بّسم الله الرّحمن الرّحيم مكتبة الثقافة الأدبية طرائف الظرفاء وحكايات الفطناء
● [ القسم الثاني ] ● فيما يروى عن الصحابة
● عن أنس ، قال : لما هاجر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، كان يركب ، وأبو بكر رديفه ، وكان أبو بكر يعرف لاختلافه إلى الشام ، فكان يمرّ بالقوم ، فيقولون : من هذا بين يديك يا أبا بكرٍ ؟ فيقول : هذا يهديني ● عن عبد الجبار بن صيفي ، عن جدّه ، قال : إنّ صهيباً قدم على النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبين يديه تمرٌ وخبزٌ ، فقال النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ادن فكل ) فأخذ يأكل من التمر ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إنّ بعينك رمداً ) ـ يقصد ان التمر يضر برمد عينه ـ فقال : يا رسول الله ! أنا آكل من الناحية الأخرى ؛ فتبسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ● عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : وفدت على عمر بن الخطاب حللٌ من اليمن ، فقسمها بين الناس ، فرأى فيها حلّة رديئة ، فقال : كيف أصنع بها ؟ إن أعطيتها أحداً لم يقبلها ؛ فأخذها ، فطواها ، فجعلها تحت مجلسه ، فخرج طرفها ، ووضع الحلل بين يديه ، فجعل يقسم بين الناس ، فدخل الزبير بن العوّام وعمر على تلك الحال ؛ قال : فجعل ينظر إلى تلك الحلة ، فقال : ما هذه الحلة ؟ قال عمر : دع هذه عنك قال : ما هيه ، ما هيه ، ما شأنها ؟ قال : دع هذه عنك قال : فأعطينيها ؛ قال : إنّك لا ترضاها قال : بلى ! قد رضيتها ؛ فلما توثّق منه واشترط عليه أن يقبلها ولا يردّها ، رمى بها إليه ؛ فلمّا أخذها الزّبير ، ونظر إليها ، إذا هي رديئةٌ ، فقال : لا أريدها ؛ فقال عمر : أيهات ، قد فرغت منها ؛ فأجازه عليها وأبى أن يقبلها منه ● عن حنش بن المعتمر أن رجلين أتيا امرأة من قريش ، فاستودعاها مئة دينار ، وقالا : لا تدفعيها إلى واحدٍ منا دون صاحبه حتى نجتمع ، فلبثا حولاً ، فجاء أحدهما إليها ، فقال : إنّ صاحبي قد مات ، فادفعي إلىّ الدنانير ؛ فأبت ، وقالت : إنّكما قلتما لا تدفعيها إلى واحدٍ منّا دون صاحبه ، فلست بدافعتها إليك ؛ فتثقّل عليها بأهلها وجيرانها ، فلم يزالوا بها حتّى دفعتها إليه ثمّ لبثت حولاً ، فجاء الآخر ، فقال : ادفعي إليّ الدنانير ؛ فقالت : إنّ صاحبك جاءني ، فزعم أنّك متّ ، فدفعتها إليه ؛ فاختصما إلى عمر بن الخطاب ؛ فطلب من عليّ أن يفصل بينهما، فعرف على أنّهما قد مكرا بها ، فقال للرجل : أليس قلتما : لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه ؟ قال : بلى ؛ فقال عليّ : فأحضر صاحبك حتى تدفعها إليكما ● عن أسامة بن زيدٍ ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان عمر بن الخطّاب يعدّ للنّاس خرقاً وخيوطاً ؛ فإذا أعطى الرجل عطاءه في يده أعطاه خرقةً وخيطاً ، وقال له : اربط ذهبك ، وأصلح مويلك ، فإنّك لا تدري كم يدوم هذا لك ! فأدخل عليه رجلٌ يقاد ؛ فأعطاه ، فكأنه استقله ، فقال عمر لقائده : اخرج به ؛ فخرج به ، ففرشها ، ثمّ دعاه ، فقال : خذ هذه كلّها ؛ فجمعها ، وخرج فرحاً ● عن عبد الله بن عاصم بن المنذر ، قال : تزوّج عبد الله بن أبي بكر الصديق عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت حسناء ، ذات خلقٍ بارعٍ ، فشغلته عن مغازيه ، فأمره أبوه بطلاقها ، فطلّقها ؛ وقال: ولم أر مثلي