منتدى دنيا الكراكيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الباب الثامن والعشرون

    avatar
    كراكيب
    Admin


    عدد المساهمات : 2419
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    الباب الثامن والعشرون Empty الباب الثامن والعشرون

    مُساهمة من طرف كراكيب الأربعاء 10 مايو 2017 - 11:44

    الباب الثامن والعشرون Azkeya10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الثقافة الأدبية
    أالأذكياء لابن الجوزي
    الباب الثامن والعشرون 1410
    الباب الثامن والعشرون
    في ذكر طرف من فطن المتلصلصين

    أخبرنا محمد بن ناصر قال أخبرنا عبد الله الحميدي قال أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران قال أخبرنا أبو الحسين بن دينار قال أنبأنا أبو طالب عبيد الله ابن أحمد الأنباري قال حدثنا يموت بن المزرع عن المبرد قال حدثني أحمد بن المعدل البصري قال كنت جالساً عند عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون فجاءه بعض جلسائه فقال أعجوبة قال ما هي قال خرجت إلى حائطي بالغابة فلما أن أصحرت وبعدت عن البيوت بيوت المدينة تعرض لي رجل فقال اخلع ثيابك فقلت وما يدعوني إلى خلع ثيابي قال أنا أولى بها منك قلت ومن أين قال لأني أخوك وأنا عريان وأنت مكس قلت فالمواساة قال كلا قد لبستها برهة وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها قلت فتعريني وتبدي عورتي قال لا بأس بذلك قد روينا عن مالك أنه قال لا بأس للرجل أن يغتسل عرياناً قلت فيلقاني الناس فيرون عورتي قال لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها فقلت أراك ظريفاً فدعني حتى أمض إلى حائطي وانزع هذه الثياب فأوجه بها إليك قال كلا أردت أن توجه إلى أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحسبني ويمزق جلدي ويطرح في رجلي القيد قلت كلا أحلف لك إيماناً أني أوفي لك بما وعدتك ولا أسوءك قال كلا إنا روينا عن مالك أنه قال لا تلتزم الأيمان التي يحلف بها اللصوص قلت فأحلف أني لا أحتال في أيماني هذه قال هذه يمين مركبة على اللصوص قلت فدع المناظرة بيننا فوالله لأوجهن إليك هذه الثياب طيبة بها نفسي فأطرق ثم رفع رأسه وقال تدري فيم فكرت قلت لا، قال تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ تسئمة وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون على وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة اخلع ثيابك قال فخلعتها فدفعتها إليه فأخذها وانصرف.
    ● أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا علي بن الحسن التنوخي عن أبيه أن أبا القاسم عبيد الله بن محمد الخفاف حدثه أنه شاهد لصاً قد أخذ وأشهد عليه أنه كان يفتش الأقفال في الدور اللطاف التي لجيراننا فإذا دخل حفر في الدار لطيفة كأنها بئر النرد وطرح فيها جوزات كان إنساناً يلاعبه واخرج منديلاً فيه نحو مائتي جوزة فتركه إلى جانبها ثم حار فكور كل ما في الدار مما يطيق حمله فإن لم يفطن به أحد خرج من الدار وحمل ذلك كله وإن كان جاء صاحب الدار ترك عليه قماشه وطلب المفالتة والخروج وغن كان صاحب الدار جلداً فواثبه ومانعه وهم بأخذه وصاح اللصوص واجتمع الجيران أقبل عليه وقال ما أبردك أنا أقامرك بالجوز منك شهور قد أفقرتني وأخذت مني كل ما أملكه وأهلكتني لأفضحك بين جيرانك لما قامرتك الآن تصيح فما يشك أحد في قوله وأنت تدعي علي باللصوصية بلعب بارد بيني وبينك دار القمار التي تعارفنا فيها قد صنعت هذا حتى أخرج وأدع عليك قماشك وكلما قال الرجل هذا لص قال الجيران إنما يريد أن لا يفضح نفسه بالقمار فقد ادعى عليه اللصوصية ولا يشكون في أنه صادق وان صاحب الدار مقامر فيلعنوه ويحولون بينه وبين اللص حتى ينصرف ويأخذ الجوز ويفتح الباب وينصرف ويفتضح الرجل بين جيرانه.
