بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة العلوم الشرعية الأشباه والنظائر للسيوطي الكتاب الرابع: في أحكام يكثر دورها ويقبح بالفقيه جهلها
● [ القول في الناسي والجاهل والمكره ] ●
قال رسول الله إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه هذا حديث حسن أخرجه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه بهذا اللفظ من حديث ابن عباس وأخرجه الطبراني والدارقطني من حديثه بلفظ تجاوز بدل وضع وأخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي في فوائده من حديثه بلفظ رفع وأخرجه ابن ماجه أيضا من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر عن أبي ذر قال قال رسول الله إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وأخرجه بهذا اللفظ الطبراني في الكبير من حديث ثوبان، وأخرجه في الأوسط من حديث ابن عمر وعقبة بن عامر بلفظ وضع عن أمتي إلى آخره وإسناد حديث ابن عمر صحيح وأخرجه ابن عدي في الكامل وأبو نعيم في التاريخ من حديث أبي بكرة بلفظ رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن النبي قال إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث الخطأ والنسيان والاستكراه قال أبو بكر فذكرت ذلك للحسن فقال أجل أما تقرأ بذلك قرآنا ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وأبو بكر ضعيف وكذا شهر وأم الدرداء إن كانت الصغرى فالحديث مرسل وإن كانت الكبرى فهو منقطع وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا خالد بن عبدالله عن هشام عن الحسن عن النبي قال إن الله عفا لكم عن ثلاث عن الخطأ والنسيان وما استكرهتم عليه وقال أيضا حدثنا إسماعيل بن عياش حدثني جعفر بن حبان العطاردي عن الحسن قال سمعته يقول قال رسول الله تجاوز الله لابن آدم عما أخطأ وعما نسي وعما أكره وعما غلب عليه وأخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة إن الله تجاوز لأمتي عما توسوس به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم به وما استكرهوا عليه فهذه شواهد قوية تقضي للحديث بالصحة اعلم ان قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقا وأما الحكم فإن وقعا في ترك مأمول لم يسقط بل يجب تداركه ولا يحصل الثواب لمترتب عليه لعدم الائتمار أو فعل منهي ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه أو فيه إتلاف لم يسقط للضمان فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها وخرج عن ذلك صور نادرة فهذه أقسام: فمن فروع القسم الأول من نسي صلاة أو صوما أو حجا أو زكاة أو كفارة أو نذرا وجب تداركه بالقضاء بلا خلاف وكذا لو وقف بغير عرفة يجب القضاء اتفاقا. ومنها من نسي الترتيب في الوضوء أو نسي الماء في رحله فتيمم وصلى ثم ذكره أو صلى بنجاسة لا يعفى عنها ناسيا أو جاهلا بها أو نسي قراءة الفاتحة في الصلاة أو تيقن الخطأ في الاجتهاد في الماء والقبلة والثوب وقت الصلاة والصوم والوقوف بأن بان وقوعها قبله أو صلوا لسواد ظنوه عدوا فبان خلافه أو دفع الزكاة إلى من ظنه فقيرا فبان غنيا أو استناب في الحج لكونه معصوبا فبرأ وفي هذه الصور كلها خلاف قال في شرح المهذب بعضه كبعض وبعضه مرتب على بعض أو أقوى من بعض والصحيح في الجميع عدم الإجزاء ووجوب الإعادة ومأخذ الخلاف أن هذه الأشياء هل هي من قبيل المأمورات التي هي شروط كالطهارة عن الحدث فلا يكون النسيان والجهل عذرا في تركها لفوات المصلحة منها أو أنها من قبيل المناهي كالأكل والكلام فيكون ذلك عذرا والأول أظهر ولذلك تجب الإعادة بلا خلاف فيما لو نسي نية الصوم لأنها من قبيل المأمورات وفيما لو صادف صوم الأسير ونحوه الليل دون النهار لأنه ليس وقتا للصوم كيوم العيد ذكره في شرح المهذب