لا يلزمنه نفقته في الحال فكان قبول هذه الهبة تحصيل خير وهو العتق بلا ضرر ولا ينظر إلى ما لعله يتوقع من حصول يسار للصبي وإعسار لهذا القريب لأنه غير متحقق أنه آيل وجزم باعتبار المآل في مسائل منها بيع الجحش الصغير جائز وإن لم ينتفع به حالا لتوقع النفع به مآلا.
ومنها جواز التيمم لمن معه ماء يحتاج إلى شربه في المآل لا في الحال ومنها المساقاة على ما لا يثمر في السنة ويثمر بعدها جائز بخلاف إجارة الجحش الصغير لأن موضوع الإجارة تعجيل المنفعة ولا كذلك المساقاة إذ تأخر الثمار محتمل فيها كذا فرق الرافعي قال ابن السبكي وبه يظهر لك أن المنفعة المشترطة في البيع غير المشترطة في الإجارة إذ تلك أعم من كونها حالا أو مآلا ولا كذلك الإجارة تنبيه يلتحق بهذه القاعدة قاعدة تنزيل الاكتساب منزلة المال الحاضر وفيها فروع منها في الفقر والمسكنة قطعوا بأن القادر على الكسب كواجد المال.
ومنها في سهم الغارمين هل ينزل الاكتساب منزلة المال فيه وجهان الأشبه لا وفارق الفقير والمسكين بأن الحاجة تتجدد كل وقت والكسب يتجدد كذلك والغارم محتاج إلى وفاء دينه الآن وكسبه متوقع في المستقبل.
ومنها المكاتب إذا كان كسوبا هل يعطى من الزكاة فيه وجهان الأصح نعم كالغارم.
ومنها إذا حجر عليه بالفلس أنفق على من تلزمه نفقته من ماله إلى أن يقسم إلا أن يكون كسوبا.
ومنها إذا قسم ماله بين غرمائه وبقي عليه شيء وكان كسوبا لم يجب عليه الكسب لوفاء الدين قال الفراوي إلا أن يكون الدين لزمه بسبب هو عاص به كإتلاف مال إنسان عدوانا فإنه يجب عليه أن يكتسب لوفائه لأن التوبة منه واجبة ومن شروطها إيصال الحق إلى مستحقه فيلزمه التوصل إليه حكاه عنه ابن الصلاح في فوائد رحلته.
ومنها من له أصل وفرع ولا مال له هل يلزمه الاكتساب للإنفاق عليهما وجهان أحدهما لا كما لا يجب لوفاء الدين والأصح نعم لأنه يلزمه إحياء نفسه بالكسب فكذلك إحياء بعضه وفي التتمة أن محل الخلاف بالنسبة إلى نفقة الأصول أما بالنسبة إلى نفقة الفروع فيجب الاكتساب قطعا لأن نفقة الأصول سبيلها سبيل المواساة فلا تكلف أن يكتسب ليصير من أهل المواساة ونفقة الفروع بسبب حصول الاستمتاع فألحقت بالنفقة الواجبة للاستمتاع وهي نفقة الزوجة قال الرافعي هذا ذهاب إلى القطع بوجوب الاكتساب لنفقة الزوجة وهو الظاهر لكن في كلام الإمام وغيره أن فيها أيضا وجهين مرتبين على وجوب الاكتساب لنفقة القريب وهي أولى بالمنع لالتحاقها بالديون ومنها المتفق عليه من أصل وفرع لو كان قادرا على الاكتساب فهل يكلف به ولا تجب نفقته أقوال أصحها لا يكلفها الأصل لعظم حرمة الأبوة فتجب نفقته بخلاف الفرع والثاني يكلفان لأن القادر على الكسب مستغن عن أن يحمل غيره كله والثالث لا يكلفان وتجب نفقتهما إذ يقبح أن يكلف الإنسان قريبه الكسب مع اتساع ماله.
ومنها إذا كان الأب قادرا على كسب مهر حرة أو ثمن سرية لا يجب إعفافه وينزل منزلة المال الحاضر قاله الشيخ أبو علي قال الرافعي وينبغي أن يجيء فيه الخلاف المذكور في النفقة.