    ● أنبأنا محمد قال أنبأنا علي بن المحسن قال حدثني محمد بن عمر المتكلم ويلقب جنيد قال حدثني رجل من الدقاقين قال أورد علي رجل غريب سفتجة 3 باجل فكان يتردد عليّ أن حلت السفتجة ثم قتال لي ادعها عندك آخذها متفرقة فكان يجيء كل يوم فيأخذ بقدر نفقته إلى أن نفذت فصارت بيننا معرفة وألف الجلوس عندي وكان يراني أخرج من صندوق لي فأعطيته منه فقال لي يوماً أن قفل الرجل صاحبه في سفره وأمينه في حضره وخليفته على حفظ ماله والذي ينفي الظنة عن أهله وعياله وغن لم يكن وثيقاً تطرقت الحيل إليه وارى قفلك هذا وثيقاً فقل لي ممن ابتعته مثله لنفسي فقلت من فلان الإقفالي قال فما شعرت يوماً وقد جئت إلى دكاني فطلبت صندوقي لأخرج منه شيئاً من الدراهم فحمل إليّ ففتحه وإذا ليس فيه شيء من الدراهم وقلت لغلامي وكان غير متهم عندي هل انكسر من الدراب شيء قال لا قلت ففتش هل ترى في الدكان نقباً ففتش فقال لا فقلت فمن السقف حيلة قال لا قلت فاعلم أن دراهمي قد ذهبت فقلق الغلام فسكته وأقمت من نومي لا أدري أي شيء أعمل وتأخر الرجل عني فاتهمته وتذكرت مسألته لي عن القفل فقلت للغلام أخبرني كيف تفتح دكاني وتقفله قال احمل الدراب من المسجد دفعتين ثلاثة فأقفلها ثم هكذا أفتحها قلت فعلى من تخلي الدكان إذا حملت الدراب قال خالياً قلت ههنا دهيت فذهبت إلى الصانع الذي ابتعت منه القفل فقلت له جاءك إنسان منذ أيام اشترى منك مثل هذا القفل قال نعم ورجل من صفته كيت وكيت فأعطاني صفة صاحبي فعلمت أنه احتال على الغلام وقت المساء لما انصرفت أنا وبقي الغلام يحمل الدراب فدخل هو إلى الدكان فاختبأ فيه ومعه مفتاح القفل الذي اشتراه يقع على قفلي وأنه أخذ الدراهم وجلس طول الليل خلف الدراب فلما جاء الغلام ففتح داربين وحملها ليرفعها خرج وإنه ما فعل ذلك إلا وقد خرج من بغداد، قال فخرجت ومعي قفلي ومفتاحه فقلت ابتدئ بطلب الرجل بواسط فلما صعدت من السميرية طلبت خانا أنزله فصعدت فإذا يقفل مثل قفلي سواء على بيت فقلت لقيم الخان هذا البيت من ينزله قال رجل قدم من البصرة أمس قلت ما صفته فوصف صفة صاحبه فلم أشك أنه هو وان الدراهم في بيته فاكتريت بيتاً إلى جانبه ورصدت حتى انصرف قيم الخان ففتحت القفل ودخلت فوجدت كيسي بعيد فأخذته وخرجت وأقفلت الباب ونزلت في الوقت وانحدرت إلى البصرة وما أقمت بواسط إلا ساعتين من النهار ورجعت إلى منزلي بمالي بعينه.
    ● أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أخبرنا علي بن الحسن عن أبيه قال حدثني عبد الله بن محمد الصروي قال حدثني ابن الدنانير النمار قال حدثني غلام لي قال كنت ناقداً بالأبلة لرجل تاجر فاقتضيت له من البصرة نحو خمسمائة دينار وورقاً ولففتهما في فوطة وأمسيت عن المسير إلى الأبلة فما زلت أطلب ملاحاً فلا أجد أن رأيت ملاحاً مجتازاً في خيطية خفيفة فارغة فسألته أن يحملني فخفف علي الأجرة وقال، أنا أرجع إلى منزلي بالأبلة فانزل فنزلت وجعلت الفوطة بين يدي وصرنا فإذا رجل ضرير على الشط يقرأ أحسن قراءة تكون فلما رآه الملاح كبر فصاح هو بالملاح، احملني فقد جنني الليل وأخاف على نفسي فشتمه الملاح، فقلت له احمله فدخل إلى الشط فحمله فرجع إلى قراءته فخلب عقلي بطيبها فلما قربنا من الأبلة قطع القراءة وقام ليخرج في بعض المشارع بالأبلة فلم أر الفوطة فاضطربت وصحت واستغاث الملاح وقال الساعة تنقلب الخيطية وخاطبني خطاب من لا يعلم حالي، فقلت يا هذا أكانت بين يدي فوطة فيها خمسمائة دينار فلما سمع الملاح ذلك لطم وبكى وتعرى من ثيابه وقال لم أدخل الشط