ولو صادف الصلاة أو الصوم بعد الوقت أجزأ بلا خلاف لكن هل يكون أداء للضرورة أو قضاء لأنه خارج عن وقته قولان أو وجهان أصحهما الثاني ويتفرع عليه ما لو كان الشهر ناقصا ورمضان تاما وأما الوقوف إذا صادف ما بعد الوقت فإن صادف الحادي عشر لم يجز بلا خلاف كما لو صادف السابع وإن صادف العاشر أجزأ ولا قضاء لأنهم لو كلفوا به لم يأمنوا الغلط في العام الآتي أيضا ويستثنى ما إذا قل الحجيج على خلاف العادة فإنه يلزمهم القضاء في الأصح لأن ذلك نادر وفرق بين الغلط في الثامن والعاشر بوجهين أحدهما أن تأخير العبادة عن الوقت أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه والثاني ان الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه فإنما يقع لغلط في الحساب أو لخلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم المانع من الرؤية ومثل ذلك لا يمكن الاحتراز عنه ثم صورة المسئلة كما قال الرافعي أن يكون الهلال غم فأكملوا ذا القعدة ثلاثين ثم قامت بينة برؤيته ليلة الثلاثين أما لو وقع الغلط بسبب الحساب فإنه لا يجزئ بلا شك لتفريطهم وسواء تبين لهم ذلك بعد العاشر أو فيه في أثناء الوقوف أو قبل الزوال فوقفوا عالمين كما نقله الرافعي عن عامة الأصحاب وصححه في شرح المهذب ولو أخطأ الاجتهاد في أشهر الحج فأحرم النفير العام في غير أشهره ففي انعقاده حجا وجهان أحدهما نعم كالخطأ في الوقوف العاشر والثاني لا والفرق أنا لو أبطلنا الوقوف في العاشر أبطلناه من أصله وفيه إضرار وأما هنا فينعقد عمرة كذا في شرح المهذب بلا ترجيح. ومن فروع هذا القسم في غير العبادات ما لو فاضل في الربويات جاهلا فإن العقد يبطل اتفاقا فهو من باب ترك المأمورات لأن المماثلة شرط بل العلم بها أيضا وكذا لو عقد البيع أو غيره على عين يظنها ملكه فبانت بخلافه أو النكاح على محرم أو غيرها من المحرمات جاهلا لا يصح. ومن فروع القسم الثاني من شرب خمرا جاهلا فلا حد ولا تعزير. ومنها لو قال أنت أزنى من فلان ولم يصرح في لفظه بزنى فلان لكنه كان ثبت زناه بإقرار أو بينة والقائل جاهل فليس بقاذف بخلاف ما لو علم به فيكون قاذفا لهما. ومنها الإتيان بمفسدات العبادة ناسيا أو جاهلا كالأكل في الصلاة والصوم وفعل ما ينافي الصلاة من كلام وغيره والجماع في الصوم والاعتكاف والإحرام والخروج من المعتكف والعود من قيام الثالثة إلى التشهد ومن السجود إلى القنوت والاقتداء بمحدث وذي نجاسة وسبق الإمام بركنين ومراعاة المزحوم ترتيب نفسه إذا ركع الإمام في الثانية وارتكاب محظورات الإحرام التي ليست بإتلاف كاللبس والاستمتاع والدهن والطيب سواء جهل التحريم أو كونه طيبا والحكم في الجميع عدم الإفساد وعدم الكفارة والفدية وفي أكثرها خلاف واستثني من ذلك الفعل الكثير في الصلاة كالأكل فإنه يبطلها في الأصح لندوره وألحق بعضهم الصوم بالصلاة في ذلك والأصح أنه لا يبطل بالكثير لأنه لا يندر فيه بخلاف الصلاة لأن فيه هيئة مذكرة. ومنها لو سلم عن ركعتين ناسيا وتكلم عامدا لظنه إكمال الصلاة لا تبطل صلاته لظنه أنه ليس في صلاة ونظيره ما لو تحلل من الإحرام وجامع ثم بان أنه لم يتحلل لكون رميه وقع قبل نصف الليل والمذهب أنه لا يفسد حجه ومن نظائره أيضا لو أكل ناسيا فظن بطلان صومه فجامع ففي وجه لا يفطر قياسا عليه والأصح الفطر كما لو جامع على ظن أن الصبح لم يطلع فبان خلافه ولكن لا تجب الكفارة لأنه وطئ وهو يعتقد أنه غير صائم ونظيره أيضا لو ظن طلاق زوجته بما وقع منه فأشهد عليه بطلاقها. ومن فروع هذا القسم أيضا ما لو اشترى الوكيل معيبا جاهلا به فإنه يقع عن الموكل إن ساوى ما اشتراه به وكذا إن لم يساو في الأصح فإنه بخلاف ما إذا علم تنبيه من المشكل تصوير الجهل بتحريم الأكل في الصوم فإن ذلك جهل