طلّق اليوم مثلها ● ولا مثلها في غير جرمٍ تطلّق فرق له أبوه ، وأمره فراجعها ، ثمّ شهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غزاة الطائف ، فأصابه سهمٌ ، فمات منه ، فقالت عاتكة: رزيت بخير الناس بعد نبيهم ● وبعد أبي بكرٍ وما كان قصّرا وآليت لا تنفك عيني حزينةً ● عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فللّه فلله عيناً من رأى مثله فتىّ ● أكرّ وأحمى في الهياج وأصبرا إذا شرعت فيه الأسنّة خاضها ● إلى الموت حتى حتى يترك الرمح أحمرا ● قال يهودي لأمير المؤمنين علي : ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار : منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ ! فقال له عليٌ : أنتم ما جفّت أقدامكم من البحر حتى قلتم : اجعل لنا إلهاً ! ● عن أبي رزين ، قال : سئل العباس : أنت أكبر أم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ قال : هو أكبر مني ، وأنا ولدت قبله ● عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين ، فكرهوه ، فعزله عنهم ، فخافوا أن يردّه ، فقال دهقانهم : اجمعوا مئة ألف درهم حتى أذهب بها إلى عمر وأقول له : إن المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ ففعلوا ، فأتى عمر ، وقال : إنّ المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ فدعا عمر المغيرة ، وقال : ما يقول هذا ؟ قال : كذب ! إنما كانت مئتي ألف ! قال : فما حملك على ذلك ؟ قال : العيال والحاجة، فقال عمر للعلج : ما تقول ؟ قال : والله لأصدقنّك ! والله ما دفع إلي قليلاً و لا كثيراً ! فقال عمر للمغيرة : ما أردت إلى هذا ؟ قال المغيرة: الخبيث كذب عليّ ، فأحببت أن أخزيه ● مازح معاوية الأحنف ، فقال : يا أحنف ! ما الشيء الملفف في البجاد ؟ قال : هو السخينة، أراد معاوية قول الشاعر: إذا ما مات ميتٌ من تميم ● فسرك أن يعيش فجئ بزادٍ بخبزٍ أو بسمنٍ أو بزيتٍ ● أو الشيء الملفّف في البجاد يريد وطب اللبن ، والبجاد : كساءٌ يلف فيه ذلك، وأراد الأحنف بـ ' السخينة ' أن قريشاً كانوا يأكلونها ويعيّرون بها ، وهي أغلظ من الحساء وأرق من العصيد ، وإنّما تؤكل في كلب الزمان وشدة الدهر ● وكان بين يدي معاوية ثريدةٌ كثيرةُ السمن ، ورجلٌ يواكله ، فخرقه إليه ، فقال له : ! ( أخرقتها لتغرق أهلها ) " سورة الكهف ـ الآية : 71 " فقال : ( فسقناه إلى بلد ميت ) " سورة فاطر ـ الآية : 9 " ● عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : شهدت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقتلت رجلاً ، وضربني ضربةً ، فتزوّجت بابنته بعد مقتله، فكانت تقول : لا عدمتُ رجلاً وشحك هذا الوشاح ؛ فأقول : لا عدمتِ رجلاً عجّل أباك إلى النار ● قال معاوية لعبد الله بن عامر : إن لي إليك حاجةٌ ، أتقضيها ؟ قال : نعم ! ولي إليك حاجةٌ ، أتمضيها ؟ قال : نعم ؛ قال : سل حاجتك ، قال : أريد أن تهب لي دورك وضياعك بالطائف ؛ قال : قد فعلت ؛ قال : وصلتك رحمٌ ، فسل حاجتك ؛ قال : أن تردها عليّ ؛ قال : قد فعلت ● روى سعيدٌ المقبري ، عن أبي هريرة ، أنّه قال : ' لا يزالً العبدُ في صلاةٍ ما لم يحدث ' فقال رجلٌ من القوم أعجمي : ما الحدثُ يا أبا هريرة ؟ قال : الصوت ، قال : وما الصوت ؟ فجعل أبو هريرة يصدر صوتآ بفيه حتى أفهمه
عن كتاب أخبارالظراف والمتماجنين لابن الجوزي مجلة همسات الإلكترونية ـ البوابة