بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
تحفة المودود بأحكام المولود
الفصلان الأول والثانى من
الباب الثامن : في ذكر تسميته وأحكامها ووقتها
● [ تمهيد ] ●
الباب الثامن : في ذكر تسميته وأحكامها ووقتها وفيه عشرة فصول
1 - الفصل الأول في وقت التسمية
2 - الفصل الثاني فيما يستحب من الأسماء وما يحرم منها وما يكره
3 - الفصل الثالث في استحباب تغير الاسم إلى غيره لمصلحة
4 - الفصل الرابع في جواز تكنية المولود بأبي فلان
5 - الفصل الخامس في أن التسمية حق للأب دون الأم
6 - الفصل السادس في الفرق بين الاسم والكنية واللقب
7 - الفصل السابع في حكم التسمية باسم نبينا والتكني بكنيته إفرادا وجمعا وذكر الأحاديث في ذلك
8 - الفصل الثامن في جواز التسمية بأكثر من اسم واحد
9 - الفصل التاسع في بيان ارتباط معنى الاسم بالمسمى والمناسبة التي بينهما
10 - الفصل العاشر في بيان أن الخلق يدعون يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم
● [ الفصل الأول ] ●
في وقت التسمية
في وقت التسمية
قال الخلال في جامعه باب ذكر تسمية الصبي أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال تذاكرنا لكم يسمى الصبي فقال لنا أبو عبد الله أما ثابت فروى عن أنس أنه يسمى لثلاثة وأما سمرة فيسمى يوم السابع يعني حديث سمرة فيقتضي التسمية يوم السابع أخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد الله قال حديث أنس يسمى لثلاثة وحديث سمرة قال يسمى يوم سابعه حدثنا محمد بن علي حدثنا صالح أن أباه قال كان يستحب أن يسمى يوم السابع وذكر حديث سمرة وقال ابن المنذر في الأسط ذكر تسمية المولود يوم سابعه جاء الحديث عن النبي أنه أمر أن يسمى المولود يوم سابعه وقد ذكرنا إسناده من حديث عبد الله بن عمرو قلت أراد حديث أبي إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أمر رسول الله حين سابع المولود بتسميته وعقيقته ووضع الأذى عنه وقد تقدم ذكره
وذكر حديث سمرة وقال البيهقي في سننه باب تسمية المولود حين يولد وهو أصح من السابع ثم روى من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله حين ولد ورسول الله يهنأ بعيرا له فقال له هل معك تمر قلت نعم فناولته تمرات فألقاهن في فيه فلا كهن ثم فغر فا الصبي فمجه في فيه فجعل الصبي يتلمظه فقال النبي حب الأنصار التمر أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس بن سيرين عن أنس بن مالك وذكر حديث بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال ولد لي غلام فأتيت به النبي فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة قلت وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي قال أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى رسول الله حين ولد فوضعه النبي على فخذه وأبو أسيد جالس فلهى النبي بشيء بين يديه فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ النبي فقال رسول الله أين الصبي فقال أبو أسيد قلبناه يا رسول الله فقال ما أسمه قال فلان قال لا ولكن اسمه المنذر وفي صحيح مسلم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم وذكر باقي الحديث في قصة موته وقال أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب ولدت له مارية القبطية سريته إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان وذكر الزبير عن أشياخه أن أم إبراهيم ولدت بالعالية وعق عنه بكبش يوم سابعه وحلق رأسه حلقه أبو هند فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الأرض وسماه يومئذ هكذا قال الزبير وسماه يوم سابعه والحديث المرفوع أصح من قوله وأولى ثم ذكر حديث أنس وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله فخرجت إلى زوجها أبي رافع فأخبرته أن مارية ولدت غلاما فجاء أبو رافع إلى رسول الله فبشره فوهب له عبدا قلت وفي قصة مارية وإبراهيم أنواع من السنن