ولا لي موضع أخبأ فيه شيئاً فتتهمني بسرقة ولي أطفال وأنا ضعيف فالله الله في أمري وفعل الضرير مثل ذلك وفتشت السميرية فلم أجد فيها شيئاً، فرحمتهما وقلت هذه محنة لا أدري كيف التخلص فعملت على الهرب كل واحد منا طريقاً وبت في بيت ولم امض إلى صاحبي فلما أصبحت عملت على الرجوع إلى البصرة لأستخفي بها أياماً ثم أخرج إلى بلد شاسع فانحدرت وخرجت في مشرعة بالبصرة وأنا أمشي وأتعثر وأبكي قلقاً على فراق أهلي وولدي وذهاب معيشتي وجاهي، فاعترضني رجل فقال مالك أخبرته فقال، أنا أرد عليك مالك فقلت يا هذا أنا في شغل عن ظنرك بي قال ما أقول إلا حقاً أمض إلى السجن ببني نمير واشتر معك خبزاً كثيراً وشواء جيداً وحلواً وسل السجان أن يوصلك إلى رجل محبوس هناك يقال له أبو بكر النقاش قل له أنا زائره فإنك لا تمنع فإن منعت فهب للسجان شيئاً يسيراً يدخلك إليه فإذا رأيته فسلم عليه ولا تخاطبه حتى تجعل بين يديه ما معك فإذا أكل وغسل يديه فإنه يسألك عن حاجتك فأخبره خبرك فإنه سيدلك على من أخذ مالك ويرتجعه لك، ففعلت ذلك ووصلت إلى الرجل فإذا سيخ مكبل بالحديد فسلمت وطرحت ما معي بين يديه فدعا رفقاء له فأكلوا فلما غسل يديه قال ما أنت وما حاجتك فشرحت له قصتي، فقال امض الساعة إلى بني هلال فادخل الدرب الفلاني حتى تنتهي إلى آخره فإنك تشاهد باباً شعثاً فافتحه وادخله بلا استئذان فتجد دهليزاً طويلاً يؤدي إلى بابين فادخل الأيمن منهما فسيدخلك إلى دار فيها بيت فيه أوتاد وبواري وكل وتد إزار ومئزر فانزع ثيابك وألقها على الوتد واتزر بالمئزر واتشح بالإزار واجلس فسيجيء قوم يفعلون كما فعلت، ثم يؤتون بطعام فكل معهم وتعمد موافقتهم في سائر أفعالهم فإذا أتى بالنبيذ فاشرب وخذ قدحاً كبيراً واملأه وقم قائماً وقل هذا ساري لخالي أبي بكر النقاش فسيفرحون ويقولون أهو خالك فقل نعم فسيقومون ويشربون لي فإذا جلسوا فقل لهم خالي يقرأ عليكم السلام ويقول يا فتيان بحياتي ردوا على ابن أختي المئزر الذي أخذتموه بالأمس في السفينة بنهر الأبلة فإنهم يردونه عليك فخرجت من عنده ففعلت ما أمر فردت الفوطة بعينها وما حل شدها فلما حصلت لي قلت يا فتيان هذا الذي فعلتموه معي هو قضاء لحق خالي ولي أنا حاجة تخصني قالوا مقضية قلت عرفوني كيف أخذتم الفوطة فامتنعوا ساعة فأقسمت عليهم بحياة أبي بكر النقاش فقال لي واحد منهم أتعرفني فتأملته جيداً فإذا هو الضرير الذي كان يقرأ وإنما كان متعامياً وأومأ إلى آخر فقال أتعرف هذا فتأملته فإذا هو الملاح فقلت كيف فعلتما فقال الملاح أنا أدور المشارع في أول أوقات المساء وقد سبقت بهذا المتعامي فأجلسته حيث رأيت فإذا رأيت من معه شيء له قدر ناديته وأرخصت له الأجرة وحملته فإذا بلغت إلى القاري وصاح بي شتمته حتى لا يشك الراكب في براءة الساحة فإن حمله الركب فذاك وإلا رققته عليه حتى يحمله فإذا حمله وجلس يقرأ ذهل الرجل كما ذهلت، فإذا بلغنا الموضع الفلاني فإن فيه رجلاً متوقعاً لنا يسيح حتى يلاصق السفينة وعلى رأسه فوصرة فلا يفطن الراكب به فيسلب هذا المتعامي الشيء بخفية فيليه إلى الرجل الذي عليه القوصرة فيأخذه ويسيح إلى الشط وإذا أراد الراكب الصعود وافتقد ما معه عملنا كما رأيت فلا يتهمنا ونفترق فإذا كان من غدا اجتمعنا واقتسمناه فلما جئت برسالة استأذنا خالك سلمنا إليك الفوطة قال فأخذتها ورجعت.ط وإذا أراد الراكب الصعود وافتقد ما معه عملنا كما رأيت فلا يتهمنا ونفترق فإذا كان من غدا اجتمعنا واقتسمناه فلما جئت برسالة استأذنا خالك سلمنا إليك الفوطة قال فأخذتها ورجعت.
    ● أخبرنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا الجوهري وأخبرنا ابن ناصر قال أخبرنا عبد المحسن بن محمد قال أخبرنا أبو القاسم التوخي قال أخبرنا بن حيوية قال حدثنا محمد بن خلف قال حدثني لص تائب قال دخلت مدينة فجعلت أطلب شيئاً أسرقه فوقعت عيني على صيفي موسر فما زلت أحتال حتى سرقت كيساً له وانسللت فما حزت غير بعيد إذا أنا بعجوز معها كلب قد وقعت في صدري تبوسني وتلزمني وتقول يا بني فديتك والكلب يبصبص ويلوذ بي ووقف الناس ينظرون إلينا وجعلت المرأة تقول بالله انظروا إلى الكلب قد عرفه، فعجب الناس من ذلك وتشككت أنا في نفسي وقلت لعلها أرضعتني وأنا لا أعرفها وقالت معي إلى البيت أقم عندي اليوم، فلم تفارقني حتى مضيت نعها إلى بيتها وإذا عندها أحداث يشربون وبين أيديهم من جميع الفواكه والرياحين فرحبوا بي وقربوني وأجلسوني معهم، ورأيت لهم بزة حسنة فوضعت عيني عليها فجعلت أسقيهم وأرفق بنفسي إلى أن ناموا ونام كل من في الدار فقمت وكورت ما عندهم وذهبت أخرج فوثب علي الكلب وثبة الأسد وصاح وجعل يتراجع ويفج إلى أن انتبه كل نائم، فخجلت واستحييت فلما كان النهار رفعوا مثل فعلهم أمس وفعلت أيضاً أنا بهم مثل ذلك وجعلت أوقع الحيلة في أمر الكلب إلى الليل فما أمكنني فيه حيلة فلما ناموا رمت الذي رمته فإذا الكلب عارضني بمثل ما عارضني به فجعلت أحتال ثلاث ليال فلما أيست طلبت الخلاص منهم بإذنهم، فقلت أتأذنون لي فإني على وفز فقالوا الأمر إلى العجوز فاستأذنها فقالت هات الذي أخذته من الصيرفي وامضِ حيث شئت ولا تقوم في هذه المدينة فإنه لا يتهيأ لأحد فيها معي عمل فأخذت الكيس وأخرجتني ووجدت مناي أن أسلم من يدها وكان قصراي أن أطلب منها نفقة فدفعن إليّ وخرجت معي حتى أخرجتني عن المدينة والكلب معها حتى جزت حدود المدينة ووقفت ومضيت والكلب يتبعني حتى بعدت ثم تراجع ينظر إليّ ويلتفت وأنا أنظر إليه حتى غاب عني.
    ● أنبأنا محمد بن أبي منصور قال أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاوي قال أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطي قال أنبأنا أبو الفح محمد بن الحسين الأزدي قال حدثنا علي بن محمد القاري قال حدثنا سهل الخلاطي قال بلغني أن محتالين سرقا حماراً ومضى أحدهما ليبيعه فلقيه رجل معه طبق فيه سمك فقال له تبيع هذا الحمار قال نعم أمسك هذا الطبق حتى أركبه وانظر إليه فدفع إليه الطبق فيه السمك فركبه ورجع ثم ركبه ودخل زقاقاً ففر به فلم يدر أين ذهب، قال فرجع المحتال فلقيه رفيقه فقال ما فعل الحمار قال بعناه بما اشتريناه وربحنا هذا الطبق من السمك.
    ● وقد روينا أن رجلاً سرق حماراً فأتى السوق ليبيعه فسرق منه فعاد إلى منزله فقالت له امرأته بكم بعته قال برأس ماله. أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا علي ابن المحسن عن أبيه قال حدثني عبد الله بن محمد الصروي قال حدثنا بعض إخواننا أنه كان ببغداد رجل يطلب التلصص في حداثته ثم تاب فصار بزازاً قال فانصرف ليلة من دكانه وقد غلقه فجاء لص محتال متزي بزي صاحب الدكان في كمه شمعة صغيرة ومفاتيح فصاح بالحارس فأعطاه الشمعة في الظلمة وقال أشعلها وجئني بها فإن لي الليلة بدكاني شغلاً فمضى الحارس يشعل الشمعة وركب اللص على الأقفال ففتحها ودخل الدكان وجاء الحارس بالشمعة فأخذها من يده فجعلها بين يديه وفتح سفط الحساب وأخرج ما فيه وجعل ينظر الدفاتر ويرى بيده أنه يحسب والحارس يتردد ويطالعه ولا يشك في أنه صاحب الدكان إلى أن قارب السحر فاستدعى اللص الحارس، وكلمه من بعيد وقال اطلب لي حمالاً، فجاء بحمال فحمل عليه أربع رزم مثمنة وقفل الدكان وانصرف ومعه الحمال وأعطى الحارس درهمين فلما أصبح الناس جاء صاحب الدكان ليفتح دكانه فقام إليه الحار سيدعو له ويقول فعل الله بك وصنع كما أعطيتني البارحة الدرهمين فأنكر الرجل ما سمعه وفتح دكانه فوجد سيلان الشمعة وحسابه مطروحاً وفقد الأربع رزم فاستدعى الحارس، وقال له من كان حمل الرزم معي من دكاني قال ما استدعيت مني حمالاً فجئتك به قال بلى ولكن كنت ناعساً وأريد الحمال فجئني به فمضى الحارس فجاء بالحمال وأغلق الرجل الدكان وأخذ الحمال معه ومضى فقال له إلى أين حملت الرزم معي البارحة فإني كنت منقبذاً قال إلى المشرعة الفلانية واستدعيت لك فلاناً الملاح فركبت معه فقصد الرجل المشرعة وسأل عن الملاح فحضر وركب معه وقال أين رقيت أخي الذي كان معه الأربع الرزم، قال إلى المشرعة الفلانية قال اطرحني إليها فطرحه، قال من حملها معه قال فلان الحمال فدعا به فقال له امشِ بين يدي فمشى فأعطاه شيئاً واستدله برفق إلى الموضع الذي حمل إليه الرزم، فجاء به إلى باب غرفة في موضع بعيد من الشط قريب من الصحراء فوجد الباب مقفلاً فاستوقف الحمال وفش القفل ودخل فوجد الرزم بحالها وإذا في البيت بركان معلق على حبل فلف الرزم ودعا بالحمال فحملها عليه وقصد المشرعة فحين خرج من الغرفة استقبله اللص فرآه وما معه فابلس فاتبعه إلى الشط فجاء إلى المشرعة ودعا الملاح ليعبر فطلب الحمال من يحط عنه فجاء اللص فحط الكساء كأنه مجتاز متطوع فأدخل الرزم إلى السفينة مع صاحبها وجعل البركان على كتفه وقال له يا أخي أستودعك الله قد ارتجعت رزمك فدع كسائي فضحك. وقال انزل فلا خوف عليك فنزل معه واستتابه ووهب له شيئاً وصرفه ولم يسئ إليه.