ومنها لو أجر السفيه نفسه هل يبطل كبيعه شيئا من أمواله حكى القاضي حسين العبادي فيه وجهين وفي الحاوي إن آجر نفسه فيما هو مقصود من عمله مثل أن يكون صانعا وعمله مقصود في كسبه لم يصح ويتولى العقد عليه وإن كان غير مقصود مثل أن يؤجر نفسه في حج أو وكالة في عمل صح لأنه إذا جاز أن يتطوع عن غيره بعمله فأولى أن يجوز بعوض كما قالوا يصح خلعه لأن له أن يطلق مجانا فبالعوض أولى انتهى.
تنبيه: وأعم من هذه القاعدة قاعدة ما قارب الشيء هل يعطى حكمه وفيه فروع منها غير ما تقدم الديون المساوية لمال المفلس هل توجب الحجر عليه وجهان الأصح لا وفي المقاربة للمساواة الوجهان وأولى بالمنع.
ومنها الدم الذي تراه الحامل حال الطلق ليس بنفاس على الصحيح.
ومنها لا يملك المكاتب ما في يده على الأصح ووجه مقابله أنه قارب العتق.
● [ القاعدة السادسة عشرة ] ●
إذا بطل الخصوص هل يبقى العموم
فيه خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها إذا تحرم بالفرض فبان عدم دخول الوقت بطل خصوص كونها ظهرا مثلا وتبقى نفلا في الأصح.
ومنها لو نوى بوضوئه الطواف وهو بغير مكة فالأصح الصحة إلغاء للصفة.
ومنها لو أحرم بالحج في غير أشهره بطل وبقي أصل الإحرام فينعقد عمرة في الأصح.
ومنها لو علق الوكالة بشرط فسدت وجاز له التصرف لعموم الإذن في الأصح.
ومنها لو تيمم لفرض قبل وقته فالأصح البطلان وعدم استباحة النفل به.
ومنها لو وجد القاعد خفة في أثناء الصلاة فلم يقم بطلت ولا يتم نفلا في الأظهر تنبيه جزم ببقائه في صور منها إذا أعتق معيبا عن كفارة بطل كونه كفارة وعتق جزما.
ومنها لو أخرج زكاة ماله الغائب فبان تالفا وقعت تطوعا قطعا وجزم بعدمه في صور منها لو وكله ببيع فاسد فليس له البيع قطعا لا صحيحا لأنه لم يأذن فيه ولا فاسدا لعدم إذن الشرع فيه.
ومنها لو أحرم بصلاة الكسوف ثم تبين الانجلاء قبل تحرمه بها لم تنعقد نفلا قطعا لعدم نفل على هيئتها حتى يندرج في نيته.
ومنها لو أشار إلى ظبية وقال هذه أضحية لغا ولا يلزمه التصدق بها قطعا قاله في شرح المهذب.
● [ القاعدة السابعة عشرة ] ●
الحمل هل يعطى حكم المعلوم أو المجهول
فيه خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها بيع الحامل إلا حملها فيه قولان أظهرهما لا يصح بناء على أنه مجهول واستثناء المجهول من المعلوم يصير الكل مجهولا.
ومنها بيع الحامل بحر وفيه وجهان أصحهما البطلان لأنه مستثنى شرعا وهو مجهول.
ومنها لو قال بعتك الجارية أو الدابة وحملها أو بحملها أو مع حملها وفيه وجهان الأصح البطلان أيضا لما تقدم.
ومنها لو باعها بشرط أنها حامل ففيه قولان أحدهما البطلان لأنه شرط معها شيئا مجهولا وأصحهما الصحة بناء على أنه معلوم لأن الشارع أوجب الحوامل في الدية.
ومنها هل للبائع حبس الولد إلى استيفاء الثمن وهل يسقط من الثمن حصته لو تلف قبل القبض وهل للمشتري بيع الولد قبل القبض الأصح نعم في الأوليين ولا في الثالثة بناء على أنه يعلم ويقابله قسط من الثمن.
ومنها لو حملت أمة الكافر الكافرة من كافر فأسلم فالحمل مسلم فيحتمل أن يؤمر مالك الأمة الكافرة بإزالة ملكه عن الأم إن قلنا الحمل يعطى حكم المعلوم قاله في البحر.
ومنها الإجازة للحمل والأظهر كما قال العراقي الجواز بناء على أنه معلوم تنبيه جزم بإعطائه حكم المجهول فيما إذا بيع وحده فلا يصح قطعا وبإعطائه حكم المعلوم في الوصية له أو الوقف عليه فيصحان قطعا.