بحقيقة الصوم فإن من جهل الفطر جهل الإمساك عنه الذي هو حقيقة الصوم فلا تصح نيته قال السبكي فلا مخلص إلا بأحد أمرين إما أن يفرض في مفطر خاص من الأشياء النادرة كالتراب فإنه قد يخفى ويكون الصوم الإمساك عن المعتاد وما عداه شرط في صحته وإما أن يفرض كما صوره بعض المتأخرين فيمن احتجم أو أكل ناسيا فظن أنه أفطر فأكل بعد ذلك جاهلا بوجوب الإمساك فإنه لا يفطر على وجه لكن الأصح فيه الفطر انتهى وقال القاضي حسين كل مسئلة تدق ويغمض معرفتها هل يعذر فيها العامي وجهان أصحهما نعم. ومن فروع القسم الثالث إتلاف مال الغير فلو قدم له غاصب طعاما ضيافة فأكله جاهلا فقرار الضمان عليه في أظهر القولين ويجرين في إتلاف مال نفسه جاهلا وفيه صور منها لو قدم له الغاصب المغصوب منه فأكله ضيافة جاهلا برئ الغاصب في الأظهر. ومنها لو أتلف المشتري المبيع قبل القبض جاهلا فهو قابض في الأظهر ومنها لو خاطب زوجته بالطلاق جاهلا بأنها زوجته بأن كان في ظلمة أو نكحها له وليه أو وكيله ولم يعلم وقع وفيه احتمال للإمام. ومنها لو خاطب أمته بالعتق كذلك قال الرافعي ومن نظائرها ما إذا نسي أن له زوجة فقال زوجتي طالق. ومنها كما قال ابن عبدالسلام ما إذا وكل وكيلا في إعتاق عبد فأعتقه ظنا منه أنه عبد الموكل فإذا هو عبد الوكيل نفذ عتقه قال العلائي ولا يجيء فيه احتمال الإمام لأن هذا قصد قطع الملك فنفذ. ومنها إذا قال الغاصب لمالك العبد المغصوب أعتق عبدي هذا فأعتقه جاهلا عتق على الصحيح وفي وجه لا لأنه لم يقصد قطع ملك نفسه قلت خرج عن هذه النظائر مسئلة وهي ما إذا استحق القصاص على رجل فقتله خطأ فالأصح أنه لا يقع الموقع. ومن فروع هذا القسم أيضا محظورات الإحرام التي هي إتلاف كإزالة الشعر والظفر وقتل الصيد لا تسقط فديتها بالجهل والنسيان ومنها يمين الناسي والجاهل فإذا حلف على شيء بالله أو الطلاق أو العتق أن يفعله فتركه ناسيا أو لا يفعله ففعله ناسيا للحلف أو جاهلا أنه المحلوف عليه أو على غيره ممن يبالي بيمينه ووقع ذلك منه جاهلا أو ناسيا فقولان في الحنث رجح كلا المرجحون ورجح الرافعي في المحرر عدم الحنث مطلقا واختاره في زوائد الروضة والفتاوي قال لحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وهو عام فيعمل بعمومه إلا ما دل دليل على تخصيصه كغرامة المتلفات ثم استثني من ذلك ما لو حلف لا يفعل عامدا ولا ناسيا فإنه يحنث بالفعل ناسيا بلا خلاف لالتزام حكمه هذا في الحلف على المستقبل أما على الماضي كأن حلف أنه لم يفعل ثم تبين أنه فعله فالذي تلقفناه من مشايخنا أنه يحنث ويدل له قول النووي في فتاويه صورة المسئلة أن يعلق الطلاق على فعل شيء فيفعله ناسيا لليمين أو جاهلا بأنه المحلوف عليه ولابن رزين فيه كلام مبسوط سأذكره والذي في الشرح والروضة أن فيه القولين في الناسي ومقتضاه عدم الحنث وعبارة الروضة لو جلس مع جماعة فقام ولبس خف غيره فقالت له امرأته استبدلت بخفك ولبست خف غيرك فحلف بالطلاق أنه لم يفعل إن قصد أني لم آخذ بدله كان كاذبا فإن كان عالما طلقت وإن كان ساهيا فعلى قولي طلاق الناسي انتهى. ولك أن تقول لا يلزم من إجراء القولين الاستواء في التصحيح وابن رزين أبسط من تكلم على المسألة وها أنا أورد عبارته بنصها لما فيها من الفوائد قال للجهل والنسيان والإكراه حالتان إحداهما أن يكون ذلك واقعا في نفس اليمين أو الطلاق فمذهب الشافعي أن المكره على الطلاق لا يقع طلاقه إذا كان غير مختار لذلك من جهة غير الإكراه بل طاوع المكره فيما أكرهه عليه بعينه وصفته ويستوي في ذلك الإكراه على اليمين وعلى التعليق ويلتحق بالإكراه في ذلك الجهل الذي يفقد معه القصد إلى اللفظ مع عدم فهم معناه والنسيان وذلك بأن يتلفظ بالطلاق من لا يعرف معناه أصلا أو عرفه ثم نسيه فهذان