    ● أنبأنا محمد بن أبي طاهر عن أبي القاسم التنوخي عن أبيه أن رجلاً من بني عقيل مضى ليسرق دابة قال فدخلت الحي فما زلت أتعرف مكان الدابة فاحتلت حتى دخلت البيت فجلس الرجل وامرأته يأكلان في الظلمة فأهويت بيدي إلى القصعة وكنت جائعاً فأنكر الرجل يدي وقبض عليها فقبضت على يد المرأة بيدي الأخرى فقالت المرأة مالك ويدي فظن أنه قابض على يد امرأته فخلى يدي فخليت ين المرأة وأكلنا ثم أنكرت المرأة يدي فقبضت عليها فقبضت على يد الرجل فقال لها مالك ويدي تخليت عن يده ثم نام وقمت فأخذت الفرس وقد رويت هذه الحكاية على صفة أخرى فأنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا التنوخي عن أبيه قال حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الكاتب قال حدثني محمد بن يزمع العقيلي أحد قوادهم ووجوههم في الحي وكان ورد إلى معز الدولة فأكرمه وأحسن إليه قال رأيت رجلاً من بني عقيل وظهره كله مشرطات الحجام إلا أنها أكبر فسألته عن ذلك فقال إني كنت هويت ابنه عم لي فخطبتها فقالوا لا نزوجك إلا أن تجعل في الصداق الشبكة فرس سابقة كانت لبعض بني أبي بكر فتزوجتها على ذلك وخرجت في أن أحتال إن أسا الفرس من صاحبه لا تمكن من الدخول بابنه عمي فأتيت الحي الذي فيه الفرس وما زلت أداخلهم فمرة أجيء إلى الخباء الذي فيه الرجل كأني سائل لي إن عرفت بيت الفرس من الخباء الذي فيه الرجل وأخبئت حتى دخلت من خلفه وحصلت خلف النضد نحت وكانوا تفشوه ليغزل فلما جاء الليل وافى صاحب البيت وقد زاولت له المرأة عشاء وجلسا يأكلان وقد استحكمت الظلمة ولا مصباح لهم وكنت جائعاً فأخرجت يدي وأهويت إلى القصعة فأكلت معهما وأحس الرجل بيدي فأنكرها فقبض عليها على يد المرأة فقالت له المرأة مالك ويدي فظن أنه قابض على يد امرأته فخلى يدي فخليت يد المرأة وأكلنا ثم أنكرت المرأة يدي فقبضت عليها فقبضت على يد الرجل فقال لها مالك ويدي فخلت عن يدي فخليت عن يده وانقضى الطعام واستلقى الرجل نائماً فلما استثقل وأنا مراصدهم والفرس مقيدة في جانب البيت والمفتاح تحت رأس المرأة فوافى عبد له أسود فنبذ حصاة فانتبهت المرأة فقامت إليه وتركت المفتاح مكانه وخرجت من الخباء إلى ظاهر البيت فإذا هو قد علاها فأخذت أنا المفتاح ففتحت القفل وكان معي لجام شعر فأجزته الفرس وركبتها وخرجت عليها من الخباء فقامت المرأة من تحت العبد، ودخلت الخباء وصاحت وذعر الحي فأحسوا بي وركبوا في طلبي وأنا أكد الفرس وخلف بخلق منهم فأصبحت وليس ورائي إلا فاؤرس واحد برمح فلحقني وقد طلعت الشمس وأخذ يطعنني فهذه آثار طعناته في جسدي لا فرسه يلحقه بي حتى يتمكن من طعنته إياي ولا فرسي ينجيني إلى حيث لا يمسني الرمح حتى وافينا إلى نهر عظيم فصحت بالفرس فوثبه وصاح الفارس بالتي تحته فقصرت ولم تثب فلما رأيته عاجزاً عن العبور وقف لأريح الفرس وأستريح فصاح بي فأقبلت عليه بوجهي فقال يا هذا أنا صاحب الفرس التي تحتك وهذه ابنتها وإذ قد ملكتها فلا تخدعن فيها فإنها تساوي عشر ديات وما طلبت عليها شيئاً قط إلا لحقته ولا طلبني عليها أحداً إلا فته وإنما سميت الشبكة لأنها لم ترد شيئاً إلا أدركته فكانت كالشبكة في صيدها فقلت له إذ نصحتني فوالله لأنصحنك كان من صورتي البارحة كيت وكيت فقصصت عليه قصة امرأته والعبد وحيلتي في الفرس فأطرق ثم رفع رأسه فقال مالك لا جزاك الله من طارق خير أطلقت زوجتي وأخذت فرسي وقتلت عبدي.
    ● أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا أبو القاسم التنوخي عن أبي أن رجلاً نام في مسجد وتحت رأسه كيس فيه ألف وخمسمائة دينار قال فما شعرت إلا بلسان قد جذبه من تحت رأسي فانتبهت فزعاً فإذا شاب قد أخذ الكيس ومر يعدو فقمت لا عدو خلفه فإذا رجلي مشدودة بخيط قنب في وتد مضروب في آخر المسجد. أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو القاسم التنوخي عن أبيه قال حدثني أبو الحسين عبد الله بن محمد البصري قال حدثني أبي قال كان بالبصرة رجل من اللصوص يلص بالليل فاره جداً مقدام يقال له عباس بن الخياطة قد غلب الأمراء وأشجى أهل البلد فلم يزالوا يحتالون عليه إلى أن وقع وكيل بمائة رطل حديد وحبس فلما كان بعد سنة من حبسه أو أكثر دخل قوم بالأبلة على رجل تاجر كان عنده جوهر بعشرات ألوف الدنانير وكان مستيقظاً جلداً فجاء إلى البصرة يتظلم وأعانه خلق من التجار وقال للأمير أنت دست على جوهري وما خصمي سواك فورد عليه أمر عظيم وخلا بالبوابين وتوعدهم فاستنظروه فأنظرهم وطلبوا واجتهدوا فما عرفوا فاعل ذلك فعنفهم الرجل فاستجابوا مدة أخرى فجاء أحد البوابين إلى الحبس فتخادم لابن الخياطة ولزمه نحو شهر وتذلل له في الحبس فقال له قد وجب حقك علي فما حاجتك قال جوهر فلان المأخوذ بالأبلة لا بد أن يكون عندك منه خبر فإن دماءنا مرتهنة به وحدثه الحديث فرفع ذيله وإذا سفط الجوهر تحته فسلمه إليه وقال قد وهبته لك فاستعظم ذلك وجاء بالسفط إلى الأمير فسأله عن القصة فأخبره بها فقال علي بعباس فجاؤوا به فأمر بالإفراج عنه وإزالة قيوده وإدخاله الحمام وخلع عليه وأجلسه في مجلسه مكرماً واستدعى الطعام فواكله وبيته عنده فلما كان من الغد خلا به وقال أنا أعلم أنك لو ضربت مائة ألف سوط ما أقررت كيف كانت صورة أخذ الجوهر وقد عاملتك بالجميل ليجب حقي عليك من طريق الفتوة وأريد أن تصدقني حديث هذا الجوهر قال على أنني ومن عاونني عليه آمنون وإنك لا تطالبنا بالذين أخذوه قال نعم فاستحلفه فقال له إن جماعة اللصوص جاؤوني الحبس وذكروا حال هذا الجوهر وإن دار هذا التاجر لا يجوز أن يتطرق عليها نقب ولا تسليق وعليها باب حديد والرجل نتيقظ وقد راعوه سنة فما أمكنهم وسألوني فساعدتهم فدفعت إلى السجان مائة دينار وحلفت به بالشطارة والأيمان الغليظة أنه إن طلقني عدن إليه من غد وأنه إن لم يفعل ذلك اغتلته فقتلته في الحبس فأطلقني فنزعنا الحديد وتركته وخرجت المغرب فوصلنا إلى الأبلة العتمة وخرجنا إلى دار الرجل فإذا هو في المسجد وبابه مغلق لأحدهم تصدق من الباب فتصدق فلما جاؤوا ليفتحوا قلت له أختفي ففعل ذلك مرات والجارية تخرج فإذا لن تر أحداً عادت إلى أن خرجت من الباب ومشت خطوات تطلب السائل فتشاغلت بدفع الصدقة إليه فدخلت أنا إلى الدار فإذا في الدهليز بيت فيه حمار فدخلته ووقفت تحت الحمار وطرحت الجل علي وعليه وجاء الرجل فغلق الأبواب وفتش ونام على سرير عال والجوهر تحته فلما انتصف الليل قمت إلى شاة غب الدار فعركت أذنها فصاحت فقال ويلك أقول لك افتقديها قالت قد فعلت قال كذبت وقام بنفسه ليطرح لها علفاً فجلست مكانه على السرير وفتحت الخزانة وأخذت السفط وعدت إلى موضعي وعاد الرجل فنام فاجتهدت أن أجد حيلة أن أنفب إلى دار بعض الجيران فأخرج فما قدرت لأن جميع الدار مؤزرة بالساج ورمت صعود السطح فما قدرت لأن الممارق مقفلة بثلاثة أقفال فعملت على ذبح الرجل ثم استقبحت ذلك وقلت هذا بين يدي إن لم أجد حيلة غيره فلما كان السحر عدت إلى موضعي تحت الحمار