● [ القاعدة الثامنة عشرة ] ●
النادر هل يلحق بجنسه أو بنفسه
فيه خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها مس الذكر المبان فيه وجهان أصحهما أنه ينقض لأنه يسمى ذكرا ومنها لمس العضو المبان من المرأة فيه وجهان أصحهما عدم النقض لأنه لا يسمى امرأة والنقض منوط بلمس المرأة.
ومنها النظر إلى العضو المبان من الأجنبية وفيه وجهان أصحهما التحريم ووجه مقابله ندور كونه محل فتنة والخلاف جار في قلامة الظفر.
ومنها لو حلف لا يأكل اللحم فأكل الميتة ففيه وجهان أصحهما عند النووي عدم الحنث ويجريان فيما لو أكل ما لا يؤكل كذئب وحمار.
ومنها الاكتساب النادر كالوصية واللقطة والهبة هل تدخل في المهايأة في العبد المشترك وجهان الأصح نعم.
ومنها جماع الميتة يوجب عليه الغسل والكفارة عن إفساد الصوم والحج ولا يوجب الحد ولا إعادة غسلها على الأصح فيهما ولا المهر ومنها يجزئ الحجر في المذي والودي على الأصح.
ومنها يبقى الخيار للمتبايعين إذا داما أياما على الأصح ومنها في جريان الربا في الفلوس إذا راجت رواج النقود وجهان أصحهما لا.
ومنها ما يتسارع إليه الفساد في شرط الخيار فيه وجهان أصحهما لا يجوز تنبيه جزم بالأول في صور منها من خلق له وجهان لم يتميز الزائد منهما يجب غسلهما قطعا ومن خلقت بلا بكارة لها حكم الأبكار قطعا ومن أتت بولد لستة أشهر ولحظتين من الوطء يلحق قطعا وإن كان نادرا وجزم بالثاني في صور منها الأصبع الزائدة لا تلحق بالأصلية في الدية قطعا وكذا سائر الأعضاء.
● [ القاعدة التاسعة عشرة ] ●
القادر على اليقين هل له الاجتهاد والأخذ بالظن
فيه خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها من معه إناآن أحدهما نجس وهو قادر على يقين الطهارة بكونه على البحر أو عنده ثالث طاهر أو يقدر على خلطهما وهما قلتان والأصح أن له الاجتهاد.
ومنها لو كان معه ثوبان أحدهما نجس وهو قادر على طاهر بيقين والأصح أن له الاجتهاد.
ومنها من شك في دخول الوقت وهو قادر على تمكين الوقت أو الخروج من البيت المظلم لرؤية الشمس والأصح أن له الاجتهاد.
ومنها الصلاة إلى الحجر الأصح عدم صحتها إلى القدر الذي ورد فيه أنه من البيت وسببه اختلاف الروايات ففي لفظ الحجر من البيت وفي لفظ سبعة أذرع وفي آخر ستة وفي آخر خمسة والكل في صحيح مسلم فعدلنا عنه إلى اليقين وهو الكعبة وذكر من فروعها أيضا الاجتهاد بحضرته وفي زمانه والأصح جوازه تنبيه جزم بالمنع فيما إذا وجد المجتهد نصا فلا يعدل عنه إلى الاجتهاد جزما وفي المكي لا يجتهد في القبلة جزما وفرق بين القبلة والأواني بأن في الإعراض عن الاجتهاد في الآنية إضاعة مال وبأن القبلة في جهة واحدة فطلبها مع القدرة عليها في غيرها عبث والماء جهاته متعددة وجزم بالجواز فيمن اشتبه عليه لبن طاهر ومتنجس ومعه ثالث طاهر بيقين ولا اضطرار فإنه مجتهد بلا خلاف نقله في شرح المهذب.
● [ القاعدة العشرون ] ●
المانع الطارئ هل هو كالمقارن
فيه خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها طريان الكثرة على الاستعمال والشفاء على المستحاضة في أثناء الصلاة والردة على الإحرام وقصد المعصية على سفر الطاعة وعكسه والإحرام على ملك الصيد وأحد العيوب على الزوجة والحلول على دين المفلس الذي كان مؤجلا وملك المكاتب زوجة سيده والوقف على الزوجة أعني إذا وقفت زوجته عليه والأصح في الكل أن الطارئ كالمقارن فيحكم للماء بالطهورية وللصلاة والإحرام بالإبطال وللمسافر بعدم الترخص في الأولى وبالترخص في الثانية وبإزالة الملك عن الصيد وبإثبات الخيار للزوج وبرجوع البائع في عين ماله وبانفساخ النكاح في شراء المكاتب والموقوفة كما لا يجوز له نكاح من وقفت عليه ابتداء.