أحدها استحباب قبول الهدية
الثاني قبول هدية أهل الكتاب
الثالث قبول هدية الرقيق
الرابع جواز التسري
الخامس البشارة لمن ولد له مولود بولده
السادس استحباب إعطاء البشير بشراه
السابع العقيقة عن المولود
الثامن كونها يوم سابعه
التاسع حلق رأسه
العاشر التصدق بزنة شعره ورقا
الحادي عشر دفن الشعر في الأرض ولا يلقى تحت الأرجل
الثاني عشر تسمية المولود يوم ولادته
الثالث عشر جواز دفع الطفل إلى غير أمه ترضعه وتحضنه
الرابع عشر عيادة الوالد ولده الطفل فإن النبي لما سمع بوجعه انطلق إليه يعوده في بيت أبي سيف القين فدعا به وضمه إليه وهو يكبد بنفسه فدمعت عيناه وقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى الرب و إنا بك يا إبراهيم لمحزونون
الخامس عشر جواز البكاء على الميت بالعين وقد ذكر في مناقب الفضيل ابن عياض أنه ضحك يوم مات ابنه علي فسئل عن ذلك فقال إن الله تعالى قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه وهدي رسول الله أكمل وأفضل فإنه جمع بين الرضى بقضاء ربه تعالى وبين رحمة الطفل فإنه لما قال له سعد بي عبادة ما هذا يا رسول الله قال هذه رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء والفضيل ضاق عن الجمع بين الأمرين فلم يتسع للرضا بقضاء الرب وبكاء الرحمة للولد هذا جواب شيخنا سمعته منه
السادس عشر جواز الحزن على الميت وأنه لا ينقص الأجر ما لم يخرج إلى قول أو عمل لا يرضي الرب أو ترك قول أو عمل يرضيه
السابع عشر تغسيل الطفل فإن أبا عمر وغيره ذكروا أن مرضعته أم بردة امرأة أبي سيف غسلته حملته من بيتها على سرير صغير إلى لحده
الثامن عشر الصلاة على الطفل قال أبو عمر وصلى عليه رسول الله وكبر عليه أربعا هذا قول جمهور أهل العلم وهو الصحيح وكذلك قال الشعبي مات إبراهيم ابن النبي وهو ابن ستة عشر شهرا فصلى عليه النبي وروى ابن اسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عائشة أن رسول الله دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه قال وهذا غير صحيح لأن الجمهور قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال اذا استهلوا وراثة وعملا مستفيضا عن السلف والخلف ولا أعلم أحدا جاء عنه غير هذا إلا عن سمرة بن جندب قال وقد يحتمل أن يكون معنى حديث عائشة أنه لم يصل عليه في جماعة وأمر أصحابه فصلوا عليه ولم يحضرهم فلا يكون مخالفا لما عليه العلماء في ذلك وهو أولى ما حمل عليه انتهى وقد قال غيره إنه اشتغل عن الصلاة عليه بأمر الكسوف وصلاته فإن الشمس كسفت يوم موته فشغل بصلاة الكسوف فإن الناس قالوا كسفت الشمس لموت ابراهيم فخطب النبي خطبة الكسوف وقال فيها إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده وقد قال أبو داود في سننه باب الصلاة على الطفل ثم ساق حديث عائشة من طريق محمد بن إسحاق قال مات إبراهيم ابن النبي وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه النبي