نظير المكره فلا يقع بذلك طلاق ولا ينعقد بمثله يمين وذلك إذا حلف باسم من أسماء الله تعالى وهو لا يعرف أنه اسمه أما إذا جهل المحلوف عليه أو نسيه كما إذا دخل زيد الدار وجهل ذلك الحالف أو علمه ثم نسيه فحلف بالله أو بالطلاق أنه ليس في الدار فهذه يمين ظاهرها تصديق نفسه في النفي وقد يعرض فيها أن يقصد أن الأمر كذلك في اعتقاده أو فيما انتهى إليه علمه أي لم يعلم خلافه ولا يكون قصده الجزم بأن الأمر كذلك في الحقيقة بل ترجع يمينه إلى أنه حلف أنه يعتقد كذا أو يظنه وهو صادق في أنه يعتقد ذلك أو ظان له فإن قصد الحالف ذلك حالة اليمين أو تلفظ به متصلا بها لم يحنث وإن قصد المعنى الأول أو أطلق ففي وقوع الطلاق ووجوب الكفارة قولان مشهوران مأخذهما أن النسيان والجهل هل يكونان عذرا له في ذلك كما كانا عذرا في باب الأوامر والنواهي أم لا يكونان عذرا كما لم يكونا عذرا في غرامات المتلفات ويقوي إلحاقهما بالإتلافات بأن الحالف بالله أن زيدا في الدار إذا لم يكن فيها قد انتهك حرمة الاسم الأعظم جاهلا أو ناسيا فهو كالجاني خطأ والحالف بالطلاق إن كانت يمينه بصيغة التعليق كقوله إن لم يكن زيد في الدار فزوجتي طالق إذا تبين أنه لم يكن فيها فقد تحقق الشرط الذي علق الطلاق عليه فإنه لم يتعرض إلا لتعليق الطلاق على عدم كونه في الدار ولا أثر لكونه جاهلا أو ناسيا في عدم كونه في الدار وأما إذا كان بغير صيغة التعليق كقوله لزوجته أنت طالق لقد خرج زيد من الدار وكقوله الطلاق يلزمني ليس زيد في الدار فهذا إذا قصد به اليمين جرى مجرى التعليق وإلا لوقع الطلاق في الحال وإذا جرى مجرى التعليق كان حكمه حكمه والحالة الثانية الجهل والنسيان والإكراه أن يعلق الطلاق على دخول الدار أو دخول زيد الدار أو يحلف بالله لا يفعل ذلك فإذا دخلها المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فإن جرد قصده عن التعليق المحض كما إذا حلف لا يدخل السلطان البلد اليوم أو لا يحج الناس في هذا العام فظاهر المذهب وقوع الطلاق والحنث في مثل هذه الصورة وقع ذلك عمدا أو نسيانا اختيارا أو مع إكراه أو جهل وإن قصد باليمين تكليف المحلوف عليه ذلك لكونه يعلم أنه لا يرى مخالفته مع حلفه أو قصد باليمين على فعل نفسه أن تكون يمينه رادعة عن الفعل فالمذهب في هاتين الصورتين أنه لا يحنث إذا فعل المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا إذ رجعت حقيقة هذه اليمين إلى تكليف نفسه ذلك أو تكليف المحلوف عليه ذلك والناسي لا يجوز تكليفه وكذلك الجاهل وأما إن فعله مكرها فالإكراه لا ينافي التكليف فإنا نحرم على المكره القتل ونبيح له الفطر في الصوم وإذا كان مكلفا وقد فعل المحلوف عليه فيظهر وقوع الطلاق والحنث كما تقدم في المسألة الأولى إلحاقا بالإتلاف لتحقق وجود الشرط المعلق عليه إذ لفظ التعليق عام يشمل فعل المعلق عليه مختارا ومكرها وناسيا وجاهلا وذاكرا ليمين وعالما وبهذا تمسك من مال إلى الحنث ووقوع الطلاق في صورة النسيان والجهل لكنا إنما اخترنا عدم وقوع الطلاق فيهما لأن قصد التكليف يخصهما ويخرجهما عن الدخول تحت عموم اللفظ فلا ينهض لأن مخرج الإكراه لكونه لا ينافي التكليف كما ذكرنا هذا ما ترجح عندي في الصورة التي فصلتها وبقي صورة واحدة وهي ما إذا أطلق التعليق ولم يقصد تكليفا ولا قصد التعليق المحض بل أخرجه مخرج اليمين فهذه الصورة هي التي أطلق معظم الأصحاب فيها القولين واختار صاحب المهذب والانتصار والرافعي عدم الحنث وعدم وقوع الطلاق وكان شيخنا ابن الصلاح يختار وقوعه ويعلله بكونه مذهب أكثر العلماء وبعموم لفظ التعليق ظاهرا لكن قرينة الحث والمنع تصلح للتخصيص وفيها بعض الضعف ومن ثم توقف صاحب الحاوي ومن حكى عنه التوقف من أشياخه في ذلك فالذي يقوي التخصيص أن