ومنها طريان القدرة على الماء في أثناء الصلاة ونية التجارة بعد الشراء وملك الابن على زوجة الأب والعتق على من نكح جارية ولده واليسار ونكاح الحرة على حر نكح أمة وملك الزوجة لزوجها بعد الدخول قبل قبض المهر وملك الإنسان عبدا له في ذمته دين والإحرام على الوكيل في النكاح والاسترقاق على حربي استأجره مسلم والعتق على عبد آجره سيده مدة والأصح في الكل أن الطارئ ليس كالمقارن فلا تبطل الصلاة ولا تجب الزكاة ولا ينفسخ النكاح في الصور الأربع ولا يسقط المهر والدين عن ذمة العبد ولا تبطل الوكالة ولا تنفسخ الإجارة في الصورتين تنبيه جزم بأن الطارئ كالمقارن في صور منها طريان الكثرة على الماء النجس والرضاع المحرم والردة على النكاح ووطء الأب أو الابن أو الأم أو البنت بشبهة وملك الزوج الزوجة أو عكسه والحدث العمد على الصلاة ونية القنية على عروض التجارة وأحد العيوب على الزوج وجزم بخلافه في صور منها طريان الإحرام وعدة الشبهة وأمن العنت على النكاح والإسلام على السبي فلا يزيل الملك ووجدان الرقبة في أثناء الصوم الإباق وموجب الفساد على الرهن والإغماء على الاعتكاف والإسلام على عبد الكافر فلا يزيل الملك بل يؤمر بإزالته ودخول وقت الكراهة على التيمم لا يبطله بلا خلاف ولو تيمم فيه للنفل لم يصح خاتمة يعبر عن أحد شقي هذه القاعدة بقاعدة يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، ولهم قاعدة عكس هذه وهي يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام ومن فروعها إذا طلع الفجر وهو مجامع فنزع في الحال صح صومه ولو وقع مثل ذلك في أثناء الصوم أبطله.
ومنها لو أحرم مجامعا بحج أو عمرة فأوجه أحدها ينعقد صحيحا وبه جزم الرافعي في باب الإحرام وأقره في الروضة فإن نزع في الحال استمر وإلا فسد نسكه وعليه البدنة والقضاء والمضي في الفاسد فعلى هذا اغتفر الجماع في ابتداء الإحرام ولم يغتفر في أثنائه والوجه الثاني لا ينعقد أصلا وهو الأصح في زوائد الروضة والثالث وهو الأصح ينعقد فاسدا فإن نزع في الحال لم تجب البدنة وإن مكث وجبت والفرق بينه وبين الصوم أن طلوع الفجر ليس من فعله بخلاف إنشاء الإحرام.
ومنها الجنون لا يمنع ابتداء الأجل فيجوز لوليه أن يشتري له شيئا بثمن مؤجل ويمنع دوامه على قول صححه في الروضة فيحل عليه الدين المؤجل إذا جن ولكن المعتمد خلافه منها وهي أجل مما تقدم الفطرة لا يباع فيها المسكن والخادم قال الأصحاب هذا في الابتداء فلو ثبتت الفطرة في ذمة إنسان بعنا خادمه ومسكنه فيها لأنها بعد الثبوت التحقت بالديون.
ومنها إذا مات للمحرم قريب وفي ملكه صيد ورثه على الأصح ثم يزول ملكه عنه على الفور.
ومنها الوصية بملك الغير الراجح صحتها حتى إذا ملكه بعد ذلك أخذه الموصى له ولو أوصى بما يملكه ثم أزال الملك فيه بطلت الوصية كذا جزموا به قال الأسنوي وكان القياس أن تبقى الوصية بحالها فإن عاد إلى ملكه أعطيناه الموصى له كما لو لم يكن في ملكه حال الوصية بل الصحة هنا أولى انتهى. وعلى ما جزموا به قد اغتفر في الابتداء ما لم يغتفر في الدوام.
ومنها إذا حلف بالطلاق لا يجامع زوجته لم يمنع من إيلاج الحشفة على الصحيح ويمنع من الاستمرار لأنها صارت أجنبية.
● [ تم الكتاب الثالث ويتبعه الكتاب الرابع ] ●
الأشباه والنظائر
تأليف : السيوطي
منتديات الرسالة الخاتمة . البوابة