وانتبه الرجل يريد الخروج فقال للجارية افتحي الأقفال من الباب ودعيه متربساً ففعلت وقربت من الحمار فرفس فصاحت فخرجت أنا ففتحت المترس وخرجت أعدو حتى جئت إلى المشرعة فنزلت في الخيطية ووقعت الصيحة في دار الرجل فطالبني أصحابي أن أعطيهم شيئاً منه فقلن لا هذه قصة عظيمة وأخاف أن يتنبه عليها ولكن دعوه عندي فإن مضى على الحديث ثلاثة أشهر وافتكم فصيروا إلي أعطيكم النصف وإن ظهر خفت عليكم وعلى نفسي وجعلته حقنا لدمائكم فرضوا بذلك فأرسل الله هذا البواب بليه يخدمني فاستحييت منه وخفت أن يقتل هو وأصحابه وقد كنت وضعت في نفسي الصبر على كل عذاب فدخلتم عليّ من طريق أخرى لم أستحسن في الفتوة معها إلا الصدق فقال له الأمير جزاء هذا الفعل إن أطلقك ولكن تتوب فتاب وجعله الأمير من بعض أصحابه وأسنى له الرزق فاستقامت طريقته.ب وجعله الأمير من بعض أصحابه وأسنى له الرزق فاستقامت طريقته.
    ● قال أبو الحسين وحدثني أبي عن طالوت بن عباد الصيرفي قال كنت ليلة نائماً بالبصرة في فراشي وأحراسي يحرسوني وأبوابي مقفلة فإذا أنا بابن الخياطة ينبهني من فراشي فانتبهت فزعاً فقلت من أنت فقال ابن الخياطة فتلفت فقال لا تجزع قد قمرت الساعة خمسمائة دينار أقرضني إياها لأردها عليك فأخرجت خمسمائة دينار فدفعتها إليه فقال نم ولا تتبعني لأخرج من حيث جئت وإلا قتلتك قال وأنا والله أسمع صوت حراسي ولا أدري من حيث دخل ولا من أين خرج وكتمت الحديث خوفاً منه وزدت في الحرس ومضت ليال فإذا أنا به قد أنبهني على تلك الصورة فقلت مرحباً ما تريد قال جئت بتلك الدنانير تأخذها مني فقلت أنت في حل منها فإن أردت شيئاً آخر فخذ فقال لا أريد من نصح التجار شاركهم في أموالهم ولو كنت أردت أخذ مالك باللصوصية فعلت ولكنك رئيس بلدك ولا أريد أذيتك فإن ذلك يخرج عن الفتوة ولكن خذها فإن احتجت إلى شيء بعد هذا أخذت منك فقلت أن عودك لا يفزعني ولكن إذا أردت شيئاً فتعال إلي نهاراً أو رسولك فقال افعل فأخذت الدنانير منه وانصرف وكان رسوله يجيئني بعلامة بعد ذلك فيأخذ ما يريده بعد مدة فما انكسر لي عنده شيء إلى أن قبض عليه.
    ● حكى أبو محمد عبد الله بن علي بن الخشاب النحوي أن رجلاً اشترى من مخاطى قطعة صابون ومضى إلى النهر لغسل ثيابه فلما وصل أخرجها فإذا هي قطعة آجر فصعب الأمر عليه وقال هذا يبيع الناس آجراً وصابوناً فمضى إليه ليردها فلما وصل قال ويحك أتبيع الناس آجراً وصابوناً قال كيف أبيع أجراً فأخرجها من كمه فإذا هي قطعة صابون فاستحى ورجع إلى النهر فأخرجها فإذا هي آجر فعاد إليه ووبخه وأخرجها فإذا هي قطعة صابون مرة أخرى كذلك حتى ضجر فقال له المخاطر لا يضيق صدرك فإن لنا ولداً قد أخرجناه نعلمه أن يبط ويحتال وإنك كلما مضيت فعل هذا فإذا رآك قد عدت لردها أعادها في كمك وأنت لا تعلم. دخل دار قوم فلم يجد ما يسرق غير دواة مكسورة فكتب على الحائط عز عليّ فقركم وغناي. دخل لص بيت رجل فأخذ متاعه وخرج فصاح الرجل ما أنحس هذه الليلة فقال اللص على كل أحد. حدثني بعض الإخوان أن رجلاً جاء إلى بزاز فاستعرض منه ثياباً بثلاثمائة دينار ثم وزنها له فلما تسلمها قال الرجل لقد غبنتني فعاد وجمع الدنانير وتركها في خرقة وختمها ورمى بها في كم غلامه ثم قال ما أنا إلا متردد أفتأذن لي أن أرى الثياب من اشتريتها له فإن رضي وإلا رددتها قال نعم فأدخل يده في كم غلامه فأخرج الخرقة فرمى بها إلى البزاز وأخذ الثياب ومضى ففتح البزاز الخرقة فإذا بها فلوس وقد جعل في كم غلامه خرقة مثلها وفيها وزن الثلاثمائة.