ينضم إلى قرينة الحث والمنع القصد للحث والمنع فيقوى حينئذ التخصيص كما اخترناه والغالب أن الحالف على فعل مستقبل من أفعال من يعلم أنه يرتدع منه يقصد الحث أو المنع فيختار أيضا أن لا يقع طلاقه بالفعل مع الجهل والنسيان إلا أن يصرفه عن الحث أو المنع بقصد التعليق على الفعل مطلقا فيقع في الصور كلها بوجود الفعل وأما من حلف على فعل نفسه فلا يمتنع وقوع طلاقه بالنسيان أو الجهل إلا عند قصد الحث أو المنع انتهى كلامه بحروفه وما جزم به من الحنث في الحالة الأولى وهي الحلف على الماضي ناسيا أو جاهلا ذكره بحروفه القمولي في شرح الوسيط جازما به ونقله عنه الأذرعي في القوت وقال إنه أخذه من كلام ابن رزين ونقل غير واحد أن ابن الصلاح صرح بتصحيحه وبتصحيح الحنث في المستقبل أيضا فإذا جمعت بين المسألتين حصلت ثلاثة أقوال ثالثها الحنث في الماضي دون المستقبل وهو الذي قرره ابن رزين ومتابعوه وهو المختار تنبيه من المشكل قول المنهاج ولو علق بفعله ففعل ناسيا للتعليق أو مكرها لم تطلق في الأظهر أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه وعلم به فكذلك وإلا فيقع قطعا ووجه الإشكال أن قوله وأن لا يدخل فيه ما إذا لم يبال بتعليقه ولم يعلم به وما إذا علم به ولم يبال وما إذا بالى ولم يعلم والقطع بالوقوع في الثالثة مردود وقد استشكله السبكي وقال كيف يقع بفعل الجاهل قطعا ولا يقع بفعل الناسي على الأظهر مع أن الجاهل أولى بالمعذرة من الناسي وقد بحث الشيخ علاء الدين الباجي في ذلك هو والشيخ زين الدين بن الكتاني في درس بن بنت الأعز وكان ابن الكتاني مصمما على ما اقتضته عبارة المنهاج والباجي في مقابله قال السبكي والصواب أن كلام المنهاج محمول على ما إذا قصد الزوج مجرد التعليق ولم يقصد إعلامه ليمتنع وقد أرشد الرافعي إلى ذلك فإن عبارته وعبارة النووي في الروضة ولو علق بفعل الزوجة أو أجنبي فإن لم يكن للمعلق بفعله شعور بالتعليق ولم يقصد الزوج إعلامه ففي قوله ولم يقصد إعلامه ما يرشد إلى ذلك وقال في المهمات أشار بقوله ولم يقصد إعلامه إلى قصد الحث والمنع وعبر عنه به لأن قاصده يقصد إعلام الحالف بذلك ليمتنع منه ولهذا لما تكلم على القيود ذكر الحث والمنع عوضا عن الإعلام قال والظاهر أنه معطوف بأو لا بالواو حتى لا يكون المجموع شرطا فإن الرافعي شرط بعد ذلك لعدم الوقوع شروطا ثلاثة شعوره وأن يبالي وأن يقصد الزوج الحث والمنع قال وما اقتضاه كلام الرافعي من الحنث إذا لم يعلم المحلوف عليه رجحه الصيدلاني فيما جمعه من طريقة شيخه القفال فقال فإن قصد منعه فإن لم يعلم القادم حتى قدم حنث الحالف وإن علم به ثم نسي فعلى قولين ومنهم من قال على قولين بكل حال وكذلك الغزالي في البسيط فقال إذا علق بفعلها في غيبتها فلا أثر لنسيانها وإن كانت مكرهة فالظاهر الوقوع لأن هذا في حكم التعليق لا قصد المنع ومنهم من طرد فيه الخلاف انتهى وخالف الجمهور فخرجوه على القولين الشيخ أبو حامد والمحاملي وصاحبا المهذب والتهذيب والجرجاني والخوارزمي انتهى وقال ابن النقيب: القسم الثالث وهو ما إذا بالى ولم يعلم ليس في الشرح والروضة هنا ويقتضي المنهاج الوقوع فيه قطعا فليحرر فرع في المسائل المبنية على الخلاف في حنث الناسي والمكره قال لأقتلن فلانا وهو يظنه حيا فكان ميتا ففي الكفارة خلاف الناسي قال لا أسكن هذه الدار فمرض وعجز عن الخروج ففي الحنث خلاف المكره قال لأشربن ماء هذا الكوز فانصب أو شربه غيره أو مات الحالف قبل الإمكان ففيه خلاف المكره قال لا أبيع لزيد مالا فوكل زيد وكيلا وأذن له في التوكيل فوكل الحالف فباع وهو لا يعلم ففيه خلاف الناسي قال لأقضين حقك غدا فمات الحالف قبله أو أبرأه أو عجز ففيه خلاف المكره قال لأقضين عند رأس الهلال فأخره عن الليلة الأولى