ثم ساق في الباب عن البهي قال لما مات إبراهيم ابن النبي صلى عليه رسول الله في المقاعد وهذا مرسل والبهي هو أبو محمد عبد الله بن يسار مولى مصعب بن الزبير تابعي ثم ذكر بعده عن عطاء بن أبي رباح أن النبي صلى على ابنه إبراهيم وهو ابن سبعين ليلة وهذا مرسل أيضا وكأنه وهم والله أعلم في مقدار عمره وقال البيهقي هذه الآثار وإن كانت مراسيل فهي تشبه الموصول ويشد بعضها بعضا وقد أثبتوا صلاة رسول الله على ابنه إبراهيم وذلك أولى من رواية من روى أنه لم يصل عليه والموصول الذي أشار إليه هو حديث البراء بن عازب قال صلى رسول الله على ابنه إبراهيم ومات وهو ابن ستة عشر شهرا وقال إن في الجنة مرضعا تتم رضاعه وهو صديق وهذا حديث لا يثبت لأنه من رواية جابر الجعفي ولا يحتج بحديثه ولكن هذا الحديث مع مرسل البهي وعطاء والشعبي يقوي بعضها بعضا وكان بعض الناس يقول إنما ترك الصلاة عليه لاستغنائة عنها بأبوة رسول الله كما استغنى الشهداء عنها بشهادتهم وهذا من أفسد الأقوال وأبعدها عن العلم فإن الله سبحانه شرع الصلاة على الأنبياء والصديقين وقد صلى الصحابة على رسول الله والشهيد إنما تركت الصلاة عليه لأنها تكون بعد الغسل وهو لا يغسل
التاسع عشر إن الشمس كسفت يوم موته فقال الناس كسفت لموت إبراهيم فخطب النبي خطبة الكسوف وقال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وفيه رد على من قال إنه مات يوم عاشر المحرم فإن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة التي أوجبتها حكمته بأن الشمس إنما تكسف ليالي السرار كما أن القمر إنما يكسف في الأبدار كما أجرى العادة بطلوع الهلال أول الشهر وإبداره في وسطه وامحاقه في آخره
العشرون أن النبي أخبر أن له مرضعا تتم رضاعة في الجنة وهذا يدل على أن الله تعالى يكمل لأهل السعادة من عبادة بعد موتهم النقص الذي كان في الدنيا وفي ذلك آثار ليس هذا موضعها حتى قيل إن من مات وهو طالب للعلم كما له حصوله بعد موته وكذلك من مات وهو يتعلم القرآن والله أعلم
الحادي والعشرون أن النبي أوصى بالقبط خيرا وقال إن لهم ذمة ورحما فإن سريتي الخليلين الكريمين إبراهيم ومحمد صلوات الله عليهما وسلامه كانتا منهم وهما هاجر ومارية فأما هاجر فهي أم إسماعيل أبي العرب فهذا الرحم وأما الذمة فما حصل من تسري النبي بمارية و إيلادها إبراهيم وذلك ذمام يجب على المسلمين رعايته ما لم تضيعه القبط والله اعلم وقد روى البخاري في صحيحه عن السدي قال سالت انس بن مالك كم كان بلغ إبراهيم ابن النبي قال كان قد ملأ مهده ولو بقي لكان نبيا ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر الأنبياء وقد روى عيسى بن يونس عن ابن أبي خالد قال قلت لابن أبي أوفى أرأيت إبراهيم ابن النبي قال مات وهو صغير ولو قدر أن يكون بعد محمد نبي لعاش ولكنه لا نبي بعد محمد قال ابن عبد البر ولا أدري ما هذا وقد ولد نوح عليه السلام من ليس بنبي وكما يلد غير النبي نبيا فكذلك يجوز أن يلد النبي غير نبي ولو لم يلد النبي إلا نبيا لكان كل أحد نبيا لأنه من ولد نوح وآدم نبي مكلم ما أعلم في ولده لصلبه نبيا غير شيث والله أعلم وهذا فصل معترض يتعلق بوقت تسمية المولود ذكرناه استطرادا فلنرجع إلى مقصود الباب فنقول إن التسمية لما كانت حقيقتها تعريف الشيء المسمى لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به فجاز تعريفه يوم وجوده وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام وجاز إلى يوم العقيقة عنه ويجوز قبل ذلك وبعده والأمر فيه واسع
● [ الفصل الثاني ] ●
فيما يستحب من الأسماء وما يكره منها
فيما يستحب من الأسماء وما يكره منها