    ● حدثني أبو الفتح البصري قال اجتمع جماعة من اللصوص اجتاز عليهم شيخ صيرفي معه كيسه فقال أحدهم ما تقولون فيمن يأخذ كيس هذا قالوا كيف تفعل قال انظروا ثم تبعه إلى منزله فدخل الشيخ فرمى كيسه على الصفة وقال للجارية أنا حاقن فالحقيني بماء في الغرفة وصعد فدخل اللص فأخذ الكيس وجاء إلى أصحابه فحدثهم فقالوا ما عملت شيئاً تركته يضرب الجارية ويعذبها وماذا مليح قال فكيف تريدون قالوا تخلص الجارية من الضرب وتأخذ الكيس قال نعم فمضى فطرق الباب فإذا به يضرب الجارية فقال من قال غلام جارك في الدكان فخرج فقال ماذا تقول فقال سيدي يسلن عليك ويقول لك قد تغيرت ترمي كيسك في الدكان وتمضي ولولا أنا رأيناه كان قد أخذ وأخرج الكيس وقال أليس هذا هو قال بلى والله صدق ثم أخذه فقال له بل أعطنيه وادخل فاكتب في رقعة قد تسلمت الكيس حتى أتخلص أنا ويرجع إليك مالك فناوله إياه ودخل ليكتب فأخذه ومضى.
    ● قال أبو جعفر محمد بن الفضل الضميري كان في بلدنا عجوز صالحة كثيرة الصيام والصلاة وكان لها ابن صيرفي منهمك على الشرب واللعب وكان يتشاغل بدكانه أكثر نهاره ثم يعود إلى منزله فيخبأ كيسه عند والدته، فدخل إلى الدار وهو لا يعلم فاختبأ فيها وسلم كيسه إلى أمه وخرج وبقيت هي وحدها في الدار وكان لها في دارها بيت مؤزر بالساج عليه باب من حديد تجعل قماشها فيه والكيس فخبأت الكيس فيه خلف الباب وجلست فأفطرت بين يديه فقال اللص الساعة تقفله وتنام وأنزل وأقلع الباب وآخذ الكيس فلما أفطرت قامت تصلي ومدت الصلاة ومضى نصف الليل وتحير اللص وخاف أن يدركه الصبح فطاف في الدار فوجد إزاراً جديداً وبخور فاتزر بالإزار وأوقد البخور وأقبل ينزل على الدرجة ويصيح بصوت غليظ ليفزع العجوز وكانت جلدة ففطنت أنه لص فقالت من هذا بارتعاد وفزع فقال أنا جبريل رسول رب العالمين أرسلني إلى ابنك هذا الفاسق لأعظه وأعامله بما يمنعه عن ارتكاب المعاصي فأظهرت أنها قد غشي عليها من الفزع وأقبلت تقول يا جبريل سألتك إلا رفقت به فإنه واحدي فقال اللص ما أرسلت لقتله قالت فبم أرسلت قال لآخذ كيسه وأولم قلبه بذلك فإذا تاب رددته عليه فقالت يا جبريل شأنك وما أمرت به فقال تنحي عن باب البيت وفتح هو الباب ودخل ليأخذ الكيس والقماش واشتغل في تكويره فمشت العجوز قليلاً قليلاً وجذبت الباب وجعلت الحلقة في الرزة وجاءت بقفل فقفلته فنظر اللص إلى الموت ورام حيلة، نقب أو منقذ فلم يجد فقال افتحي لأخرج فقد أتعظ ابنك فقالت يا جبريل أخاف أن أفتح الباب فتذهب عيني من ملاحظة نورك فقال إني أطفئ نوري حتى لا يذهب بعينيك فقالت يا جبريل ما يعوزك أن تخرج من السقف أو تخرق الحائط بريشة من جناحك ولا تكلفني أنا لتغوير بصري فأحس اللص أنها جلدة فأخذ يرفق بها ويداريها ويبذل التوبة فقالت دع عنك هذا لا سبيل إلى الخروج إلا بالنهار وقامت فصلت وهو يسألها حتى طلعت الشمس وجاء ابنها وعرف خبرها وحدثته الحديث فأحضر صاحب الشرطة وفتح الباب وقبض على اللص.

    الباب الثامن والعشرون Fasel10

    كتاب : الأذكياء
    لابن الجوزي
    منتدى حُكماء رحُماء . البوابة

    الباب الثامن والعشرون E110


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 2 نوفمبر 2024 - 5:27