للشك فيه فبان كونها من الشهر ففيه خلاف الناسي قال: لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي فلم يتمكن من الرفع لمرض أو حبس أو جاء إلى باب القاضي فحجب أو مات القاضي قبل وصوله إليه ففيه خلاف المكره قال لا أفارقك حتى أستوفي حقي ففر منه الغريم ففيه خلاف المكره فإن قال لا تفارقني ففر الغريم حنث مطلقا لأنها يمين على فعل غيره بخلاف الأولى ولا يحنث مطلقا إن فر الحالف فإن أفلس في الصورة الأولى فمنعه الحاكم من ملازمته ففيه خلاف المكره وإن استوفى فبان ناقصا ففيه خلاف الجاهل فرع. خرج عن هذا القسم صور عذر فيها بالجهل في الضمان منها إذا أخرج الوديعة من الحرز على ظن أنها ملكه فتلفت فلا ضمان عليه ولو كان عالما ضمن ذكره الرافعي قال الأسنوي ومثله الاستعمال والخلط ونحوهما. ومنها إذا استعمل المستعير العارية بعد رجوع المعير جاهلا فلا أجرة عليه نقله الرافعي عن القفال وارتضاه. ومنها إذا أباح له ثمرة بستان ثم رجع فإن الآكل لا يغرم ما أكله بعد الرجوع وقبل العلم كما ذكره في الحاوي الصغير وحكى الرافعي فيه وجهين من غير تصريح بترجيح. ومنها إذا وهبت المرأة نوبتها من القسم لضرتها ثم رجعت فإنها لا تعود إلى الدور من الرجوع على الصحيح بل من حين العلم به. ومن فروع القسم الرابع الواطئ بشبهة فيه مهر المثل لإتلاف منفعة البضع دون الحد منها من قتل جاهلا بتحريم القتل لا قصاص عليه ومنها قتل الخطأ فيه الدية والكفارة دون القصاص ومن ذلك مسألة الوكيل إذا اقتص بعد عفو موكله جاهلا فلا قصاص عليه على المنصوص وعليه الدية في ماله والكفارة ولا رجوع له على العافي لأنه محسن بالعفو وقيل لا دية وقيل هي على العاقلة وقيل يرجع على العافي لأنه غره بالعفو ونظير هذه المسألة ما لو أذن الإمام للولي في قتل الجانية ثم علم حملها فرجع ولم يعلم الولي رجوعه فقتل فالضمان على الولي ومن ذلك بعد أقسام مسئلة الدهشة ولنلخصها فنقول إذا قال مستحق اليمين للجاني أخرجها فأخرج يساره فقطعت فله أحوال أحدها أن يقصد إباحتها فهي مهدرة لا قصاص ولا دية سواء علم القاطع أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو لا لأن صاحبها بذلها مجانا ولأن فعل الإخراج اقترن بقصد الإباحة فقام مقام النطق كتقديم الطعام إلى الضيف ولأن الفعل بعد السؤال والطلب كالإذن كما لو قال ناولني يدك لأقطعها فأخرجها أو ناولني متاعك لألقيه في البحر فناوله فلا ضمان نعم يعزر القاطع إذا علم ويبقى قصاص اليمين كما كان فإن قال ظننت أنها تجزئ أو علمت أنها لا تجزئ ولكن جعلتها عوضا عنها سقط وعدل إلى دية اليمين لرضاه بسقوط قصاصها اكتفاء باليسار الحال الثاني أن يقصد المخرج إجزاءها عن اليمين فيسأل المقتص فإن قال ظننت أنه أباحها بالإخراج أو أنها اليمين أو علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ ولا تجعل بدلا فلا قصاص فيها في الصور الثلاث في الأصح لتسليط المخرج له عليها ولكن تجب ديتها ويبقى قصاص اليمين وإن قال علمت أنها اليسار وظننت أنها تجزئ سقط قصاص اليمين وتجب لكل الدية على الآخر الحال الثالث أن يقول دهشت فأخرجت اليسار وظني أني أخرج اليمين فيسأل المقتص فإن قال ظننت أنه أباحها قال الرافعي فقياس المذكور في الحال الثاني أن لا يجب القصاص في اليسار قال الأذرعي وصرح به الكافي لوجود صورة البدل قال البلقيني هو السديد قال البغوي تجب كمن قتل رجلا وقال ظننته أذن لي في القتل لأن الظنون البعيدة لا تدرأ القصاص وإن قال ظننتها اليمين أو علمت أنها اليسار وظننتها تجزئ فلا قصاص في الأصح أما في الأولى فلأن الاشتباه فيهما قريب وأما في الثانية فلعذره بالظن وإن قال علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ وجب القصاص في الأصح لأنه لم يوجد من المخرج بذل وتسليط وفي الصور كلها يبقى قصاص اليمين إلا في قوله ظننت أن اليسار تجزئ وإن قال دهشت أيضا لم يقبل منه ويجب القصاص لأن الدهشة لا تليق بحاله وإن قال قطعتها عدوانا وجب أيضا وإن قال المخرج لم أسمع أخرج يمينك وإنما وقع في سمعي يسارك أو قال قصدت فعل شيء يختص بي أو كان مجنونا فهو كالمدهوش هذا تحرير أحكام هذه المسألة، وفي نظيرها من الحد يجزئ ويسقط قطع اليمين بكل حال والفرق أن المقصود في الحد التنكيل وقد حصل والقصاص مبني على التماثل وأن الحدود مبنية على التخفيف وأن اليسار تقطع في السرقة في بعض الأحوال ولا تقطع في القصاص عن اليمين بحال فرع. خرج عن هذا القسم صور لم يعذر فيها بالجهل منها ما إذا بادر أحد الأولياء فقتل الجاني بعد عفو بعض الأولياء جاهلا به فإن الأظهر وجوب القصاص عليه لأنه متعد بالانفراد. ومنها إذا قتل من علمه مرتدا أو ظن أنه لم يسلم فالمذهب وجوب القصاص لأن ظن الردة لا يفيد إباحة القتل فإن قتل المرتد إلى الإمام لا إلى الآحاد. ومنها ما إذا قتل من عهده ذميا أو عبدا وجهل إسلامه وحريته فالمذهب وجوب القصاص لأن جهل الإسلام والحرية لا يبيح القتل. ومنها ما إذا قتل من ظنه قاتل أبيه فبان خلافه فالأظهر وجوب القصاص لأنه كان من حقه التثبت. ومنها ما إذا ضرب مريضا جهل مرضه ضربا يقتل المريض دون الصحيح فمات فالأصح وجوب القصاص لأن جهل المرض لا يبيح الضرب وعلم من ذلك أن الكلام فيمن لا يجوز له الضرب أما من يجوز له للتأديب فلا يجب عليه القصاص قطعا وصرح به في الوسيط وخرج عنه صور عذر فيها بالجهل حتى في الضمان منها ما إذا قتل مسلما بدار الحرب ظانا كفره فلا قصاص قطعا ولا دية في الأظهر. ومنها إذا رمى إلى مسلم تترس به المشركون فإن علم إسلامه وجبت الدية وإلا فلا. ومنها إذا أمر السلطان رجلا بقتل رجل ظلما والمأمور لا يعلم فلا قصاص عليه ولا دية ولا كفارة. ومنها إذا قتل الحامل في القصاص فانفصل الجنين ميتا ففيه غرة وكفارة أو حيا فمات فدية ثم إذا استقل الولي بالاستيفاء فالضمان عليه وإن أذن له الإمام فإن علما أو جهلا أو علم الإمام دون الولي اختص الضمان بالإمام على الصحيح لأن البحث عليه وهو الآمر به وفي وجه على الولي لأنه المباشر وفي آخر عليهما وإن علم الولي دون الإمام اختص بالولي على الصحيح لاجتماع العلم والمباشر وفي وجه بالإمام لتقصيره ولو باشر القتل جلاد الإمام فإن جهل فلا ضمان عليه بحال لأنه آلة الإمام وليس عليه البحث عما يأمره به وإن كان عالما فكالولي إن علم الإمام فلا شيء عليه وإلا اختص به ولو علم الولي مع الجلاد ففي أصل الروضة الأصح أنه يؤثر حتى إذا كانوا عالمين ضمنوا أثلاثا قال في المهمات وهذا غير مستقيم لأن الأصح فيما إذا علما أو جهلا أن الضمان على الإمام خاصة فكيف يستقيم ذلك هنا قال فالصواب تفريع المسئلة على القول بالوجوب عليهما إذا علما ثم من المشكل أنهما صححا هنا اختصاص الضمان بالإمام إذا علم هو والولي وصححا فيما إذا رجع الشهود واقتص الولي بعد حكم الحاكم بأن القصاص واجب على الكل بل لم يقل أحد بأن الضمان في هذه الصورة يختص بالحاكم وصححا فيما إذا أمر السلطان بقتل رجل ظلما وكان هو والمأمور عالمين اختصاصه بالمأمور إذا لم يكن إكراه فهذه ثلاث نظائر مختلفة قال في ميدان الفرسان وكأن الفرق أن الإحاطة بسبب المنع من الإقدام على القتل في غير مسئلة الحامل لا يتوقف على إخبار الحاكم به بخلاف فيها فإن مناط المنع فيها الظن الناشئ من شهادة النسوة بالحمل ومنصب سماع الشهادة يختص بالحاكم فإذا أمكن من القتل بعد أدائها آذن ذلك بضعف السبب عنده فأثر في ظن الولي فذلك أحيل الضمان على تفريط الحاكم ولم يقل به عند رجوع الولي والقاضي لعدم ذلك فيه انتهى من يقبل عنه دعوى الجهل ومن لا يقبل كل من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم يقبل إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيها مثل ذلك كتحريم الزنا والقتل والسرقة والخمر والكلام في الصلاة والأكل في الصوم والقتل بالشهادة إذا رجعا وقالا تعمدنا ولم نعلم أنه يقتل بشهادتنا ووطء المغصوبة والمرهونة بدون إذن الراهن فإن كان بإذنه قبل مطلقا لأن ذلك يخفى على العوام. ومن هذا القبيل أعني الذي يقبل فيه دعوى الجهل مطلقا لخفائه كون التنحنح مبطلا للصلاة أو كون القدر الذي أتى به من الكلام محرما أو النوع الذي تناوله مفطرا فالأصح في الصور الثلاث عدم البطلان ولو علم تحريم الطيب واعتقد في بعض أنواع الطيب أنه ليس بحرام فالصحيح وجوب الفدية لتقصيره كذا في كتب الشيخين فقد يقال إنه مخالف لمسئلتي الصلاة والصوم ولا يقبل دعوى الجهل بثبوت الرد بالعيب والأخذ بالشفعة من قديم الإسلام لاشتهاره وتقبل في ثبوت خيار العتق وفي نفي الولد في الأظهر لأنه لا يعرفه إلا الخواص.
● [ قاعدة ] ● كل من علم تحريم شيء وجهل ما يترتب عليه لم يفده ذلك
كمن علم تحريم الزنا والخمر وجهل وجوب الحد يحد بالاتفاق لأنه كان حقه الامتناع وكذا لو علم تحريم القتل وجهل وجوب القصاص يجب القصاص أو علم تحريم الكلام وجهل كونه مبطلا يبطل وتحريم الطيب وجهل وجوب الفدية تجب فرع علم بثبوت الخيار وقال لم أعلم أنه على الفور قالوا في الرد بالعيب والأخذ بالشفعة يقبل لأن ذلك مما يخفى كذا أطلقه الرافعي واستدركه النووي فقال شرطه أن يكون مثله ممن يخفى عليه وفي عتق الأمة نقل الرافعي عن الغزالي أنها لا تقبل وجزم به في الحاوي الصغير لأن من علم ثبوت أصل الخيار علم كونه على الفور ثم قال الرافعي ولم أر لهذه الصورة تعرضا في سائر كتب الأصحاب نعم صورها العبادي في الرقم بأن تكون قديمة عهد بالإسلام وخالطت أهله فإن كانت حديثة عهد ولم تخالط أهله فقولان وفي نفي الولد سوى في التنبيه بينه وبين دعوى الجهل بأصل الخيار فيفصل فيه بين قديم الإسلام وقريبه وأقره النووي في التصحيح ولا ذكر للمسئلة في الروضة. وأصلها تذنيب في نظائر متعلقة بالجهل منها عزل الوكيل قبل علمه فيه وجهان والأصح انعزاله وعدم نفوذ تصرفه. ومنها عزل القاضي قبل علمه والأصح فيه عدم الانعزال حتى يبلغه والفرق عسر تتبع أحكامه بالإبطال بخلاف الوكيل. ومنها الواهبة نوبتها في القسم إذا رجعت ولم يعلم الزوج لا يلزمه القضاء وقيل فيه خلاف الوكيل. ومنها لو قسم للحرة ليلتين والأمة ليلة فعتقت ولم يعلم قال الماوردي لا قضاء وقال ابن الرفعة القياس أن يقضي لها. ومنها لو أباح ثمار بستانه ثم رجع ولم يعلم المباح له ففي ضمان ما أكل خلاف الوكيل ومنها النسخ قبل بلوغ المكلف فيه خلاف الوكيل قاله الرويانيز ومنها لو عفا الولي ولم يعلم الجلاد فاقتص ففي وجوب الدية قولان مخرجان من عزل الوكيل أصحهما الوجوب. ومنها لو أذن لعبده في الإحرام ثم رجع ولم يعلم العبد فله تحليله في الأصح. ومنها لو أذن المرتهن في بيع المرهونة ثم رجع ولم يعلم الراهن ففي نفوذ تصرفه وجهان أصحهما لا ينفذ. ومنها إذا خرج الأقرب عن الولاية فهي للأبعد فلو زال المانع من الأقرب وزوج الأبعد وهو لا يعلم ففي الصحة الوجهان. ومنها لو عتقت الأمة ولم تعلم فصلت مكشوفة الرأس فقولان أصحهما تجب الإعادة. ومنها لو وكله وهو غائب فهل يكون وكيلا من حين التوكيل أو من حين بلوغ الخبر وجهان مقتضى ما في الروضة تصحيح الأول. ومنها لو أذن لعبده في النكاح ثم رجع ولم يعلم العبد ففي صحة نكاحه وجهان ومنها لو استأذنها غير المجبر فأذنت ثم رجعت ولم يعلم حتى زوج ففي صحته خلاف الوكيل
● [ يتم متابعة القول في الناسي والجاهل والمكره ] ●
الأشباه والنظائر تأليف : السيوطي منتديات الرسالة الخاتمة . البوابة